صهيونيّون عارضوا قيام الدّولة اليهوديّة

لإنقاذ الوجود اليهوديّ في البلاد لا بد من التّخلي عن حلم "الدّولة اليهوديّة"؛ لجنة "إيحود فلسطين" وموقفها من الدولة اليهودية.

مارتين بوبر ويهوذا ماجنيس من شهادتهم أمام لجنة الّتحقيق الأنجلو أمريكيّة في القدس، 14 مارس 1946، القدس المصدر : شهادة مارتين بوبر ويهوذا ماyنيس امام لجنة التحقيق الأنجلو أمريكيّة، 1946، أرشيف مارتين بوبر، المكتبة الوطنيّة.

مارتين بوبر ويهوذا ماجنيس من شهادتهم أمام لجنة الّتحقيق الأنجلو أمريكيّة في القدس، 14 مارس 1946، القدس

مذكّرة “إيحود” فلسطين للجنة التحقيق الأنجلو-أمريكيّة

بعد نهاية الحرب العالميّة الثّانية وجدت بريطانيا نفسها في مأزقٍ حيال فلسطين ووعدها بإنشاء الوطن القومي لليهود فيها “دون المسّ بالفئات غير اليهوديّة” كما جاء في نصّ الوعد. أحداث متتالية امتدّت على مدار سنوات العشرينيّات والثّلاثينيّات دفعت بريطانيا لتوضيح سياساتها أو إعادة صياغتها فيما يراعي غضب العرب تارة وما يراعي غضب اليهود تارة، إلّا أن الواقع وتسارع الظروف والأحداث باتّجاه كارثة متوقّعة لم يكن بالشيء الّذي يمكن لجمه بسهولة.

اعتادت بريطانيا حتّى ذلك الوقت بتقديم كتابها الأبيض وتقارير الانتداب إلى عصبة الأمم، ونظرًا إلى حلّها عقب الحرب العالميّة الثّانية وازدياد النّفوذ الأمريكي في السّياسة العالميّة، تمّ الاتّفاق على انشاء لجنة التّحقيق الأنجلو-أمريكيّة الّتي تكوّنت من إثني عشر عضوًا جابوا فلسطين لثلاثة شهور من مطلع العام 1946 من أجل المعاينة وتقديم توصيات مدروسة لحكومتيّ بريطانيا والولايات المتّحدة الأمريكيّة حول ما يجب فعله في فلسطين. إلّا أن توصياتها لم تنفّذ قطّ، عقب قرار بريطانيا بالتّنصّل من المسألة برمّتها وتسليمها للأمم المتّحدة.

خارطة الكثافة السّكانية لفلسطين عام 1946، من إعداد هيئة مسح فلسطين البريطانيّة لاطّلاع اللّجنة خصّيصًا.
خارطة الكثافة السّكانية لفلسطين عام 1946، من إعداد هيئة مسح فلسطين              البريطانيّة لاطّلاع اللّجنة خصّيصًا.

الوصف: الكثافة السّكانيّة في فلسطين حسب الطّوائف، 1946، مجموعة خرائط عيران ليئور، المكتبة الوطنيّة.

للاطلاع على جميع خرائط مسح فلسطين اضغطوا هنا 

إلى جانب التجوّل واتّخاذ بعض التّقارير من حكومة الانتداب الفاعلة في فلسطين، قامت اللجنة بعقد جلسات استماع عامّة لاتّخاذ مقترحات ومقابلة متحدّثين باسم الفئات المختلفة للاطلاع على المشكلات المطروحة من جهة ولاستطلاع رؤية السّكان من جهة أخرى. من إحدى المذكّرات الّتي قدّمت أمام اللّجنة بشكلٍ مدروس وكان أثرها واضحٌ في توصيات اللّجنة لاحقًا كانت مذكّرة لجمعيّة “إيحود” فلسطين. إليكم بعض ممّا جاء فيها:

“بعضنا سكن هنا بما يكفي ليدرك أن اليهود والعرب قد تعاونوا في الماضي ويمكن أن يتعاونوا في شتّى مجالات الحياة بما فيها السّياسيّ، إلّا أن ذلك التّعاون السّياسي لن يأتي من تلقاء نفسه. هناك شرط واحد لتحقيق هذا التّعاون وهو أن يصبح موضوعًا مركزيّا للسياسة العليا وأن يتم تكثيف هذه السّياسة سلطويّا يومًا بعد يوم وعامًا بعد عام.

نحن ندرك جيّدًا عدم مثاليّة اقتراحاتنا العمليّة، لكننا نعلم شيئًا واحدًا بالتأكيد: المخرج الوحيد من المأزق الّذي نحن فيه هو التّعاون اليهوديّ-العربيّ”.

مطلع مذكّرة “إيحود” فلسطين إلى لجنة التّحقيق الأنجلو أمريكيّة، 1946، أرشيف المكتبة الوطنيّة الإسرائيلية.

رأى هؤلاء الأفراد القادمون من خلفيّة دينيّة إصلاحيّة في الغالب أنه لإنقاذ التّواجد اليهوديّ للبلاد لا بد من التّخلي عن حلم “الدّولة اليهوديّة” كما نظّر لها هرتسل في كتابه “الدولة اليهوديّة” والّذي تأسس جدول عمل ورؤية الحركة الصّهيونيّة حوله منذ لحظة تأسّسها. وبدلًا عن ذلك، فإن فكرة دولة ثنائيّة القوميّة في فلسطين بدت لهم الحلّ الأفضل رغم وعيهم بعدم مثاليّتها لأي من الطّرفين، كما أوضح الائتلاف في المذكّرة الّتي قام بعرضها أمام لجنة التّحقيق الأنجلو-أمريكيّة عام 1946. والّذي احتوى على مقترحٍ مفصّل لكيفيّة إدارة الدولة ثنائيّة القوميّة بما يضمن التّشارك العادل للسلطة والاستقاليّة المضمونة لكلٍ من الشّعبين في إدارة شؤونه بنفسه. ورغم تركيز الإيحود على فكرة التّعاون الثّنائيّ، لم يكن هناك صوتًا فلسطينيّا يذكر في صفوفه الأماميّة. في الواقع، أخذت اللّجنة الكثير من مقترحات “إيحود فلسطين” بالفعل، والّتي لم تطبّق على كلّ حال.

عينٌ على أحياء عكا : “لا يصيبنا إلّا نصيبنا”

ضمن سلسلة عين على العرب، اخترنا هذه المرة بقعة جغرافية ينظر إليها الناظر؛ البعيد قبل القريب برؤى ثقافية وتاريخية متعددة ومتباينة، إنها مدينة عكا الساحلية.

حي الفاخورة عام 1951، عكا

ضمن سلسلة عين على العرب، اخترنا هذه المرة بقعة جغرافية ينظر إليها الناظر؛ البعيد قبل القريب برؤى ثقافية وتاريخية متعددة ومتباينة، إنها مدينة عكا الساحلية. هذه المدينة، الصغيرة برقعتها الجغرافية الممتدة بتاريخها العريق وصيتها الذي وصل مشارق الأرض ومغاربها، تختزن العديد من الحكايا والسرديات والمواد المؤرشفة التي آن لنا أن نلقي الضوء عليها ونمسح عنها الغبار. في هذا المقال، ارتأينا أن نظهر بعض مواد مؤرشفة متنوعة تركز على الواقع المعاش لأهالي المدينة خلال فترة الحكم العسكري الذي تم فرضه على المواطنين العرب في البلاد وخاصة الفترة التي أعقبت سنوات الحرب عام 1948. تتضمن المواد الأرشيفية صور توثيق معالم المدينة وساكينيها بالإضافة إلى مقتطفات إخبارية من الصحافة العربية التي هدفت لإيصال صوت أهل عكا ومعاناتهم.

تدلّنا المواد المؤرشفة بين أيدينا من صورٍ التقطها مصوّرون في عكا في سنوات الخمسينات والستينات، أو أخبار تناولت المدينة في الصحافة الفلسطينية آنذاك على واقعٍ سكنيّ أليم، كانت ولا تزال تعايشه المدينة القديمة. ففي صور أرشيف المصوّر بوريس كارمي مثلًا، والذي زار عكا في الخميسنيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات، ووثّق حالة بعض الأحياء السكنية، نستطيع تمييز حالة المباني وظروف ساكنيها الصعبة بوضوح. إلا أنها على الجانب الآخر تُظهر لنا طبيعة الحياة اليومية وأسلوب المعيشة الفريد لدى ساكني المدينة وزوّارها، على اختلاف مجالات الحياة من صيدٍ وتجارة وتعليم وسياحة وعبادة.

عكا؛ رومانسية الماضي وواقع الحكم العسكري الأليم

جاء في في مقالة كتبها رمزي خوري لجريدة الاتحاد في الأول من أيار عام 1950 بعنوان “يومٌ مع الحكم العسكري في عكا”، يصف بها اجراءات وقفه وسجنه لأسبوع، على أثر قدومه إلى عكّا من قرية البعنة بلا تصريح من الحاكم العسكريّ.

“وما وصلت بنا السيارة قرب تل الفخار القريب من عكا الا وكاننا في ميدان الجنود مبعثرين على اليمين وعلى الشمال يوقفون السيارات ليسألوا ركابها “اذا كان بينهم عرب” فيطلبون منهم ابراز التصاريح العسكرية…لا حاجة للكلام عن الانتظار في الساحة والاوامر الصارمة بالانتقال من مكان الى آخر والجلوس وعدم الوقوف ومنع الكلام ومنع الاتصال مع احد من الناس..الا انّ ما لفت نظري هناك كان عدد من النساء الفلّاحات.. وقد جمعن في احدى زوايا الساحة (ساحة قسم الشرطة حيث الحاكم العسكريّ)، امام كل منهن دست من اللبن كانت قد جاءت به مشيًا على الأقدام لتبيعه في عكا”.

في عكا مدينتين؛ مدينة للسواح ومدينة لأهالي عكا العرب

في مقالته “جولة قصيرة في عكا” عام 1963، يرافق رمزي خوري إحدى السائحات في طرقات “ضيّقة، متعرّجة، مزروعة بأطفال حفاة وأوحال”،  ليريها واقعًا آخر لعكا غير الذي يرونه السّياح، وغير الذي وصفته له هي بال”رومنطيقي”. في الحقيقة، تشير نسبة كبيرة من الأخبار التي خصّت عكا بالذكر في تلك الفترة إلى خطر انهيار المنازل في البلدة القديمة وازدياد الركام ومطالبات أهلها بتوفير سكنٍ بديل أو ترميمها أو توفير بعض المقوّمات الأساسية للعيش.

إحدى حارات عكا القديمة، 1975، مجموعة بوريس كرمي، الأرشيف المصور للمكتبة الوطنية الإسرائيلية.

قام محمود أبو شنب مثلًا بكتابة مجموعة من المقالات لجريدة الاتّحاد في سنوات الستينات والسبعينات، يُسائل بها بلدية عكا والحكومة ويحمّلها مسؤولية انهيار بعض المباني على رؤوس ساكنيها في أحياء المدينة المختلفة. في إحدى تلك المقالات يخص بالذكر بيت عائلة الناطور الذي انهار أحد جدرانه بالفعل وكان على وشك الانهيار بالكامل. يقول أبو شنب في وصف البيت: “يسكن في شيء يقع في الطابق الثالث، ولكي تصل الى هذا الشيء، عليك أن تنحني مرتين أو ثلاث لتتفادى قناطر الدرج أو خطأ الدخول الى بيت الجيران.. لأن الدرج يمرّ هكذا الى أعلى حتى تنتهي الى درجات لا يزيد عرض الواحدة عن نصف متر بين جدرانين مرتفعين يكون أحدهما جدار الغرفة التي ينام فيها أولاد محمد ناطور الستة…إذ قبل أن تطأ قدمك عتبة البيت، يواجهك الحائط الشماليّ للغرفة التي ينام فيها الأطفال لترى فيه شقًا طويلًا من أعلى الحائط الى أسفله، وقبل أن تدخل البيت، تدرك سلفًا أن العائلة في خطر”. يكمل أبو شنب ليصف لنا مشوار محمود الناطور صاحب البيت في مطالبة البلدية بالإلتفات للجدار المشقوق في غرفة نوم أطفاله، حيث ينامون تحت السرير خشية انهيار الجدار عليهم مباشرةً، إلا أن مطالباته، كما يشير أبو شنب، لم تأت إلا بتسجيل المنزل في خانة “خطر” في سجلّات البلديّة، التي طالبته قبل أي شيء بالحصول على عقد إيجار من شركة “عميدار”، المالكة لبيوت عكا المسجّلة كأملاك غائبين. ومنها بيت العائلة المذكور.

أحد بيوت عكا القديمة من الداخل – 1975، مجموعة بوريس كرمي، الأرشيف المصور للمكتبة الوطنية الإسرائيلية.

ويشير خوري في مقالة أخرى إلى اهتمام البلدية ب”طريق السيّاح” الذين يتوافدون إلى المدينة لزيارة مواقعها الأثرية والاستجمام، في حين تهمل الأحياء السكنية والسوق “الموحل”. يقول بولس “ينفقون ألوف الليرات سنويًا للمحافظة على المظهر “الرومانتيكي” لهذا الطريق – الذي يجب أن لا يكون فيه أي مظهر من مظاهر البناء والتجديد..حتى عريش من الخشب والحصير يقيمها بقال”. وفي مقالةٍ إضافية، يخبّر أبو شنب عن انهيار أربعة بيوت بالفعل فوق ساكنيها ومصرع أحدهم تحت الركام.

مدخل لبيت فوق إحدى الخرائب عام 1962 – علّقت عليه نجمة داوود ومكتوب فوقها “لا يصيبنا الّا نصيبنا، مجموعة بوريس كرمي، الأرشيف المصور للمكتبة الوطنية الإسرائيلية.
المدخل الى متحف “حمام الباشا” بجانب سجن عكا، مجموعة بوريس كرمي، الأرشيف المصور للمكتبة الوطنية الإسرائيلية.

لم يكن قدم البيوت وميلها للانهيار المشكلة الوحيدة التي عانى منها العكاويون ولا يزالون الى اليوم. فكما تشير مقالات خوري وأبو شنب، عانى أهالي المدينة من فقرٍ شديد وبطالة واكنظاظٍ في المدارس، واعتاش الكثيرون على صيد السمك بالفعل. إلا ان كمّ الاشارات إلى العيش بين الركام وفوق الخرائب لا يمكن تجاهله. ففي النهاية، عكا التي لطالما سحرت الناظرين من بعيد مدينة عتيقة، يدرك أهلها عتقها كما لا يفعل أحد.

لتصفح البوابة المعرفية الخاصة بمدينة عكا وقراها المحيطة اضغطوا هنا 

مقطع من سوق عكا الكبير، 1950، مجموعة بوريس كرمي، الأرشيف المصور للمكتبة الوطنية الإسرائيلية.

 

طوابع بريديّة لإعانة عرب فلسطين

تعد الطوابع البريدية مرآةً ينعكس فيها وجه البلاد السياحي والاقتصادي والثقافي.في هذه المقال، بعض الطوابع لإعانة فلسطين، فكيف ذلك؟

 

بعد أن وصلتهم التقارير حول قيام رجال أعمال يهود بشراء الأراضي من أصحابهم بأموالٍ طائلة، اجتمع سفراء ومندوبو الدول العربيّة في جامعة الدول العربيّة لبحث آخر التطوّرات في قضيّة فلسطين والصراع الفلسطينيّ اليهوديّ الصهيونيّ، وقرّروا إنشاء صندوق ماليّ لإعانة عرب فلسطين،

فاقترح بعض المشاركين في الاجتماعات التحضيريّة للمؤتمر العربيّ العام بالاسكندريّة، إمكانيّة إصدار طوابع بريديّة تُلصق على جميع المكاتبات ويُرصد ريعها لأراضي عرب فلسطين، ضمن الاقتراح الخاص بمساهمة الحكومات والشعوب العربيّة في “صندوق الأمّة العربيّة” لإنقاذ أراضي العرب في فلسطين.

جريدة “الدفاع” عدد 15.06.1947

كثير ما تناولت الصحف العربيّة في فلسطين أخبار حول طوابع بريديّة واستخدامات مُختلفة لها، وعند صدور قرار الجامعة العربيّة بإصدار طوابع بريديّة لدعم قضيّة فلسطين، قامت جريدة “الدفاع” بنشر خبر  في أحد أعدادها، وبالتحديد في العدد الصادر يوم الخامس عشر من حزيران 1947 ينصّ على أنّه “اعتبار من صباح يوم غد الاثنين أي السادس عشر من حزيران تبدأ حكومة المملكة الأردنيّة الهاشميّة باستعمال الطوابع الخاصّة لإعانة عرب فلسطين، وقدرها 50 بالمئة من قيمة الطوابع الأصليّة التي تُستعمل في المعاملات الرسميّة البريديّة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة”

ونقرأ في نصّ الخبر أعلاه تفاصيل الطابع، حيث تذكر “الدفاع” أنّها قد طُبِعَت طوابع خاصّة، عليها صورة مسجد، إشارة إلى المسجد الأقصى المبارك، وصورة الصخرة مُحاطة بنقوش عربيّة وإسلاميّة.​ وقد كُتب في أعلى الطابع “عبد الله بن الحسين” وفي أسفلها “المملكة الأردنيّة الهاشميّة” وبعد ذلك “اعانة عرب فلسطين”، وعلى جوانبه قيمة الطابع.​

نسخة عن الطابع المذكور في جريدة الدفاع في عدد 15.06.1947​
​نسخة من طابع إضافيّ أصدرته المملكة الأردنيّة الهاشميّة لإعانة عرب فلسطين
صحيفة “فلسطين” – عدد 13.10.1946

قبل ذلك بأشهر، نشرت صحيفة “فلسطين” في عددها الصادر في الثالث عشر من تشرين الأوّل 1946خبرًا تذكر فيه أنّ الحكومة السوريّة قد بدأت بدراسة مشروع لإصدار طوابع من فئة قرشين ونصف قرش تُلصق على جميع المُكاتبات ويُرصد ريعها لأراضي عرب فلسطين تنفيذًا لقرار الجامعة العربيّة.

هكذا حاولت الحكومات العربيّة في المنطقة إعانة العرب في فلسطين، وحماية أراضيهم من الضياع، بحثنا كثيرًا في المراجع حول حقيقة تحويل الأموال الخاصّة بالمشروع إلى فلسطين ومن هي الجهة التي قامت باستلام الأموال، وهل هناك جهة كذلك فعلا؟ كما هل تمّ بالفعل تحويل هذه الأموال؟ ولكنّنا لم نعثر على معلومات إضافيّة حول نجاح هذه الحملة وغيرها من الحملات لإعانة عرب فلسطين أو فشلها أو توقّفها. ويبقى المجال مفتوحًا للبحث والسؤال.

 

 

الملك الصغير في حضرة المسجد الأقصى المبارك

لم تكن هذه الزيارة هي الأولى للأمير الصغير وكثير ما يطرح المتابعون لأحداث التاريخ الحديث أسئلة للبحث في زيارة الملك فيصل الثاني للقدس مرتين، فما كانت رسالة العائلة الهاشميّة؟​

​​​​يطلق المقدسيّون حتّى يومنا هذا على باب العتم في المسجد الأقصى المُبارك باب الملك فيصل، فقد أطلق المجلس الإسلامي الأعلى هذه التسمية بعد زيارة الملك فيصل للقدس عام 1943، حيث تبرّع آنذاك بعمارة هذا الباب في المسجد الأقصى المُبارك، في حين لم تكن هذه الزيارة هي الأولى، وكثير ما يطرح المتابعون لأحداث التاريخ الحديث والمدقّقون لتفاصيله أسئلة للبحث والتفكير حول سبب زيارة الملك فيصل الثاني للمدينة المقدّسة مرتين خلال أقل من عامين، فيتساءلون هل كان الأمر محاولة جديّة من خاله الوصيّ لتوطيد أركان الحكم الهاشميّ في القدس، أمّ أنّ الامر لا يتعدّى سوى رسائل رمزيّة تودّ العائلة الهاشميّة أن ترسلها للشعوب العربيّة بأنّهم هم الراعون والحامون للأماكن المقدّسة في فلسطين؟​

​عنوان الصفحة الأولى من مجلة المنتدى – آذار 1943

وتزودنا مجلّة المنتدى في عددها الأول بتفاصيل حول الزيارة الأولى للقدس، حين كان الملك فيصل في الثامنة من عمره، فتمدّنا بتفاصيل الزيارة وأسماء المرافقين للملك، فشارك فيها قنصل العراق العام وقائمقام القدس ونرى أيضًا في الصورة فضيلة الشيخ يوسف طهبوب، أحد اعضاء المجلس الإسلامي الأعلى البارزين.

صورتان حول زيارة الملك إلى المسجد الأقصى: الاولى مع مستقبليه الرسميّين، الثانية مع شيوخ الحرم الشريف​

ونراه يوقّع أسمه في دفتر التشريفات بدار القنصليّة العراقيّة حيث أقام وعائلته، ومن الملفت أنّه خصّصت المجلّة رسّامًا خاصًّا، قام برسم الملك رسمة خاصة على الدرج المُقابل لقبّة الصخرة المشرّفة.

وجبة الغذاء للملك فيصل الصغير في قصر الأمير عبدالله المعظّم

فيما يزودنا العدد الثاني من مجلة المنتدى في الأول من تموز 1944 بتفاصيل الزيارة الثانية والتي كانت هذه المرة تستهدف توطيد العلاقات السياسية، فنرى صورًا من زيارته لقادة في الجيش الانجليزي، إضافة لزيارة للجيش العربي عند وصوله.

الملك فيصل الثاني في حضرة مودّعيه، ونرى في الصورة أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى

رُبّما لم يعلم الملك فيصل الثاني أنّ تسمية الباب ستدوم أكثر من كلّ محاولاته التي لن تتكلّل بالنجاح التام، فكان اغتيال الملك عبد الله في القدس عام 1950، أما الملك الصغير فسيتم تصفيته في احدى أبشع المجازر في التاريخ الحديث، فيقتل هو ووالدته وخاله في ساحة القصر عام 1958 لتختتم قصة العائلة الهاشميّة في العراق.

التغطية الصحفيّة في العدد الرابع من المجلد الثاني من مجلّة المُنتدى