تأسست مدرسة الأسقف غوبات على قمة جبل صهيون في القدس، عام 1847 كواحدة من أبرز المؤسسات التعليمية الحديثة في الفترى الانتدابية. أنشأها الأسقف صامويل غوبات بهدف توفير التعليم لأبناء المجتمع العربي من مختلف الخلفيات الدينية، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودًا، في إطار من التعايش والانسجام.
تميزت المدرسة بتقديم منهج تعليمي شامل جمع بين المواد الأكاديمية مثل العلوم والآداب، والأنشطة الرياضية والاجتماعية التي حفزت على الابتكار والتفكير النقدي. كما زرعت المدرسة في طلابها قيم التعاون والانتماء من خلال بيئة تعليمية متوازنة.
خرّجت المدرسة العديد من الشخصيات البارزة التي أسهمت في تطوير المجتمع العربي آنذاك، أمثال المُربّي خليل السكاكيني وعبد القادر الحسيني وإميل توما وغيرهم من المعلمين والمثقفين الذين استلهموا من روح المدرسة أسس التربية والتّعليم.
مجلة باكورة جبل صهيون
في عام 1905، أطلقت مدرسة جبل صهيون مجلة “باكورة جبل صهيون”، لتصبح أول مجلة مدرسية في البلاد خلال الفترة العثمانية. بدأت المجلة كنسخة خطية تصدر 10 مرات في السنة، حيث كان الطلاب يجمعونها في نهاية الفصل الدراسي كهدية للمدرسة، تَوَلّى تَحرير المجلة في البداية الأستاذ توفيق زيبق، وتلاه الأستاذ إلياس مرمورة عام 1907.
خلال فترة الحرب العالمية الأولى، توقفت المجلة عن الصدور، لكّنها عادَت بَعد الحَرب بِحلّة مطبوعة، وصارت تصدر ثلاث مرات في السنة تحت إشراف الأستاذ عساف جريس وهبة وطلاب الصف السادس. كانت المجلة تُباع بثلاثة قروش محليًا وخمسة قروش للمشتركين خارج البلاد.
تميزت المجلة ببساطة محتواها، اذ احتوت على مجموعة متنوعة من المواضيع التي عكست حياة الطلاب واهتماماتهم. تضمنت المقالات الاجتماعية والعلمية، إلى جانب روايات فكاهية وأدبية كتبها الطلاب بأنفسهم. كما تناولت المجلة الأخبار المحلية والأنشطة المدرسية، مثل المباريات الرياضية والرحلات المدرسية. في أحد الأعداد، وثّق الطلاب رحلتهم إلى الأماكن المقدسة في القدس، وكتبوا عن انطباعاتهم وأثر تلك التجربة فيهم.
لم تَقتصر المجلّة على الأخبار المدرسية فقط، بل شملت أيضًا النشيد المدرسي ومقالات عن شخصيات ملهمة أثّرت في الطلاب، مما ساعد في تعزيز الشعور بالهوية والانتماء. كانت المجلة بمثابة مساحة لإطلاق العنان لإبداع الطلاب، حيث أتاح لهم التعبير عن أنفسهم والمشاركة في توثيق تاريخ مدرستهم ومجتمعهم.