أربع سنوات من الجدل: صحيفة لسان العرب

في صيف عام 1921، صدرت أول نسخة من صحيفة لسان العرب في القدس في شهر حزيران، لتصبح أول جريدة عربية تصدر يوميًا من قلب المدينة . أسسها إبراهيم سليم النجار، بمشاركة أحمد عزت العدّامي وإبراهيم المحيّب، وسعى من خلالها إلى تقديم نموذج للصحافة العربية على النمط الأوروبي: صحافة يومية، بعناوين واضحة، ومقالات متزنة ارتكزت على افتتاحيات قصيرة ومباشرة، تخلو من" الخطاب الشعبوي"، كما ادعت التزامها بقول الحقيقة مهما كانت .

832 629

في صيف عام 1921، صدرت أول نسخة من صحيفة لسان العرب في القدس في شهر حزيران، لتصبح أول جريدة عربية تصدر يوميًا من قلب المدينة . أسسها إبراهيم سليم النجار، بمشاركة أحمد عزت العدّامي وإبراهيم المحيّب، وسعى من خلالها إلى تقديم نموذج للصحافة العربية على النمط الأوروبي: صحافة يومية، بعناوين واضحة، ومقالات متزنة ارتكزت على افتتاحيات قصيرة ومباشرة، تخلو من” الخطاب الشعبوي”، كما ادعت التزامها بقول الحقيقة مهما كانت .

1200 630

رغم الطموح الواضح، اصطدمت الصحيفة منذ بداياتها بانتقادات قوية، حتى من الجمهور العربي نفسه. اذ لم تتبنى لسان العرب موقفًا معارضًا لا للانتداب البريطاني ولا للصهيونية، بل ظهرت في بعض مقالاتها وكأنها تميل إلى الاطلاع الداعم للسياسات البريطانية تجاه العرب واليهود في فلسطين . كتب الانتقاديون أن الجريدة تُخادع الجمهور بمظهرها المستقل، بينما كانت تنقل بيانات رسمية دون نقد كافٍ.

تفاقمت الهجمات عندما اتهمها البعض بأنها “مؤيدة للصهيونية”، ودعوا لمقاطعتها، و كُتِبَت مقالات انتقادية في صحف مثل فلسطين والكرمل، التي وصفوها بأنها “لا تمثّل الهوية الفلسطينية” . ورغم استمرار الصحيفة لثلاث سنوات بعد ذلك، الا أنَّ هذا الجدل أدى إلى تراجع عدد المساهمين وجمهور القراء بشكل ملحوظ.

قرارالحياد الديمقراطي

في ذروة النقاشات الساخنة حول موقف الصحافة، ظهر الصدام الأكبر عندما قرّر مجلس تحرير لسان العرب نشر افتتاحية داعمة لسياسة الانتداب، وتطرّق فيها إلى التعاون بين العرب واليهود في مسار الإصلاح والبنية التحتية. رغم نبرة المقال المحايدة الظاهرية، تعامل القرّاء والمثقفون معه كخطوة مواربة نحو التطبّع الإعلامي.

في صيف عام 1921، صدرت أول نسخة من صحيفة لسان العرب في القدس في شهر حزيران، لتصبح أول جريدة عربية تصدر يوميًا من قلب المدينة . أسسها إبراهيم سليم النجار، بمشاركة أحمد عزت العدّامي وإبراهيم المحيّب، وسعى من خلالها إلى تقديم نموذج للصحافة العربية على النمط الأوروبي: صحافة يومية، بعناوين واضحة، ومقالات متزنة ارتكزت على افتتاحيات قصيرة ومباشرة، تخلو من” الخطاب الشعبوي”، كما ادعت التزامها بقول الحقيقة مهما كانت .

⁨⁨الدفاع⁩, 6 نيسان 1936⁩
⁨⁨الدفاع⁩, 6 نيسان 1936⁩

أكثر ما أثار الجدل حول “لسان العرب” كان افتتاحية نشرتها عام 1922، وصفت فيها العرب بأنهم “نسيوا التآمر ضد الدولة التركية”، في إشارة مباشرة إلى الثورة العربية الكبرى عام 1916، عندما تحالف بعض القادة العرب مع بريطانيا ضد الدولة العثمانية. جاءت هذه العبارة كنقد من الجريدة لموجة التجييش العربي ضد السياسات البريطانية في فلسطين، إذ رأت أن من يهاجم بريطانيا اليوم، كان بالأمس قد تعاون معها لإسقاط الحكم العثماني. أثار هذا موقف حفيظة صحف مثل فلسطين التي ردّت على الفور، فوصفت المقالة بأنها “كذبة ثقافية”، و كتب عبد القادر المظفر فيها :” ليس هذا الكلام على لسان فلسطينيين، بل على لسان أجانب يبحثون عن موطئ قدم وسطنا” .

⁨⁨لسان العرب⁩, 8 تشرين الثاني 1921⁩
⁨⁨لسان العرب⁩, 8 تشرين الثاني 1921⁩

 امتد ردّ الفعل إلى مقاطعة واسعة، إذ انسحب الكثير من الكتاب، وتراجع اشتراك القرّاء. فقد أثار المقال سؤالاً مهما: هل يخدم الحياد الآن مصلحة الوطن؟ أم أنه مهزلة تُخفي خلفها موقفًا هشًا أمام الواقع المتغيّر بسرعة؟

بحلول عام 1925، وبعد أربع سنوات من النشر، أُجبرت الجريدة على التوقف نتيجة لتراجع شعبيتها، وتضاؤل دعم جمهورها، واحتدام المنافسة مع صحف أكثر انسجامًا مع المزاج العام.