نصّ | النّهر لا يختفي في البحر
بقلم: د.رائف زريق
لا أظنّ أنّي سأبالغ إنْ قلت إنّ محمود درويش، بشعره ونثره وحواراته، أثّر عليّ أكثر من أيّ أديب أو مفكّر أو فيلسوف آخر. لا يمكنني تأمُّل عالم المعاني والاستعارات الذي خلقه هذا الشّاعر، والأفكار والجماليّات التي أبدعها ومحيط اللّغة الذي أسبح فيه وأنهل منه استعاراتي، دون أن أشعر بعبق مياه نهره الذي يصبّ في البحر الكبير. أكاد أجزم أنّ نهر درويش من الأنهر القليلة التي تصبّ في البحر لكنّها لا تختفي فيه. وربّما عليّ أنْ أقول إنّ البحر لن يظلّ هو ذاته بعد أنْ تصبَّ فيه مياه نهر درويش. اللّغة لم تعد نفس اللّغة. لقد ساعدنا درويش في العثور على المفردات الصّحيحة وفي بناء الصّياغات المُركّبة التي يمكنها أنْ تصف لنا، نحن كفلسطيّنيين، وللعالم الخسارة الكبرى، الحزن والغضب، النّكبة واللّجوء، والتي تُعبّر أيضًا عن الأمل والحبّ والعلاقة بين الخاصّ والعامّ. لقد صنع كلّ ذلك وظلّ وفيًّا لمشروعه الفنّي، ولقيَمهِ الجماليّة التي لم يتنازل عنها يومًا. لقد آمنَ درويش، منذ مرحلة الشّباب المُبكّر، بأنّه وُلد ليكون شاعرًا وبأنّ هذا هو قدره ومشروع حياته، وأدرك بأنّ هذا القدر ليس غايةً جامدة قابلة للتّحقيق، بل طريقًا لا نهاية له ولا سكينة فيه. لهذا، كتب أكثر من مرّة “سأصير يومًا ما أُريدُ سأصيرُ يومًا شاعرًا”. وقد صار. ربّما صار الشاعر، بأل التّعريف، كما وصف أبو العلاء المعرّي أعظم شعراء العربيّة، المتنبّي.
كانت قضيّة اللجوء وستظلّ مفتاح فهم عالم درويش. الطّفل ابن السّابعة يُقتلَع من بيته في قرية البروة في الجليل الغربيّ ويقطع الحدود تحت القصف والنّار إلى لبنان. كلمة “لاجئ” تحوم حول هذا الطّفل فيصطدم بها أينما حلّ. درويش الصّغير يُصرّ على فهم معناها لكنّ أباه لا يستجيب لسؤاله ويخبره بأنّه لن يفهم معنى هذه الكلمة التي غزت حياة الطّفل كالصّاعقة وقضت على باقي المفردات وأخضعتها لجبروتها. لكنّ الجدّ يفتح باب الكلام لحفيده ويشرح له ما أخفاه الأب: “أن لا تكون طفلاً منذ الآن”. لم يتحدّث درويش عن معنى هذه العبارة وتأثيرها على حياته، لكنّي أعتقد أنّها كانت أوّل بيت شعر سمعه، وأوّل استعارة تمكّن عبرها من استيعاب الواقع: اللّجوء يعني مصادرة الطّفولة. في تلك اللّحظة يخلع الطّفل ابن السابعة رداء الطّفولة ويفهم بأنّ مخيّمات اللّجوء هي الواقع الجديد وبأنّ البيت في البروة، والوطن كلّه، أصبحا مجازًا. هو يفهم أيضًا أنّ هناك طفلاً آخر ينام على سريره ويأكل من ثمار تينة البيت ويترعرع مكانه، ويستكمل مسار حياته الذي انقطع. منذ تلك اللّحظة تُصبح كلمة “العودة” كلمة سحريّة، كما وصفها في كتاب حيرة العائد: “العودة إلى المكان، العودة إلى الزّمان، العودة من المؤقت إلى الدائم، العودة من الماضي إلى الحاضر والغد معًا… العودة من علب الصّفيح إلى بيت من حجر”
عاد الطّفل ولم يعد. حالة اللّجوء القصيرة في لبنان تنتهي بعد سنة عندما يعود إلى فلسطين لكن ليس إلى البيت ولا إلى قريته إنّما إلى قرية الجدَيْدة القريبة. البروة ضاعت وعلى أنقاضها أقيمت مستوطنه يهوديّة. لكنّ فلسطين كلّها ضاعت، والمكان الذي عاد إليه لم يكن نفس المكان الذي خرج منه. في هذه المرحلة يتعلّم درويش الدّرس الثاني: العودة لم تكن، ولن تكون، عودةً حقيقيةً، والمكان ليس مجرّد مكان: المكان هو ذلك المجموع المُركّب للبشر والحجر والهواء وتفاصيل الحياة. ويظلّ الطّفل العائد منشغلًا بالتّفكير في الأطفال الذين لم يرجعوا وباللّاجئين الذين لم “يعودوا”. لكنّ الطّفل الذي يفقد عالمه يجد الملاذ في عالم الكلمة، فيستغيث باللّغة التي تبْسِط عليه جناحَيها ومن خلالها يبني عالمًا بديلاً. في اللّغة يجد المأوى والحميميّة اللّذَيْن غابا عن العالم الحقيقيّ ويكتشف قوّة الكلمة. اللّغة ليست عن العالم بل هي العالم، هي لا تصفه بل تخلقه.
الطّفل الذي عاد لم يعد حقًّا. قطعة من قلبه ظلّت هناك، بعيداً وراء الحدود. في المقابل تُنهِك الاعتقالات والمداهمات المتكرّرة من الشرطة الشّاعر الشابّ الذي يُصرّ على تنفّس الحرّيّة، فيكتشف أنّ ما بدا له بيتًا هو أشبهُ بالمنفى. في الوطن أيضًا يشعر بالاغتراب. الفتى الذي صار رجلًا لا يزال يُصغي لهواجس قلب الطّفل الذي فقد طفولته في سنّ السّابعة. بعضٌ من هذا الطّفل ظلّ هناك، وهو يأمل أنْ يتواصل ذلك البعض مع بعضه لكي يعود إلى ذاته.
الرّجل الشّابّ، الشّاعر الذي ذاع صيته في جميع أنحاء العالم العربيّ، يقطع الحدود للمرّة الثّالثة، لكن في الاتّجاه المعاكس. يخرج من فلسطين. يزور موسكو لمدّة قصيرة لكنّه يقرّر عدم الرجوع إلى حيفا بل السّفر إلى القاهرة التي سيسكن فيها لفترة قصيرة قبل أن ينتقل إلى بيروت ويستقرّ فيها. هو لا يزال يأمل في العثور على فلسطين الأخرى: فلسطين الفدائيّين وليس اللاّجئين، الثوّار الفلسطينيّين الذين سيُعيدون له الوطن. وكأنّ فلسطين تعيش خارج ذاتها، خارج الجغرافيا، وكأنّها فكرة أو تجربة وليست مجرّد مكان محسوس. شهرة الشّاعر الشّابّ تصل السّماء ويصبح من الأسماء اللّامعة في الثّقافة العربيّة، لكنّ ذلك لا يعوّض عن الحقيقة البسيطة: اللّجوء لم يَنْتَهِ. فمع أنّه يشعر أنّه في البيت مع إخوته الفلسطينيّين الذين يقاتلون من أجل فلسطين، إلّا أنّ ذلك لا ينفي حالة المنفى واللّجوء. درويش بعيد مرّة أخرى عن البيت والعائلة. سنة 1982، بعد انتهاء حرب لبنان، وعندما سأله صحفيّون عن برامجه المستقبليّة بعد الخروج من بيروت، كانت إجابته قصيرة وحادّة كالسّيف: أبحث عن جدار أعلّق عليه ملابسي. وها نحن نكتشف من جديد أنّ قطعةً من قلب الشّاعر الشّابّ لا تزال في مكانٍ ما في الجليل وفي سفوح الكرمل، وأنّه لا يزال يَتُوق لجدار في بيت يُعلّق عليه ثيابه.
المرّة الرّابعة التي قطع فيها درويش الحدود كانت بعد اتفاقيّات أوسلو، التي كان معارضًا لها ورأى فيها تفريطًا كبيرًا بأهمّ المسلمّات في الرّواية / السّرديّة الفلسطينيّة، وعلى هذه الخلفيّة قدّم استقالته من اللّجنة المركزيّة لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة. على الرّغم من ذلك “عاد”. وهذه المرّة “عاد” ليسكن في رام الله وليس داخل إسرائيل. في كلّ مرّة رغب فيها بزيارة بيته وعائلته كان عليه الحصول على مصادقة السّلطات الإسرائيليّة. مجرّد فكرة اضطرارِهِ للحصول على تصاريح أمنيّة من أجل زيارة أمّه والبيت الذي ترعرع فيه، كانت تُثير فيه مشاعر الغضب والاستياء. في الغالب لم يكن يطلب تصريحًا بل كان “يتسلّل” لبيته. لكنّ الطّريق من رام الله إلى حيفا بدت له كعودة داخل عودة أو عودة بعد عودة، واكتشف أنّ في فلسطين ذاتها مستوياتٍ مختلفةً للعودة. العودة إلى رام الله ليست عودة حقيقيّة، فهي ليست عودة للكرمل أو للقرية التي نشأ فيها، الجدَيْدة، والتي هي في إسرائيل، فيبدو أنّنا نحتاج هنا إلى عودة إضافيّة: العودة إلى البروة، ذلك المكان الذي لم يَعُد قائماً. هذه “العودات” تُنهِك درويش الذي صار يُدرك أنّه مَهْما حاول العودة لن يصل، فلا أحد يعود حقًّا.
هذه الانفصامات المتواصلة تقود درويش إلى فهم الإشكاليّة الكامنة في كلّ هويّة وإلى إدراك معنى الـ “أنا”. “أنا” درويش منفصمة دائمًا ومضطربة دائمًا. هو غير مرتاح “هنا” وغير مرتاح “هناك”. في كلّ منفًى وطن وفي كلّ وطن منفًى. في كلّ “أنا” يوجد “آخر” وفي كلّ “آخر” جزء يُغرَس في الـ “أنا”. لم يحتج درويش لنظريّة ما بعد الاستعمار وما بعد الحداثة ليُدرك هذه الحقيقة. لقد حاول بكلّ بساطة تأمُّل ذاته العميقة ومجرى حياته وسعى إلى تجسيد ما رآه بصدق وأمانة. لقد كان “هنا” وكان “هناك”، وهو نتاج الـ “هنا” والـ “هناك” في نفس الوقت. الشّعب الذي صادر طفولته وحوّلهُ إلى لاجئ هو نفس الشّعب الذي جاءت منه حبيبته الأولى. هو يُدرك أنّه مجموع أجزاءٍ لا تكتمل على الرّغم من رغبتها الشّديدة بالاكتمال. يبدو أحيانًا أنّ ماهيّة درويش تكمن في الاضطراب والشّهوة في سعْيِهِ لتجميع أجزاء الأنا حتّى تصل للاكتمال، مع أنّه يُدرك استحالةَ تحقيق هذا التّكامل.
يتعلّق درويش بالشّعر مع أنّه لا يُعلّق عليه آمالاً كبيرة كوسيلة لتغيير العالم. الشّعر لا يَستبدِل أيّ نضال. في إحدى قصائده التي هي رسالة مفتوحة لصديق عمره الشّاعر سميح القاسم، يَسأل درويش: “أما زلتَ تؤمن أنّ القصائد أقوى من الطّائرات؟ لنا الذّكرياتُ، وللغزوِ ترجمةُ الذّكرياتِ إلى أسلحة ومستوطنات”. دور الشعر بالنسبة لدرويش متواضع جدا فوصفه: “إن الشعر فرح غامض بالتغلب على الصعوبة والخسارة”.
لكن لكي يكون للشّعر أثر ولكي يستطيع دعم الحياة، عليه أن يكون مختلفًا عنها، وليس فعلًا طفيليًّا أو مُلحقًا بالسياسيّ والاجتماعيّ. ولتحقيق ذلك، على الشّعر أن يكون حُرًّا، وذا قيمة بحدّ ذاته، وهذه القيمة هي التي تمنحه تفرّده، هي قيمته الجماليّة. تكون للشّعر أهميّة ومكانة خاصّة في الحياة فقط إذا “خانها” وتجاوَزَها ولم يكتَفِ بالتّعبير عنها. الشّعر- كما كتب درويش أكثر من مرّة – يُحوّل الخيال إلى واقع والواقع إلى خيال.
تظهر أهميّة البعد الجماليّ بالنّسبة لدرويش في إصراره العنيد على مشروعه الفنّي. لقد أدرك درويش أنّه أوّلًا وقبل أيّ شيء شاعر، وأنّ إخلاصه الفنّي هو للشّعر فقط. لا يمكن للسّياسة والأخلاق أن يبرّرا كتابة شعر لا يحمل قيمة جماليّة. على الشّاعر واجب تجاه نفسه وتجاه الشّعر، وهذا هو الواجب لفنّ الشّعر. عليه أن يواظب على تطوير أدواته الفنّيّة: اللّغة، الاستعارات والتّشبيهات المختلفة. درويش حالة نادرة، وربّما وحيدة، في قدرته على الجمع إلى حدّ التّناغم بين الشّكل والمضمون. جزء كبير من شعره هو شعر سياسيّ خالص، لكنّه بعيد كلّ البعد عن السّطحيّة والنّمطيّة. هو شعر سياسيّ من حيث تعامله مع الأسئلة العميقة للوجود الفرديّ والجماعيّ الفلسطينيّ، بمصائبه وخيباته، آماله وأحلامه (مع أنّ شعره المتأخّر يميل إلى الانطواء على تجربته الوجوديّة الشّخصيّة). عندما يطرح درويش أسئلة شخصيّة فإنه يُدرك أنّ الأنا، الذّاتيّة، تعيش في عالم اجتماعيّ، هو جزء من مجتمع كامل؛ ويجب أن يتضمّن التّعبير الشّعريّ عن الأنا هذه العلاقة كشرط فنّي أوّلاً وقبل أيّ شيء. مع ذلك، عندما يتحدّث درويش عن الـ “نحن” أو عن الشّعب، أو عن المجتمع، فإنّه يعي تمامًا أنّه يتحدّث كفرد وأنّه لا يستطيع “تمثيل” المجموع أكثر من حدود قدرته على التّحدّث عن نفسه. لم يشعر درويش أنّه مُلزم بتقديم الشّعر “المُجنّد” أو أنّ عليه إقحام الوطن في شعره. لقد كان يتنفّس الوطن، ولهذا عندما كان يتحدّث عن نفسه كان الوطن حاضرًا، ليس ككائن مستقلّ فرضَ نفسه على الشّعر، إنّما كشرط مؤسِّس للأنا.
من هذا المنطلق نجد أنّ الشّكل الفنّيّ عند درويش لا يفرض نفسه على المضمون، والمضمون لا يفرض وجوده بفظاظة لا تكترث بالشّكل. الشّكل والمضمون يلتقيان بأسلوب يدمج ما بين المصادفة والضّرورة؛ بخِفّةٍ ما، تبدو من القراءة الأولى وكأنّها مصادفة، وكأنّهما التقيتا دون أن يكون للشّاعر أيّ دور؛ لكنّ هذه المصادفة “القدريّة” تظهر بعد قراءة معمّقة ومتكاملة كفعل ضروريّ. وهذا الفعل لا يفرض نفسه إنّما يبزغ بصورة طبيعيّة من بين ثنايا النصّ، وكأنّ شكله ومضمونه وُلدا ليكونا معًا. التّناغم (الهرمونيا) عند درويش يشبه هرمونيا موسيقى الجاز عندما يعرف السّاكسفون متى يدخل بعد أن يُنهي البيانو وصلةً ارتجاليّة. لحظة “الدّخلة” لم تُحدَّد مسبقًا بموجب معادلة ما، لكن عندما نسترجع المعزوفة نكتشف أنّ تلك اللّحظة كانت التّوقيت الأمثل للدّخول. يمكننا تشبيه اللّقاء بين الشّكل والمضمون في شعر درويش كغريبَين، سيُصبحان عاشقَين، يلتقيان مصادفةً في قطار بجبال الألب. فبعد النّظرة الأولى التي تُشعل نار الحبّ سيشعران، بأنهما وإن التقيا صدفة، فقد كان مُقدرًا لهذه الصدفة أن تحدث. الشّعر الجميل هو ذلك الذي يجعلنا نشعر بأنّه قدرٌ انبَتَتْهُ يد المصادفة، أو مصادفة كانت تحمل مشيئة القدر. فكما هو الحال في كل قصة حب حقيقية، تجمع في آن واحد ما بين ذلك الشعور بحرية اختيارنا لشخص المحبوبة، ومع الشعور المُلازم له، بأننا كنا تحت سطوة القدر ومشيئته عندما اخترنا هوية المعشوق. هذا هو السّحر. ودرويش في هذا المعنى ساحر.
درويش، في شعره ونثره على حدّ سواء، حاضر في وعيي وفي حساسيّاتي الشّخصيّة تجاه العالم، لأنّه قادر على استحضار تكثيف تجارب الحياة بكلّ أشكال احتمالاتها في قصيدة واحدة، بل في بيت شعر يتيم. مقولاته الفلسفيّة تُصاغ دائمًا بجماليّة مذهلة، وجماليّاته لا تكون جوفاء بل مُشرّبة بالحكمة والإدراك، ولهذا يخلو شعره دائمًا من أيّ حسّ وعظيّ. كتابات محمود درويش تخلو أيضًا من التّجريد، بل هي مُشبعة بالاستعارات الحسّيّة. قصائده تقدّم وجبات دسمة من الحياة، فالحياة تنزل علينا ككُلّ واحد كامل (على عكس إدراكنا مثلًا للجامعة التي يمكن اعتبارها تحالفًا لكليّات مختلفة تتعاون لفكّ طلاسم الكون). في شعر محمود درويش يتشابك الأخلاقيّ مع الجماليّ مع السياسيّ، والغوص في شعر درويش هو غوص في الحياة ككُلّ واحد.
____________________________________________________________________________
* د. رائف زريق هو خرّيج كلّيّة الحقوق في الجامعة العبريّة، وواصل تعليمه في جامعتَيّ كولومبيا وهارفارد حيث أكمل شهادة الدكتوراة. تتمحور أبحاثه حول الفلسفة السياسيّة وفي فلسفة القانون، ويكتب في النقد الثقافيّ والأدبيّ. أستاذ فلسفة القانون في الكلّيّة الأكاديميّة كريات أونو وباحث كبير في معهد فان لير. كتابه عن كانط ونضاله للاستقلاليّة صدرَ هذه السّنة بالإنجليزيّة من دار لكسينجتون.
** هذا النص مُترجم عن النص الأصلي باللغة العبرية. ترجمة: نبيل أرملي