14 من تموز سنة 1900 هو يوم ذكرى عيد الحرية في فرنسا و يوم الحربية في مصر لكن أيضًا هو ذكرى يوم ميلاد الفنان المسرحي يوسف وهبي في محافظة المنيا بالقرب من أحد روافد نهر النيل الذي يُسمى كنايًة ببحر يوسف ومن هنا جاءت تسمية الفنان بيوسف. [1]
لم يكن يوسف وهبي مجرد اسم ممثل مسرحي عربي مشهور بل كان أيضًا من أحد مساهمي الوحدة بين الشعوب العربية وذلك من خلال عرض أعماله فنية في المناطق والأماكن العربية ومن ضمنها فلسطين التي حظيت بجزء كبير من عرض أعماله خاصة خلال إدارته لفرقة رمسيس، كيف لا وقد كانت إحدى أكبر الفرق المسرحية في الشرق. ومن حسن الحظ أن بعض الملصقات التي وثقت عرض أعماله في مناطق فلسطين المختلفة لا تزال متوفرة التي من خلالها يمكن الاطلاع على عروض أعماله التي تنوعت وتعددت ما بين تمثيله الشخصي للمسرحيات ضمن فرق عديدة مثل فرقة فاطمة رشدي وفرقة رمسيس أو ما بين تجسيد أعماله من خلال فرق محلية على المسارح الفلسطينية المختلفة خاصة في حيفا ويافا مثل فرقة الكرمل بل وانتقلت أعماله إلى السينما الفلسطينية في فيلم جوهرة الذي كانت إحدى عروضه في مدينة عكا.
من أوائل الحفلات التي قام بها يوسف وهبي إلى فلسطين كما في العديد من الأقطار العربية كانت ضمن فرقة فاطمة رشدي التي كانت تضم حلة من الفنانات والفنانين أمثال فاطمة رشدي وعزيز عيد، وكما يُقال “أن الأفضل يبقى للنهاية”، فبعد الجولة في كلٍ من بيروت وبغداد ودمش وحلب اختتمت الفرقة أعمالها في فلسطين لا لشيء سوى لتوكيد نسيج العلاقة المتين الذي كان آن ذاك بين الأقطار العربية ومن ضمنهم فلسطين. فالهدف الأساسي في تلك الجولة التي كانت برعاية الحكومة المصرية كان من أجل نشر الثقافة والفن المصري بين الأقطار العربية وذلك من مبدأ “شاهد واشعر عن قرب”
من العروض التي قام بها يوسف وهبي ضمن فرقة رمسيس كانت على مسرح بستان الإنشراح في حيفا، فكانت حفلات العروض لثلاث أيام تم خلالها عرض ثلاث روايات وقد كان يوسف وهبي يدير الفرقة بنفسه، أما طاقم الفرقة فكان تضم فنانات وفنانين آخرين مثل الفنانة زينب صدقي، الآنسة أمينة رزق والفنان حسن أفندي البارودي وغيرهم.
كما يبدو أن عروض فرقة رمسيس لم تكفي جمهور حيفا آن ذاك مما شجع الفرقة على العودة إلى المدينة في ذات الشهر مرة أخرى ليوم واحد من أجل عرض روايتين اثنتين في ذات المسرح أي مسرح بستان الإنشراح وقد تم عرضها في يوم 29 أيار سنة 1929.
من الواجب ذكره أن العرض الثاني على مسرح الإنشراح كان أكثر خصوصية من ناحية طاقم الفرقة الرئيسي الذي اقتصر على الأستاذ يوسف وهبي وأربعة من أعضاء الفرقة فقط هم الممثلة أمينة رزق وزينب صدقي، دولت أبيض وجورج أبيض وقد جسدوا كل من رواية راسبوتين وانتقام المهراجا، أما بخصوص الجمهور فقد كانت المسرحية مفتوحة للجميع.
أخذ تمثيل وتجسيد مؤلفات يوسف وهبي ينتقل إلى فرق محلية فلسطينية ينتشر على خشبات المسارح الفلسطينية خاصة في حيفا ويافا، ومن أهم الروايات التي تم تجسيدها كانت رواية الصحراء التي قامت فرقة الكرمل التمثيلية بتأديتها في مسرح عين دور بحيفا ومن ضمن طاقم الممثلين كان صاحب الدور الرئيسي الفنان إسكندر أيوب.
انتقلت أعمال يوسف وهبي إلى الشاشة الذهبية من خلال عرض فيلم الجوهرة عام 1943 الذي كانت من تأليفه وإخراجه عدا عن كونه جسّد دور البطولة بشخصية سمير إلى جانب الممثلة نور الهدى التي أخذت دور رئيسي بشخصية فلفلة. تم عرض الفيلم في صالات سينما الأهلي في عكا.
لا يمكن تجاهل الأهمية الوظيفية لطبيعة الملصق كونها وسيلة يتم من خلالها توثيق مجريات الحياة اليومية حيث أنه (تبعًا لأنواعها) يقودنا إلى التفاصيل حول الحدث أو المكان، لذلك تكمن أهمية الملصقات التي تم استخدامها من قبل المسارح الفلسطينية في توثيق أعمال يوسف وهبي خلال عرض أعماله في فلسطين خلال القرن الماضي، وبالإطلاع عليها تكمن محاولة تصور الظروف والسياقات التي كانتوكيفية تشكلها تبعًا لهوى الجماهير المحبة للفن الجميل.
[1] محمد رفعت، مذكرات عميد المسرح العربي يوسف وهبي كما رواها بنفسه، (مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر: بيروت، 1991)، صفحة 12.