لم تكن هذه الزيارة هي الأولى للأمير الصغير وكثير ما يطرح المتابعون لأحداث التاريخ الحديث والمدقّقون لتفاصيله أسئلة للبحث والتفكير حول سبب زيارة الملك فيصل الثاني للمدينة المقدّسة مرتين خلال أقل من عامين، فما هي رسالة العائلة الهاشميّة للشعوب العربيّة؟
يطلق المقدسيّون حتّى يومنا هذا على باب العتم في المسجد الأقصى المُبارك باب الملك فيصل، فقد أطلق المجلس الإسلامي الأعلى هذه التسمية بعد زيارة الملك فيصل للقدس عام 1943، حيث تبرّع آنذاك بعمارة هذا الباب في المسجد الأقصى المُبارك، في حين لم تكن هذه الزيارة هي الأولى، وكثير ما يطرح المتابعون لأحداث التاريخ الحديث والمدقّقون لتفاصيله أسئلة للبحث والتفكير حول سبب زيارة الملك فيصل الثاني للمدينة المقدّسة مرتين خلال أقل من عامين، فيتساءلون هل كان الأمر محاولة جديّة من خاله الوصيّ لتوطيد أركان الحكم الهاشميّ في القدس، أمّ أنّ الامر لا يتعدّى سوى رسائل رمزيّة تودّ العائلة الهاشميّة أن ترسلها للشعوب العربيّة بأنّهم هم الراعون والحامون للأماكن المقدّسة في فلسطين؟
وتزودنا مجلّة المنتدى في عددها الأول بتفاصيل حول الزيارة الأولى للقدس، حين كان الملك فيصل في الثامنة من عمره، فتمدّنا بتفاصيل الزيارة وأسماء المرافقين للملك، فشارك فيها قنصل العراق العام وقائمقام القدس ونرى أيضًا في الصورة فضيلة الشيخ يوسف طهبوب، أحد اعضاء المجلس الإسلامي الأعلى البارزين.
ونراه يوقّع أسمه في دفتر التشريفات بدار القنصليّة العراقيّة حيث أقام وعائلته، ومن الملفت أنّه خصّصت المجلّة رسّامًا خاصًّا، قام برسم الملك رسمة خاصة على الدرج المُقابل لقبّة الصخرة المشرّفة.
فيما يزودنا العدد الثاني من مجلة المنتدى في الأول من تموز 1944 بتفاصيل الزيارة الثانية والتي كانت هذه المرة تستهدف توطيد العلاقات السياسية، فنرى صورًا من زيارته لقادة في الجيش الانجليزي، إضافة لزيارة للجيش العربي عند وصوله.
رُبّما لم يعلم الملك فيصل الثاني أنّ تسمية الباب ستدوم أكثر من كلّ محاولاته التي لن تتكلّل بالنجاح التام، فكان اغتيال الملك عبد الله في القدس عام 1950، أما الملك الصغير فسيتم تصفيته في احدى أبشع المجازر في التاريخ الحديث، فيقتل هو ووالدته وخاله في ساحة القصر عام 1958 لتختتم قصة العائلة الهاشميّة في العراق.