يقترن كتاب شَمس المَعارف الشهير باسم كاتبه الأَصلي أحمد البوني الذي تتوفر معلومات محدودة حول أُصوله ووجوده. تشير الروايات التاريخية إلى أن اسمه الكامل ربما كان أبو العباس أحمد بن علي بن يوسف القريشي البوني، ونشأ في بونا في الجزائر. قضى معظم حياته في شمال أفريقيا، لا سيما مصر، معاصرًا للشخصية الصوفية الشهيرة محي الدين بن عربي. أحمد البوني، الذي وُصف بالساحر في الكثير من الأحيان، كان أكثر من ذلك بكثير.
على الرغم من تسميته بالساحر، كان أحمد البوني بالأساس معلمًا في التصوف، وتأثر بتعاليم ابن عربي. إذ شكل تركيزهما على الجوهر الروحي للتصوف، خاصة القوى السحرية التي تتجلى في حروف اللغة العربية، أساس تعاليمهما.
الآن، دعونا نتحدث عن “شمس المعارف”، الكتاب الأسطوري الذي نُسب إلى البوني. هذه الموسوعة الواسعة في علوم السحر تضم تمائم لجلب الجن والحبيب والرزق وسرّ قوى حروف اللغة العربية. ولكن ها هي اللفتة الفارقة: لم يكن البوني، الصوفي في جوهره، ينظر إلى الكتاب على أنه كتاب سحر بالمعنى المعروف، بل صاغه لجمهور محدد من طلاب التصوف المبتدئين ليعلمهم تعاليمه، بل وحظر نشره للعامة.
لقد كشف هذا الكتاب، الذي يحظى بالتبجيل بسبب رؤاه الروحية ويُخشى بسبب مخاطره المفترضة، عن نسيج غني من الحكمة القديمة.
يعد “شمس المعارف الكبرى” نصًا جوهريًا ضمن علوم السحر والتنجيم، إنه يقع ضمن إطار صوفي تأملي، يستكشف علم الكون المعقد حيث كل شيء مترابط. يتناول الكتاب موضوعات متنوعة، بدءًا من قوى الحروف العربية وارتباطها بالأجرام السماوية والأبراج والملائكة وأسماء الله الحسنى غيرها.
لا يقتصر النص على تقديم الفوائد الروحية ولكنه يقدم أيضًا تعليمات عملية، بدءًا من تعويذات لجذب الحبيب إلى علاج الأمراض أو حتى تلبية النوايا الخبيثة مثل إيذاء الأعداء. وعلى الرغم من تقديم تعليمات حول كيفية تلبية هذه الرغبات، إلا أن الكاتب يُحَذِّرُ منها، ويُسَلِّط الضوء على العَواقب المحتملة لها في الحياة الآخرة. لذا فهو يعطي تعليمات ولكنه أيضًا يقول “ربما لا ينبغي عليك اتباعها”.
يتعمق المخطوط في العلاقة بين الحروف الأبجدية العربية الثمانية والعشرين ومنازل القمر الثمانية والعشرين، ويربطها بمجالات كوكبية وملائكة محددين. تلعب الأرقام دورًا مهمًا، خاصة في بناء التعويذات باستخدام “الجيماتريا”، أي ربط كل حرف بقيمة عددية معينة واستخلاص قيم للكلمات. كل حرف من الحروف الأبجدية يقابل رقمًا معينًا، فحرف الألف يقابل واحدًا والباء يقابل اثنين، الجيم يقابل ثلاثة، الدال يقابل أربعة وهكذا. وعندما تكتب كلمات باستخدام هذه الحروف، فإن الكلمة ككل لها قيمة عددية أيضًا حيث يتم جمع أرقام الحروف مما يؤدي إلى خلق تعويذات.
يمكن أن تتخذ التمائم أشكال عديدة ولكنها غالبًا ما تتضمن دائرة أو مربعًا سحريًا. على سبيل المثال، لتسخير قوة كوكب المشتري الذي يتمتع بنوع من طاقة الوقاية والحظ، يمكنك إنشاء مربع سحري لذلك، تأخذ الحرف المرتبط بكوكب المشتري دال الذي له القيمة العددية للرقم أربعة. وبذلك تقوم بعمل مربع سحري أربعة في أربعة أي ثماني مربعات ثم تكتب حرف الدال 35 مرة.
على سبيل المثال أيضا، يتم اقتراح علاجات مثل استخدام الماء الممزوج بالحبر، وكتابة كلمات معينة، وإعطاء الماء المنقوع لشخص مريض لحمايته من الحمى الناجمة عن لدغة العقرب. أو كتابة مربعات تحتوي اسم من أسماء الله الحسنى وأرقام معينة لطلب الرزق.
يمكنك أيضًا كتابة التعويذات على قطعة من الحرير الأصفر، من المفضل فعل ذلك أثناء وجود القمر في برج السرطان أو كوكب المشتري.كما يمكن حرق أي بخور ذو رائحة طيبة، إذا فعلت ذلك وحملته معك يعدك الكتاب بتحقيق كل أهدافك ومُرادك من سلطة وشهرة وستحبك النساء أيضًا.
مَع مرور السنين، حظيت تعاليم البوني بالاعترافِ والنقد على حد سواء. رغم تقديرها من قبل العلماء والفلاسفة والمتصوفة، اتُهمت تلك التعاليم في بعض الأحيان بالسحر، مما أثر على قبولها في الفكر الإسلامي التقليدي. لكن كتاباته استمرت في التأثير، وشكّلت تقليدًا سحريًا يتجاوز الزمن يُمارسُ الى الآن.