في شهر حزيران من العام 2025، بينما تتّجه أنظار المسلمين حول العالم نحو مكّة المكرّمة، تفتح المكتبة الوطنية الإسرائيلية أبوابها على معرضٍ استثنائي بعنوان “رحلة إلى الحجّ”. في قلب صالة المدخل، وسط الهدوء الذي يليق بعظمة الرحلة، يُعرض تاريخٌ يمتد على قرون، تجسّده كتبٌ نادرة، مخطوطات، صور فوتوغرافية، وأصواتٌ توثق هذا الركن الخامس من أركان الإسلام، الذي لا يزال، حتى اليوم، يحرّك القلوب كما يحرّك الأقدام.
يتخطى تعريف الحجّ كونه فريضة اسلامية، ليشمل تجربة روحانية تتجاوز حدود زمان والمكان. منذ أن خطى النبي محمد -عليه السلام- خطاه الأخيرة نحو الكعبة عام 632م، والقلوب تلبّي النداء. ومنذ ذلك الحين، لم يكن الحجّ رحلة فردية فقط، بل أصبح موضوعًا للكتابة، والرسم، والتصوّف، والنقاش العلمي والديني. المعرض الحالي لا يوثّق هذه الرحلة كحدثٍ ديني فحسب، بل يقدّمها كحدثٍ حضاريٍّ شكّل ذاكرة المجتمعات الإسلامية، بما فيها تلك التي في هذه البلاد.
من أبرز محاور المعرض، مجموعة مصاحف مبكّرة توفّر لمحة نادرة عن تقنين القرآن الكريم، تمّ ترميمها بعناية في قسم الترميم بالمكتبة. كما تعرض المكتبة مجموعة نادرة من الصور التي وثّقت لحظات الاستعداد للحجّ، والاحتفالات بعودة الحجّاج، في مجتمع المسلمين في البلاد، خاصة مع غياب التوثيق الفعلي لمناسك الحجّ داخل مكّة نظرًا لمنع دخول غير المسلمين.كما يتجلّى الجانب الإنساني في المعرض في مشروع توثيق القصص الشفوية للحجّاج من مختلف أنحاء البلاد، والذين، رغم غياب العلاقات الرسميّة بين إسرائيل والمملكة العربيّة السعوديّة، يواصلون أداء الفريضة كل عام عبر الأردن.
في شهاداتهم، نجد الوجع والحنين، الانبهار والسكينة، والارتباك الهادئ الذي يرافق من يشهد قداسةً أكبر من قدرته على الوصف.المعرض لا يروي فقط تاريخًا دينيًّا، بل يلتقط شذرات من الحياة، من شوارع المدن التي ودّعت الحجاج، إلى التّهاني التي استقبلتهم عند العودة. وبين دلائل الخيرات لمحمد الجزولي، والحوارات الفكرية التي اجتمع فيها العالم الإسلامي في مكة كمركز فكري نابض، ينفتح أمام الزائر مشهدٌ غنيٌّ بالتفاصيل الصغيرة التي تشكّل الرواية الكبرى للروح والحجّ والذاكرة.
لشراء تذكرة (الجولة باللغة الإنكليزية)
