روبرت لخمان: باحث في جذور الموسيقى العربية في الجامعة العبرية

يمكن القول إن لاخمان يعتبر الأب الروحي للأرشيف الصوتي التابع للمكتبة الوطنية، واستمرت أجيال من الباحثين في الموسيقى على طريقه.

روبرت لخمان مع مساعدته، القدس، 1936، أرشيف لخمان في الجامعة العبرية.

بدأ روبرت لاخمان، الموسيقي اليهودي الألماني، رحلة بحثه عن الموسيقى في سنٍ مبكّر، حيث ولد في برلين والتحق للدراسة في جامعتها وجامعة لندن مع التركيز على اللغتين الفرنسية والعربية. خلال الحرب العالمية الأولى، عمل كمترجم فوري في معسكر الاعتقال Wunsdrof لأسرى الحرب الّذي كان يسكنه أسرى من شمال إفريقيا والهند.

في هذا المعسكر، تعرّف لاخمان للمرة الأولى على الموسيقى والفلوكلور غير الغربي، وبدأ على العمل على تدوين ونسخ أغاني السجناء، تجربته في هذا المكان، زرعت البذور الأولى لبحث الدكتوراه الخاص به حول موسيقى شمال إفريقيا.

تسجيل الموسيقى الشرقية

بعد الحرب بدأ لاخمان دراسة علم الموسيقى في جامعة برلين، تحت إشراف يوهانس وولف وكارل شتومبف، ثم حصل على الدكتوراه عام 1922 بأطروحة حول الموسيقى الحضرية في تونس، استنادًا إلى تسجيلاته الميدانية خلال عدة رحلات بحثية في المنطقة. وفي السنوات الّتي تلت ذلك، قام لاخمان بعدد من الرحلات البحثية الإضافية إلى شمال إفريقيا، حيث قام بتسجيل وتوثيق الممارسات الموسيقية للمجتمعات في طرابلس وتونس والمغرب.

في عام 1929 أثناء إحدى جولاته في جزيرة جربة التونسية، سجّل لاخمان التقاليد الموسيقية الليتورجية وشبه الطقسية للمجتمع اليهودي المحلي، وهي المادة الّتي تعتبر نقطة الانطلاق لعمله الأساسي الترنيمة اليهودية والأغنية في جزيرة جربة (1940). كان انكشافه الأول للموسيقى الليتورجية الشرقية حدث أثناء دراسته للجالية اليهودية في جربة، وهو المجال الّذي تابع دراسته وتدريسه لاحقًا في القدس.

عمل لاخمان بين الأعوام 1927-1933 أمينًا لمكتبة قسم الموسيقى بمكتبة بلدية برلين، حيث ترأس مشروعًا لترجمة العديد من المقالات الموسيقية الهامة في العصور الوسطى. وفي عام 1930 أسس مع أساتذته في الجامعة جمعية أبحاث الموسيقى الشرقية، حيث تم تعيينه لاحقًا محررًا لمجلتهم الفصلية، والّتي كانت مطبوعة لمدة ثلاث سنوات، حتى أدت الضغوط المتزايدة إلى إغلاق المركز عام 1935.

في عام 1932 تم تعيين لاخمان رئيسًا للجنة التسجيلات الصوتية لمؤتمر الموسيقى العربية في القاهرة، حيث كان مسؤولًا عن تسجيل عروض الفنانين والفرق المدعوة إلى المؤتمر. وفي 1935 تم طرده من منصبه في مكتبة بلدية برلين من قبل المسؤولين النازيين، فهاجر في العام نفسه إلى القدس بناءً على دعوة من جي إل ماغنيس لتأسيس أرشيف الموسيقى الشرقية في الجامعة العبرية بالقدس.

أمضى لاخمان حوالي ثلاث سنوات قبل هجرته النهائية إلى فلسطين الانتدابية في تجهيز مكتبته وأرشيفه تحسبًا لانتقاله من ألمانيا، وحتى بعد هجرته، سافر إلى برلين عدة مرات وقام بنسخ التسجيلات على أسطوانات الشمع، بما في ذلك تسجيلات أبراهام زيفي إديلسون والّتي وصلت منها نسخ إلى برلين قادمة من فيينا. يمكن الاستماع لها هنا.

بعد هجرته إلى فلسطين، وقبل وصول النازيين إلى الحكم، قدّم لاخمان بحثه عن الموسيقى العربية في المؤتمر العالمي للموسيقى العربية في القاهرة عام 1932. التقى هناك العديد من الموسيقيين اليهود، بما في ذلك الموسيقار والملحّن اليهودي العراقي عزرا أهارون، الّذي مثّل موسيقى بلاده نيابةً عن حاكم العراق آنذاك. هاجر عزرا ابراهيم إلى فلسطين عام 1934 وأصبح أحد موضوعات بحث لاخمان الرئيسية، وشخصية رئيسية في دوائر الموسيقى الشرقية في القدس وبقية البلاد. افتتح راديو فلسطين بثه لاحقًا عام 1936 بعزف مقطوعة موسيقية من عزرا أهارون. لم يتوقع أهارون أن انتقاله إلى فلسطين ذلك العام سيمنعه من العودة إلى العراق، لكن التطورات السياسية والعسكرية لاحقًا منعته من العودة إلى بلاده.

تأسيس أرشيف الموسيقى في القدس

قبل مغادرة لاخمان لبرلين، كان يبحث عن طريقة لتأسيس مركز أبحاث حول الموسيقى الشرقية، وقام بالتواصل مع ممثلي الجامعة العبرية، وتلقى ردًا من رئيس الجامعة الدكتور يهودا ليب ماغنيس الّذي دعاه عام 1935 لإنشاء أرشيف للموسيقى الشرقية. وكان الهدف هو إنشاء أرشيف صوتي يقوم بتسجيل وتحليل التسجيلات مع استوديو ومعدات تسجيل وفني صوت.

لذلك، في عام 1936 وصل لاخمان إلى فلسطين بتصريح من الحكومة البريطانية الانتدابية، حاملًا معه نسخًا من التسجيلات الّتي تم تسجيلها في تونس والتي تم تخزينها في الأرشيف الصوتي في برلين. كانت هذه تسجيلات قد قام بها أبراهام زيفي أديلسون “أب الموسيقى اليهودية” الّذي أقام في القدس من عام 1907 حتى 1929. كما أحضر معه نسخًا من تسجيلاته الأخرى وسجلات الموسيقى الشرقية من الشرقين الأدنى والأقصى، بالإضافة إلى التمويل الّذي حصل عليه ليعمل معه فني الصوت والتر شور.

استمر عمل لاخمان في الأرشيف سنوات ثلاث، وقد واجهت الجامعة صعوبة في فهم أهدافه وأبحاثه، وأبلغوه عام 1938 بقطع التمويل عن مشروعه.

أدار لاخمان الأرشيف بمساعدة والتر شور فنيّ الصوت، خلال السنوات الأربع التي سبقت وفاته عام 1939 تمكّن من تسجيل 1000 مادة جديدة، معظمها مقاطع صوتية للموسيقى اللتورجية الشرقية. كان الهدف الرئيسي للاخمان في البحث عن موسيقى المجتمعات اليهودية الشرقية، هو وضع تقاليدها في السياق الأوسع للممارسات الموسيقية في الشرق الأدنى، وبالتالي خلق نموذج تاريخي ومقارن لمُجمل الموسيقى الشرقية والآسيوية.

وقد كانت المواضيع الّتي اهتم بها لاخمان كما سمّاها: الموسيقى السامرية – 233 تسجيلًا، الموسيقى اليهودية: الأكراد – 12 تسجيلًا، اليمنيون – 75 تسجيلًا، الغربية – 51 تسجيلًا، المجتمعات الأخرى – 25 تسجيلًا، الموسيقى الشعبية المعاصرة – 34 تسجيلًا، الموسيقى العربية: البدو – 23 تسجيلًا. وغيرها عشرات الموضوعات الأخرى.

روبرت لخمان خلال التسجيل

 

إعادة الإحياء للأرشيف

منذ عدة سنوات قامت تلميذة لاخمان الباحثة إديث جيرسون – كيوي بإحياء وأرشقة الأرشيف الموسيقي لأستاذها، فواصلت عمله وحافظت على مجموعة الموسيقى الشرقية حتى إنشاء الأرشيف الصوتي الوطني على يد البروفيسور إسرائيل أدلر، كجزء من المكتبة الوطنية الإسرائيلية عام 1965. لسنوات رفضت كيوي تسليم الأرشيف الخاص بلاخمان للمكتبة الوطنية، وفي الثمانينيّات سلّمت الأرشيف مع أرشيفها الخاص الّذي يحتوي على كتابات وملاحظات ورسائل لاخمان.

يمكن القول إن لاخمان يعتبر الأب الروحي للأرشيف الصوتي التابع للمكتبة الوطنية، واستمرت أجيال من الباحثين في الموسيقى على طريقه، وآخرين اختاروا مواضيع بحثه في الموسيقى الشرقية ليكملوها ويطوّروها ويستمروا بها.

شرائع ذرية نوح السبع

"شرائع ذرية نوح السبع"، هي شرائع أشار إليها الفقهاء السلف اليهود كونها فرضت على الشعوب غير اليهودية، في مقابل الشرائع المفروضة على اليهود.

بطاقة بريدية لحالة الطوفان وسفينة نوح

“شرائع ذرية نوح السبع”، هي شرائع أشار إليها الفقهاء السلف اليهود كونها فرضت على الشعوب غير اليهودية، في مقابل الشرائع الـ613 المفروضة على اليهود. بعد انتهاء الطوفان وخروج نوح والحاشية المرافقة له من السفينة، ظهر قوس قزح في السماء، وقام الرَّب بمخاطبة نوح وجاء في معرضها منح المخلوقات وليس الإنسان فقط الأمان بحيث أنه لن يبعث بالطوفان مرة أخرى فتهلك المخلوقات (التكوين 9: 8-17)، وجعل قوس قزح هذا علامة على العهد الذي يتضمّن سبع شرائع يؤدّيها نوح وذريته أيضًا (التكوين 9: 1-7).

فيما يلي قائمة هذه الشرائع السبع: 1. تحريم عبادة الأصنام والأوثان؛ 2. تحريم سفك الدماء؛ 3. تحريم السرقة؛ 4. تحريم سفاح القُربى؛ 5. تسبيح اسم الربّ (وتحريم التجديف على الربّ)؛ 6. تحريم أكل لحم الكائن الحي (أي يجب ذبح الكائن الحي قبل تناوله)؛ 7. فريضة إقامة أجهزة قضاء عادلة.

قام الفقهاء السلف بتأويل هذا الخطاب وتوصّلوا إلى جملة هذه الشرائع. وفق تراث هؤلاء الفقهاء السلف، فقد سبق وفرضت ست شرائع منها على آدم، بينما فرضت السابعة، الخاصة بتحريم تناول لحم حيوان حي، على نوح وذريته في أعقاب الطوفان فيما يطلق عليه “عهد قوس قزح”، حين أُحلّ للبشر قتل الحيوان لأغراض المأكل.

نقرأ في الإنجيل (العهد الجديد) أن شيوخ المسيحية في بداية تشكيلها ناقشوا مسألة وجوب أو عدم وجوب تأدية غير اليهود، المؤمنون بيسوع المسيح، الشرائع التوراتية. وقد أجمع هؤلاء على الاكتفاء ببعض هذه الشرائع السبع: تحريم عبادة الأوثان والأصنام، وتحريم الزّنا، وتحريم أكل لحم حيوان مخنوق، وتحريم أكل الدماء (أعمال الرسل 15: 20-29). ومن نافل القول إنَّ جميع التحريمات الواردة في “شرائع ذرية نوح السبع”، ومن ضمنها فريضة إقامة أجهزة قضاء عادلة، موجودة جميعها في القرآن الكريم والتراث الإسلامي بصورة كبيرة، ولكنها غير مخصّصة بقائمة بعينها كقائمة “الشرائع ذرية نوح السبع” أو “الشرائع العشر”.

تناول فقهاء التلمود (التلمود البابلي، سنهدرين 56أ)، وكذلك الكتب والمصنّفات المنشورة بالعربية-اليهودية، ككتاب يهودا اللاوي (ت. 1140 بالتقريب) ومصنّفات موسى بن ميمون (ت. 1204)، هذه الوصايا وتبعاتها. أما في عصرنا الحديث، تنشط بعض التيارات اليهودية، لا سيما حركة حبد الأرثوذكسية، في إطار الترويج لهذه الشرائع في جميع أنحاء العالم ومن بينها المجتمعات العربية.

قام الفقهاء السلف بتأويل الجمل التوراتية في أعقاب الطوفان (التكوين 9: 1-7) واستخرجوا منها هذه الشرائع:

“وبارك اللهُ نوحًا وبنيه وقال لهم: أَثمروا واكثروا واملأوا الأرضَ” – إشارة إلى تحريم التجديف؛

“ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء، مع كل ما يدب على الأرض، وكل أسماك البحر قد دفعت إلى أيديكم” – إشارة إلى فريضة إقامة أجهزة قضاء عادلة؛

“كل دابة حية تكون لكم طعامًا، كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع، غير أن لحمًا بحياته، دمه لا تأكلوه” – إشارة إلى تحريم أكل لحم الكائن الحي؛

“وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط، من يد كل حيوان أطلبه” – إشارة إلى تحريم قتل النفس؛

“ومن يد الإنسان أطلب نفس الإنسان، من يد الإنسان أخيه” – إشارة إلى تحريم السرقة؛

“سافك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه، لأن الله على صورته عمل الإنسان” – إشارة إلى تحريم عبادة الأوثان والأصنام؛

“فأثمروا أنتم واكثروا وتوالدوا في الأرض وتكاثروا فيها” – إشارة إلى تحريم سفاح القربى؛

وكما يخبرنا اللاوي، كذلك فعلوا في تأويل إحدى الجمل التوراتية الأخرى (التكوين 2: 16)، وتوصّلوا إلى الوصايا ذاتها:

كما جعلوا (الفقهاء السلف) “وأوصى يهوه إلوهيم آدم قائلًا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا” (التكوين 2: 16) علامة على “سبع الشرائع التي أُمر بها أبناء نوح: وأوصى – هذه هي الأحكام، يهوه – هذا تسبيح الاسم، إلوهيم – هذه عبادة آلهة غريبة، آدم – هذا سفك دماء، قائلًا – هذا سفاح القُربى، من جميع شجر الجنة – هذا نَهْب، تأكل أكلًا – هذا عضو الحيوان الحيّ” (الكتاب الخزري، المقالة 3، المادة 73 تعقيبًا على التلمود البابلي، السنهدرين، 56أ).

كما وجاء عند اللاوي أن بني إسرائيل المقيمون في مصر لم يعرفوا قبل خروجهم منها سوى بعض هذه الشرائع فقط:

فخرج بنو إسرائيل بأمر الله في تلك الليلة، في حين وفاة أولاد مصر، من عبودية فرعون، وصاروا إلى ناحية بحر القُلزُم (البحر الأحمر)، وقائدهم عامود غمام، وعامود نار سائر أمامَهم (الخروج 13: 21-22)، ومدبّرهم وسائسهم وإمامهم الشيخان الإلهيان موسى وهرون عليهما السلام، كانا حين أتاهما النبوّة ابني ثمانين ونيّف (الخروج 7: 7). وإلى الآن ليس عندهم شرائع إلاّ قليلة، موروثة عن أولئك الأفراد من لدن آدم ونوح، ولم ينسخها موسى ولا فسخها لكن زاد عليها (الكتاب الخزري، المقالة 1، المادة 83).

أما القاسم المشترك بين هذه الوصايا والشرائع العشر المفروضة على اليهود، فهي ثلاث شرائع فقط: تحريم القتل النفس، تحريم عبادة الأوثان والأصنام، وسفاح القربى. ومن اللافت أن فريضة إقامة أجهزة قضاء عادلة لم تذكر صراحة في الشرائع العشر المفروضة على بني إسرائيل بل في الشرائع المفروضة على غيرهم فقط. ولكن ينوّه بن ميمون (في كتاب الشرائع، شرائع الأمر، الشريعة رقم 9) أن جميع “شرائع ذرية نوح السبع” مفروضة أيضًا على بني إسرائيل كما هو على غيرهم.

يعقّب بعض الفقهاء اليهود ويقولون إنَّ ثلاثين شريعة مفروضة على غير اليهود يتفرّع من هذه الشرائع السبع، إلَّا أن غير اليهود لا يؤدّون سوى ثلاث منها فقط: عدم إبرام عقود زواج بين الذكور، وعدم بيع الجيف أو اللحم البشري في الأسواق، وتكريم التوراة. ويخبرنا بن ميمون أنَّ غير اليهودي الذي لا يؤدّي هذه الشرائع يجب الحكم عليه بالموت “إذا خضع إلينا”، أي تمتّع اليهود بالسلطة (تثنية التوراة، كتاب القضاة، تشريعات الملوك وحروبهم، الفصل 8، التشريع 13). ولكن بما أن اليهود عاشوا طيلة تاريخهم في ظل أنظمة غير يهودية، فإنهم لم يستطيعوا تنفيذ هذا الحكم ولم يقوموا بالتبشير بين الشعوب لإقناعهم لتأدية هذه الشرائع، لأن من شأن مثل هذا التبشير أن يعرّض اليهود للخطر. وفي أعقاب إقامة دولة إسرائيل وزوال الأخطار الوجودية التي تهدّدها، وجد أتباع تيار حبد الأرثوذكسي (منذ سنة 1981) ضرورة للتبشير بين غير اليهود لتأدية هذه الشرائع. وكذلك نجد ضمن الصهيونية الدينية محاولات لمثل هذا التبشير وإقامة منظمات عديدة، مثل “بريت عولم” و”بني نوح”، لهذا الغرض وإنشاء فروع لها في أنحاء العالم. ولكن نشهد استخدامًا سياسيًا لهذه الوصايا بين رجال الدين اليهود في إسرائيل بصورة خاصة. على سبيل المثال، صرّح الحاخام السفاردي الأكبر لإسرائيل، الراب يتسحاق يوسف (نجل الراب عوفاديا يوسف)، خلال خطبة عامة ألقاها (آذار 2016) أما الجمهور، بأن الشريعة اليهودية لا تسمح لغير اليهود الذي لا يؤدون هذه الشرائع بالإقامة في أرض إسرائيل”. وأردف قائلًا، “إذا كان غير اليهودي لا يرغب بقبول هذه الشرائع، يمكننا إرساله إلى المملكة العربية السعودية! … وعندما تكون السلطة القاهرة الحقيقية بأيدنا سنفعل هذا الأمر… عندما نتمتّع بالسلطة الكافية لا يمكن السماح حينها لغير اليهود الإقامة في إسرائيل. لكن يدنا ليست حازمة”. أثارت خطبة يوسف هذه غضبًا واسعًا في إسرائيل وانتقدت بشدة من قبل العديد من جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية وأعضاء الكنيست. كما وأصدر القائم بأعمال مدير مكتب إسرائيل لرابطة التشهير ضد اليهود استنكارًا شديدًا لما جاء في هذه الخطبة.

الوصايا العشر

تحوّلت الوصايا العشر إلى ما يشبه الدستور البشري الأسمى لا تختلف بشأن أهميتها بقية الثقافات والأمم، ولكن تختلف حول تأويلها ضمن سياقات مختلفة.

الوصايا العشر

“الوصايا العشر”، أو “العشرة كلمات” كما يرد في الترجمات اليهودية المركزية، تعتبر لبّ الرسالة الموسوية والقلب النابض للعقيدة اليهودية منذ ظهور رسالة موسى منذ الزمان الغابر، إذ أكّد الفقيه الجليل سعيد بن يوسف الفيومي (ت. 942م، فيوم مصر وبغداد العراق) على أنَّ الوصايا التي فرضها الرّب على بني إسرائيل، البالغ عددها 613 فريضة، مشتقّة جميعها من هذه الوصايا العشر. كما وأكّد في تفسيره لكتاب الخليقة (سيفر يتسيره) أن هذه الوصايا تعكس كذلك مقولات أرسطو العشرة الشهيرة التي تجمل سبل البحث في الكون وما فيه. وقد أضحت هذه الوصايا جزءًا لا يتجّزأ من كتاب الصلوات اليهودية، منذ القرون الأولى للميلاد، وكتبت حولها الأناشيد الدينية ووضعت المؤلّفات الخاصة بها.

لقد وصف الفقيه الشهير موسى بن ميمون (قرطبة، ت. 1204) هذه الوصايا بكونها “أصل الشرائع وابتداؤه” (كما يرد في تفسيره للمشناه، التقدمة اليومية/هتميد، المبحث 5، الشريعة أ)، وقد وصفها صاحب “الكتاب الخزري” بأنها “أمّهات الشرائع وأصولها” (الكتاب الحزري، المقالة 1، المادة 87) والتي تحوّلت بطبيعة الحال لاحقًا إلى جزء مركزي من العقيدة المسيحية، لا سيما وأن غالبيتها مذكورة في بعض الأناجيل (متى 19: 18-19؛ مرقس 10: 19)، ونلمس أصداء العديد منها في العقيدة القرآنية كذلك موزّعة على عدد من السور، لا سيما في سورتي الإسراء والأنعام. وفيما يلي نصّها بترجمة الفيومي وآثرت وضع ترجمة فاندايك الحديثة بين قوسين كبيرين (الخروج 20: 3-14):

  1. لا يكون لك معبود آخر من دوني (لا يكن لك آلهةٌ أخرى أمامي)؛
  2. لا تصنع لك فسلًا، ولا شبهًا ممّا في السماء في العلو وممّا في الأرض في السفلي وممّا في الماء تحت الأرض؛ لا تسجد لهم ولا تعبدهم لأنّي الله ربّك الطائق الغيور المطالب بذنوب الآباء مع البنين والثوالث والروابع لشائنيّ؛ وصانع الإحسان لألوف لمحبّي وحافظي وصايايَ (لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا، ولا صورةً ما ممَّا في السَّماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض؛ لا تسجد لهنَّ ولا تعبدهنَّ، لأنِي أنا الرَّبَّ إلهك إلهٌ غيورٌ، أفتقدُ ذنوبَ الآباءِ في الأبناءِ في الجيل الثَّالث والرَّابع من مُبغضيَّ، وأصنعُ إحسانًا إلى أُلُوف من محبّيَّ وحافظي وصايايَ)؛
  3. لا تحلف باسم الله ربّك باطلًا لأنَّ الله لا يُبرئ من يحلف باسمه باطلًا (لا تنطق باسم الرَّبِ إلهك باطلًا، لأنَّ الرَّبَّ لا يُبرئُ من نطق باسْمِهِ باطلاً)؛
  4. اُذكر يومَ السَّبتِ وقدِّسه، ستّة أيام تعمل وتصنع جميع صنائعك، واليوم السابع سبت تُسبت فيه لله ربّك لا تصنع شيئًا من الصنائع أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهائمك وضيفك الذي في محالّك، لأنَّ الله خلق في ستة أيام صنع السماءَ والأرضَ والبحرَ وجميع ما فيها وأراحَها في اليوم السَّابع، ولذلك بارك الله في اليوم السابع وقدَّسه (اُذكر يومَ السَّبت لتقدّسه، ستَة أيام تعملُ وتصنعُ جميعَ عملكَ وأما اليومُ السَّابعُ ففيه سبْتٌ للرَّبِ إلهكَ، لا تصنع عملًا ما أنتَ وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك، لأنَّ في ستة أيام صنع الرَّبُّ السماءَ والأرضَ والبحرَ وكلَّ ما فيها، واستراحَ في اليوم السَّابع، لذلك بارك الرَّبُّ يوم السَّبت وقدَّسه)؛
  5. أكرم أباك وأمك لكي يطولَ عمرك في البلد الذي الله ربُّك معطيه لك (أكرم أباك وأمك لكي تطولَ أيامُك على الأرضِ التي يُعطيكَ الرَّبُّ إلهُكَ)؛
  6. لا تَقتُل النَّفس (لا تَقتُل)؛
  7. لا تَزْنِ (لا تَزْنِ)؛
  8. لا تَسْرِق (لا تَسْرِق)؛
  9. لا تشهد على أخيك شهادة باطلة (لا تشهد على قريبك شهادة زور)؛
  10. لا تتمنَّ منزل صاحبك، لا تتمنَّ زوجته وعبده وأمتَه وثوره وحماره وجميع ما له (لا تشته بيت قريبك، لا تشته امرأة قريبك، ولا عبدَه، ولا أَمَتَه، ولا ثوره، ولا حماره، ولا شيئًا ممَّا لقريبك).

    عقائد الإيمان، سدور فارحي
    عقائد الإيمان، سدور فارحي


على من فرضت الوصايا العشر؟

برغم النبرة العالمية لغالبية الوصايا، فقد فرضت هذه الوصايا العشر، وفق السياق التوراتي، على بني إسرائيل حصرًا، فقد جاء في تقديمها “أنا الله ربّك الذي أخرجك من بلد مصر من بيت العبودية” (الخروج 20: 2)، وكذلك وردت الفريضة الخامسة بترجمة الفيومي على النحو التالي: “أكرم أباك وأمك لكي يطولَ عمرك في البلد الذي الله ربُّك معطيه لك”، بمعنى أنَّ إكرام الأب والأم يعتبر شرطًا لإطالة عمر بني إسرائيل في أرض كنعان. أما على بقية الشعوب، فقد فرضت، بحسب تأويل الفقهاء السلف، سبع وصايا تشتهر بتعبير “وصايا ذرية نوح السبع” (سنتوقّف عندها بتوسّع في مادة خاصة). تنقسم هذه الوصايا العشر إلى قسمين رئيسين، الأول يتّصل بالعلاقة مع الرَّب (الوصايا الأربع الأولى)، والثاني يتّصل بالأبعاد الأخلاقية والنظام والعلاقات الاجتماعية، أما الفريضة الخامسة فيصعب تصنيفها للسبب الذي ذكرناه أعلاه، ولكن تعتبر تقليديًا تابعة للقسم الأول. ويقول العديد من الفقهاء السلف إنَّ الوصيتين الأولى والثانية فقط هما اللتان وردتا حرفيًا في كلام الرَّب إلى موسى، لأنهما هما فقط مصاغتان بضمير المتكلّم، أما البقية فقد دوّنها موسى بعباراته كما نقلهما إلى قومه.

ولكن الأمر أكثر تعقيدًا ممّا يمكن أن نخرج به من هنا، على صعيد عددها وصياغاتها والأهم من ذلك على صعيد تأويلها. أولًا، يرد في عدة أماكن في التوراة أن عدد هذه الوصايا (الكلمات) هو عشرة (الخروج 34: 28؛ التثنية 4: 13؛ 10: 4)، ولكن يمكننا التمييز بصورة واضحة بتسع وصايا فقط، لأن الأولى والثانية تتصلان بتحريم عبادة الأصنام والأوثان وهما يعتبران وصية واحدة. وتوصّل بعض الفقهاء والمفسّرين السلف إلى أنَّ مقدّمة الوصايا القائلة “أنا الله ربّك الذي أخرجك من بلد مصر من بيت العبودية” إنما تعتبر الوصية الأولى وتفيد فريضة التوحيد.

ثانيًا، لأنَّ هناك صيغة أخرى لهذه الوصايا العشر ذكرت في سفر التثنية (5: 7-21)، ومعظم الاختلافات لغوية طفيفة لا تغيّر المعنى بشيء جوهري، سوى الإضافة التي جاءت في القسم الأخير من الوصية الرابعة (تقديس السبت): واذكر أنك كنتَ عبدًا في بلد مصر، فأخرجك الله ربّك من ثَمَّ بيد شديدة وذراع ممدودة، ولذلك أمرك بأن تقيم في يوم السبت (واذكر أنك كنتَ عبدًا في أرض مصر، فأخرجك الرَّبُّ إلهك من هناك بيد شديدة وذراع ممدودة لأجل ذلك أوصاكَ الرَّبُّ إلهُكَ أن تَحفظَ يوم السَّبت). إضافة إلى ذلك، نشهد محاولة لإعادة كتابة هذه الوصايا من جديد في أماكن أخرى مع إدخال تغييرات كبيرة، ولكن لا يشار إليها كونها بديلًا أو مرادفًا لهذه الوصايا العشر (كما نقرأ، على سبيل المثال، في الخروج 34؛ اللاويّين 19). وقد اختلف الفقهاء السلف حول سبب هذه الاختلافات في الصياغة، فمنهم من قال إن جميع هذه الصياغات وردت في كلام الرَّب لموسى؛ ومنهم من قال إن الصياغة الواردة في سفر الخروج هي الأصلية، وما يرد في سفر التثنية إنما هي إعادة صياغة بعد تكسير موسى للوحي العهد في أعقاب خطيئة العجل؛ وقول آخر يفيد بأن صياغة سفر التثنية إنما هو تفسير لما جاء في صياغة سفر الخروج ولم يكن المقصود به إعادة كتابة بل التفسير فقط.

كتاب الصلوات
كتاب الصلوات

 

ثالثًا، كما ذكرنا، فإنَّ هذه الوصايا مفروضة على بني إسرائيل حصرًا، ولهذا تظهر تساؤلات عديدة حولها: هل يسري هذا التحريم على العلاقة فيما بين بني إسرائيل فقط، أم يسري كذلك على العلاقة مع غيرهم من الشعوب؟ إضافة إلى ذلك، تظهر تساؤلات عسيرة ناجمة عن تفسير المفردات ومعانيها وسياقاتها وحيثياتها. على سبيل المثال، بشأن تحريم القتل، هل القتل الناجم عن الدفاع عن النفس يعتبر “قتلًا” فيتعبر محرمًا؟ وهل القتل عن غير قصد يندرج ضمن هذا التحريم، أم ربما المقصود به القتل العمد فقط؟ وإذا تفوّه شخص بعبارة ما، أو أدلى بشهادة معينة، وكانت نتيجة ذلك مقتل شخص ما، هل يعتبر هذا قتلًا أم لا؟ وثالثًا، يختلف الفقهاء والمفسّرون في معاني هذه الوصايا، لا سيما تلك المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية، كالزنا والسرقة. على سبيل المثال، على صعيد تحريم السرقة، هناك من يفسّرها بأنَّ المقصود بها سرقة البشر وبيعهم وليس سرقة الأموال، والتي وضعت بشأنها وصية في مكان آخر: “لا تسرقوا، ولا تكذبوا، ولا تغدروا أحدكم بصاحبه” (اللاويّين 19: 11).

أما في العصر الحديث، لا سيما في أعقاب الثورة البروتستانية في أوروبا وظهور ما يطلق عليه تعبير “التراث اليهودي-المسيحي”، فقد تحوّلت هذه الوصايا العشر إلى ما يشبه الدستور البشري الأسمى لا تختلف بشأن أهميتها بقية الثقافات والأمم، ولكن تختلف حول تأويلها ضمن السياقات المختلفة، لا سيما وأن هذه الوصايا مصاغة بطريقة مجرّدة.

حيوانات ووحوش وبلاد الواق الواق – عجائب القزويني عبر التاريخ

ما علاقة المخلوقات والوحوش الأسطورية بالغزو المغولي؟ ولماذا يعتبر كتاب عجائب المخلوقات للقزويني من أشهر الكتب الإسلامية عبر التاريخ؟

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية

ولد زكريا القزويني في مدينة قزوين الفارسية في العام 1203، ولذلك فقد قضى معظم حياته إمّا فارًا من جيوش جنكيز خان التي كانت قد بنت إمبراطورية تمتد من الصين إلى شرق أوروبا، إما مجتهدًا ليصنع له مكانة علميّة في البقاع التي سلمت من غزو المغول.

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية.
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية.

في عام 1220، ترك القزويني مدينته فارًا إلى الموصل ومن ثم إلى بغداد ومع ذلك اصطدم بالغزاة في مدينة واسط العراقيّة حيث قتلوا 40،000 من السكان. لم يقتل المغول الحرفيين والمثقفين والعلماء أو من رأوا أنهم من ذوي فائدة، ولذلك لم يُقتل القزويني لكونه عالمًا، وأكمل مسيرته تحت سيادة الحاكم الجديد كقاضي ومدرّس في مدرسة واسط الشرابية. ومع ذلك، فإن أثر الصدمة التي أحدثها الغزو المغولي في حياة القزويني والحضارة الإسلامية عمومًا لا يمكن الاستهانة به. ولذلك، حين كتب القزويني كتابه الأشهر عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ، سعى إلى طمأنة قُرّاءه بأن النظام الكوني كان لا يزال قائمًا بأمان. يعتبر هذا الكتاب موسوعة تلخّص الكون المخلوق بالترتيب من السماء في الأعلى إلى الأرض في الأسفل. ورافقت رسومات الفلك والملائكة والحيوانات والنباتات ومخلوقات أخرى، منها الوحوش والبشر الأسطوريين، النص المكتوب في مخطوطاته الكثيرة في أنحاء العالم الإسلامي.

 

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية.
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية.

 

نسخت المخطوطة التي تنظرون إليها هنا عام 1659 في بغداد، وهي من مجموعة جامع وتاجر المخطوطات أبراهام شالوم يهودا. هي مثال ممتاز على العالم التراتبي كما رآه القزويني، وتظهر بترجمتها التركية مدى اتساع شهرة الكتاب والبقاع المتنوعة التي قرأت الكتاب ونسخته عبر القرون. مما يجعله من أكثر الكتب الإسلاميّة انتشارًا في التاريخ.

تعود أقدم نسخة (بالإنجليزية) معروفة اليوم عن كتاب القزويني إلى عام 1280؛ أي إلى ما قبل ثلاث سنوات من وفاة القزويني وتقع هذه النسخة في مكتبة الكونغرس. عند النّظر إلى هذه النسخة التي تحمل أكثر من 400 قطعة مرسومة للمخلوقات والموجودات وتصوّر الكون عند القزويني، ومقارنتها بنسخ لاحقة مثل هذه النسخة (بالإنجليزية) من القرن السادس عشر في المكتبة البريطانية، نلحظ تطوّر قدرة الرّسامين على ظبط الأشكال والألوان وجعلها أكثر دقّة ووضوح وأكثر إبداعًا وإثارة للدهشة عبر السّنين. ونفهم أن المتعة البصريّة شكّلت وظيفة من وظائف الكتاب ومنحته سيطًا ودعاية وصلت بعيدًا. وهذه الحرفيّة بالرسم بلغت أوجها على ما يبدو في مخطوطات القرن الثّامن عشر ومنها هذه المخطوطة (بالإنجليزية) الموجودة أيضًا في المكتبة البريطانية وتعود لعام 1750، ويرجّح أنّها وشبيهتها في مكتبة فرنسا الوطنية قد أُنتجتا في نفس الورشة في فلسطين.

في العام 1848، قام المستشرق الألماني فرديناند فستنفلد بتحقيق كتاب عجائب القزويني عن نسخ مخطوطة وُجِدَت في عدة مكتبات ألمانيّة ونشره مطبوعًا في مدينة غوتينغن الألمانية. صدر الكتاب محققًا باللغة العربية مع مقدمة الباحث باللغة الألمانية. ومن المفارقات، أن هذه النسخة المطبوعة لم تشتمل على رسومات للمخلوقات العجيبة والغريبة التي وصفها القزويني، ربما لمحدوديّة في قدرة الطابعات المتاحة لدار النشر حينها على تصوير رسومات من هذا النوع. فبينما النسخ المخطوطة القديمة منحت القارئ تجربة قراءة أكثر متعة ودهشة من خلال الرسومات الخياليّة الملونة والمرسومة بعناية، كان كتاب القزويني المطبوع في منتصف القرن التاسع عشر رتيبًا!

منذ أن أنهى القزويني كتابه في القرن الثالث عشر فإنه لم يتوقّف عن الصّدور بلغات ورسومات ووسائط متنوّعة للقراء من حول العالم، ويمكننا أن نصفه بوضوح كأحد أكثر الكتب انتشارًا في تاريخ الإسلام. وفي ظلّ التطوّر الرّقمي والاصطناعي الهائل الذي نشهده اليوم فإننا لا نستطيع إلّا أن نتساءل: هل سيُكتب عمر جديد واستهلاك من نوع آخر لهذا العمل التّاريخي الذي تميّز بالإمتاع البصري وإثارة الخيال وتقدير موجودات الكون؟ كيف تتخيلون سيكون شكل النسخ المستقبلية لهذا الكتاب؟