شرائع ذرية نوح السبع

"شرائع ذرية نوح السبع"، هي شرائع أشار إليها الفقهاء السلف اليهود كونها فرضت على الشعوب غير اليهودية، في مقابل الشرائع المفروضة على اليهود.

بطاقة بريدية لحالة الطوفان وسفينة نوح

“شرائع ذرية نوح السبع”، هي شرائع أشار إليها الفقهاء السلف اليهود كونها فرضت على الشعوب غير اليهودية، في مقابل الشرائع الـ613 المفروضة على اليهود. بعد انتهاء الطوفان وخروج نوح والحاشية المرافقة له من السفينة، ظهر قوس قزح في السماء، وقام الرَّب بمخاطبة نوح وجاء في معرضها منح المخلوقات وليس الإنسان فقط الأمان بحيث أنه لن يبعث بالطوفان مرة أخرى فتهلك المخلوقات (التكوين 9: 8-17)، وجعل قوس قزح هذا علامة على العهد الذي يتضمّن سبع شرائع يؤدّيها نوح وذريته أيضًا (التكوين 9: 1-7).

فيما يلي قائمة هذه الشرائع السبع: 1. تحريم عبادة الأصنام والأوثان؛ 2. تحريم سفك الدماء؛ 3. تحريم السرقة؛ 4. تحريم سفاح القُربى؛ 5. تسبيح اسم الربّ (وتحريم التجديف على الربّ)؛ 6. تحريم أكل لحم الكائن الحي (أي يجب ذبح الكائن الحي قبل تناوله)؛ 7. فريضة إقامة أجهزة قضاء عادلة.

قام الفقهاء السلف بتأويل هذا الخطاب وتوصّلوا إلى جملة هذه الشرائع. وفق تراث هؤلاء الفقهاء السلف، فقد سبق وفرضت ست شرائع منها على آدم، بينما فرضت السابعة، الخاصة بتحريم تناول لحم حيوان حي، على نوح وذريته في أعقاب الطوفان فيما يطلق عليه “عهد قوس قزح”، حين أُحلّ للبشر قتل الحيوان لأغراض المأكل.

نقرأ في الإنجيل (العهد الجديد) أن شيوخ المسيحية في بداية تشكيلها ناقشوا مسألة وجوب أو عدم وجوب تأدية غير اليهود، المؤمنون بيسوع المسيح، الشرائع التوراتية. وقد أجمع هؤلاء على الاكتفاء ببعض هذه الشرائع السبع: تحريم عبادة الأوثان والأصنام، وتحريم الزّنا، وتحريم أكل لحم حيوان مخنوق، وتحريم أكل الدماء (أعمال الرسل 15: 20-29). ومن نافل القول إنَّ جميع التحريمات الواردة في “شرائع ذرية نوح السبع”، ومن ضمنها فريضة إقامة أجهزة قضاء عادلة، موجودة جميعها في القرآن الكريم والتراث الإسلامي بصورة كبيرة، ولكنها غير مخصّصة بقائمة بعينها كقائمة “الشرائع ذرية نوح السبع” أو “الشرائع العشر”.

تناول فقهاء التلمود (التلمود البابلي، سنهدرين 56أ)، وكذلك الكتب والمصنّفات المنشورة بالعربية-اليهودية، ككتاب يهودا اللاوي (ت. 1140 بالتقريب) ومصنّفات موسى بن ميمون (ت. 1204)، هذه الوصايا وتبعاتها. أما في عصرنا الحديث، تنشط بعض التيارات اليهودية، لا سيما حركة حبد الأرثوذكسية، في إطار الترويج لهذه الشرائع في جميع أنحاء العالم ومن بينها المجتمعات العربية.

قام الفقهاء السلف بتأويل الجمل التوراتية في أعقاب الطوفان (التكوين 9: 1-7) واستخرجوا منها هذه الشرائع:

“وبارك اللهُ نوحًا وبنيه وقال لهم: أَثمروا واكثروا واملأوا الأرضَ” – إشارة إلى تحريم التجديف؛

“ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء، مع كل ما يدب على الأرض، وكل أسماك البحر قد دفعت إلى أيديكم” – إشارة إلى فريضة إقامة أجهزة قضاء عادلة؛

“كل دابة حية تكون لكم طعامًا، كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع، غير أن لحمًا بحياته، دمه لا تأكلوه” – إشارة إلى تحريم أكل لحم الكائن الحي؛

“وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط، من يد كل حيوان أطلبه” – إشارة إلى تحريم قتل النفس؛

“ومن يد الإنسان أطلب نفس الإنسان، من يد الإنسان أخيه” – إشارة إلى تحريم السرقة؛

“سافك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه، لأن الله على صورته عمل الإنسان” – إشارة إلى تحريم عبادة الأوثان والأصنام؛

“فأثمروا أنتم واكثروا وتوالدوا في الأرض وتكاثروا فيها” – إشارة إلى تحريم سفاح القربى؛

وكما يخبرنا اللاوي، كذلك فعلوا في تأويل إحدى الجمل التوراتية الأخرى (التكوين 2: 16)، وتوصّلوا إلى الوصايا ذاتها:

كما جعلوا (الفقهاء السلف) “وأوصى يهوه إلوهيم آدم قائلًا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا” (التكوين 2: 16) علامة على “سبع الشرائع التي أُمر بها أبناء نوح: وأوصى – هذه هي الأحكام، يهوه – هذا تسبيح الاسم، إلوهيم – هذه عبادة آلهة غريبة، آدم – هذا سفك دماء، قائلًا – هذا سفاح القُربى، من جميع شجر الجنة – هذا نَهْب، تأكل أكلًا – هذا عضو الحيوان الحيّ” (الكتاب الخزري، المقالة 3، المادة 73 تعقيبًا على التلمود البابلي، السنهدرين، 56أ).

كما وجاء عند اللاوي أن بني إسرائيل المقيمون في مصر لم يعرفوا قبل خروجهم منها سوى بعض هذه الشرائع فقط:

فخرج بنو إسرائيل بأمر الله في تلك الليلة، في حين وفاة أولاد مصر، من عبودية فرعون، وصاروا إلى ناحية بحر القُلزُم (البحر الأحمر)، وقائدهم عامود غمام، وعامود نار سائر أمامَهم (الخروج 13: 21-22)، ومدبّرهم وسائسهم وإمامهم الشيخان الإلهيان موسى وهرون عليهما السلام، كانا حين أتاهما النبوّة ابني ثمانين ونيّف (الخروج 7: 7). وإلى الآن ليس عندهم شرائع إلاّ قليلة، موروثة عن أولئك الأفراد من لدن آدم ونوح، ولم ينسخها موسى ولا فسخها لكن زاد عليها (الكتاب الخزري، المقالة 1، المادة 83).

أما القاسم المشترك بين هذه الوصايا والشرائع العشر المفروضة على اليهود، فهي ثلاث شرائع فقط: تحريم القتل النفس، تحريم عبادة الأوثان والأصنام، وسفاح القربى. ومن اللافت أن فريضة إقامة أجهزة قضاء عادلة لم تذكر صراحة في الشرائع العشر المفروضة على بني إسرائيل بل في الشرائع المفروضة على غيرهم فقط. ولكن ينوّه بن ميمون (في كتاب الشرائع، شرائع الأمر، الشريعة رقم 9) أن جميع “شرائع ذرية نوح السبع” مفروضة أيضًا على بني إسرائيل كما هو على غيرهم.

يعقّب بعض الفقهاء اليهود ويقولون إنَّ ثلاثين شريعة مفروضة على غير اليهود يتفرّع من هذه الشرائع السبع، إلَّا أن غير اليهود لا يؤدّون سوى ثلاث منها فقط: عدم إبرام عقود زواج بين الذكور، وعدم بيع الجيف أو اللحم البشري في الأسواق، وتكريم التوراة. ويخبرنا بن ميمون أنَّ غير اليهودي الذي لا يؤدّي هذه الشرائع يجب الحكم عليه بالموت “إذا خضع إلينا”، أي تمتّع اليهود بالسلطة (تثنية التوراة، كتاب القضاة، تشريعات الملوك وحروبهم، الفصل 8، التشريع 13). ولكن بما أن اليهود عاشوا طيلة تاريخهم في ظل أنظمة غير يهودية، فإنهم لم يستطيعوا تنفيذ هذا الحكم ولم يقوموا بالتبشير بين الشعوب لإقناعهم لتأدية هذه الشرائع، لأن من شأن مثل هذا التبشير أن يعرّض اليهود للخطر. وفي أعقاب إقامة دولة إسرائيل وزوال الأخطار الوجودية التي تهدّدها، وجد أتباع تيار حبد الأرثوذكسي (منذ سنة 1981) ضرورة للتبشير بين غير اليهود لتأدية هذه الشرائع. وكذلك نجد ضمن الصهيونية الدينية محاولات لمثل هذا التبشير وإقامة منظمات عديدة، مثل “بريت عولم” و”بني نوح”، لهذا الغرض وإنشاء فروع لها في أنحاء العالم. ولكن نشهد استخدامًا سياسيًا لهذه الوصايا بين رجال الدين اليهود في إسرائيل بصورة خاصة. على سبيل المثال، صرّح الحاخام السفاردي الأكبر لإسرائيل، الراب يتسحاق يوسف (نجل الراب عوفاديا يوسف)، خلال خطبة عامة ألقاها (آذار 2016) أما الجمهور، بأن الشريعة اليهودية لا تسمح لغير اليهود الذي لا يؤدون هذه الشرائع بالإقامة في أرض إسرائيل”. وأردف قائلًا، “إذا كان غير اليهودي لا يرغب بقبول هذه الشرائع، يمكننا إرساله إلى المملكة العربية السعودية! … وعندما تكون السلطة القاهرة الحقيقية بأيدنا سنفعل هذا الأمر… عندما نتمتّع بالسلطة الكافية لا يمكن السماح حينها لغير اليهود الإقامة في إسرائيل. لكن يدنا ليست حازمة”. أثارت خطبة يوسف هذه غضبًا واسعًا في إسرائيل وانتقدت بشدة من قبل العديد من جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية وأعضاء الكنيست. كما وأصدر القائم بأعمال مدير مكتب إسرائيل لرابطة التشهير ضد اليهود استنكارًا شديدًا لما جاء في هذه الخطبة.

حيوانات ووحوش وبلاد الواق الواق – عجائب القزويني عبر التاريخ

ما علاقة المخلوقات والوحوش الأسطورية بالغزو المغولي؟ ولماذا يعتبر كتاب عجائب المخلوقات للقزويني من أشهر الكتب الإسلامية عبر التاريخ؟

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية

ولد زكريا القزويني في مدينة قزوين الفارسية في العام 1203، ولذلك فقد قضى معظم حياته إمّا فارًا من جيوش جنكيز خان التي كانت قد بنت إمبراطورية تمتد من الصين إلى شرق أوروبا، إما مجتهدًا ليصنع له مكانة علميّة في البقاع التي سلمت من غزو المغول.

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية.
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية.

في عام 1220، ترك القزويني مدينته فارًا إلى الموصل ومن ثم إلى بغداد ومع ذلك اصطدم بالغزاة في مدينة واسط العراقيّة حيث قتلوا 40،000 من السكان. لم يقتل المغول الحرفيين والمثقفين والعلماء أو من رأوا أنهم من ذوي فائدة، ولذلك لم يُقتل القزويني لكونه عالمًا، وأكمل مسيرته تحت سيادة الحاكم الجديد كقاضي ومدرّس في مدرسة واسط الشرابية. ومع ذلك، فإن أثر الصدمة التي أحدثها الغزو المغولي في حياة القزويني والحضارة الإسلامية عمومًا لا يمكن الاستهانة به. ولذلك، حين كتب القزويني كتابه الأشهر عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ، سعى إلى طمأنة قُرّاءه بأن النظام الكوني كان لا يزال قائمًا بأمان. يعتبر هذا الكتاب موسوعة تلخّص الكون المخلوق بالترتيب من السماء في الأعلى إلى الأرض في الأسفل. ورافقت رسومات الفلك والملائكة والحيوانات والنباتات ومخلوقات أخرى، منها الوحوش والبشر الأسطوريين، النص المكتوب في مخطوطاته الكثيرة في أنحاء العالم الإسلامي.

 

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية.
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، 1659، المكتبة الوطنية.

 

نسخت المخطوطة التي تنظرون إليها هنا عام 1659 في بغداد، وهي من مجموعة جامع وتاجر المخطوطات أبراهام شالوم يهودا. هي مثال ممتاز على العالم التراتبي كما رآه القزويني، وتظهر بترجمتها التركية مدى اتساع شهرة الكتاب والبقاع المتنوعة التي قرأت الكتاب ونسخته عبر القرون. مما يجعله من أكثر الكتب الإسلاميّة انتشارًا في التاريخ.

تعود أقدم نسخة (بالإنجليزية) معروفة اليوم عن كتاب القزويني إلى عام 1280؛ أي إلى ما قبل ثلاث سنوات من وفاة القزويني وتقع هذه النسخة في مكتبة الكونغرس. عند النّظر إلى هذه النسخة التي تحمل أكثر من 400 قطعة مرسومة للمخلوقات والموجودات وتصوّر الكون عند القزويني، ومقارنتها بنسخ لاحقة مثل هذه النسخة (بالإنجليزية) من القرن السادس عشر في المكتبة البريطانية، نلحظ تطوّر قدرة الرّسامين على ظبط الأشكال والألوان وجعلها أكثر دقّة ووضوح وأكثر إبداعًا وإثارة للدهشة عبر السّنين. ونفهم أن المتعة البصريّة شكّلت وظيفة من وظائف الكتاب ومنحته سيطًا ودعاية وصلت بعيدًا. وهذه الحرفيّة بالرسم بلغت أوجها على ما يبدو في مخطوطات القرن الثّامن عشر ومنها هذه المخطوطة (بالإنجليزية) الموجودة أيضًا في المكتبة البريطانية وتعود لعام 1750، ويرجّح أنّها وشبيهتها في مكتبة فرنسا الوطنية قد أُنتجتا في نفس الورشة في فلسطين.

في العام 1848، قام المستشرق الألماني فرديناند فستنفلد بتحقيق كتاب عجائب القزويني عن نسخ مخطوطة وُجِدَت في عدة مكتبات ألمانيّة ونشره مطبوعًا في مدينة غوتينغن الألمانية. صدر الكتاب محققًا باللغة العربية مع مقدمة الباحث باللغة الألمانية. ومن المفارقات، أن هذه النسخة المطبوعة لم تشتمل على رسومات للمخلوقات العجيبة والغريبة التي وصفها القزويني، ربما لمحدوديّة في قدرة الطابعات المتاحة لدار النشر حينها على تصوير رسومات من هذا النوع. فبينما النسخ المخطوطة القديمة منحت القارئ تجربة قراءة أكثر متعة ودهشة من خلال الرسومات الخياليّة الملونة والمرسومة بعناية، كان كتاب القزويني المطبوع في منتصف القرن التاسع عشر رتيبًا!

منذ أن أنهى القزويني كتابه في القرن الثالث عشر فإنه لم يتوقّف عن الصّدور بلغات ورسومات ووسائط متنوّعة للقراء من حول العالم، ويمكننا أن نصفه بوضوح كأحد أكثر الكتب انتشارًا في تاريخ الإسلام. وفي ظلّ التطوّر الرّقمي والاصطناعي الهائل الذي نشهده اليوم فإننا لا نستطيع إلّا أن نتساءل: هل سيُكتب عمر جديد واستهلاك من نوع آخر لهذا العمل التّاريخي الذي تميّز بالإمتاع البصري وإثارة الخيال وتقدير موجودات الكون؟ كيف تتخيلون سيكون شكل النسخ المستقبلية لهذا الكتاب؟

المحرقة المنسيّة في مراسم الحداد الدينيّة

ما العلاقة القائمة حاليًا بين تذكّر المحرقة النازيّة في المجتمع اليهودي وبين المراسم الدينيّة التقليديّة المتبعة؟

مراسم الحداد في ذكرى خراب الهيكل التاسع من آب، أرشيف دان هداني

مترجم بتصرّف عن مقالة رأي لـ: يويل رافيل

تقام ذكرى خراب الهيكل المقدس في اليهوديّة والمعروفة بذكرى التاسع من آب من خلال صيام يوم كامل واقامة مراسم الحداد على تدمير هيكل سليمان وهيكل هيرودس. يستغرق الصيام 25 ساعة كاملة يحظر فيها الاكل والشرب وأي عمل من المتعة، وخلال هذا اليوم يدأب الجميع على الالتزام بمظاهر الحزن والتواضع في الملبس، ويتلى في صباح اليوم التالي مرثيّة ترتل بلحن حزين تدعى “كينوت” أي حداد.

في عام 1984 وافق خمسة من كبار رجال الدين اليهود في الولايات المتحدة على أن يتم الحداد على أرواح أشخاص  فقدوا في أحداث اوروبية، وأصدروا بيانا لإعلان ذلك “رأينا أنه من المناسب قبول ما نصح به كثر طيّبون، وهو أن نتذكر وننتحب في يوم التاسع من آب، ذلك اليوم الذي كتب فيه البكاء علينا لأجيال، أن ننتحب فيه أيضًا على قديسي أوروبا، أن نندب علنًا ونسكب الدموع على خسارة ستمائة ألف إسرائيلي سقطوا على أيدي الأشرار الملعونين”.

سمح هذا المقتطف من خطاب موافقة الحاخامات منذ تسعة وثلاثين عامًا بإضافة تقليد إلى مراسم الحداد، وهي ترانيم النعي والرثاء المعتادة في صوم التاسع من آب. وقد عبّر اتفاقهم هذا عن منعطف في تشكيل ذاكرة المحرقة في المجتمع الديني بكافة أشكاله. وكان من الممكن أن يفضي ذلك المنعطف لإضافة مراثي مكتوبة خصيًصا لإحياء ذكرى ستة ملايين يهودي تمت إبادتهم في المحرقة خلال مراثي التاسع من آب بشكل ثابت يبقى عبر الأجيال، إلا أنه من المؤسف أنه حتى اليوم وبعد قبول، لم يتم قبول هذا الاتفاق الشرعي باعتباره اتفاقا جماهيريًا.

في كل عام يتساءل الإسرائيليون في ذكرى المحرقة والبطولة، كيف ستتذكر الأجيال القادمة المحرقة؟ ومع تناقص عدد الناجين من بيننا كل عام فإن السؤال يشتد أكثر وأكثر، فسيأتي وقت لن يكون فيه شهود على المحرقة.

صدرت عام 2007 عن مطبعة جامعة بار إيلان بالتعاون مع كلية أورشليم مجموعة اولى ومرتبة من “مراثي المحرقة”. جمعت جميع المرثيات بعد المحرقة من حاخامات ومؤلفين ومبدعين دينيين كثر، وكذلك غير متدينين، مع أن معظمهم بالتأكيد ينتمون للتيار الديني القومي. قصائد شخصيّة وملهمة كتبها اشخاص معروفين إما لرثاء أشخاص عرفوهم وإما بصدق كلماتهم الخاصّة والنادرة وعلى فترات زمانية مختلفة، مبدعون يشار إليهم بالبنان من حاخام ووفيلسوف وشاعر. بينما في ترتيب صلاة يوم المحرقة المعتمد للحركة التقليديّة فقد تم تضمين رثاء بعنوان “انظر من السماء” لكاتب هويته غير معروفة.

 

غلاف مرثيات المحرقة
غلاف مرثيات المحرقة

بالرغم من هذا، تم استبعاد المرثيات التي كتبت بأسلوب العصور الوسطى من ترتيب الصلاوات في معظم المجتمعات. ولذلك فإن السؤال يطرح نفسه، من الذي عارض دمج مرثيات الحداد على أرواح المفقدوين في المحرقة من ترتيب ذكرى خراب الهيكل أو التاسع من آب، وهو يوم الحداد الأكبر في اليهوديّة؟ لماذا كانت هناك ولا تزال مقاومة شرسة من قبل المجتمع المتشدد لإضفاء معنى حديث مضاف لذكرى التاسع من آب؟ وحتى يمكننا أن نسأل، لماذا لم يتبنّ الجمهور الديني القومي، وحتّى المتشددون منهم، عادة حداد ورثاء لضحايا المحرقة حتّى في اليوم المعتمد حاليًا لإحياء ذكراهم؟

يشير الحاخام ياوز كيست إلى عدّة أسباب لذلك. في رأيه، والكاتب يتفق معه، لا توجد اليوم هيئة دينيّة تملك السلطة التي تخوّلها للتعامل مع المسائل الروحيّة المحيطة بالمحرقة. فمن يحقّ له أن يؤلّف صلاة رثاء حول موضوع المحرقة ليتم تضمينه في ترتيب الصلاة المعتمد؟ بالإضافة الى ذلك، هل يمكن أن تثير المحرقة أسئلة حول مسألة الإيمان بحد ذاتها؟

يحوم النقاش هنا حول سؤال يزعج في الحقيقة كل يهودي مؤمن، وحتى هؤلاء الذين لا يتبعون الفرائض لكنهم يهود، أين كان إله إسرائيل في المحرقة؟ وهو السؤال الذي يجب أن يتجلى كاملًا في الحداد على ضحايا المحرقة. ولكن نتساءل يضًا، ألا يحضر هذا السؤال أيضًا فيما يتعلّق بخراب الهيكل وحدادنا عليه؟ يؤمن كثر ان أحداث خراب الهيكل كانت أقل كارثيّة للشعب اليهودي من المحرقة. وها هو خراب الهيكل يتصدّر مراسم الحداد والصلاة، وتبقى المحرقة مستبعدة عن مراسيم دور العبادة.

ثبت بالفحص المخبري: مخطوطة كتاب الشفا لابن سينا قديمة ونادرة!

أثارت مخطوطة كتاب الشفا لابن سينا في المكتبة الوطنية جدلًا بين الباحثين حول تأريخها، ولم يكن هناك إلا طريقة واحدة للحصول على إجابة.

رسم ابن سينا من مخطوطة تعود للعصور الوسطى بعنوان subtitles of truth من عام 1271 (المصدر ويكيبيديا)، وهاجر ميلمان، مختصّة حفظ وترميم في مختبر الحفظ والترميم في المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة، وهي تقطع برفق خط رفيع من المخطوطة.

رسم ابن سينا من مخطوطة تعود للعصور الوسطى بعنوان subtitles of truth من عام 1271 (المصدر ويكيبيديا)، وهاجر ميلمان، مختصّة حفظ وترميم في مختبر الحفظ والترميم في المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة، وهي تقطع برفق خط رفيع من المخطوطة.

تُرجِم عن: راحيل غولبيرغ

تقف سيّدة برداء أبيض مخبري أمام طاولة عمل مضاءة وتمدّ يدها لتطلب “اإزميل”. تمسك بالأداة الحادة وتميل من فوق الطاولة المضاءة جيّدًا لتقطع خطا رفيعًا وطويلًا. هذه ليست عملية جراحية لإنسان. ولكن لمخطوطة تاريخ نسخها غير معروف بعد.

الهدف من هذه “الجراحة” هو الكشف عن عمر المخطوطة التي بين أيدينا. ولذلك، نُقل الجزء الصّغير الذي تمّ قصّه من المخطوطة إلى مختبر خارجي ليخضع لفحص مخبري دقيق. إن أهميّة هذا الفحص المخبري ونتائجه مهمّة جدًا؛ إذ أنّ هذه المخطوطة ليست مخطوطة عاديّة، إنّها منسوبة لفيلسوف وطبيب القرن الحادي عشر الشّهير ابن سينا (980-1037 م).

 

رسم ابن سينا من مخطوطة تعود للعصور الوسطى بعنوان subtitles of truth من عام 1271 (المصدر ويكيبيديا)
رسم ابن سينا من مخطوطة تعود للعصور الوسطى بعنوان subtitles of truth من عام 1271 (المصدر ويكيبيديا)


مؤلّف الكتاب

يعتبر ابن سينا أحد أهم المفكرين في العالم الإسلامي، وهو من المفكرين الإسلاميين الأقلاء الذين حظوا بشهرة عالميّة في حياتهم، فقد عُرفوا في العالم الإسلامي وكذلك في أوروبا، وقد عرف ابن سينا بالاسم اللاتيني “أفيسينا”.

لمع نجم ابن سينا في جيل يافع واعتبر طبيبًا وفيلسوفًا مرموقًا، وقد حصل على هذه الشّهرة لأول مرّة عندما استدعي لتطبيب سلطان بلاد فارس الذي كان طريحًا للفراش لفترة طويلة وعجز أطباء البلاط عن مداواته. حين تفوّق ابن سينا على هؤلاء الأطباء الملكيين ونجح بتطبيب السلطان، فُتحت أمامه أبواب المكتبة السلطانيّة الفاخرة على مصراعيها، وأدت هذه النّقلة إلى طفرة من الإبداع والإنتاج العلمي عند ابن سينا، كان من ثمراتها كتابه الشّهير في فلسفة العلم “كتاب الشّفا”.

 

الصفحة الأولى من مخطوطة "كتاب الشّفاء"، مجموعة المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة.
الصفحة الأولى من مخطوطة “كتاب الشّفا”، مجموعة المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة.


في حياته القصيرة تمكّن ابن سينا من ترك مئات المؤلّفات. وفي مجموعات المكتبة الوطنيّة هناك مئات من المخطوطات لمؤلفات ابن سينا المختلفة، وكذلك شروح لاحقة لهذه المؤلفات، ولكن يتميّز في عملين من بين الجميع: واحد في الطب والثاني في العلوم.

تنبع فرادة ابن سينا في هذين العملين لأنه يرسم من خلالهما خارطة لكل مجال المعرفة، من خلال التقسيم إلى فئات واضحة. كما تكمن أهمية مساهمة ابن سينا العلمية بأنه يعرض كل من هذه الفئات بنظرة نقديّة ويعرض استنتاجاته عن كل مجال ومجال. هذا الأسلوب في فحص الفئات المختلفة بشكل نقدي وبالذات في مجال الطّب، تحوّل إلى الأساس الّذي اتكأ عليه بدرجة كبيرة الطب الحديث وهو “الطب المبني على التجربة”. هدف “كتاب الشفا” هو تغطية جميع مجالات العلوم الموجودة في حين كتابته، إن تفرد وأهمية الكتاب تكمن كما ذكرنا في هيكله، الذي أصبح المعيار الذي بحسبه كُتبت كتب الفلسفة منذ ذلك الوقت.

يتكوّن كتاب الشفا من أربعة أجزاء، وكل جزء يتناول موضوعًا مختلفًا: الجزء الأول موجود في مجموعة المكتبة الوطنيّة ويتناول المنطق. أمّا بقية الأجزاء فتتناول موضوعات مثل العلوم الطبيعيّة، علم النّفس، العلوم الحسابيّة (الهندسة والرياضيات والموسيقى والفلك) والمتافيزيقية.


المخطوطة النّادرة في المكتبة الوطنيّة

وصل الجزء الأول من كتاب الشفا الى المكتبة الوطنيّة كجزء من المجموعة الضخمة للباحث وجامع الكتب الأثرية الشهير أبراهام شالوم يهودا (1877-1951). مفهرس المجموعة أفرايم ووست سجّل المخطوطة الفريدة هذه في فهرس المكتبة. ومن المعلومات التي على المفهرس إدراجها حول كل مخطوطة هي سنة نسخها الواردة فيها أو التي يقدّرها المفهرس. لم تذكر سنة نسخ المخطوطة في أي مكان على صفحاتها، إلا المفهرس قدّر أنّ المخطوطة نُسخت عام 1050 وأرفق علامة سؤال بجانب السنة كما يظهر في الصورة التي أمامكم من الفهرس الرقمس للمكتبة. يعتبر وجود مخطوطة بهذا القِدَم والنّدرة في مجموعة يهودا ليس بالأمر الغريب، فقد عُرف جامع المخطوطات بسعيه لشراء المخطوطات النادرة والثمينة. ومع ذلك، فإننا لا نعرف ما الذي دفع ووست لهذا التخمين، أهو نوع الورق أو الحبر، ام مجرّد “حدس”؟

 

من فهرس المكتبة الوطنية الإسرائيليّة عن مخطوطة كتاب الشفاء. نرى في الفهرس جميع المعلومات الأساسية عن كل مادّة موجودة بين أيدي المكتبة الوطنية وهنا يظهر التأريخ "سنة: 1050؟"
من فهرس المكتبة الوطنية الإسرائيليّة عن مخطوطة كتاب الشفا. نرى في الفهرس جميع المعلومات الأساسية عن كل مادّة موجودة بين أيدي المكتبة الوطنية وهنا يظهر التأريخ “سنة: 1050؟”

 

ما أهمية تأريخ المخطوطة؟ وكيف نقوم بهذا؟

إن المخطوطة التي نسخت في أيام مؤلّف الكتاب تعتبر أكثر أهمية من مخطوطة نُسخت لاحقًا، لأن هذا يدل أوّلًا على مكانة المؤلف في عصره من جهة، ولأن النص الذي بداخل هذه المخطوطة سيكون أكثر دقة من جهة أخرى حيث أنه الأقرب للأصل وقد يكون منسوخًا عنه. يذكر هنا إن عدد مخطوطات كتاب الشّفا التي تعود لحياة ابن سينا نفسه  قليلة جدًا حول العالم. واكتشاف مخطوطة جديدة من هذا النوع يسلّط المزيد من الضّوء على الصياغة الأصليّة والأولى للكتاب.

هناك عدّة طرق لتأريخ أي مخطوطة؛ الطريقة المعروفة والأسهل هي بقراءة حرد المتن: أي الملاحظة التي تأتي عادة في آخر الكتاب ويوثّق بها النّاسخ تاريخ الفراغ من كتابته وأحيانًا اسمه وتفاصيل أخرى عن المخطوطة، كالمكان الذي نُسخت فيه وسبب نسخها والمزيد. نجد حرد المتن في آخر الكثير من المخطوطات، ولكن ليس في هذه المخطوطة.

 

هناك طرق أخرى لمعرفة تاريخ إنتاج المخطوطة بطرق غير مباشرة، منها ما قد تحتويه الصّفحة الأولى أو خوارج متن النّص من ملاحظات، أختام، أو ملاحظات تخص إجازات القراءة وغيرها. جميع هذه الدلائل تمكننا أحيانًا من تقدير الوقت الذي كتبت فيه المخطوطة.

بالإضافة إلى ذلك، الجسد المادي لكل مخطوطة يساعدنا بالتعرف على تاريخها أيضًا: نوع الورق، نوع الحبر، أسلوب التزويق والرّسم، نوع الخطّ، طريقة ترقيم الصّفحات والمزيد. مع ذلك، فإن مختصة المخطوطات (يشار إلى مجال دراسة المواد التي تنتج منها الكتب بالكوديكولوجيا) المسؤولة عن مجموعة المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة، تحذّر من الوقوع في خطأ تأريخ المخطوطة بناء على تجليدها فإن التجليد قد يتبدّل.

من مميزات الورق التي تساعد بالتعرف على تاريخ المخطوطة: جودة الورق ونوعه، قوام السطح وشفافيته، اللمعان واللون وكذلك قوة الورق ومرونته. في المخطوطة التي نتحدث عنها يمكننا أن نرى بعض هذه العوامل بوضوح؛ إذ تظهر الألياف التي صنع منها الورق، كما هناك مناطق أغمق من غيرها.

منذ أن وصلت المخطوطة إلى المكتبة الوطنية ظهرت آراء مختلفة حول تاريخ كتابتها، فهناك من رأى أن هذه المخطوطة نُسخت في حياة ابن سينا نفسه وهناك من رأى أنها تنتمي لعصر آخر بعد وفاته. واشتدّت التساؤلات حين توجّهت متخصصّة في علم المخطوط الإسلامي من إيطاليا مشكّكة بالتأريخ الذّي وضعه ووست، وادعت أن المخطوطة نُسخت بعد 200 عام من هذا التاريخ. عندها قرر طاقم المكتبة أن يقوم باللازم لإعطاء جواب نهائي لهذا التساؤل.

 

حرد المتن كمثال، كثيرًا ما يظهر بشكل مثلّث معكوس إلى الأسفل. من مخطوطة في المكتبة الوطنيّة.
حرد المتن كمثال، كثيرًا ما يظهر بشكل مثلّث معكوس إلى الأسفل. من مخطوطة في المكتبة الوطنيّة.


فحص التأريخ بالكربون المشعّ 14

قامت مارسيلا سكلي رئيسة قسم الحفظ والترميم في المكتبة الوطنية بدعوة بروفيسور إليزابيتا بورتو لطلب إجراء فحص التأريخ بالكربون 14، وهو الفحص المخبري الأكثر حسمًا في هذه الحالة لتأريخ عمر الورق. وصلت بروفيسور بورتو ذات الصيت العالمي في المجال الى المكتبة لأخذ عينة من المخطوطة، ولهذا تمت هذه “الجراحة”.

بما أن هذا النوع من الفحوصات يعتبر “ضارًا” بالمادة لانه يقتطع جزءًا منها، فقد دار نقاشًا مطوّلًا بين خبيرة الترميم سكلي وبروفيسور بورتو حول كيفيّة اتخاذ العينة والمكان المناسب لقصّها منه. كانت الفكرة الأولى هي اقتطاع جزء يحتوي على الحبر، ولكن للامتناع من المس بالمخطوطة نفسها واقتطاع جزء من الكتابة، أخذت العينة من أطراف الصفحات على هيئة خط طويل وليس على شكل مستطيل كما هي العادة.

 

بوفيسور بورتو تقوم بتغليف العينة في ورق فضي قبل نقلها إلى معهد وايزمان لتطبيق الفحص المخبري بالكربون المشع.
بوفيسور بورتو تقوم بتغليف العينة في ورق فضي قبل نقلها إلى معهد وايزمان لتطبيق الفحص المخبري بالكربون المشع.

 

يسمّى هذا الفحص المخبري بالتأريخ بالكربون المشعّ، ويعتمد الفحص على حقيقة ان لكل مادّة عضوية وتيرة ثابتة للتحلل الاشعاعي. وبالتالي، كلما قدمت المادة، كلما اضمحلّت كمية الكربون المشع التي ستتواجد فيها. تطوّر البحث حول هذا الموضوع بشكل ملحوظ على مرّ السنين، وبهذه الطريقة الآن يمكن تحديد عمر الجماد الذي يعود عمره لـ 50 الف عام على الأكثر. تم إجراء الفحص في المختبر البحثي على اسم دنجور في معهد وايزمان في رحوفوت تحت إشراف بروفيسور بورتو.

 

مارسيلا سكلي، رئيسة قسم الحفظ والترميم على يسار الصورة وبروفيسور بورتو يمينًا. على الطاولة المخطوطة القديمة في المكتبة الوطنية بعنوان "كتاب الشّفاء" لابن سينا. يتم عرض أي مخطوطة نادرة حسب الطلب في غرف مخصصة للمعاينة حيث يتم وضع المخطوطة على وسادة للحفاظ عليها.
مارسيلا سكلي، رئيسة قسم الحفظ والترميم على يسار الصورة وبروفيسور بورتو يمينًا. على الطاولة المخطوطة القديمة في المكتبة الوطنية بعنوان “كتاب الشّفا” لابن سينا. يتم عرض أي مخطوطة نادرة حسب الطلب في غرف مخصصة للمعاينة حيث يتم وضع المخطوطة على وسادة للحفاظ عليها.

 

حين وصلت نتائج الفحص وأخيرًا من بروفيسور بورتو اتّضح أن حدس المفهرس ووست كان موفّقًا ودقيقًا: فالمخطوطة لا تعود للقرن الرابع بل تم صنعها بين السنوات 1040 و1060 على الأكثر، وذلك بعد وفاة ابن سينا بمدّة غير طويلة. كما اتّضح أن المادة الأصلية التي صنع منها الورق هي السليولوز. وهذا مثال آخر على تقاطع العلوم الدقيقة مع التاريخ، فقد تمكّنت مختصة من الدّرجة الأولى من مساعدتنا بفهم قصّة وتاريخ أحد الكنوز الإنسانيّة التي بين أيدينا.

 

ساعدت مارسيلا سكلي، رئيسة قسم الحفظ والترميم في المكتبة الوطنية الإسرائيليّة، بتحرير هذا المقال.