جحا: من الفلكلور إلى خشبة المسرح في عكا

د شخصية جحا الأسطورية في الفلكلور العربي، رمزًا محلياً وعالميًا في آنٍ واحد. يتميز جحا بروحه الفكاهية الذكية وحكمته الطريفة، وقدرته على تحويل المواقف اليومية العادية إلى قصص مليئة بالعبر. ورغم أن قصصه المتداولة اليوم نشأت في العالم العربي، إلا أن شخصية جحا وجدت لها صدى في ثقافات أخرى، مثل نصر الدين هوجا في تركيا أو حكايات إيسوب في الغرب.

832 629

تُعد شخصية جحا الأسطورية في الفلكلور العربي، رمزًا محلياً وعالميًا في آنٍ واحد. يتميز جحا بروحه الفكاهية الذكية وحكمته الطريفة، وقدرته على تحويل المواقف اليومية العادية إلى قصص مليئة بالعبر. ورغم أن قصصه المتداولة اليوم نشأت في العالم العربي، إلا أن شخصية جحا وجدت لها صدى في ثقافات أخرى، مثل نصر الدين هوجا في تركيا أو حكايات إيسوب في الغرب.

ما يجعل جحا شخصية فريدة هو ازدواجيته؛ فهو أحيانًا يظهر كمغفل ساذج يقع ضحية الحيل، وأحيانًا أخرى يكون المحتال الذكي الذي يُضحك الجميع على حساب الأذكياء المزعومين. هذه الازدواجية تجعل قصصه مليئة بالعبر، وتُسلط الضوء على السلوك الإنساني، والتحديات الاجتماعية، وتناقضات الحياة. تحمل حكايات جحا الكثير من الفكاهة، لكنها ليست سطحية؛ فهي غالبًا ما تحتوي على نقد اجتماعي ورسائل فلسفية حول الطبيعة البشرية وصراعاتها اليومية.

بفضل مرونته كشخصية، استمرت حكايات جحا في الانتشار عبر الأجيال، سواء عبر التقاليد الشفوية أو الكتب وحتى في الفنون المرئية. ومع الوقت، تجاوزت قصصه كونها مجرد حكايات تراثية لتصبح جزءًا من الهوية الثقافية التي تلهم المبدعين لإعادة تقديمها بطرق جديدة، أبرزها المسرح.

جحا على المسرح: مسرح الإخوة في عكا

في مدينة عكا المعروفة بغناها حياتها الثقافية، وجدت شخصية جحا طريقها إلى خشبة المسرح، حيث قدّم “مسرح الإخوة” حكايات جحا بطريقة جديدة وملهمة. في التسعينيات، أخرج موني يوسف عرضًا بعنوان “قصص جحا”، وقام ببطولته رابعة مرقس وآخرون، ليقدّموا رؤية مسرحية مفعمة بالحياة لشخصية جحا وحكاياته.

لم يكن العرض مجرد احتفاء بحكايات جحا، بل كان استكشافًا معاصرًا لمدى ارتباط هذه الشخصية بالواقع الحديث. استطاع العرض أن ينقل جحا من صفحات الحكايات القديمة إلى خشبة المسرح، حيث أصبح شخصية حيّة تتفاعل مع الجمهور بروح الفكاهة والعمق الفلسفي نفسه الذي ميز قصصه على مرّ العصور.

جحا على مسرح الإخوة في عكا
جحا على مسرح الإخوة في عكا

واحدة من أبرز المحطات في هذا الإنتاج كانت شمولية العرض. لم يكن العرض مخصصًا فقط لجمهور المسرح التقليدي، بل تم تقديمه لفئات متنوعة، من بينهم السجناء العرب واليهود. هذه الخطوة أظهرت عالمية شخصية جحا وقدرتها على تجاوز الحواجز اللغوية والعرقية والاجتماعية. سواء كان الحضور طفلًا يضحك على مغامرات جحا الطريفة، أو بالغًا يتأمل في المعاني العميقة وراء تلك الحكايات، فإن العرض نجح في خلق تجربة ثقافية مشتركة .