سيرة عنترة بن شداد، مخطوطات المكتبة الوطنية الاسرائيلية
حاول عنترة بن شداد لسنين طويلة الزواج من ابنة عمه، عبلة، دون أن يفلح في ذلك، ولإبطال هذا الزواج، وضع عمه مالك (والد عبلة) العقبات أمامه دوماً، وفي كل مرة كان يوهمه أن الزواج يوشك أن يحصل ثم يُرغمه أحياناً أن يأتي لعبلة برؤوس اللبؤات وأحياناً بعرض مهر ضخم كي لا يتمكن من دفعه، وفي أخرى بألف ناقة من نوق الملك النعمان.
هذه العروض والتحديات، جعلت عنترة موضوعاً كتب عنه نخبة المؤرخين العرب على مر التاريخ؛ كالزركلي في كتابه “الأعلام” وأبو فرج الأصفهاني في “الأغاني”.
كان والد عنترة قاسياً عليه، لم يعتبره كابن له، وبالتالي خسر عنترة حضوره في القبيلة وسطوته، ولكن حروب قبيلة طيء ضد قبيلته؛ قبيلة عبس، حولت عنترة إلى بطل مغوار حين تحوّل إلى الحامي الذي يحمي القبيلة بعد أن جلب الانتصار تلو الانتصار.
بطولات عنترة لم تكن لأجل ذاته، إنما من أجل الحب والحياة، من أجل القبيلة وكرامة أبنائها وهو ما جعل منه رمزاً لحماية القيم والعادات والتقاليد، ومن هنا تحوّلت قصته إلى وسيلة ضرورية للتربية والتثقيف ومن هنا حصلت على كل هذه الشهرة التاريخية.
الصورة المرفقة هي جانب من قصة عنترة بن شداد في بدايات المغامرة، والتي سيصبح بعدها بطلاً، كما سيكتب معلقة ستشكل جزءاً وركناً أساسياً في الأدب العربي على مر التاريخ.
قصة عنترة ستصل من خلال المؤرخين بتفاصيل مختلفة نظراً لقدمها في التاريخ، ولكن في نفس الوقت سيكون للحكواتيين قصتهم فهم سيضيفون التفاصيل أيضاً لكي تلائم آذان السامعين والمتفرجين، ولأن مصادرها موغلة في القدم ودوماً ما اعتمدت على مصادر شفوية، مما خلق تضارباً في الروايات الشفوية، حيث أّن لكل منطقة سيرتها الخاصة بعنترة كالسيرة الشامية والسيرة الحجازية وغيرهما.
اقرأ/ي أيضًا: الشعر العربي: دوواين من الكتب والمخطوطات وآراء في الصحف الفلسطينية.
مع التطور التكنولوجي ودخول وسائل تعبيرية وفنية جديدة، تراجع دور الحكواتي لصالح فنون أخرى، وخلال القرن الأخير أنتجت أكثر من عشرة أعمال سينمائية حول قصة عنترة كان أقدمها فيلم “عنترة وعبلة” الذي أخرجه نيازي مصطفى وكتب حواراته الشاعر “بيرم التونسي” وأدّى دور البطولة سراج منير. وربما كان أحدث الأعمال هو مسلسل “عنترة بن شداد” من إخراج رامي حنا وبطولة فيصل العمري وكندة حنا.
فلسطينياً، أيضاً، حظي عنترة باهتمام ملحوظ حيث كُتبت حوله الكثير من المسرحيات والأعمال الفنية الفلسطينية والتي وثّقت القصة من خلال أعمال مختلفة.
لا يزال حتى اليوم الكثير من إرث عنترة في ثقافتنا المحكية، كالأمثال الشعبية في اللغة العربية القادمة من تلك الفترة، مثل “مفكر حالو أبو عنتر” أو حين ينعت شخص بـ “معنتر”، لكنّ حالة “العنترة” ليست كلها قوة، ففيها أيضاً الكثير من الحب والحنين والذكريات، كبداية معلقته وبيت الشعر الشهير:
“هل غـادر الشعـراء من متردم، أم هل عـرفت الـدار بعـد تـوهم”
وهو البيت الذي لا يزال حتى اليوم ذاكرة للأجيال، لكنّ قصة البيت وحكايات أخرى ستظلّ داخل هذه المخطوطات الكثيرة في المكتبة.
يمكنكم الاطلاع عل المخطوطة والغوص في تفاصيل الحكايات التي وصلتنا عبر التاريخ.