رئيس حكومة أم رئيسة حكومة؟ لم يكن الأمر مهمًا بالنسبة لجولدا ميئير

كيف تعاملت جولدا مائير مع النقد؟ لماذا وافقت على الدخول إلى كنيس في موسكو ولكن ليس في تل-أبيب؟ وما علاقتها بالاتحاد الإسرائيلي لصناعي القبعات؟

في 17 آذار 1969، وقع في إسرائيل حدث غير مسبوق: تقلدت جولدا ميئير منصب رئيس حكومة، لتصبح بذلك أول امرأة في التاريخ الإسرائيلي والثالثة في العصر الحديث التي تتسلم مقاليد الحكم: بحيث سبقتها سيريمافو باندرانايكا (سريلانكا) وأندريا غاندي (الهند). تَقلُّد امرأة منصب رئيس حكومة لدولة إسرائيل، الدولة الفتية الغارقة في صراع عنيف، بعد سنتين فقط على حرب الأيام الستة، لم يكن بديهيًا؛ ولكن سلسلة الأحداث السياسية التي وقعت بعد وفاة ليفي إشكول أدت إلى تعيين ميئير في هذا المنصب، والتي فُضّلت على يغآل ألون، موشيه ديان وبنحاس سابير.

لم يلق تعيين جولدا ميئير رئيسة حكومة أي اعتراض رسمي سوى من قبل أعضاء الكنيست الحريديين عن حزب أغودات يسرائيل، بحيث أعرب رئيس الحزب، يتسحاك ميئير، عن قلقه من أنّ تسلّم امرأة مقاليد الحكم سيقلل من قوة الردع الإسرائيلية. باستثناء هذا النقد، لم يكن هناك تذمّر رسمي أو جماهيري من تعيين جولدا في هذا المنصب. أما ميئير نفسها، وعلى الرغم من صورتها ووظيفتها، إلّا أنها لم تكن من أنصار الحركة النسوية، بل خرجت أكثر من مرة بتصريحات ضد الحركة. على أيّ حال، لقيت ميئير اهتمامًا شديدًا على إثر تقلدها منصب رئيسة حكومة إسرائيل، وذلك في العديد من المواقف التي وجّه لها خلالها نقد خفيّ أو جليّ. وقد تفوّهت مئير نفسها مرارًا بعبارات لاذعة من منطلق كونها امرأة.

جولدا ميئير وحكومتها الجديدة، 1969. تصوير: أرشيف داني هداني
جولدا ميئير وحكومتها الجديدة، 1969. تصوير: أرشيف داني هداني

فصل الدين عن الدولة؟

كانت علاقة جولدا ميئير بالدين مركبة قبل أن تصبح رئيسة حكومة بسنوات طويلة. عند سفرها إلى موسكو في نهاية الأربعينات، كسفيرة لإسرائيل في الاتحاد السوفيتي، زارت كنيسًا كبيرًا في المدينة. صور البعثة التي التقطت في الكنيس مع يهود محليين انتشرت في البلاد والعالم، وعند عودة جولدا إلى البلاد، توجه إليها عضو الكنيست بنيامين مينتس بغية تحدّيها لتقوم بزيارة كنيس في إسرائيل. “أدعوكِ لزيارة الكنيس الكبير في صلاة الشكر. هل تزورين الكُنس في موسكو فقط”؟ لم تتردد ميئير في الردّ، ووضحت له أنّها زارت الكنيس في موسكو لأنّها أرادت زيارة اليهود المحليين، ولذلك وافقت على الجلوس في قسم النساء. أما هنا في البلاد، فقد أشارت إلى أنّها ستذهب إلى الكنس عندما تتحقق المساواة ويسمح لها بالجلوس في الصالة الرئيسية حيث يجلس الرجال.

"معاريف"، 4 أيار 1949
“معاريف”، 4 أيار 1949

منذ مطلع الخمسينات، طرحت إمكانية ترشيح جولدا ميئير لمنصب رئيس بلدية تل أبيب، الأمر الذي أثار نقاشًا حول قدرة امرأة على شغل منصب مرموق كهذا. احتدم الجدل الإعلامي حول هذا الموضوع، وسُمعت آراء مختلفة ومتعارضة. كتبت مريم شير في مقالتها الثابتة “ماذا تقول المرأة؟” في صحيفة “دَفار” أنّنا “جميعًا بحاجة إليك، جولدا ميئيرسون،  كـ ‘ربة منزل رئيسية’ لمدينة تل-أبيب”.

"دَفار"، 26 تموز، 1955
“دَفار”، 26 تموز، 1955

بعد أن تقلدت جولدا منصب رئيس حكومة، أعرب كبار الحاخامات في البلاد عن مواقف مختلفة تجاه هذا التعيين. رفض الحاخام الرئيسي في حينه، إيسر يهودا أونترمان، الردّ على الأسئلة الموجهة له حول الموضوع، وقال إنّه طالما لم تقم جهات رسمية بطلب رأيه حول الموضوع، فلا داع لإبدائه. أعرب الفائز بجائزة إسرائيل ورئيس محكمة حباد، الحاخام شلومه يوسف زفين، عن موقف سلبي، مستندًا إلى حكم موسى بن ميمون في كتابه “دلالة الحائرين”. أشار الحاخام السفرادي الرئيسي، الحاخام يتسحاك نيسيم، إلى أنّه لا توجد أية مشكلة في التعيين؛ أما الحاخام السفرادي الرئيسي لمدينة تل-أبيب، عوفاديا يوسف، فلم يسارع لإبداء رأيه وأجاب بأنّه ينبغي التعمق في الموضوع قبل الرد.

 

"معاريف"، 7 آذار 1969.
“معاريف”، 7 آذار 1969.

 

 

ما قصة القبعات؟

في يوم الاستقلال في عام 1973، أقام الجيش الإسرائيلي استعراضه الأخيرة لذكرى مرور 25 عامًا على قيام دولة إسرائيل. أقيم هذا الاستعراض، والذي تقرر إلغاؤه نهائيًا بسبب تكاليفه الباهظة، للمرة الأخيرة بحضور رئيسة الحكومة جولدا ميئير، التي اعتلت المنصة الرئيسية. بعد مرور فترة وجيزة، نُشرت في صحيفة “معاريف” رسالة-شكوى” رسمية من قبل الاتحاد الإسرائيلي لصانعي القبعات” في إطار مقالة تمار أفيدار “خارج دوام المطبخ” بسبب المظهر المهمَل لرئيسة الحكومة، التي لم تعتمر قبعة أثناء الاستعراض. كتب أعضاء الاتحاد أنّ “مظهرها يشكل نموذجًا سلبيًا لجميع نساء إسرائيل” وطالبوها بأن تصبح قدوة فيما يخص الموضة والأزياء، لحث نساء إسرائيل على تبني موضة اعتمار القبعات. اقترُح في المقالة أيضًا صنع موديل خاص لقبعة تحمل اسم ميئير، بحيث يعوض بيعها عن الأضرار الاقتصادية التي تسببت بها جولدا بسبب مظهرها هذا.

حرب لبنان 1982: مجموعة صور توثق وصول الجيش الإسرائيلي إلى مطار بيروت

مجموعة من الصور الرقمية والتي تستعرض حرب لبنان "عملية سلامة الجليل"، بالإضافة إلى بعض الصور الرقمية الخاصة في مدينة بيروت.

الجيش الإسرائيلي في مطار بيروت 1982 - 990040194290205171 - 715 537

الجيش الإسرائيلي في مطار بيروت 1982

اندلعت حرب لبنان 1982، أو ما يعرف بحرب لبنان الأولى، التي لم تكن حدًثا عابرًا في تاريخ المنطقة. هذه الحرب التي بقيت مشتعلة، لاحقًا، لأكثر من 18 عامًا قد خلفت آثارًا عميقة وكبيرة على كل من عاصر الحرب أو شارك فيها (من كافة الأطراف)، وخاصة لكون الحرب قد حدثت في أوج الحرب الأهلية اللبنانية والاقتتال اللبناني- الفلسطيني. لقد اختلفت مسميّات الحرب، منها “حرب لبنان”، أو “غزو لبنان”، فيما سمّتها إسرائيل بـ “عملية سلامة الجليل” أو “حرب الصنوبر”.  لكنّ مخلّفات هذه الحرب لم ولن يختلف عليها أحد. في هذه المقالة، نستحضر ذكريات هذه الحرب باستعراض الذكريات المصورة من أرشيف المصور دان هداني ومجموعة ميتار حول حرب لبنان الأولى وكيف كان الحال حينها.

حرب لبنان 1982: منذ عملية “سلامة الجليل” إلى احتلال مطار بيروت

تقلبت أجواء الحرب تبعًا لشدة وبأس مقاتليها؛ سواء الجيش الإسرائيلي من جهة أو التنظيمات الفلسطينية والأطراف اللبنانية المتحاربة من جهة أخرى. ولم يخلو الأمر من تحالف أعداء الأمس ضد أعداء اليوم والعكس صحيح (بين أطراف الحرب: كل من إسرائيل والفلسطينيين واللبنانيين وسوريا). وهذا ما أثرًا فعليًا على مجريات الحرب وآثارها التي بدأت، بحسب الرواية الإسرائيلية، بعملية من أجل تأمين منطقة الجليل من الصواريخ الفلسطينية التي غطت كامل المنطقة الشمالية، أما الرواية الفلسطينية (وجزء من المجتمع اللبناني المتمثل بالحركة الوطنية اللبنانية) فكانت المشاركة بالحرب هي قرار اضطراري لا رجعة فيه لكونه وجب فيه الدفاع عن سيادة لبنان في وجه الاحتلال الإسرائيلي. وهذا ما حذا بالجيش الإسرائيلي لتطوير سير عملياته ووصوله حتى بيروت واحتلال مطارها. لم يكن احتلال المطار حدثًا عابرًا أو حتى غابرًا، ولذلك الحدث أثر على الذاكرة المصوّرة في الأرشيفات الإسرائيلية التي وثقت أجزاء كبيرة من سير أجواء الحرب وأحداثها. فقد تم تنظيم عرض عسكري إسرائيلي في ذات المطار بعد عمليات عسكرية استمرت لأكثر من 3 أشهر متواصلة شقّ فيها الجيش الإسرائيلي طريقه من جنوب لبنان حتى منتصفه.

كانت نتائج هذا العرض العسكري المباشرة هي طرد التنظيمات الفلسطينية من لبنان والبقاء في أجزاء من لبنان حتى شهر أيار من العام 2000 عندما قرر رئيس الحكومة الإسرائيلي، آن ذاك،  إيهود بارك الانسحاب من جنوب لبنان بشكل نهائي وإغلاق الحدود بين الدولتين.

هنا، نترك الصور تتكلم عن الأحداث التي بدأت منذ بداية الحرب حتى انتهائها:

صورة للنقطة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، 1983، أرشيف بوريس كرمي من مجموعة ميتار.
صورة للنقطة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، 1983، أرشيف بوريس كرمي من مجموعة ميتار.

 

حاجز عسكري، 1982، أرشيف دان هداني.
حاجز عسكري، 1982، أرشيف دان هداني.

 

لبنان، 1985، أرشيف دان هداني.
لبنان، 1985، أرشيف دان هداني.

 

حاجز عسكري، 1982، أرشيف دان هداني.
حاجز عسكري، 1982، أرشيف دان هداني.

 

الجيش الإسرائيلي في لبنان، 1982، أرشيف دان هداني.
الجيش الإسرائيلي في لبنان، 1982، أرشيف دان هداني.

 

تحطّم طائرة مدنية لبنانية في مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.
تحطّم طائرة مدنية لبنانية في مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.

 

الجيش الإسرائيلي يغادر مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.
الجيش الإسرائيلي يغادر مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.

 

الجيش الإسرائيلي يغادر من مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.
الجيش الإسرائيلي يغادر من مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.

تحتوي المكتبة الوطنية على ما يزيد عن 3300 صورة رقمية لحرب لبنان الأولى وهي متاحة للاستخدام وللتنزيل على أجهزتكم الخاصة. للمزيد من الصور الرقمية لمدينة بيروت؛ مجموعة منوّعة ونادرة، يمكن الحصول عليها بسهولة واستخدامها ولكن بالإشارة إلى اسم الأرشيف وفقاً لحقوق الاستخدام والنشر.


المصادر التي استند عليها المقال:

1. بوتيمرمان، جاكو. (1983). أطول الحروب الغزو الإسرائيلي للبنان.القاهرة، مصر. دار الثقافة الجديدة.
Rabinovich, Itamar. (1986). The War for Lebanon. New York, USA. Cornell University Press .2

بسم الله ويا ليت؛ من أغاني حرب أكتوبر

في هذه المقال، نعرض بعضًا من الأغاني المرتبطة بحرب أكتوبر (تشرين)، والّتي خلّدت كل من مشاعر الحماسة، الحزن، الخوف والرّجاء.

لعل حرب أكتوبر عام 1973  كانت من أكثر الحروب الّتي خلّفت ذكرى رمزية ووطنيّة هامّة لكلّ من الإسرائيليين والمصريين والسوريين. فقد عنت هذه الحرب الكثير للمصريّين الّذين رأوا بها ردًا على هزيمة 1967، وفي ذات السياق شكّلت هذه الحرب  ذكرى أليمة للإسرائيليين الّذين وجدوا أنفسهم في خضمّ حرب ضارية مباغتة. ولحدث كهذا أن يخلّف مشاعر ورمزيّة تناقلت إلى الأبناء وما زال الحديث عنها اليوم يثير مشاعر متنوّعة لدي الكثيرين.

نفهم هذه الرّمزيّة مما أنتجته ثقافة هذه الشّعوب من أغانٍ وأفلام وأشعار وكتب. وهي الوسائل الّتي عبّر بها النّاس عمّا يشعرون به ويرغبون بقوله. ولذلك فهي نافذة هامّة على ما عنته هذه الحرب في الحقيقة. وهذا ما تعرضه هذه المقالة بالتحديد؛ بعضًا من الأغاني المرتبطة بحرب أكتوبر (تشرين)، والّتي خلّدت كل من مشاعر الحماسة، الحزن، الخوف والرّجاء.

حرب أكتوبر

بعد أن قامت حرب الاستنزاف الممتدة بين عام 1967 وعام 1970 بإهدار قوى وموارد كثيرة لجميع الأطراف، أعقبت هجومًا غير متوقّع من كلّ من الدّولة المصريّة والسّورية ضد اسرائيل، وذلك لاسترجاع الأراضي التي خسرتها في حرب عام 1967 ولم تتمكّن من استرجاعها عن طريق الحلول الدبلوماسيّة، وهي شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان. بدأ الهجوم على الجبهتين وانطلقت المدرعات والأسلحة الاسرائيليّة إلى تلك المناطق للمواجهة. كانت من أهم المحطات في هذه الحرب نجاح القوات المصريّة بعبور قناة السّويس وخط “بارليف” الدّفاعي كما نجحت القوات السّورية باجتياح الجولان، وحدث هذا في ظلّ عدم جهوزيّة من قبل الدولة الإسرائيليّة الّتي كانت تحتفل ب”يوم الغفران”. كان عبور قناة السويس وخط بارليف الحصين بالتحديد عنصرًا مفاجئًا في هذه الحرب. إلا أن القوات الاسرائيليّة تمكنت من استعادة توازنها وصدّ الهجوم في الأيام التّالية. انتهت الحرب بعد اندلاعها بأسبوعين بقرار من مجلس الأمن الدّولي، عقبه اتفاقيّة نزع السلاح عن مناطق معينة ما زالت سارية بين إسرائيل وسوريا إلى اليوم. أما على الطّرف المصريّ فأدت هذه الحرب إلى عقد اتفاقية السلام بين الدّولتين والمعروفة بكامب ديفد عام 1978.

بليغ حمدي – عاش اللي قال وبسم الله

تشير بعض المصادر إلى أن أغنية “بسم الله” الّتي ألّف كلماتها الشاعر عبد الرحيم منصور ولحّنها بليغ حمدي هي أول ما أذاعته الإذاعة المصريّة من أغانٍ مساء أوّل أيام الحرب، في السّادس من أكتوبر بعد أن نجحت القوات المصرية بعبور قناة السّويس. وقد استلهمت كلماتها من كلمات المصريين والجنود الّذين كانوا يكبروا ويقولون “بسم الله الله أكبر”، وتقال هذه العبارة المصريّة للاحتفال بشيء مبهر خوفًا من الحسد، أو للتعبير عن الفرح. ويبدو أن حماسة فريق الإذاعة وسرعة بليغ حمدي دفعت الفريق لاتمامها وبثّها بعد الانتهاء منها فورًا. ولذلك فإن التسجيل الأصلي خالٍ من الغناء الفردي (سولو) وتقوم المجموعة بأكملها بأداء الأغنية الّتي منحتها ألحان بليغ حمدي صخبًا يعبّر عن الاندفاع والفرح الشديد، فيبدو غناء المجموعة كمن يصرخ “الله أكبر” في الشّارع.

للاستماع للأغنية الرجاء الضغط هنا

أما الأغنيّة الثّانية الّتي وضع بها بليغ حمدي بصمة أخرى في الذكرى الوطنية المصرية لهذه الحرب فهي أغنية “عاش اللي قال” الّتي كتب كلماتها الشاعر محمد حمزة وقام بغنائها المطرب عبد الحليم حافظ. تمجّد الأغنية الرئيس السادات بشكل مباشر لاتخاذه قرار الحرب في السادس من أكتوبر فتقول الاغنية “عاش اللي قال الكلمة بحكمة وفي الوقت المناسب، عاش اللي قال لازم نرجع أرضنا من كل غاصب…. عاش اللي للرجال عدوا القنال..عاش اللي حوّل صبرنا حرب ونضال”، ويركّز توزيع الاغنية وتلحينها على كلمة “عاش” الّتي تتكرّر باستمرار، تأكيدًا على هدف الأغنية وهو تمجيد الرئيس السادات.

للاستماع للأغنية الرجاء الضغط هنا

نعومي شيمر – يا ليت

نعومي شيمر، الشّاعرة والملحّنة والمطربة الإسرائيليّة الحائزة على جائزة إسرائيل في الغناء العبري تركت بصمات عديدة في الغناء الإسرائيلي كأغنية “قدس الذهب” و”لو يهي” (يا ليت أو “لو أن ما نتمنّاه يكون”) الّتي شرعت بكتابتها قبل اندلاع الحرب بالهام من اغنية Let it be  لفرقة ذا بيتلز البريطانيّة. إلا أنها في أيام الحرب الأولى أنهت كتابة كلماتها الّتي تُظهر مشاعر القلق وتمنّي عودة الجنود سالمين بالوقت نفسه. قامت شمير بإعطاء الأغنية لحنًا خاص بها وليس منقولًا عن أغنية ذا بيتلز كي تكون أغنية عبرية بالكامل، وقامت بإدائها على تلفزيون اسرائيل بمشاركة فنّانين آخرين. لاحقًا قام العديد من المغنيّين الإسرائيليّين بتسجيل أغنية “لو يهي” الّتي باتت رمزًا من رموز هذه الحرب لدى الاسرائيلييّن.

من كلمات الأغنية :

“ما زال هناك شراعٌ أبيض يلوح في الأفق

وأمامه سحاب أسود ثقيل

لو أن ما نتمنّاه يكون

ولو اهزّت أضواء شموع العيد على نافذة المساء،

لو أنّ ما نتمنّاه يكون”

لسماع الاغنية الرجاء الضغط هنا 

أفلام رام الله: “السّيدة من رام الله”، جولة في خيال حاييم حيفير

هو محامٍ عسكريّ في الجيش الإسرائيلي، هي أرملة من رام الله، يلتقيان في سنوات الحرب في العام 1967، ويقعان بالحبّ. تعرّفوا معنا على قصّة الفيلم.

 

 ملصق الفيلم، المصدر ويكيبيديا
ملصق الفيلم، المصدر ويكيبيديا

 

وجدنا في أرشيف المكتبة الوطنيّة مذكّرة زرقاء تحمل صفحتين، وقد كُتب فيهما مختصر لسيناريو فيلم على يد الشاعر والمؤلّف الاسرائيلي حاييم حيفير كتبها عام 1970، أي بعد ثلاثة أعوام على انقضاء الحرب. الفنّان المعروف والحائز على جائزة إسرائيل للأغنية العبريّة ويُعتبر أحد الأعمدة للذاكرة الفنّية لدى الإسرائيليين. بالإضافة إلى ذلك، فهو أحد مؤسّسي الكتيبة العسكريّة الخاصّة بالبلماح، وكاتب أشهر أغانيها، كما كانت له إسهامات في مجالات فنّية عديدة.

فرقة "تشزباترون" العسكرية الخاصّة بالبلماح في وادي عربة عام 1949، أرشيف المكتبة الوطنيّة
فرقة “تشزباترون” العسكرية الخاصّة بالبلماح في وادي عربة عام 1949، أرشيف المكتبة الوطنيّة

 

ولد حيفير لعائلة في بولندا وهاجر إلى البلاد عام 1936 في سنّ الحادية عشر، في الثّامنة عشر من عمره انضمّ للبلماح وكانت مهمّته المساعدة في إسناد الهجرة غير الشرعيّة لليهود من الحدود الشّماليّة. وخلال عام 1948 قام بتأسيس فرقة الغناء والترفيه الخاصّة بالبلماح والّتي سمّيت “تشزباترون” مستوحية من جهة كلمة تأترون (مسرح بالعبريّة) ومن جهة كلمة “تشذبات” الفلسطينيّة (كذبات) الّتي تصف القصص الخياليّة، فكان المقصد فرقة فنّية تؤدّي حكايات غير واقعيّة. ورغم نجاحه الكبير في مجال الموسيقى والغناء حيث كان يلحّن ويكتب الأغاني، امتلك حيفير كذلك شغفًا في مجالي السينما والمسرح فكتب المسرحيات وسيناريوهات الأفلام.

حيفير مع الرئيس يتسحاك نافون عام 1981، أرشيف المكتبة الوطنيّة
حيفير مع الرئيس يتسحاك نافون عام 1981، أرشيف المكتبة الوطنيّة

 

إليكم ترجمة لمختصر سيناريو الفيلم الّذي كُتب عام 1970 كما وجدناه في أرشيف حيفير الشّخصي المحفوظ في المكتبة الوطنيّة، والّذي تحوّل إلى فيلم لاحقًا باسم “جسر ضيّق جدًا” عام 1985:

“مدينة رام الله ذات البيوت الحجريّة المسقوفة بالأحمر على تلال يهوذا، كانت منتجعًا جبليًا فاخرًا لأمراء السّعوديّة وشيوخ الكويت وكبار رجال الأعمال في عمّان قبل حرب الأيام السّتة. حين اندلعت الحرب هُجرت المطاعم وتعاملت المتاجر بالمساومات، أمّا الطّبقة العليا وبقيّة سكّان المدينة، ممّن لم يعتادو بالطبع على الديمقراطيّة الإسرائيليّة، فقد اتّبعوا قوانين وأنظمة الحكّام العسكرييّن في الضّفة الغربيّة.

الصّفحة الأولى من الكرّاسة، أرشيف حاييم حيفير، المكتبة الوطنيّة.
الصّفحة الأولى من الكرّاسة، أرشيف حاييم حيفير، المكتبة الوطنيّة.

 

بينيامين يتعرّف على ليلى. وبسرعة يبدأ بزيارتها في منزلها، يشرب القهوة في شرفتها المغلقة بالزّجاج. وحيدان في جبال يهوذا، وربّما الوحيدان من حاملي الشهادات من بين مجموعات العرب واليهود الّذين تعاملوا مع بعضهم البعض، ينسجمان فكريًا ويقعان في الحبّ. جميع أصدقائهم، العرب واليهود، لديهم نفس ردة الفعل. أصدقاء ليلى يبدأون بتجاهلها. تقول لهم أنّها تجادل بنيامين في السياسة الإسرائيليّة وتشرح القضيّة العربيّة له. ولا تشعر بأية طريقة أنها تخون شعبها. لكنّ السياسة لا يمكن كذلك أن تؤثّر في مشاعرها نحوه.

أصدقاء بنيامين يعاملونه بحدّة أكبر، مرّة بعد مرّة تُعقد اللقاءات والمؤتمرات بدونه، خوفًا من التّسبب بثغرة أمنيّة. وكي يخفّفوا عن أنفسهم، يسخرون من العلاقة ويصفونها بالنّزوة العابرة.

إلّا أنّ التّعامل الجدّي والمحترم بين المحبّين في تناقض دائم.

لليلى أخ، سليمان، طالب في الجامعة الأردنيّة في عمّان. تصله الأخبار من رام الله بسرعة. ولضعفه يتجاهل مضايقات أصدقائه، ولكن بعد مناوشات مهينة، يعزم على الذّهاب إلى رام الله للدّفاع عن شرف أخته.

الحالة العسكريّة تمنعه من دخول إسرائيل بصورة غير شرعيّة، فينضمّ إلى وحدة إرهابيّة لفتح. يعبرون نهر الأردن ليلًا، لكنّهم يُكتشفون الفجر على يد سلاح المظلّات الإسرائيلي. تنتهي المعركة الجبليّة بجانب البحر الميّت بهزيمة وحدة فتح بينما يحاول سليمان الّذي جُرح في بداية المعركة الهروب ليختبئ في كهف، ينتظر أن يستسلم.

تصل الأخبار لليلى. تحاول زيارة سليمان في المشفى لكنّ السلطات لا تمنحها التّصريح اللازم، خوفًا من أن تنقل رسالة عنه للمجموعات الإرهابيّة في الضّفة الغربيّة. بنيامين كمدّعي عام عسكري هو الشّخص الوحيد المسموح له رؤية سليمان. كلّ منهما يسبّب التّوتر للآخر، والعداء يزداد بقوة أكبر وأكبر. وحين يعلم سليمان أن بنيامين هو عشيق أخته، أي الرجل الّذي لوّث شرف العائلة، تصير كراهيّته فتّاكة.

تمرّ أيام قليلة، وعلى بنيامين الآن أن يقدّم قضيّته. في ذلك الحين كان قد رتّب التّصريح اللازم لليلى كي تزور سليمان. وحين يجلس الأخ والأخت ويتحدّثان، يظهر جليًا أن سليمان اتّخذ مسارًا للعمل. يتفاخر بأعماله البطوليّة في فتح، وينجح في اقناع ليلى بأنه المقاتل المثالي من أجل القضيّة العربيّة، ويريها جروحه بفخر كدليل.

في جلسة المحكمة، بنيامين، المدعي العام، بمهارة يحاول مساعدة سليمان عبر الإيضاح بأن العربيّ الذي عبر الحدود كإرهابي كان يفعل هذا فقط كغطاء كي يتمكّن من الدخول وينتقم لشرف أخته. يحثّ سليمان على الاعتراف “قل الحقيقةّ ألم تأت هنا كي تقتلني؟” سليمان بحيلة ورغبة مكبوتة بالانتقام يرفض الاعتراف بأسبابه الشّخصيّة ويرغب بمجد الشّهادة.

ينجح سليمان. حين تنتهي المحاكمة، يُقاد سليمان مقيّد اليدين بعيدًا لقضاء عشرين عام من عقوبة السّجن. ويتمّ استقبال بنيامين على درجات المحكمة بلافتات تقول “تسقط إسرائيل” و “الاحتلال الإسرائيلي هو احتلال نازي”، “يعيش عبدالناصر” إلخ. يلمح بنيامين ليلى بين الحشود تبكي وتحمل لافتة كُتب عليها “بنيامين فيلدمان يساوي أدولف أيخمان”.

جرت تعديلات كثيرة على هذه المسودة حيث تمّ كتابة السّيناريو النهائي بالتّشارك بين حاييم حيفير ونيسيم ديان، الممثّل الرئيسي في الفيلم. أمّا دور ليلى فقامت بأدائه الممثّلة سلوى نقارة وحصلت على جائزة “ممثّلة العام” لمسرح اسرائيل عام 1985.