من كتب وعد بلفور؟

من خلال المقال يمكنكم تتبع التغييرات التي نجح القادة الصهاينة وغير الصهاينة في إدخالها على الوعد التاريخي؛ وعد بلفور والتي سبقت الاعلان الرسمي عنها

المكتبة الوطنية الإسرائيلية
13.08.2020

كلما ترسخ وازداد الاستيطان اليهودي في البلاد، كان قادة اليشوف اليهودي يعلمون أن تحقيق رؤية الدولة اليهودية لن تتم دون دعم حقيقي من القوى العظمى في العالم وعلى رأسها الامبراطورية البريطانية.

ولذلك، حين نجحت بريطانيا في الحرب العالمية الأولى من هزيمة الوجود العثماني في البلاد  والذي امتد لمئات السنين، سارع الدكتور حاييم وايزمان في تموز 1917 بتقديم مسودة إعلان للحكومة البريطانية والذي تعترف بموجبه بفلسطين كأرضٍ للشعب اليهودي، وتعترف في حقه بإقامة دولة يهودية فيها.

مع الأيام ستكون هذه المسودة هي وعد بلفور المشهور، وعد اللورد آثر جيمس بلفور والذي تقلد منصب وزير خارجية بريطانيا.

مر الوعد بعدد غير قليل من التغييرات التي قدمها الدكتور وايزمان لحكومة بريطانيا. حتى بداية تشرين الأول 1917 عملوا في وزارة الحرب البريطانية، وبتنسيق مع البعثة الصهيونية برئاسة وايزمان، على صيغة نهائية للوعد، حيث أزيلت منه قضية الحق بالأرض، وتحول فيه كلمة الدولة إلى “بيت قومي” وهو مصطلح غير مسبوق من الجانب القضائي والدبلوماسي.

اقرأ/ي أيضًا: وعد بلفور: معرض رقمي للصور والرسائل والأخبار

شهر واحد قبل أن يسلم اللورد بلفور وبشكل رسمي وعده للورد روتشلد، أرسلت وزارة الحرب المسودة لبعض القيادات الصهيونية وغير الصهيونية، لكي تستشيرهم في الموضوع. من بين القيادات التي تم استشارتها: السير فيليب ماغنوس، وهو رجل دين إصلاحي وسياسيّ بريطاني مهم والذي طُلب منه ابداء رأيه على مسودة الوعد.

الرجل الدين والسياسي اليهودي-بريطاني فيليب ماغنوس (1842-1933)

تحتفظ المكتبة الوطنية بالمسودة التي أرسلتها وزارة الحرب للراب ماغنوس. من خلال التمعن فيها، تظهر اختلافات كبيرة بينها وبين الصيغة النهائية، مثلاً: في الصيغة النهائية للوعد ترى حكومة جلالته بعين الاعتبار إقامة بيت قومي يهودية في فلسطين للشعب اليهود، في الصيغة التي سُلمت كان الحديث عن بيت لليهود فقط “للعرق اليهودي”.

مسودة الوعد كما أرسلت للراب فيليب ماغنوس (من مجموعة فيليب ماغنوس)

من الممكن أن التعديل هذا كان تعبيرًا عن موافقة بريطانيا بأن ترى بالطلب الصهيوني، طلباً ذو ميزة قومية، بدلاً من طلب صاحب ميزة دينية أو حضارية، كما يتضح من الكلمات “العرق اليهودي”.

كانت رسالة الرد التي كتبها ماجنوس لوزارة الحرب محفوظة هي أيضاً في المكتبة الوطنية. وهي تشكل فرصة مميزة للاطلاع على أفكار اليهود البريطانيين غير الصهيونيين والكثر في تلك الفترة، منذ بداية الرسالة يسحب الراب والسياسي الأرض من تحت الأقدام حين طلب منه الرد كممثل يهودي، حيث رأى أن أفكاره كيهودي لا تنفصل عن أفكاره كبريطاني. يدعي ماغنوس في رده أنه ومنذ الاحتلال الروماني لفلسطين، توقف الشعب اليهودي على أن يكون جسماً سياسياً، ولذلك فهو اليوم يدير فقط علاقات دينية مشتركة والتي تحمل أية طموحات قومية مشتركة في فلسطين.

بدلاً من ذلك، يقترح ماغنوس صيغة بديلة للوعد، والتي تقضي بأن “حكومة جلالته ترى بعين الاعتبار إقامة مركز حضاري يهودي في فلسطين”  هكذا بحيث لا يضر بحقوق أبناء حضارة أو دين آخر، أو بحقوق ومركز اليهود السياسي في البلاد الأخرى.

الصفحة الأولى من رد فيليب ماغنوس لوزارة الحرب البريطانية، الرد محفوظ في مجموعة فيليب ماغنوس في المكتبة الوطنية

يبدو أن في هذا الأمر تكمن مساهمة ماغنوس الكبيرة في تعديل مسودة وعد بلفور. في نهاية الصيغة النهائية، توضيح مفصل غير موجود في مسودة السادس من تشرين الأول، وفيها أن إقامة البيت اليهودي القومي في فلسطين لا تضر بحقوق المواطنة لليهود في دول أخرى، وبالتالي أذعنت الحكومة لمطالب اليهود المناوئين للصهيونية، ومن بينهم فيليب ماغنوس.

 

أين يُحفظ الوعد الأصلي؟

عام 1924 سُأل اللورد  روتشيلد، هل المكتوب الأصلي الذي وصله من اللورد بلفور في حوزته؟  في المكتبة وجدنا الإجابة لهذا السؤال؛ داخل رسالة أرسلها روتشيلد إلى يسرائيل كوهين، أحد أعضاء الهستدروت الصهيونية في بريطانيا، في الرسالة يشرح روتشيلدر أن المكتوب الأصلي ليس في حوزته،  حيث – وبسبب أهميته التاريخية – قام بايداعه في المكتبة البريطانية حيث يُحفظ المكتوب هناك حتى يومنا هذا.

رسالة الرد من اللورد بلفور لعضو الهستدروت الصهيونية في بريطانيا يسرائيل كوهين. الرسالة أُرسلت في السادس من حزيران 1924. مجموعة ليونيل ولتر روتشيلد في المكتبة الوطنية الاسرائيلية.
...تحميل المزيد من المقالات loading_anomation