رمضان هذا العام؛مجموعة رقمية تصل الماضي بالحاضر

مبادرات رقمية من المكتبة الوطنية خاصة بشهر رمضان المبارك

لا يحتاج المرء إلى بذل الكثير من الجهد ليشعر بأن الأحداث والمناسبات جاءت علينا بشكل مختلف هذا العام، وهذا ما يدعونا إلى أن نستقبلها بشكل مغاير عما اعتدنا عليه كما في السنوات العابرة. لقد ألقت جائحة الكورونا ظلالها على استقبالنا للشهر الكريم فمنعتنا من إقامة أحد أركان هذا الشهر الفضيل، ألا وهو المجالس الجماعية؛ من مجالس الإفطار الجماعية، حلقات الذكر ومجالس الدين.

لكن، هذا لن يمنعنا من الاحتفال بالشهر الكريم؛ بوسائل رقمية تمكّن فرد، عائلة في ذات منزل أن يشاركوا بهذه المناسبة!

إمساكية رمضان الرقمية……دمج ما بين التاريخ والحداثة

إمساكية رمضان 2020 من المكتبة الوطنية الإسرائيلية

مؤخرًا، ساهمت المكتبة الوطنية في إطلاق أكثر من مبادرة رقمية خاصة بهذا الشهر الفضيل وأولى هذه المبادرات كان تصميم وإصدار النسخة الرقمية الثانية من إمساكية الشهر الفضيل، والتي تم تصميمها اعتمادًا على شعارات الصحف والمجلات العربية الفلسطينية التاريخية التي صدرت خلال العهد العثماني والانتدابي (يمكنكم تصفح موقع جرايد للاطلاع على كامل المجموعة الموجودة لدينا).

يمكنكم تنزيل الإمساكية بجودة عالية بالضغط هنا.

ملاحظة: تم اعتماد توقيت الإمساكية بحسب التوقيت المحلي لمدينة القدس وعلى المقيمين خارجه مراعاة فارق التوقيت.

أحجية رمضانية مصورة

صورة الصفحة الرئيسية للأحجية، بتصرف من مكان ديجيتال (كان عرب)

لطالما كان رمضان شهر الرفاهية والتسلية، سواء كان ذلك بمشاهدة المسلسلات والبرامج التلفزيونية أو مشاهدة العروض في البيئة الاجتماعية المحيطة. هذا العام ارتأينا بأن نقدم لكم أمرًا مختلفًا يعتمد على الدمج ما بين التسلية من جهة ومحاولة التعرف على عدد من الأماكن التاريخية من جهة أخرى. وهذا ما استطعنا تحقيقه من خلال استحداث الأحجية الرمضانية، التي هي نتاج ثمرة التعاون ما بين القسم الرقمي من المكتبة الوطنية الإسرائيلية ومكان ديجيتال (كان عرب).

صورة إحدى الأسئلة من الأحجية

تتكون الأحجية من أربع أجزاء؛ يتم نشر كل جزء بشكل أسبوعي. وتعتمد الأحجية بشكل خاص على المواد في موقع جرايد الصور التاريخية والمادة الأفيميرا المحفوظة في مجموعات المكتبة الوطنية الإسرائيلية بالقدس.

لحل الأحجية الرمضانية، اضغطوا هنا  

 

تراويح مقدسية: منصة للنشاطات الرمضانية الرقمية

موقع تراويح مقدسية

هي منصة افتراضية تسعى إلى توفير فرص متنوّعة لاستبطان معاني شهر رمضان الكريم وتسليط الضوء على الأنشطة الرمضانية المتنوّعة، وهي ثمرة جهود شاركت فيها المؤسّسات الثقافية والدينية والمبادرات والمنظمات المجتمعية المقدسية. تهدف المبادرة للتعرّف على كنوز الثقافة الإسلامية؛ والاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم وملامسة الصلوات الإسلامية؛ الاستماع إلى محاضرين مرموقين وناشطين في حقل الثقافة؛ المشاركة في حوارات داخل بيوت الصائمين؛ الاستمتاع بالنشاطات الموسيقية؛ والمشاركة في ورش عمل مهارات الطبخ وبرامج خاصة للأطفال وغيرها.

تشارك جميع الأطراف المشاركة برؤيا تحتفي بالثقافة الإسلامية وتجعل من شهر رمضان المبارك فرصة لإثراء أنفسنا كأفراد وجماعات.

تهدف منصة “تراويح مقدسية” إلى إثراء عنصر المشاركة وتبادل المعارف حول الثقافة الإسلامية بين فئات المجتمع المختلفة من ناحية الدين، القومية والثقافة، وذلك من أجل تعميق وعينا حول الثقافة الإسلامية بشكل عام وشهر رمضان بشكل خاص، والنظرة إليها من جانب المسلمين وغير المسلمين.

في ظل انتشار جائحة كورونا المستجدة وما خلفته من تبعات على كافة مناحي الحياة البشرية جمعاء، نأمل في أن يوفر الموقع هذا العام برامج ومبادرات هادفة ومفيدة لمن لا يستطيعون المشاركة في الصلوات وحلقات الذكر الرمضانية واللقاءات العائلية والمناسبات العامة. والتي يمكن أن تشكل جزءًا من تخفيف تبعات هذه الجائحة.

نهدف خلال السنوات المقبلة إلى نشر هذه المبادرة وتوسيع رقعة الأطراف المشاركة المجتمعية فيها، والتي من الممكن أن تؤدي إلى إقامة مهرجان ثقافي على مستوى المدينة ومشاركة أكبر خلال الأيام والليالي المباركة في شهر رمضان. كما نأمل أن تحذو مدن أخرى -في أنحاء البلاد- حذو هذه المبادرة من أجل تكريس شهر رمضان المبارك كجزء من وعينا الجماعي المشترك.

لموقع تراويح مقدسية اضغطوا هنا

موقع جرايد: أرشيف مفعم بالمقالات التاريخية حول شهر رمضان الفضيل

في جرايد، أصبح هنالك ما يزيد عن 102 صحيفة ومجلة، ما بين عامي 1908-1948 (ما عدا صحيفة الاتحاد والتي توجد أعدادها بعد عام 1948)، وهذا ما يجعل موقع جرايد بمكانة أرشيف للصحف العربية خلال فترة فلسطين العثمانية والانتدابية.

في طياته، يحمل جرايد عددًا من المقالات التاريخية حول شهر رمضان الكريم، كذلك الأعداد المصورة حول الشهر الكريم.

لتصفح المواد الخاصة بشهر رمضان الفضيل اضغطوا هنا

​​رمضان في الصحافة الفلسطينية

توفر لنا الصحف الفلسطينية العديد من الإجابات حول رمضان والطقوس المرافقة له

تعد فترة الانتداب وما بعدها فترة انتقالية، تسارعت فيها التطورات التكنولوجية ووسائل التواصل، مما أدى لكثير من التغيرات في الحياة الاجتماعية، كما تغيرت الممارسات اليومية، سنسافر في هذه المقالة نحو الماضي لنرى كيف كان المسلمون يشاهدون القمر وكيف كانوا يقضون شهر رمضان، وكيف كان المؤذن يعلن موعد الافطار.

توفر لنا الصحف الفلسطينية مثلاً في هذه الحالة امكانية الاجابة على بعض هذه الأسئلة، عن رمضان كما عاشه الناس في فترة الانتداب وعن الطقوس المرافقة له.

مجلة المنتدى، 26 تموز 1946

ترقب الشهر والتحضير له:

أحد الطقوس المهمة والذي كان يسبق شهر رمضان، هو تسليم “مدفع رمضان”، فقد اعتاد المسلمون منذ الفترة العثمانية وربما قبل ذلك، على اعلان بدء شهر رمضان من خلال اطلاق المدافع، كما كان يستخدم أيضاً ايذاناً بانتهاء الصيام وامكانية تناول الطعام والافطار، ومع السنين تحول المدفع إلى جزء في الثقافة الاجتماعية، ولما كان السلطان العثماني وقائمي المقام هم من يسلمونه، مع انتهاء الحقبة العهد العثمانية، وبدء الانتداب البريطاني أكمل الانجليز هذا النهج فصار القائد البريطاني العام هو من يسلمه كل عام للقيادات الاسلامية في المدن بطقس احتفالي مهيب، توفر لنا الصحافة الفلسطينية مدخلاً لفهم تفاصيل الاحتفالات ومضامين الخطابات كما يظهر أدناه:

جريدة فلسطين 6 تشرين أول 1945

لم يعد اليوم للمدفع ذلك الحضور، فقد أثرت التكنولوجيا واختراع الكهربا ومكبرات الصوت كثيراً على موقعه، فباتت معظم المدن والقرى تعتمد على صوت المؤذن في المسجد أو على أجهز التلفاز والراديو والحاسوب لكي تدير شؤونها في ذلك، وظل بعض المدن القليلة في البلاد تستخدم المدفع.

مجلة المنتدى، 26 تموز 1946

كان تشغيل المدفع مرتبط برؤية الهلال، إذ لا يمكن استخدامه طالما لم يتبين الشهر، وكانت رؤية الهلال في الماضي أصعب، لغياب وسائل تكنولوجية تُمكن من رؤيته بدقة، ولذلك كان رجال الدين يخرجون بمكبرات صغيرة ويرقبون السماء حتى يرون الهلال.

مجلة المنتدى، 26 تموز 1946

ولما تتبين رؤيته كان حينها يُطلق المدفع ويكبر الشيوخ والمنشدون معلنين بدء شهر رمضان، فيمضي البعض إلا المساجد ويمضي آخرون للزيارات، أو للاحتفالات، وتنشر الصحف في نشراتها ذلك.

جريدة فلسطين، 25 آذار 1925

شهر الصيام:

يبدأ الصوم حيث تخفت معه الحركة صباحاً، ثم تعج المساجد في الصلاوات وخاصة في صلاة التراويح، ويمضي الكثيرون وقتهم في الصلاة وقرآءة القرآن، لكن رمضان ليس شهراً للعبادة فقط أو لفعل الخير والتقرب من الله، وإنما شهر لتعزيز العلاقات الاجتماعية والزيارات.

مجلة المنتدى، 26 تموز 1946

وفي الصيام يحتاج الناس لمعرفة مواعيد الصلاوات ومواعيد الافطار، فاعتادت الصحف والمؤسسات المختلفة على توزيع “امساكية رمضان” وهي ورقة مطبوعة كُتب عليها مواعيد الامساك عن الطعام

ولا يخلو الأمر أيضاً من المرح، فالبعض في رمضان قد يكون عصبي المزاج بسبب الجوع وأحياناً بسبب الحر فكانت فرصة للتذكير.

فلسطين، 24 حزيران 1950

ومع انتهاء الشهر الفضيل وقدوم العيد كانت تقام صلاة العيد، ثم الاحتفالات، والكشافة والمرح فرحاً بانتهاء رمضان وقدوم العيد، كما كانت فرصة للشركات والمؤسسة كي تنشر تهانيها:

مجلة المنتدى، 15 آب 1947

مجلة القافلة، 15 آب 1947

رمضان كما صورته وسائل الاعلام الفلسطينية في أربعينيات القرن المنصرم

رمضان هو مرآة تعكس واقع مجتمع فلسطيني متنوع فكريًا وثقافيًا، تصفحوا ماذا يوجد بالداخل لتروا كيف كان

​​​​لعل أول ما يتبادر لذهن المطالع للصحف الفلسطينية في أربعينات القرن المنصرم قاصدًا تحري تفاعلاتها وتغطيتها لشهر رمضان المبارك في فلسطين والوطن العربي هو ابتعاد كثير من المقالات عن الطرح التقليدي المعتاد عند تناول هذه المناسبة الدينية وشعائرها من صوم وصلاة، فيغدو رمضان مرآة تعكس واقع مجتمع فلسطيني متنوع فكريًا وثقافيًا. فحتى تلك المقالات التي تنبئ عناوينها بكثير من الاعتيادية مثل افتتاحية الشيخ عبد الحميد السائح للعدد الخامس والعشرين من مجلة المنتدى الثقافية والمعنونة ب “رمضان والتوجيه الصحيح” ، لا تخلو من بعض المناورة الفكرية كربطه مفهومي الزكاة والصيام بكل من الامبريالية والاشتراكية قائلا ” فعندنا اشتراكية معقولة ولدينا فكرة معتدلة في التمول”.1

وفي جوار افتتاحية الشيخ نجد مقال تهنئة من سكرتير التحرير إسحق عبد القادر رشيد لعموم المسلمين بحلول الشهر المبارك واصفا اياه “بشهر الطاعات والقربان، شهر البهجة والمرح”، مشددا على قدسية الشهر وعباداته ولياليه من جهة وكونه فرصة لاجتماع الأهل والأصحاب حول موائد الطعام وجلسات الطرب والسمر أو “الأنس البريء” من جهة أخرى، عدا عن كونه مظهرا لوحدة الأمة الاسلامية من حيث الشعائر والأنس على حد سواء.2

 

ولم يتوقف الكتاب عند هذا، بل ربطوا الصيام الصحيح بمفهوم الخدمة المجتمعية والتعاضد الاجتماعي والانصهار الطبقي كما أشار محمد عبد السلام البرغوثي الذي جزم بتجرد الصيام من معانيه إن لم يتفان الصائم في طاعة الله وخدمة امته، وإن لم يؤد الصيام إلى تكوين طبقة مؤمنة متماسكة لا يحتقر غنيها فقيرها ولا ينفس فقرائها أغنيائها.3 كذلك حث الشيخ عبد الله غوشة في ختام مقالة طويلة عن العبادات وحقوق العباد المسلمين على السعي لإنشاء المشاريع العامة مؤكدا على كونها صدقة جارية “تبقى ما بقيت الأمة” على حد قوله.4

كما تعددت المقالات التي حاول كتابها طرح مفاهيم جديدة أو تفسيرات بديلة لفريضة الصوم مثل الكاتب عبد الحميد ياسين الذي دعا الصائمين إلى اعتناق مفهوم جديد للصوم لا يلتصق بالخمول والكسل حاثا اياهم على عدم الاكثار من الكلام المقول أو المسطور وأن ينكبوا على اعمال العقول بالفكر متمنيا عليهم أن يستمر صيامهم عن الكلام واقبالهم على الفكر طوال العام!5 وفي سياق مشابه يحاول الكاتب خيري حماد تبيان الحكمة من عبادة الصيام في رمضان وما يتلوها من احتفال بالعيد في رسالة موجهة إلى صديقه حسن يتذكر فيها جلسة جمعتهما بثلاث أصدقاء آخرين تناولوا فيها الموضوع الآنف، وقد اجزل الكاتب في تفصيل مدى تنوع المجموعة من حيث الجنسيات والخلفيات التعليمية والتوجهات الفكرية، فيذكر أن فيها العراقي والسوري والبيروتي والفلسطيني ويصف أحد الأصدقاء بالمتزمت كثير الخطابة يقابله آخر لاه مقبل على الحياة غير مكترث بالعواقب في حين التزم الثلاثة الباقون مذهبا وسطا، علما بأن الكاتب نوه في بداية مقاله إلى أن النقاشات الدائرة في حلقة الصداقة كانت غالبا تبدأ كما تنتهي وكل متقوقع في فكره لا يتزحزح عنه إلا نادرا حينما يفحمه احد الأصدقاء ولا يترك امامه بدا من اعتناق مبدئه.6

ولربما كانت قصيدة الشاعر محمد حسن علاء الدين، الذي جاور اسمه تنويه بأنه “نباتي” لا يأكل اللحوم، أكثر ما خرج عن المألوف في محتواه حيث يعتذر فيها الشاعر من الله لعدم صيامه الصوم المفروض فهو على حد قوله صوّام منذ أعوام عن مظلمة أكل اللحوم وصيد الحيوانات وبذلك صام ضمير قلبه!7

هذا ويمكننا القول بأن مقالات وتغطية الصحف لشهر رمضان الفضيل معظمها انشائية وأدبية بحتة يتخللها بعض الاشتباك الفكري مع التيارات المخالفة وكثير من المحاولات لموافقة عبادة الصيام مع ايديولوجيات واتجاهات فكرية مختلفة مثل الاشتراكية والنهضة الفكرية وحتى الإسلام السياسي؛ فلا نجد تفاعلا مع واقع الصائمين وحياتهم اليومية سوى في بعض الصور المتناثرة على صفحات الصحف والمجلات تظهر اعداد حلوى القطايف وضرب المدفع وتحري الهلال.

1 رمضان والتوجيه الصحيح، المنتدى، 26 تموز 1946، ص 4

2 شهر رمضان، المنتدى، 26 تموز 1946، ص 5

3 حديث رمضان، صحيفة الوحدة، 4 آب 1947

4 العبادات الدينية وحقوق العباد، المنتدى 26 تموز 1946

5 الصوم أنواع، المنتدى، 26 تموز 1946

6 في أحاديث خمسة بين الصيام والعيد، صحيفة القافلة، 22 آب 1947

7 صوم، مجلة القافلة، 8 آب 1947

كيف حج الناس قبل سبعين عام?

تشكل هذه المقالة فرصة للتعرف أكثر على النهج الذي سلكه الناس للوصول إلى بلاد الحجاز والمشاق التي اعترضهم قبل 70 عامًا

يعتبر الحج مناسبة اجتماعية ودينية مميزة، حيث يزور الناس أصدقائهم وأقاربهم المقبلين على الحج مودعين إياهم ومتمنين لهم السلامة، لتمتلئ ساحات البيوت والصالونات بالزوار، ويتبادل الناس الهدايا وينشد المنشدون ويلقي رجال الدين مواعظهم وفي يوم السفر يودعهم الأقارب لينتظروا عودتهم بعدها للمباركة والتهنئة.

ورغم ما ذلك إلا أن للحج في الماضي رونق خاص، كان الناس في الماضي ينطلقون من البلاد إلى الحج عبر عدة طرق ووسائل نقل، إما بالطائرة أو بالقطار أو بالطريق البري.

​​​ ​
​فلسطين، 6​ تشري​ن أول 1946                                        ​الدفاع 20 تموز 1947

كان سفر الحجاج مناسبة اجتماعية هامة يشترك فيها معظم أبناء القرية أو المدينة، حيث يخرج الناس في احتفالات مهيبة لوداع المسافرين، كما تذكر ذلك جريدة مرآة الشرق في الخبر أدناه عن الاحتفالات العظيمة التي تجري كلما سافرت قافلة حجاج.


​الك​فاح، 13 شباط 1936                    ​هنا القدس، 8 كانون الثاني 1941

كانت ترافق القافلة نظراً للواقع الصحي حينها، بعثة طيبة تعتني بالحجاج وتشرف على صحتهم.


الصراط، 27 آب 1947

تنطلق بعدها القوافل حتى وصولهم الكعبة المشرفة حيث تبدء مناسك الحج، قد تكون احدى الشهادات المهمة التي وصلتنا عن الحج قبل سبعين عام، هي شهادة الحاج علي الدجاني والذي كان يعمل في قسم المطبوعات العامة لحكومة فلسطين، انتدب الدجاني عام 1944 كمبعوث اعلامي لتغطية أنباء الحج، ونشر بالتفصيل مناسك الحج موثقاً كل الأحداث مرفقة بصور، نشرت تلك الملاحظات في مجلة المنتدى في الأول من شباط عام 1944.


المنتدى، 1 شباط 1944

من التفاصيل الجميلة في شهادة الحاج الدجاني، هو وصفه الدقيق لما يراه ويلاحظه، وما يختلج صدره من مشاعر وأحاسيس، اضافة للصور المرفقة في مجلة المنتدى والتي توثق جانباً من التواجد الفلسطيني، وجانباً من الصور الانسانية التي تعبر عن التلاحم الاجتماعي.


يومها لم يكن وسائل تكنولوجية متقدمة (المنتدى، 1 شباط 1944)

الصور العديدة التي نشرتها المنتدى تشير إلى تعمد الناشرين اظهار مركبات اجتماعية فلسطينية مختلفة، كإشارتها للتواجد النسائي من خلال صورة الحاجتان (إلى اليمين) أو صورة الرجال التي يظهر فيها الحاج علي الدجاني بنفسه مرتدياً ملابس الاحرام (في اليسار)، كما يظهر الاهتمام أيضاً بحضور الفلاحين كمركب اجتماعي ضروري، تسعى المجلة ليس فقط لمنحهم مساحة بل تكريمهم أيضاً من خلال كتابتها “وجهاء فلسطينيين” وليس “حجاج فلسطينيون” مثلاً.

​ ​

                                المنتدى​، 1 ش​باط 1944

كانت مشقة السفر هائلة، وكانت المخاطر محدقة دوماً، أحياناً كانت القوافل تضل طريقها، وأحياناً كاد العطش أو الأوبئة والأمراض أن يفتكوا بهم.


المنتدى، 1 شباط 1944

الصريح، 9 كانون الأول 1950


فلسطين، 15 كانون الأول 1946

لهذا السبب كانت عودة الحجاج تشكل فرحة عارمة، فهي عودة بعد غياب طويل ومضنٍ، عاد المسافرون بصحة وسلامة، وقد أدوا واجباتهم الدينية وصاروا حجاجاً وفق الشريعة الاسلامية، مكملين ما فرضه الرب عليهم، فيخرج الكبار والصغار ومعظم أهالي البلد للقائهم وتقام الاحتفالات والأفراح، أو كما تصف جريدة الدفاع ذلك: “وقد وصلت الوفود من مختلف أنحاء فلسطين لاستقبالهم…”


الدفاع​، 9 تشرين الثاني 1947

كانت هذه رحلة في أجواء الحج كما كان قبل سبعين عام، تقدمت وسائل النقل والاتصالات وتغيرت، تطورت التكنولوجيا، وبات العالم مختلفاً، فاختلف الصدى الاجتماعي للحج، ورغم كل ذلك يظل له نكهة ومعنىً خاصين في المجتمعات العربية.​