لم يكد قدري طوقان يبلغ العشرين من عمره، حتى أضحى عنواناً يقصده محررو الصحف والمجلات وأصحاب المطابع؛ إذ اعتبر من رواد النهضة العربية والفلسطينية.
استطاع طوقان والمولود عام 1910 وفي جيل صغير لفت أنظار العلماء العرب، ففي عام 1935 وقبل أن يبلغ الخامسة والعشرين من عمره، نشر مقالاً في جريدة الجهاد المصرية تحت “عنوان بعث الثقافة العربية” المقال أثار اهتمام الأوساط العلمية العربية مما حدا بالعالم المصري الكبير علي مصطفى مشرفة (الملقب بأينشتاين العرب) إلى الرد على المقال، فبعد أن أثنى عليه واشاد بمضمونه كتب: “وليس بغريب أن تتوافق خواطرنا إذ تجمعنا صلة قوية هي صلة الثقافة العربية التي يجري دمها في عروق المصري والشامي والعراقي والمراكشي على السواء”، وهو ما أوردته جريدة فلسطين في مقال ملفت في 7 تموز 1935.
على مشارف سنة 1929، أنهى طوقان دراستة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان اسمه يتردد على كل الألسنة، وحين عاد إلى فلسطين تقلد مباشرة منصب مدير كلية النجاح الوطنية في مدينة نابلس.
للمزيد من المواد الرقمية وصور مدينة نابلس في المكتبة الوطنية.
حاول طوقان من خلال عمله إحياء النهضة، ولكنه كان مقتنعاً أن المشكلة تكمن في واقع فلسطين ففي نظر طوقان من الصعب جداً أن تبني مشروعاً نهضوياً في بلد يخضع للاستعمار وهو ما كان قد ذكره في مقالة سابقة نشرها في جريدة الدفاع في 27 تشرين الثاني 1935 قال فيها: “إن هذه الحكومات تسير على برنامج استعماري خاص من شأنه أن يقضي على كل ما من شأنه رفع مستوى الأمة ورقيها، لهذا وجب على العلماء العرب في هذه البلاد والشباب المثقف العامل أن يلتفتوا إلى هذه الناحية ويعيروها بعض اهتمامهم وأن يعتمدوا على أنفسهم قبل كل شيء…”
مع تغير المراحل والحقب، تبدلت السلطات أيضاً وبات طوقان يعيش في كنف الحكم الأردني بدلاً من الحكم الانجليزي، ومن خلال المؤسسات الأردنية سينشط طوقان مجدداً ولكن في اتجاه آخر ليس في العلوم هذه المرة وإنما في السياسية حيث سيصير عضواً في مجلس النواب الأردني وستتوج مسيرته السياسية بتقلده منصب وزير خارجية الأردن عام 1964.
خلال مسيرته، نشر طوقان العديد من المؤلفات مثل “تراث العرب العلمي” و “نواح مجيدة في الثقافة الإسلامية” و “الأسلوب العلمي عند العرب” وغيرهم. ربما لم يشهد طوقان تحقق النهضة العربية التي أراد، ولكنه يظل بلا شك رائداً نهضوياً ساهم في إحياء وحفظ جانب مهم من تراث العرب العلمي، وكانت وفاته في آذار من عام 1971 فاجعة أحزنت المحافل العلمية والثقافية ورثاه العلماء والمفكرون ونشرت أخبار وفاته على الصفحات الأولى للمجلات والصحف العربية، ليظل اسمه عنواناً للنهضة العربية.