حرب لبنان 1982: مجموعة صور توثق وصول الجيش الإسرائيلي إلى مطار بيروت

مجموعة من الصور الرقمية والتي تستعرض حرب لبنان "عملية سلامة الجليل"، بالإضافة إلى بعض الصور الرقمية الخاصة في مدينة بيروت.

الجيش الإسرائيلي في مطار بيروت 1982 - 990040194290205171 - 715 537

الجيش الإسرائيلي في مطار بيروت 1982

اندلعت حرب لبنان 1982، أو ما يعرف بحرب لبنان الأولى، التي لم تكن حدًثا عابرًا في تاريخ المنطقة. هذه الحرب التي بقيت مشتعلة، لاحقًا، لأكثر من 18 عامًا قد خلفت آثارًا عميقة وكبيرة على كل من عاصر الحرب أو شارك فيها (من كافة الأطراف)، وخاصة لكون الحرب قد حدثت في أوج الحرب الأهلية اللبنانية والاقتتال اللبناني- الفلسطيني. لقد اختلفت مسميّات الحرب، منها “حرب لبنان”، أو “غزو لبنان”، فيما سمّتها إسرائيل بـ “عملية سلامة الجليل” أو “حرب الصنوبر”.  لكنّ مخلّفات هذه الحرب لم ولن يختلف عليها أحد. في هذه المقالة، نستحضر ذكريات هذه الحرب باستعراض الذكريات المصورة من أرشيف المصور دان هداني ومجموعة ميتار حول حرب لبنان الأولى وكيف كان الحال حينها.

حرب لبنان 1982: منذ عملية “سلامة الجليل” إلى احتلال مطار بيروت

تقلبت أجواء الحرب تبعًا لشدة وبأس مقاتليها؛ سواء الجيش الإسرائيلي من جهة أو التنظيمات الفلسطينية والأطراف اللبنانية المتحاربة من جهة أخرى. ولم يخلو الأمر من تحالف أعداء الأمس ضد أعداء اليوم والعكس صحيح (بين أطراف الحرب: كل من إسرائيل والفلسطينيين واللبنانيين وسوريا). وهذا ما أثرًا فعليًا على مجريات الحرب وآثارها التي بدأت، بحسب الرواية الإسرائيلية، بعملية من أجل تأمين منطقة الجليل من الصواريخ الفلسطينية التي غطت كامل المنطقة الشمالية، أما الرواية الفلسطينية (وجزء من المجتمع اللبناني المتمثل بالحركة الوطنية اللبنانية) فكانت المشاركة بالحرب هي قرار اضطراري لا رجعة فيه لكونه وجب فيه الدفاع عن سيادة لبنان في وجه الاحتلال الإسرائيلي. وهذا ما حذا بالجيش الإسرائيلي لتطوير سير عملياته ووصوله حتى بيروت واحتلال مطارها. لم يكن احتلال المطار حدثًا عابرًا أو حتى غابرًا، ولذلك الحدث أثر على الذاكرة المصوّرة في الأرشيفات الإسرائيلية التي وثقت أجزاء كبيرة من سير أجواء الحرب وأحداثها. فقد تم تنظيم عرض عسكري إسرائيلي في ذات المطار بعد عمليات عسكرية استمرت لأكثر من 3 أشهر متواصلة شقّ فيها الجيش الإسرائيلي طريقه من جنوب لبنان حتى منتصفه.

كانت نتائج هذا العرض العسكري المباشرة هي طرد التنظيمات الفلسطينية من لبنان والبقاء في أجزاء من لبنان حتى شهر أيار من العام 2000 عندما قرر رئيس الحكومة الإسرائيلي، آن ذاك،  إيهود بارك الانسحاب من جنوب لبنان بشكل نهائي وإغلاق الحدود بين الدولتين.

هنا، نترك الصور تتكلم عن الأحداث التي بدأت منذ بداية الحرب حتى انتهائها:

صورة للنقطة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، 1983، أرشيف بوريس كرمي من مجموعة ميتار.
صورة للنقطة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، 1983، أرشيف بوريس كرمي من مجموعة ميتار.

 

حاجز عسكري، 1982، أرشيف دان هداني.
حاجز عسكري، 1982، أرشيف دان هداني.

 

لبنان، 1985، أرشيف دان هداني.
لبنان، 1985، أرشيف دان هداني.

 

حاجز عسكري، 1982، أرشيف دان هداني.
حاجز عسكري، 1982، أرشيف دان هداني.

 

الجيش الإسرائيلي في لبنان، 1982، أرشيف دان هداني.
الجيش الإسرائيلي في لبنان، 1982، أرشيف دان هداني.

 

تحطّم طائرة مدنية لبنانية في مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.
تحطّم طائرة مدنية لبنانية في مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.

 

الجيش الإسرائيلي يغادر مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.
الجيش الإسرائيلي يغادر مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.

 

الجيش الإسرائيلي يغادر من مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.
الجيش الإسرائيلي يغادر من مطار بيروت، 1982، أرشيف دان هداني.

تحتوي المكتبة الوطنية على ما يزيد عن 3300 صورة رقمية لحرب لبنان الأولى وهي متاحة للاستخدام وللتنزيل على أجهزتكم الخاصة. للمزيد من الصور الرقمية لمدينة بيروت؛ مجموعة منوّعة ونادرة، يمكن الحصول عليها بسهولة واستخدامها ولكن بالإشارة إلى اسم الأرشيف وفقاً لحقوق الاستخدام والنشر.


المصادر التي استند عليها المقال:

1. بوتيمرمان، جاكو. (1983). أطول الحروب الغزو الإسرائيلي للبنان.القاهرة، مصر. دار الثقافة الجديدة.
Rabinovich, Itamar. (1986). The War for Lebanon. New York, USA. Cornell University Press .2

أفلام رام الله: “السّيدة من رام الله”، جولة في خيال حاييم حيفير

هو محامٍ عسكريّ في الجيش الإسرائيلي، هي أرملة من رام الله، يلتقيان في سنوات الحرب في العام 1967، ويقعان بالحبّ. تعرّفوا معنا على قصّة الفيلم.

 

 ملصق الفيلم، المصدر ويكيبيديا
ملصق الفيلم، المصدر ويكيبيديا

 

وجدنا في أرشيف المكتبة الوطنيّة مذكّرة زرقاء تحمل صفحتين، وقد كُتب فيهما مختصر لسيناريو فيلم على يد الشاعر والمؤلّف الاسرائيلي حاييم حيفير كتبها عام 1970، أي بعد ثلاثة أعوام على انقضاء الحرب. الفنّان المعروف والحائز على جائزة إسرائيل للأغنية العبريّة ويُعتبر أحد الأعمدة للذاكرة الفنّية لدى الإسرائيليين. بالإضافة إلى ذلك، فهو أحد مؤسّسي الكتيبة العسكريّة الخاصّة بالبلماح، وكاتب أشهر أغانيها، كما كانت له إسهامات في مجالات فنّية عديدة.

فرقة "تشزباترون" العسكرية الخاصّة بالبلماح في وادي عربة عام 1949، أرشيف المكتبة الوطنيّة
فرقة “تشزباترون” العسكرية الخاصّة بالبلماح في وادي عربة عام 1949، أرشيف المكتبة الوطنيّة

 

ولد حيفير لعائلة في بولندا وهاجر إلى البلاد عام 1936 في سنّ الحادية عشر، في الثّامنة عشر من عمره انضمّ للبلماح وكانت مهمّته المساعدة في إسناد الهجرة غير الشرعيّة لليهود من الحدود الشّماليّة. وخلال عام 1948 قام بتأسيس فرقة الغناء والترفيه الخاصّة بالبلماح والّتي سمّيت “تشزباترون” مستوحية من جهة كلمة تأترون (مسرح بالعبريّة) ومن جهة كلمة “تشذبات” الفلسطينيّة (كذبات) الّتي تصف القصص الخياليّة، فكان المقصد فرقة فنّية تؤدّي حكايات غير واقعيّة. ورغم نجاحه الكبير في مجال الموسيقى والغناء حيث كان يلحّن ويكتب الأغاني، امتلك حيفير كذلك شغفًا في مجالي السينما والمسرح فكتب المسرحيات وسيناريوهات الأفلام.

حيفير مع الرئيس يتسحاك نافون عام 1981، أرشيف المكتبة الوطنيّة
حيفير مع الرئيس يتسحاك نافون عام 1981، أرشيف المكتبة الوطنيّة

 

إليكم ترجمة لمختصر سيناريو الفيلم الّذي كُتب عام 1970 كما وجدناه في أرشيف حيفير الشّخصي المحفوظ في المكتبة الوطنيّة، والّذي تحوّل إلى فيلم لاحقًا باسم “جسر ضيّق جدًا” عام 1985:

“مدينة رام الله ذات البيوت الحجريّة المسقوفة بالأحمر على تلال يهوذا، كانت منتجعًا جبليًا فاخرًا لأمراء السّعوديّة وشيوخ الكويت وكبار رجال الأعمال في عمّان قبل حرب الأيام السّتة. حين اندلعت الحرب هُجرت المطاعم وتعاملت المتاجر بالمساومات، أمّا الطّبقة العليا وبقيّة سكّان المدينة، ممّن لم يعتادو بالطبع على الديمقراطيّة الإسرائيليّة، فقد اتّبعوا قوانين وأنظمة الحكّام العسكرييّن في الضّفة الغربيّة.

الصّفحة الأولى من الكرّاسة، أرشيف حاييم حيفير، المكتبة الوطنيّة.
الصّفحة الأولى من الكرّاسة، أرشيف حاييم حيفير، المكتبة الوطنيّة.

 

بينيامين يتعرّف على ليلى. وبسرعة يبدأ بزيارتها في منزلها، يشرب القهوة في شرفتها المغلقة بالزّجاج. وحيدان في جبال يهوذا، وربّما الوحيدان من حاملي الشهادات من بين مجموعات العرب واليهود الّذين تعاملوا مع بعضهم البعض، ينسجمان فكريًا ويقعان في الحبّ. جميع أصدقائهم، العرب واليهود، لديهم نفس ردة الفعل. أصدقاء ليلى يبدأون بتجاهلها. تقول لهم أنّها تجادل بنيامين في السياسة الإسرائيليّة وتشرح القضيّة العربيّة له. ولا تشعر بأية طريقة أنها تخون شعبها. لكنّ السياسة لا يمكن كذلك أن تؤثّر في مشاعرها نحوه.

أصدقاء بنيامين يعاملونه بحدّة أكبر، مرّة بعد مرّة تُعقد اللقاءات والمؤتمرات بدونه، خوفًا من التّسبب بثغرة أمنيّة. وكي يخفّفوا عن أنفسهم، يسخرون من العلاقة ويصفونها بالنّزوة العابرة.

إلّا أنّ التّعامل الجدّي والمحترم بين المحبّين في تناقض دائم.

لليلى أخ، سليمان، طالب في الجامعة الأردنيّة في عمّان. تصله الأخبار من رام الله بسرعة. ولضعفه يتجاهل مضايقات أصدقائه، ولكن بعد مناوشات مهينة، يعزم على الذّهاب إلى رام الله للدّفاع عن شرف أخته.

الحالة العسكريّة تمنعه من دخول إسرائيل بصورة غير شرعيّة، فينضمّ إلى وحدة إرهابيّة لفتح. يعبرون نهر الأردن ليلًا، لكنّهم يُكتشفون الفجر على يد سلاح المظلّات الإسرائيلي. تنتهي المعركة الجبليّة بجانب البحر الميّت بهزيمة وحدة فتح بينما يحاول سليمان الّذي جُرح في بداية المعركة الهروب ليختبئ في كهف، ينتظر أن يستسلم.

تصل الأخبار لليلى. تحاول زيارة سليمان في المشفى لكنّ السلطات لا تمنحها التّصريح اللازم، خوفًا من أن تنقل رسالة عنه للمجموعات الإرهابيّة في الضّفة الغربيّة. بنيامين كمدّعي عام عسكري هو الشّخص الوحيد المسموح له رؤية سليمان. كلّ منهما يسبّب التّوتر للآخر، والعداء يزداد بقوة أكبر وأكبر. وحين يعلم سليمان أن بنيامين هو عشيق أخته، أي الرجل الّذي لوّث شرف العائلة، تصير كراهيّته فتّاكة.

تمرّ أيام قليلة، وعلى بنيامين الآن أن يقدّم قضيّته. في ذلك الحين كان قد رتّب التّصريح اللازم لليلى كي تزور سليمان. وحين يجلس الأخ والأخت ويتحدّثان، يظهر جليًا أن سليمان اتّخذ مسارًا للعمل. يتفاخر بأعماله البطوليّة في فتح، وينجح في اقناع ليلى بأنه المقاتل المثالي من أجل القضيّة العربيّة، ويريها جروحه بفخر كدليل.

في جلسة المحكمة، بنيامين، المدعي العام، بمهارة يحاول مساعدة سليمان عبر الإيضاح بأن العربيّ الذي عبر الحدود كإرهابي كان يفعل هذا فقط كغطاء كي يتمكّن من الدخول وينتقم لشرف أخته. يحثّ سليمان على الاعتراف “قل الحقيقةّ ألم تأت هنا كي تقتلني؟” سليمان بحيلة ورغبة مكبوتة بالانتقام يرفض الاعتراف بأسبابه الشّخصيّة ويرغب بمجد الشّهادة.

ينجح سليمان. حين تنتهي المحاكمة، يُقاد سليمان مقيّد اليدين بعيدًا لقضاء عشرين عام من عقوبة السّجن. ويتمّ استقبال بنيامين على درجات المحكمة بلافتات تقول “تسقط إسرائيل” و “الاحتلال الإسرائيلي هو احتلال نازي”، “يعيش عبدالناصر” إلخ. يلمح بنيامين ليلى بين الحشود تبكي وتحمل لافتة كُتب عليها “بنيامين فيلدمان يساوي أدولف أيخمان”.

جرت تعديلات كثيرة على هذه المسودة حيث تمّ كتابة السّيناريو النهائي بالتّشارك بين حاييم حيفير ونيسيم ديان، الممثّل الرئيسي في الفيلم. أمّا دور ليلى فقامت بأدائه الممثّلة سلوى نقارة وحصلت على جائزة “ممثّلة العام” لمسرح اسرائيل عام 1985.

جولة في القدس: أبنية وطرق عبر خرائط الانتداب البريطاني

أعدت السلطات الانتدابية في النصف الأول من القرن الـ 20 مجموعة من الخرائط للقدس، اليوم، صارت هذه الخرائط مرجعاً لدراسة الفارق بين الماضي والحاضر.

أعدت السلطات الانتدابية في النصف الأول من القرن العشرين مجموعة من الخرائط المميزة للقدس وكانت، في حينه، لأهداف عملية واضحة، مثل خرائط المواصلات والطرقات وغيرها، اليوم وبعد أكثر من سبعين عاماً على انتهاء الانتداب صارت هذه الخرائط مرجعاً مهماً يمدنا بمعلومات مهمة بحيث توفر لنا هذه الخرائط فرصة مميزة وجميلة للتعرف على القدس في حقبة مميزة ومرحلة مهمة من مراحل تشكلها، إذ تمنحنا القدرة على التجول في الشوارع، التعرف على الحارات والأحياء، الوقوف أمام المباني والبيوت التاريخية ومقاربة الواقع كما كان، ما يمدنا بمعرفة ثمينة حول تطور المدينة، وتجربة شعورية جميلة حول الفارق بين الماضي والحاضر.

 

في أرشيف المكتبة الوطنية الاسرائيلية هناك أكثر من مائتي خارطة تاريخية مميزة للقدس بجودة عالية ومتاحة للاستخدام، والتي أنتجت بين السنوات 1486-1947، بلغات وأشكال مختلفة وتوثق مدينة القدس كما رسمها الجغرافيون، المؤسسات والدول، والتي تكشف جمال المدينة وتفاصيلها المدهشة، وتوثق المراحل المختلفة. هناك من رسم مسلطاً الضوء على التفاصيل المسيحية، هناك من ركز على التفاصيل اليهودية وهناك من اهتم بالتفاصيل والوجود الإسلامي فيها، مئات الخرائط بمختلف اللغات والثقافات لتعكس القدس ببساطة هوية صاحبها لا هوية المدينة ذاتها والتي تعتبر مزيجاً جميلاً ومميزاً من الهويات والثقافات توفر لكل زائر مقصده.

 

جولة في القدس:

عام 1924 قامت مصلحة المساحة العمومية في مصر بإنتاج خارطة للقدس، لأن الانتداب لم يكن قد شكل هيئة للمساحة في القدس بعد، وبالتالي قامت المصلحة المصرية بفعل ذلك وكان هدف الخارطة التعريف بشوارع القدس والمباني الهامة في المدينة.

 

خارطة شوارع القدس، مصلحة المساحة العمومية في مصر. مجموعة عيران لَئور للخرائط، المكتبة الوطنية الإسرائيلية.
خارطة شوارع القدس، مصلحة المساحة العمومية في مصر. مجموعة عيران لَئور للخرائط، المكتبة الوطنية الإسرائيلية.

 

يوضح لنا هذا الجانب من الخريطة الكثير من المواقع الرئيسية في القدس من أبواب المدخل القديمة، الكنائس والمساجد، والمؤسسات الرسمية كالبلدية ودائرة البريد. كما يظهر أسماء العديد من الشوارع؛ بعضها لا يزال يحمل نفس الاسم كشارع السلطان سليمان وبعضها تغيرت كطريق بردويل الأول.

يظهر في الصورة أقصى اليمين مباني الجامعة العبرية والتي كانت قد بنيت وتنتظر اطلاقها حيث ستفتتح سنة واحدة بعد هذه الخريطة عام 1925، كما يظهر أن مستشفى هداسا ليس بجانبها، بل بجوار المسكوبية (السجن المركزي) وإلى يسار دار المهاجرة، في حين يظهر اسم المكتبة العبرية، وهو الاسم السابق للمكتبة الوطنية الاسرائيلية حيث يظهر مبناها حين كان المقر بجانب مسجد النبي عكاشة.

إن جولة في الخريطة توفر إطلالة مدهشة على القدس في بداية الانتداب البريطاني كما لا يمكن أن يوفر أي مصدر تاريخي آخر من تلك الفترة.

جولة في المسجد الأقصى:

عند التجول في البلدة القديمة، حتماً، لا بد من المرور بالمسجد الأقصى والتعرّف على معالمه من مصليات، بوائك، قباب وأبواب. في الخريطة المرفقة أدناه، الجاري مسحها في العام 1942، بينما صدرت في العام 1944 من دائرة مسح فلسطين، تبين معالم وساحات المسجد الأقصى بدقة وتفصيل وباللغة العربية أيضاً. تم الحصول على مسح بعض المباني من مسح سابق من العام 1865. وتم تأطير الخريطة بإطار زخرفي يحاكي إطار حائط الجزء الجنوبي للمسجد الأقصى.

 الحرم الشريف، خرائط مسح فلسطين، 1944، مجموعة عيران لئور، المكتبة الوطنية الإسرائيلية.

الحرم الشريف، خرائط مسح فلسطين، 1944، مجموعة عيران لئور، المكتبة الوطنية الإسرائيلية.

 

 

جولة خارج القدس:

وفي حال أردتم التجول خارج القدس، فإن خارطة فلسطين للسيارات توفر فرصة فريدة من نوعها، فالخريطة التي أعدت عام 1934 بإشراف مدير المساحة في فلسطين تحوي معلومات هامة عن الشوارع الهامة في المدن الرئيسية كيافا وحيفا والقدس، كما تحوي جدول المسافات بين كل مدينة ومدينة، وبين مدن البلاد ومدن الأردن ومصر وسوريا ولبنان.

خارطة شوارع القدس عام 1934، مجموعة عيران لئور، المكتبة الوطنية الإسرائيلية
خارطة شوارع القدس عام 1934، مجموعة عيران لئور، المكتبة الوطنية الإسرائيلية

 

إن التمعن في الخارطة أعلاه، يوضح الكثير من التفاصيل حول المواصلات في الحقبة الانتدابية، حيث تشير الخطوط الحمراء لشوارع سيارات جيدة، في حين أنّ الخطوط السوداء المتقطعة تشير إلى شوارع بحالة سيئة، وبالتالي يمكن الاستنتاج أن المواصلات كانت سهلة ومتاحة بين المدن الرئيسية في حين أن غالبية شوارع القرى لا تصلح للسفر.

كما توضح الخارطة شوارع السيارات وطرق القطارات (الحمراء المتقطعة) وهو ما يعد مدخلاً جيداً ليس فقط لدراسات المواصلات، بل لدراسة تنقلات الفلسطينيين في فترة الانتداب والتي لا بد أن تتلائم بحسب خطوط المواصلات، فالقرى التي كانت يمر من جانبها خطوط مواصلات جيدة، كان يمكن لأبنائها أن يسافروا نحو المدينة للعمل وهو موضوع يستحق البحث على ضوء خرائط مميزة مثل هذه.

إن الخارطة أعلاه بموازاة خارطة الشوارع في القدس وخرائط أخرى، تمكننا من السفر عبر الزمن وتعلم المساحات والأماكن مجدداً وهو مساحة تستحق البحث والتأمل.

الخرائط السابقة برزت في فترة الانتداب البريطاني على البلاد فيما يعرف بـ خرائط مسح فلسطين Survey of Palestine، منها ما أعيد إنتاجه عن الفترة العثمانية، ومنها ما تم إنتاجه وابتكاره لدراسات استعمارية في مجال الثقافة والعمران والبنى التحتية.

من دار المعلمين في القدس إلى الكلية العربية: محطة في التربية والتعليم

رغبات السكاكيني اصطدمت بأجندة السلطات الانتدابية ما جعله يستقيل ويخلي المنصب للمؤرخ خليل طوطح، وهو ما أدى إلى نشوب خلاف بينهما حول ذلك ولكن طوطح نفسه استقال بسبب ضغط الطلبة

الأستاذ محمد عبد السلام البرغوثي أثناء درس الهندسة. مجلة هنا القدس، 6 كانون الأول 1942

شفي بدايات عام 1920 تأسست أولى المجلات الفلسطينية المميزة تحت عنوان مجلة “دار المعلمين” والتي كانت كجزء من نشاطات دار المعلمين، وهي الكلية التي تأسست برعاية الانتداب لإعداد معلمين ذوي كفاءة يكونون قادرين على النهوض بالمجتمع الفلسطيني بحيث كانت عبارة عن مدرسة ثانوية وفي نفس الوقت كلية للمعلمين. هذا التوجه النهضوي هو الذي قاده وسعى إليه المربي الفلسطيني الكبير خليل السكاكيني، والذي وضع نصب عينيه بناء مستقبل أفضل للفلسطينيين، ولذلك فقد استقطب نخبة المثقفين الفلسطينيين والعرب، وأنشأ مجلة تربوية توعوية وحاول تطبيق أفكاره التربوية عبرها وعبر دار المعلمين.

مجلة دار المعلمين في القدس، عدد كانون الثاني 1922
مجلة دار المعلمين في القدس، عدد كانون الثاني 1922

لكن رغبات السكاكيني اصطدمت بأجندة السلطات الانتدابية التي كانت تسعى لتمرير سياسات، خاصة حالت دون تطبيق أفكاره ما جعله يستقيل ويخلي المنصب للمؤرخ خليل طوطح، وهو ما أدى إلى نشوب خلاف بينهما حول ذلك، حيث لم يرق للسكاكيني أن يقبل طوطح بهذا المنصب لكن طوطح نفسه سيضطر للاستقالة بعدها بثلاث سنوات فقط بسبب ضغط الطلبة، ففي آذار من عام 1925 زار اللورد بلفور القدس مما حذا بطلبة دار المعلمين إلى الاضراب رافضين الدوام، كما أرسلوا إلى أساتذتهم يحثونهم على الاضراب، الأمر الذي حذا بالسلطات إلى فصل المعلمين والأساتذة الذين شاركوا في الاضراب، فجلّ الطلاب والمعلمين المفصولين جام غضبهم على مدير المدرسة خليل طوطح الذي لم ينصارهم مما حول الأمر إلى قضية رأي عام اضطر على إثرها إلى الاستقالة.

 

جريدة مرآة الشرق. 29 آذار 1925. لقراءة الخبر كاملاً:
جريدة مرآة الشرق. 29 آذار 1925. لقراءة الخبر كاملاً

 

أحمد سامح الخالدي: إدارة جديدة، اسم جديد ومبنى جديد

كان أحد سامح الخالدي (1896-1951) أحد أشهر المربين الفلسطينيين في عشرينيات القرن الماضي، وكان حينها مفتشاً عاماً للمعارف وكان يحمل ماجستيرًا تربية. مع وصوله لمنصب مدير دار المعلمين كان أول ما فعله هو تغيير الاسم من دار المعلمين إلى “الكلية العربية” وذلك عام 1926 وهكذا توقفت مجلة “دار المعلمين” عن الصدور تحت هذا العنوان لتصدر بعدها تحت اسم “الكلية العربية”.

الأستاذ أحمد سامح الخالدي، مدير الكلية العربية. مجلة هنا القدس، 6 كانون الأول 1942
الأستاذ أحمد سامح الخالدي، مدير الكلية العربية. مجلة هنا القدس، 6 كانون الأول 1942

ستقفز الكلية في عهد الخالدي قفزات نوعية، ستستقطب مزيداً من النخب الفلسطينية، كما سيقوم الخالدي بالاستفادة من خبرات من سبقوه كالسكاكيني وكوع عبر المؤتمرات والنقاشات التربوية المميزة التي دعا إليها والتي وثقتها المجلة، كما ستفتح المجلة أبوابها لنقاش فكري تربوي عميق ولافت حول أساليب التربية والأنظمة التعليمية والفوارق بين الواقع التعليمي في فلسطين الانتدابية وفي دول وعواصم أخرى حول العالم.

من أعداد مجلة "الكلية العربية" بحلتها الجديدة، شباط 1938. لقراءة أعداد المجلة
 من أعداد مجلة “الكلية العربية” بحلتها الجديدة، شباط 1938. لقراءة أعداد المجلة

من بين أساتذة الكلية سيكون اسحاق موسى الحسيني، سليم كاتول، مصطفى مراد الدباغ، معروف الرصافي، نقولا زيادة، وصفي عنبتاوي وغيرهم. كما سيكون من التلاميذ المميزين: الروائي جبرا إبراهيم جبرا، المؤرخ عبد اللطيف الطيباوي، المؤرخ عرفان قعوار- شهيد، المؤرخ ناصر الدين الأسد وغيرهم.

 

 

الأستاذ الحاج مير أستاذ التاريخ في مكتبة الكلية العربية. مجلة هنا القدس، 6 كانون الاول 1942. لقراءة العدد
الأستاذ الحاج مير أستاذ التاريخ في مكتبة الكلية العربية. مجلة هنا القدس، 6 كانون الاول 1942.

 

عام 1936 سينتقل مبنى الكلية من شارع السلطان سليمان حيث سيصير المبنى القديم مبنىً لمدرسة الرشيدية، في حين ستنتقل الكلية إلى جبل المكبر، لتكمل من هناك رسالتها. تمدنا مجلة هنا القدس بمعلومات وصور جميلة ومميزة حول هذه تاريخ الكلية وصور لنخبة أستاذتها مثل: سليم كاتول واسحق موسى الحسيني وغيرهم.

 

الأستاذ سليم كاتول في المختبر مع صف الكيمياء. مجلة هنا القدس، 6 كانون الأول 1942. لقراءة العدد
الأستاذ سليم كاتول في المختبر مع صف الكيمياء. مجلة هنا القدس، 6 كانون الأول 1942. لقراءة العدد

 

مع نهاية الأربعينيات كان في الكلية العديد من المختبرات العلمية، الورشات البحثية، مكتبة يزيد عدد كتبها عن 5000 كتاب من أمهات كتب العلوم في مختلف اللغات، حدائق عامة، بساتين وملاعب، والعديد من المرافق التعليمية الحيوية لتكون في هذه المرحلة في ذروة عطائها، ولا يزال حتى اليوم أثر ذلك في الكثير من النخب الفلسطينية والعربية سواء تعلموا بشكل مباشر في الكلية أو تعلموا على يد خريجيها وهو ما يشير إلى أثرها حتى اليوم في المجتمع والثقافة الفلسطينيين.

صورة المقال الرئيسية تعود للأستاذ محمد عبد السلام البرغوثي أثناء درس الهندسة.مجلة هنا القدس، 6 كانون الأول 1942، لقراءة كامل العدد.