“إذا المحبّة أومت إليكم فاتبعوها”: وصايا الحبّ في كتاب “النبيّ” لجبران

نقدّم لكم في هذا المقال سبرًا لعمق الحبّ في كتاب "النبيّ" لجبران خليل جبران (1883-1931)، الذي يُعتبر أشهر كتبه، ورائعته الأدبيّة العالميّة التي تُرجمت إلى عشرات اللغات.

جبران خليل جبران

جبران خليل جبران

نشر جبران خليل جبران كتابه “النبيّ” باللغة الإنكليزيّة عام 1923، وقد حقّق له شهرةً عالميّة، وتُرجِم إلى أكثر من 50 لغة، من بينها العربيّة التي ترُجِم إليها عدّة ترجمات. وضع في هذا الكتاب خلاصة حياته وتجربته، وقد اعتبر أنّ روحه كتبته منذ الأزل، وقال عنه أيضًا: “شغل هذا الكتاب الصغير كلّ حياتي. كنتُ أريد أن أتأكّد بشكلٍ مطلق من أن كلّ كلمة كانت حقًا أفضل ما أستطيع تقديمه“.

كتب جبران كتابه بلغةٍ شعريّةٍ عذبة، وبأسلوبٍ أدبيّ قابلٍ للتأويلات العميقة يذكّر بالكتب الدينيّة كالإنجيل والأسفار المقدّسة. ونشعر أثناء القراءة بانفتاح أفق الكتاب على مناطق ثقافيّة وإنسانيّة واسعة، كالصوفيّة ووحدة الوجود ومعاني الحبّ العابرة للحضارات، وكالرومانسيّة ممثّلةً بتقديسها للطبيعة، وبمفهومها عن الشاعر النبيّ الخلّاق.

الإعلان 25.10.1926

جريدة الإعلان، 25 تشرين الأوّل 1926*


يبدأ الكتاب من نقطة النهاية، من اللحظة التي تصل فيها سفينةٌ إلى المدينة الخياليّة أورفاليس، لتعيد النبيّ -المسمّى في الكتاب “المصطفى”، والموصوف بأنّه “المختار الحبيب”- إلى وطنه، بعد أن قضى في هذه المدينة 12 عامًا. وعندما يعلم السكّان بالأمر، يهرعون إليه، طالبين منه ألّا يغادرهم، لأنّ “المحبّة لا تعرف عمقها إلّا ساعة الفراق“. لكنّه لا يستطيع البقاء أكثر، لأنّ البقاء يعني لديه الجمود، وعليه أن يمضي إلى الآفاق الواسعة كالموج الذي لا يهدأ. حينها، يطلب منه السكّان أن يحدّثهم حديثًا أخيرًا نابعًا من حبّه لهم عن الحقيقة التي يعرفها، المحفور حبّها وشوقها في نفوسهم.

 قد تكون مدينة أورفاليس رمزًا للدنيا، وأهلها رمزًا للبشر، والسفينة رمزًا للموت، الذي يحمل الميّت إلى وطنه، إلى الأمّ الأزليّة كما يصفها، وإلى البحر اللامتناهي الذي يرمز بالأدب الصوفيّ إلى الله. وقد يكون النبيّ هنا رمزًا للصوفيّ، أو الشاعر كما وصفته المدرسة الرومانسيّة، وربّما أيضًا حين نتأمّل حبّه لأهل المدينة وتأجيله للرحيل كثيرًا وأمنيته أن يصحبهم معه، يُذكّرنا ذلك بالبوديساتفا في البوذيّة، وهو شخصٌ يؤجّل استنارته الكاملة كي يساعد الآخرين، نتيجة عطفه وحبّه لهم، في أن يصلوا الحقيقة وينالوا الاستنارة.

وكما يلخّص كتاب النبيّ حياة جبران وتجربته، فإنّ الحبّ يلخّص هذا الكتاب. فهو أوّل ما يتحدّث النبيّ عنه في حديثه الأخير لأهل مدينته، بعد أن تسأله عنه “ألمِطرا”، أبرز شخصيّةٍ بعده في الكتاب، وقد كانت هذه المرأة الكاهنة أوّل من عطف عليه وآمن به يوم وصوله إلى المدينة. والحبّ أيضًا موجودٌ إمّا بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرةٍ في كلّ أجوبة النبيّ على أسئلة سكّان المدينة عبر فصول الكتاب.

الاتحاد 21.11.1994

الاتحاد، 21 تشرين الثاني 1994*

يأمرنا نبيّ جبران منذ البداية أن نتبع الحبّ دائمًا، حتّى لو كان نداؤه إلينا، لا بصوتٍ جهورٍ مباشر، بل بمجرّد الإشارة. لكنّه يحذّرنا في الوقت ذاته بأنّ الحبّ ليس سهلًا، لأنّ طرقه صعبةٌ ووعرة وكثيرة المزالق. فالحبّ لدى نبيّ جبران هو الشيء ونقيضه معًا، هو نعومة ريش الأجنحة، وهو أيضًا السيف الجارح المختبئ بين هذا الريش. وكأنّ جبران حين يقول على لسان نبيّه بأنّ الحبّ يكلّل الإنسان بالمجد، لكنّه أيضًا يصلبه، أراد أن يُشير إلى هذه الآية من إنجيل يوحنا عن صلب المسيح: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ“، لكنّ الفرق لدى جبران أنّ هذا الحبّ الذي يؤمّن الحياة الأبديّة رغم جراحه القريبة من آلام الموت على الصليب، هو حبٌّ ليس مقتصرًا على الآلهة، بل يستطيعه جميع الناس، نظرًا لإيمان جبران، كما يظهر في كتابه، بقوّة قلب الإنسان، وبوحدة الوجود، وبوجود نفسٍ عليا داخل كلٍّ منّا، وقطرةٍ لامتناهية من البحر الإلهيّ الأبديّ.

وحين يكمل النبيّ وصفه للحبّ، يشبّهه بعمليّة الخَبز، فهو يضمّنا إليه كحزمة قمح، ويدرسنا على البيادر ليعرّينا من غرورنا، وهو يغربلنا ليخلّصنا من القشور التي نحبس أنفسنا داخلها، ثمّ يطحننا ليجعلنا أنقياء كالثلج، ثمّ يعجننا بالدموع كي نلين، ثمّ أخيرًا يسلّمنا إلى ناره المقدّسة فنصير خبزًا من حبٍّ يليق بأن يقدّم على مائدة الربّ. وفي هذه الأوصاف جميعها ندرك أنّ الحبّ لا يصنع منّا نسخًا أفضل من أنفسنا، إلّا بالألم (الطحن) أو بالحزن (الدموع)، وبأنّ على نار شوقه أن تحرقنا كي نكون جزءًا من مائدة الله اللانهائيّة. ونلمح مرّةً أخرى إشاراتٍ إنجيليّة تذكّرنا بالعلاقة بين الخبز وجسد المسيح، وبقول المسيح بأنّ من يأكل خبزه يحيا إلى الأبد.

ثمّ يحذّرنا نبيّ جبران بأنّنا إن كنّا لا نمتلك الشجاعة على تحمّل مشاقّ الحبّ، ولا نبحث فيه إلّا على الطمأنينة واللذة، فالأولى أن نغادر بيدر الحبّ إلى “عالمٍ لا تتعاقب فيه الفصول، حيث تضحكون، لكن ليس كلّ ضحكم، وتبكون، لكن ليس كلّ دموعكم“. وربّما قصد جبران بذلك أنّ الحياة بلا حبٍّ، وبلا ألم الحبّ ولذّته، ستشبه في رتابتها عالمًا بفصلٍ واحد لا يتجدّد، وسيعيشها الإنسان على السطح فقط، بفرحٍ لا يغوص إلى الأعماق، وبحزنٍ لا يأخذه إلى نبع الدموع داخله، فبالحبّ وحده يعيش أقصى طاقاتها وعواطفها.

وقبل أن ينهي النبيّ عظته عن الحبّ، وقبل أن ينهي جبران كتابة فصله الأوّل عن الحبّ الذي يلخّص الكتاب كأنّ باقي الفصول تذوب فيه، يؤكّد لنا أنّ الحبّ ليس تملّكًا، وليس سلبًا لحريّة الآخر، فالحبّ لا يملك إلّا ذاته، ولا يعطي إلّا ذاته، وهو مكتفٍ بها، وهو يقودك إن وجدك خليقًا له، ولا تقوده، فكأنّه يقصد أنّ علينا تسليم أنفسنا إليه، كما يسلّم الصوفيّ أمره لله يفعل به ما يشاء، لأنّ الحبّ، كما يقول نبيّ جبران، هو الذي يُذيبُ الإنسان في قلب الله الذي يسع كلّ شيء.

تستطيعون أن تستمعوا إلى مقتطفاتٍ عن الحبّ من كتاب النبيّ بغناء فيروز هنا:
https://www.youtube.com/watch?v=0WKMnEflR50


* للمزيد حول “جبران خليل جبران” في موقع “جرايد” أرشيف الصحف الفلسطينية التاريخية

كتاب “درجات القراءة” لخليل بيدس: رحلة استكشافيّة في القصص المختارة

خليل بيدس (1875-1949) هو كاتبٌ وأديبٌ ومترجمٌ عن الروسيّة، لكنّه كان كذلك ناشطًا سياسيًّا، فهل تقاطعت أعماله الأدبيّة مع عمله السياسيّ؟

خليل بيدس، ويكيبيديا

صورة رائجة لخليل بيدس، المصدر: ويكيبيديا

أثناء تصفّحنا لكتاب “درجات القراءة” الصادر عام 1934 والخاصّ بالصفّ الخامس الابتدائيّ لخليل بيدس، نفاجأ بكميّة القصص التي توحي برسائل سياسيّة تتعلّق بالعلاقة مع السلطة الحاكمة، لكنّ دهشتنا تقلّ حين نتذكّر أنّ خليل بيدس، وهو أحد أوائل الذين كتبوا الرواية والقصّة القصيرة في فلسطين، كان عضوًّا في “المجلس المختلط” الذي أنشأته الحكومة العثمانيّة، الموكّل بإدارة شؤون الطائفة العربيّة الأرثوذكسيّة، وأنّه شارك في الثورة العربيّة الكبرى عام 1916، وفي النشاطات السياسيّة ضد حكومة الانتداب البريطانيّ عام 1920.

كتب خليل بيدس مقالاتٍ سياسيّةً طالب فيها السلطات العثمانيّة باتّباع العدل والإنصاف في تعاملها مع العرب. كذلك، دعا العرب إلى الامتناع عن تنفيذ أوامر الحكومة البريطانيّة، وألقى خطبًا رنّانةً في المظاهرات المحتجّة على سياساتها، فحُكِم عليه بالإعدام في العهد العثمانيّ، ونجّاه من المشنقة هروبه إلى البطريركيّة الأرثوذكسيّة في القدس، وحكم عليه البريطانيّون بالسجن 15 عامًا، ليبصر سوء المعاملة والتمييز التي عاناها السجناء العرب، حتّى خرج حين عفا المندوب الساميّ، هربرت صمويل، عن السجناء السياسيّين من العرب واليهود.

أدرك خليل بيدس، إذن، أهمّيّة الكلمة جيّدًا في النضال، وخطرها على قائلها في الوقت ذاته، إذ قد تجعله يتدلّى من حبل المشنقة، ألم يقل في كتابه درجات القراءة “من استخفّ بالسلطان ذهبت دنياه”؟ كأنّ الناطق في وجه السلطة يُذكّر بما يرويه الكتابُ عن السلحفاة المحمولة هواءً بين بطّتين تُمسكان طرفَيٍ عودٍ تُغلِق عليه فمها، ما إن تفتحه لتتكلّم حتّى تقع على الأرض ميتةً.

من قصّة "البطّتان والسلحفاة"، كتاب درجات القراءة صفحة 116.
من قصّة “البطّتان والسلحفاة”، كتاب درجات القراءة صفحة 116.

فربّما، ولو بطريقةٍ لاواعيةٍ، أدرك خليل بيدس أنّ عليه أن يلجأ إلى الحيلة، كي يقول ما يريد، حيث يعجّ كتابه باستعمالها في قصصه، مثل القبّرة التي هربت بالخداع من يد الرجل الذي يرغب في أكلها، وأخذت تسخر منه حرّةً على الجبل، فدسّ بيدس رسائلَ سياسيّةً في حقائب طلاب الصف الخامس تنتظر من يفكّ شفرتها، إذ تتنكّر بزيّ الحكايات التراثيّة المختارة في الكتاب، كأنّ وصفه للغز، في صفحة 72، بأنّه ما يَشْتَبِهُ مَعْناهُ ويَلْتَبِسُ” ينطبق عليها.

من قصّة "رجل وقبّرة والسلحفاة"، كتاب درجات القراءة صفحة 31.
من قصّة “رجل وقبّرة والسلحفاة”، كتاب درجات القراءة صفحة 31.

وما يجعل القارئ يميل إلى هذا الاستنتاج كذلك، هو العديدُ من القصص المقتبسة من كتاب “كليلة ودمنة”. يقول عبد الله بن المقفّع عن ترجمته لكليلة ودمنة (أو كتابته؟): ” من قرأ هذا الكتاب ولم يفهم ما فيه ولم يعلم غرضه ظاهرًا أو باطنًا لم ينتفع بما بدا له من خطّه ونقشه” (كليلة ودمنة، صفحة 39). ألم يُرِد ابن المقفّع أن يبعث رسائلَ سياسيّةً عن العلاقة بين الحاكم والمحكوم، مختبئةً في حكايات أطفالٍ أبطالها حيواناتٌ ناطقة؟ ألم يكن غرضه أن يعظ -بالحيلة- الخليفة المنصور، من كان شديد البأس على من يعارضه ولو بالقول؟ يضطرّ الكاتب أن يدسّ لسانه في أفواه حيواناتٍ لتتحدّث عوضًا عنه، حين لا “يمتلك لسانه” كالسلحفاة السابقة الذكر، حين لا يمتلك حرّيّة استخدامه كما يشاء.

من قصّةٍ عن احتيال أزهر على الخليفة المنصور، كتاب درجات القراءة صفحة 28.
من قصّةٍ عن احتيال أزهر على الخليفة المنصور، كتاب درجات القراءة صفحة 28.

نقدّم لكم هنا رحلةً في كتاب درجات القراءة، لنحاول اكتشاف بعض الرسائل المخفيّة فيه، لأنّ أي كتابٍ، ولو كان مخصّصًا -كما يوضّح صاحبه- لتعليم القراءة العربيّة لطلّاب الصفّ الخامس، يحتمل دائمًا قراءاتٍ جديدةً تنقّب في نصوصه.

قد تنجي الحيلة من الموت، أحيانًا!

كثيرًا ما يكتفي الحاكم بالنظر إلى ظاهر الأمور فقط، ففي قصّة “الأعرابيّ والشاعر”، وقصّة “حسن البديهة” لا يصدّق الحاكم أنّ أعرابيًّا (في الأولى) وأن شاعرًا رثّ الهيئة (في الثانية) يكتب شعرًا حسنًا، تمامًا كما الأسد الناظر إلى صورته في المرآة ظانًّا أنّها أسدٌ آخر في قصّة “الأرنب والأسد”، بعد أن أوهمه الأرنب بذلك ليهرب من أنيابه. لذلك، قد تُنجي الحيلةُ من الموت، حين تُدرَكُ قواعد “اللعبة” التي لا يستطيع الحاكم ألّا يطبّقها خشيةً على صورته، كقصّة الخليفة عمر بن الخطّاب مع الهُرْمُزان، حين أدرك الأخير أنّ الحاكم لا ينبغي له التراجع عن كلامه، فاستغلّ ذلك متحايلًا لينجو. كذلك، يسلَمُ أحدُ الخوارج من قطع رأسه أمام المأمون، في قصّة “نصير بن منيع والمأمون”، حين ينشد أبياتًا عذبةً، مستغلًّا رغبة الخلفاء أن يظهروا أمام قومهم بصورة المتذوّق للشعر. وتنقذ الطرافةُ رجلًا في قصّة “عفو زيادٍ”، لأنّ الحكّام كثيرًا ما يصيبهم الملل، كالذي هاجم هارون الرشيد في قصّته مع جعفر البرمكي في الكتاب، فتنجح الطرفة في تسليته، عندما يفشل البستان والأنهار والأطيار.

 قصّة "عمر والهرمزان" ، كتاب درجات القراءة صفحة 109.
قصّة “عمر والهرمزان” ، كتاب درجات القراءة صفحة 109.

أيّها الحاكم، كنُ مثل حاتم!

يخصّص خليل بيدس عددًا كبيرًا من القصص كي يتحدّث عن عدل الحاكم، مثل عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، لكنّ النصيب الأكبر من هذه القصص خصّصها لحاتم الطائيّ، الذي كان أمير قومه واشتهر بكرمه الشديد، فذبح حصانه (رمز القوة العسكريّة وقتها) في قصّة “حاتم يجود بفرسه” ليطعم الناس، حين جاء قومٌ إليه يقصدون النعمان ملك الحيرة، ففي الطريق بين الناس والنعمان (رمز البذخ) يجب أن يكون الكرم (ممثّلًا بحاتم) موجودًا، لأنّ مُلْكَ الظلم زائل، كما في قصّة “بنت النعمان” التي كانت تنشر عليها ألف نسيجٍ من الحرير، فزال جمالها وجلالها حين قابلها سعد بن أبي وقّاص بعد الفتح، فأنشدتْ شعرًا عن غياب عدل أهلها، ملوك الحيرة، عن الناس، وذكرتْ كيف أذهَبَ الدهرُ نعيمهم.

من قصّة "بنت النعمان" ، كتاب درجات القراءة صفحة 135.
من قصّة “بنت النعمان” ، كتاب درجات القراءة صفحة 135.

طالبوا بحقوقكم بشجاعة الأطفال!

في قصّة “هشام والغلام” ينحبس المطر عن البادية، فيتوجّه زعماء القبائل ليقابلوا الخليفة، لكنّهم يخافون الحديث عن مطالبهم، فيطالب طفلٌ بحقوق الناس مستغلًّا مهاراته بالحديث، فينال ما يشاء. وفي قصّة “عبد الله بن الزبير في صغره” يرفض عبد الله أن يترك حقّه في التواجد بالطريق وتسليمه بالكامل لمرور الحاكم. لكن، ربّما علينا أن نحذر عند المطالبة، حين نتذكّر كيف أنّ الحجّاج قتل عبدَ الله عندما ثار على الدولة الأمويّة. (تصف قصّة “الحجّاج وشيخٌ من الأعراب” الحجّاجَ بالغشوم الظلوم، وبأنّ الخليفة عبد الملك الذي عيّنه أغشم وأظلم).

قصّة "عبد الله بن الزبير في صغره" ، كتاب درجات القراءة صفحة 59.
قصّة “عبد الله بن الزبير في صغره” ، كتاب درجات القراءة صفحة 59.

 

أرض الله واسعةٌ ولو امتلأت بالأفاعي!

تصف قصّة “الأسد وأصحابه والجمل” كيف غدر ملك الحيوانات بجملٍ بعد أن أعطاه الأمان والغنى. وفي قصّة “الحاج والعجوز” تعلّم امرأةٌ تعيش في خيمةٍ حاجًّا تائهًا اصطياد الأفاعي ليأكل، وكيفيّة حصوله على الماء المالح. وحين تسأله عن بلاده ويخبرها أنّ فيها النعم الكثيرة والأطعمة الطيّبة والمياه العذبة، تسأله إن كانت بلاده تحت يد سلطانٍ جائر، قد يخرجهم إذا شاء من بيوتهم، وحين يردّ أنّ الأمر قد يكون كذلك، تقول له ألا تصبح النعمة مع الظلم سمًّا، وتصبح الأفاعي إذا توفّر العدل ترياقًا؟ هنا نتذكّر كيف رفض خليل بيدس العمل في وظائف عرضتها عليه سلطات الانتداب.

من قصّة "الحاج والعجوز"،  كتاب درجات القراءة صفحة 35.
من قصّة “الحاج والعجوز”،  كتاب درجات القراءة صفحة 35.

في النهاية، ربّما لا يكون خليل بيدس قصد ذلك كلّه، لكنّ هدف أيّ قراءةٍ أن تجعل القارئ شريكًا للكاتب في كتابته، وأن تحرّر القارئ من سلطة الكاتب في احتكار التفسير الواحد، ومن البخل في التأويل، ألم يقل أبو نواس مسرورًا عندما سمع ناقدًا يفسّر شعره: “أعلمني عن شعري ما لم أعلمه”؟

أبو نواس يهجو بخيلًا، كتاب درجات القراءة صفحة 57.
أبو نواس يهجو بخيلًا، كتاب درجات القراءة صفحة 57.

نازك الملائِكة: رَمز الشّعر الحر والتغيير

لم تكن قِصة نازِك الملائِكة تقتصِر على الأَبيات والقوافي فحسب؛ لقد كانت قصة مرونة، وشهادة على الروح الدائمة لامرأة مصممة على نحت إرثها.

نازك الملائكة

صورة شائعة لنازك الملائكة

بِمُناسَبَةِ الاحتفاءِ بِيومِ اللّغة العربية، يتعيّن علينا التّأَمّل في الشّخصياتِ البارِزَة التّي ساهمت بشكلٍ كبير في إثراء وتطوير هذه اللغة العريقة. تبرز قصة الأديبة نازك الملائكة كشاهد على عُمقِ اللّغة العربية من خلال استحداثها نمطاً مميزاً من الشعر احتضنته اللغة مما يدلُّ على تنوعها وتقبلها للتجديد.
بدأت قِصَّة نازك صادق الملائكة في مَدينة بغداد، حيث وُلِدت في وِسطِ عائلةٍ غنيةٍ بالشّعراء، في بيئةٍ تَنبُضُ بالحيوية الثقافية. مُحاطةً بأجواءٍ أَدبية وبتوجيه من والدتها سلمى الملائكة، الشاعرة المحترمة، ووالدها الكاتب، شَحذت نازك مهاراتها في وقت مبكر. فلم تكن بداية كتابة أولى أشعارها في العاشرة من عمرها أمرًا مفاجئًا. كما شَجّعَ هذا الجو المثقف والمليء بالإلهام نازك للانطلاق نحو عالم الفنون الجميلة حيث درست الموسيقى.
إنَّ شَغَف نازك بالعود، والذي عَزَّزَهُ مُدرّس موسيقى مُوَّقَر، دَفعها في كثير من الأحيان إلى قضاء ساعات في ضَربِ أوتاره بمفردها في حديقة منزلها.

صحيفة الإتحاد،14 تموز 2002
صحيفة الإتحاد: 14 تموز 2002

كانت بداية خروجها عن المألوف عند نشرها ديوانها الأول بعنوان “عشاق الليل” الذي كان انعكاسًا لتأملاتها وارتباطها الحميم بالطبيعة، وواجه في البداية آراءً مُتباينة. وَتَرَدَّدَ النُّقاد حول انحِرافِها عن الإيقاع الراسخ، وعلقوا على ما اعتبروه افتقارًا إلى الرنين العاطفي المعاصر.
لكنَّ شَغَفَها بالأَدَب ولإثبات نفسِها جَعَلَها تَسعى لِأُفُقٍ أَبعد، فسافرت إلى الولايات المتحدة وحَصَلت على درجة الماجستير في الأدب المقارن. هذه الخطوة العلّمية كانت البداية في تطوير أسلوبِها الأَدَبي الفريد واكتساب فهمٍ عَميق للأدب العالمي.

وفي نَفس العام، تَجَلَّت بَراعَتها الإبداعية في مقالٍ بعنوان “الكوليرا”، مستوحى من التقارير الإذاعية عن تصاعد الوفيات بسبب المرض في مصر. وبحماسة، أسرعت إلى أختها إحسان، لاهثة الأنفاس من الترقب. فأَعلَنَت وهي حَريصة على مشاركة انتصارها: “لقد نسجت نوعًا مختلفًا من الشعر”. لكن لم يشاركها الجميع حماسها.
كانت أختها من أشد المؤيدين لها، لكن والدتها أظهرت القليل من الحماس، وانتقدت غياب الموسيقى الشعرية. وبالمثل، سَخِرَ والدُها من جُهودها، وتوقع لها الفشل. ومع ذلك، وبإصرار لا يتزعزع، أعلنت نازك بثقة: “قُل ما شئت، فأنا على يقين أن شعري سيغير خريطة الشعر العربي”.

وكان لنازك ما شاءَت؛ إذ على الرغم من الرفض الأوليّ من العالم الأدبي المحاط بها والمرتبط بشدة بالأساليب التقليدية للكتابة، إلا أنَّ شِعرها الحُر الرّائد أَصبح في النهاية يَحتفل به ويَحظى بالقُبول على نطاقٍ واسع. اجتازت نازك عالمًا أدبيًا متجذرًا بعمق في التقاليد، حيثُ كانَ التجّريب والتغيير ضيفاً غيرَ مُرَحَبٍ بِه.
لم يَكن كَسرُ هذِهِ السَّلاسِل بالأمر السهل. فَقد قُوبلت ولادة الشعر الحر بدهشة كبيرة، وخيبات أمل متوقعة، وعالم متردد في قبول التغييرات. اشتعلت المناقشات حول ما إذا كانت “الكوليرا” رائدة الشعر الحر. وتهامس البعض بوجود منافسة بين نازك وشاعرٍ آخر هو بدر شاكر السياب الذي أصدر قصيدة بعنوان «هل كان حباً؟» قبل “الكوليرا”. ولا يزال الجدل حول من هو المبتكر الحقيقي لهذا الأسلوب الشعري الجديد مستمراً حتى يومنا هذا.
وعلى الرغم من كفاحها وإحجام العالم عن الاعتراف بإبداعاتها، ظلت نازك صامدة. كانَ سَعيها لغزوِ عالمٍ يَحكُمُهُ الرّجال في الغالب مدفوعًا بالتحديات التي تواجهها النساء في المجتمع العربي – التوق إلى التعبير عن المشاعر التي تخنقها الأعراف المجتمعية.

صحيفة الإتحاد،30 نيسان 1992
صحيفة الإتحاد: 30 نيسان 1992

 

ومع ذلك، لَعِبَ القَدَر لُعبَة غريبة، حيث قادت الملائكة، بعد سنوات، ثورة ضد الشعر الحر، ودعت إلى العودة إلى الأشكال الكلاسيكية. تسبب هذا التحول في رأيها في حدوث انقسامات بينَ أقرانِها والأوساط الأدبية، مما جعلها معزولة إلى حد ما.
رغم هذا المد والجزر في حَياتِها وَمَواقفها الأَدبية، كانَت رِحلةُ نازك تَحمِل قُوَّةً فريدة من نوعها. أصبحت شهرتها في عصر النهضة الشعرية منارة للنساء – حكاية مفكر مستقل، وعالمة موقرة، وكاتبة رسمت روحها بالبلاغة. كان تصميمها على التفوق في مجال يهيمن عليه الرجال تقليديًا، وخاصة في المجال الأدبي، أمرًا بالغ الأهمية في عصرها.

المتشائل: كيف وظّف إميل حبيبي الموروث العربيّ لخلق طرق تعبيرٍ جديدة؟

تعتبر رواية المتشائل من أفضل الروايات الفلسطينيّة والعربيّة، ونقدّم لكم هنا نظرةً موجزة لاستخدام موروث الثقافة العربية.

إميل حبيبي، كعضو كنيست شاب، 1951 (تصوير تيدي)

إميل حبيبي، كعضو كنيست شاب، 1951 (تصوير تيدي)

لا تشبه رواية إميل حبيبي غيرها من الروايات الفلسطينيّة، فكاتبها من الفلسطينيّين الذين ظلّوا في البلاد بعد حرب العام 1948، فكان أقدر من غيره على رسم صورةٍ مغروسةٍ في طين الواقع بكلّ تناقضاته، بعيدًا عن أخرى تقترب من المثاليّة رسمها آخرون رحلوا ثمّ أطلّوا على فردوسهم المفقود من غيوم المنفى. لذلك، فإنّ بطل الرواية سعيد أبو النحس المتشائل، الحامل تناقضه منذ البداية في اسمه، هو بطلٌ غير تقليديّ، ساخرٌ من البطولة، وربّما “أسوأ خلق الله” كما يصفه إميل حبيبي في حواره مع محمود شريح، لكنّه أيضًا كما يكمل في الجملة ذاتها “مثالٌ للصمود واستيعاب الظلم، ولاستمرار الحياة في أسوأ الأوضاع”.

إميل حبيبي، كعضو كنيست شاب، 1951 (تصوير تيدي)
إميل حبيبي، كعضو كنيست شاب، 1951 (تصوير تيدي)

 

لكنّ زاوية النظر المختلفة إلى الواقع لا تكفي وحدها لخلق عملٍ أدبيٍّ فريدٍ كالمتشائل، إذ إنّ صاحبه استفاد كذلك في كتابته من خبرةٍ سياسيّةٍ راكمها نتيجة نشاطه الحزبيّ، ومن هضمه للثقافة العالميّة، فاستلهم على سبيل المثال شخصيّة المتشائل من شخصيّة كانديد في رواية فولتير، فأضاف لكانديد المتفائلِ تشاؤمًا، فنحتَ اسمًا وأفعالًا لبطله هي المزيج من التفاؤل والتشاؤم، فصار متشائلًا. كما هضم أساليب اللغة العربيّة جيّدًا حتّى قال عن نفسه في “الحوار الأخير” في مجلة مشارف بأنّه “يعبد اللغة العربيّة”، وأعاد توظيف الموروث التاريخيّ والثقافيّ العربيّ بمهارةٍ ليخدم أغراضًا جديدةً تلائم حاضره، فنلمح أساليب ألف ليلة وليلة بالقصّ، وسخرية المقامة الأدبيّة، والاستعانة بالحكايات التراثيّة كما حين يستعير صفات جحا، وأبياتًا شعريّةً يعيد مكانُها في النصّ تأويلها، وأمثالًا شعبيّةً محرّفةً عن قصد…

إميل حبيبي: أديب فلسطيني وسياسي في الكنيست

وفي هذا المقال، سنقدّم لكم بعض الأمثلة على الطريقة المبتكرة التي أبدعها إميل حبيبي لاستخدام أساليب اللغة العربيّة والموروث الثقافيّ، حتّى غدا استخدامه وسيلةً لتكثيف المعنى، تروي الكثير بكلماتٍ قليلة.

أيدي عرب ولمّا

“وبعد النحس الأول، في سنة 1948 تبعثر أولاد عائلتنا أيدي عرب، واستوطنوا جميع بلاد العرب التي لما يجرِ احتلالها.” (صفحة 16، المتشائل، طبعة دار الشروق 2006)

نشاهد هنا كيفيّة الاستفادة من مثلٍ عربيٍّ وقصّةٍ تاريخيّةٍ. فالمثل المعاد كتابته هو “تفرّقوا أيدي سبأ”، واليد في اللغة العربيّة تعني أيضًا الطريق، فبعد أن انهار سد مدينة مأرب في اليمن قبل الإسلام، غمر سيل العرم أراضيهم التي كانت أشبه بالجنّات، فتحوّل مصدر الحياة لديهم سيلَ موتٍ، فتبعثر قوم سبأ الذين سكنوا المدينة في طرقٍ مختلفة، وقطع بعضهم الصحراء العربيّة بحثًا عن ملجأ. لكنّ إميل حبيبي يغيّر بالمثل، فيضع طرق العرب بدل طرق سبأ، ربّما ليدلّ على التشتّت في حال العرب جميعهم وقت النكبة، حتى غدا حالهم مضربًا جديدًا للمثل، فيقول إذن إنّ العائلة تفرّقت في لجوئها كُلّ منهم إلى مكان كتفرّق طرق العرب.

كذلك، نلحظ استعمال حرف الجزم “لمّا” بدل “لم”، وسبب ذلك أن “لمّا” تنفي الماضي حتّى وقت الحديث، لكن مع توقّع حدوث ما تنفيه في المستقبل القريب، فمعنى الجملة أنّه لم يجرِ احتلالها حتّى الآن، لكن يتوّقع حدوث ذلك مستقبلًا. هكذا نلمح في هذين المثالين كيف يُقال الكثير بكلماتٍ قليلةٍ، فتتعدّد المعاني وتتشعّب كأيادي العرب.

إميل حبيبي برفقة كتّاب عرب بمعرض القاهرة، صحيفة الإتحاد، 4 أيّار 2001
إميل حبيبي برفقة كتّاب عرب بمعرض القاهرة، صحيفة الإتحاد، 4 أيّار 2001


بعدي خراب بُصرى!

“ويُقال إن أول من أطلقها علينا هو تيمورلنك نفسه بعد مذبحة بغداد الثانية. وذلك لمّا وشَوا بجدّي الأكبر، أبجر بن أبجر، وأنه، وهو على متن فرسه خارج أسوار المدينة، التفتَ فشاهد ألسِنَة اللهب، فهتف: بعدي خراب بُصرى!” (صفحة 19)

المثل بالأصل هو “بَعْدَ خرابِ البَصرة”، فحين وقعت ثورة الزنج في مدينة البَصرة، أنجدهم الخليفة العبّاسيّ بجيش إنقاذٍ قضى على التمرّد بعد فوات الأوان وتدمير المدينة. لكن نلاحظ أن المكان المذكور هو “بُصرى”، لا البَصرة، فما سبب ذلك؟

حملت عدّة أماكن اسم “بُصرى” إحداها قريةٌ في بغداد، فربّما جاء التعديل ليناسب وقوف قائله على أسوار بغداد، وليؤكّد بذلك أيضًا أنّ هول الخرائب في مدن العرب عبر التاريخ لم يقتصر على البصرة، فغدت مدنٌ أخرى مضربًا للمثل.

كذلك، هناك بُصرى أدوم المذكورة في التوراة: “لأَنِّي بِذَاتِي حَلَفْتُ، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّ بُصْرَى تَكُونُ دَهَشًا وَعَارًا وَخَرَابًا وَلَعْنَةً، وَكُلُّ مُدُنِهَا تَكُونُ خِرَبًا أَبَدِيَّةً” (سفر إرميا 49: 13). وأيضًا، فإنّ تيمورلنك، زعيم المغول مرتكب المذابح ومدمّر المدن، تشبه أوصافُه المحاربَ في سفر إشعياء، الإصحاح 63: ” مَنْ ذَا الآتِي مِنْ أَدُومَ، بِثِيَابٍ حُمْرٍ مِنْ بُصْرَى؟ هذَا الْبَهِيُّ بِمَلاَبِسِهِ، الْمُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ (…) وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ، فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي، وَوَطِئْتُهُمْ بِغَيْظِي، فصَبَغَ دَمُهُمْ ثِيَابِي، فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي”. فقد تكون هذه المدينة هي المقصودة، مدينة مدمّرة بنبوءة، ولو بطريقةٍ لاواعيةٍ من الكاتب، إذ قال في حواره مع مجلّة الكرمل عام 1981 إنّه قرأ التوراة، وأهمل الإنجيل، وبأنّه يحاول أن “يهرب من تأثيرها، لأنّ ترجمة اليازجي ليست عربيّة، وقد لعبت دورًا في تشويهنا”.

 

عباءة الليل العبّاسيّة

“استقبلتنا عكا، حين دخلناها، وقد التفت بعباءة الليل العباسيّة.” (صفحة 26)

للوهلة الأولى، تبدو استعارة عباءة الليل ملغزةً بسبب وصفها بالعبّاسيّة، فما الذي قد تعنيه هذه الإضافة؟

ربّما كان المقصود هو علم الخلافة العبّاسيّة، فأثناء ثورة العبّاسيّين على الخلافة الأمويّة، اتّخذوا رايةً من السواد التامّ، بلا شعاراتٍ أو رموزٍ تضيف أيّ لونٍ أو بياضٍ إليها، وهي مقتبسة من راية العبّاس، الذي انتسبوا إليه، وهو عمّ النبيّ عقدها له يوم فتح مكّة. فوَصْفُ لون ليل عكا بالسواد التامّ، أثناء النكبة، يلائم الموقف.

وقد يكون المقصود أيضًا أنّ ليل عكا وقتها كان يثير في النفس الذعر، فهو، كما يصف بعد عدّة صفحات، يعجّ بالأشباح، وبالموت، وبالصرخات المحبوسة، وبالأنفاس المخنوقة، وذلك ما كانت تثيره رايات العبّاسيّين في نفوس الأمويّين، حسب الروايات التاريخيّة، حيث طاردت جيوشُهم براياتها السوداء الأمويّين من مكانٍ إلى آخر ليبيدوهم.

 

محمود درويش عن إميل حبيبي، صحيفة الإتحاد، 4 أيّار 2001
محمود درويش عن إميل حبيبي، صحيفة الإتحاد، 4 أيّار 2001

هذه بعض الأمثلة السريعة عن مهارات إميل حبيبي في التعبير المكثّف مستخدمًا دلالاتٍ تراثيّة، وتعجّ روايته بالعديد منها، والتي ندعوكم إلى اكتشافها بأنفسكم، مثل: أبجر بن أبجر، قناديل جحا، شروى نقير، مسعود بن هاشم بن أبي طالب العباسيّ، ضيّعت اللبن، هذا جناه عليّ جدّي، الأثافي الثلاث، والمزيد…