الطنطورة: نظرة عامة على القرية

تمتاز قرية الطنطورة بموقعها البارز المطل على ساحل البحر الأبيض؛ إذ اعتُبِرت حلقة وصل للنشاطات التجارية بين المدن المركزية في البلاد. سنتعرّف في هذا المقال على طبيعة المشهد العام للطنطورة، والحياة الاقتصادية والتعليمية بإتاحة بعض المواد الرقمية.

الطنطورة: 1920-1930، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية.

الطنطورة: 1920-1930، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية.

“البحر حدّ البلد، يعيرها أصواته وألوانه، يلّفها بروائحه، نشمّها حتى في رائحة خبز الطابون.” هكذا استهّلت رضوى عاشور وصف قرية الطنطورة بعلاقتها الفريدة والراسخة مع البحر الأبيض بامتزاجها بخصائص البحر والبر. تقع قرية الطنطورة على ساحل البحر على بُعد 24 كيلو مترًا غرب مدينة حيفا، وتحيط بها العديد من البلدات والقرى العربية مثل: الفريديس، عين غزال، إجزم وجسر الزرقاء. وقبل العام 1948، قُدّرت مساحة أراضي الطنطورة أكثر من 12 ألف دونمًا، ووفقًا لإحصائيات السُّكان حتى العام 1945، كان في القرية ما يقارب الـ 1940 نسمة من العرب. (الخالدي، 1997). أمّا التسمية، فإنّ كلمة “طنطور” تعني المكان المرتفع قليلًا على هيئة قبعة مخروطية الشكل نوعًا ما، إذ تقع قرية الطنطورة على تل صغير وتظهر كشكل مخروطي. وسنتعرّف في هذا المقال على طبيعة المشهد العام للطنطورة، والحياة الاقتصادية والتعليمية بإتاحة بعض المواد الرقمية من صور وأخبار من موقع جرايد لأرشيف الصحف الفلسطينية القديمة.

الموقع الجغرافي والمشهد العام
تمتاز قرية الطنطورة بموقعها البارز المطل على ساحل البحر الأبيض، ويحاذي الشاطئ العديد من الجُزُر الصخرية والمُغُر، بالإضافة إلى انتصاف القرية الطريق بين مدينة حيفا ومدينة يافا؛ حيث كانت حلقة وصل للنشاطات التجارية بين المدينتين المركزيتيْن. وحينما أراد نابليون بونابرت احتلال مدينة عكا، مرّ بالطنطورة وجعل منها قاعدة عسكرية لجيوشه للزحف نحو المدينة، ولاحقًا استراحوا فيها بعد هزيمتهم على أسوار المدينة. بالإضافة إلى ذلك، أنشئت في الطنطورة محطة قطار لسكة الحديد قبل التوّجه لمدينة حيفا؛ إذ كان ميناء الطنطورة من موانئ الساحل التجارية الهامة.

اقرأ/ ي أيضًا: نابليون بونابرت: رسائل، خرائط وأراشيف رقمية من المكتبة الوطنية

خريطة توضيحية لموقع قرية الطنطورة والقرى والبلدات المحيطة
خريطة توضيحية لموقع قرية الطنطورة والقرى والبلدات المحيطة

 

مشهد جغرافي عام لصخور القرية المحاذية للشاطئ وعليها مجموعة من الصيّادين
مشهد جغرافي عام لصخور القرية المحاذية للشاطئ وعليها مجموعة من الصيّادين

النشاط الاقتصادي في الطنطورة

جعل موقع الطنطورة الاستراتيجي، كما أسلفنا، من القرية نقطة تجارية هامة للنقل التجاري البحري والبري؛ إذ حرصت على تصدير منتاجاتها من زراعة الحبوب مثل العدس والفول والسمسم والأشجار الثمرية مثل التين والرمان والتفاح والليمون، إلى جانب موسم البطيخ في الطنطورة الذي كان يُصدَّر إلى مدينتي حيفا، يافا، وغزة وكذلك مصر ولبنان.

واشتهرت الطنطورة كذلك بصيد الأسماك، إذ اهتمت القرية ومجلسها المحلي بطلب دعم الحكومة بتزويدها بقوارب صيد كي يزداد الإنتاج وبالتالي تقل أسعار البيع وتستطيع العائلات “المستورة” شراء السمك بأسعار معقولة، كما ورد في صحيفة الدفاع في العام 1943. كذلك ورد في صحيفة الدفاع في العام 1941، بأنّ دائرة مصائد الأسماك قد اهتمت بتزويد رخص قوارب لمئتي صيّاد لتشجيع حركة الصيد في منطقة حيفا وزيادة الإنتاج وبالتالي يتحسّن الدخل العام للقرية. وقد تمّيز صيادو الأسماك في الطنطورة بطريقة خاصة بهم في الصيد مما دفع حاكم اللواء بزيارة الطنطورة في موسم الصيد للتفرّج على هذه الطريقة. وقد وثّق الدكتور شكري العرّاف في كتابه “مصادر الاقتصاد الفلسطيني” منتوجات ومردودات إنتاج السمك في الطنطورة ومناطق عربية أخرى، وقد حرصت صحيفة الاتحاد بتقديم ملخصات لهذا الكتاب على مراحل في أعداد مختلفة من الصحيفة.

الدفاع: 4 أيّار 1943
الدفاع: 4 أيّار 1943

 

صحيفة الدفاع: 20 نيسان 1941
صحيفة الدفاع: 20 نيسان 1941

 

 

 

الدفاع: 30 نيسان 1943
الدفاع: 30 نيسان 1943

 

 

 

الاتحاد: 6 تموز 2000
الاتحاد: 6 تموز 2000

 


الحياة التعليمية

كانت الطنطورة مركزًا لأبناء وبنات القرى المجاورة؛ إذ بنيت مدرسة البنين في العام 1889 وقد كانت حتى الصف السابع، وبعد ذلك يقصد الطلبة مدارس حيفا المركزية وقد اهتم مجلس القرية بدفع المتفوقين لاستكمال تعليمهم وذلك بالتكفّل بتكاليف الدراسة للأول والثاني. بينما أُنشئت مدرسة للإناث في العام 1938، وكانت حتى الصف الرابع، ولمن أرادت استكمال تعليمها تتجه لمدارس الراهبات في حيفا أو الناصرة أو يافا. وفي العام 1942، فُرِض التعليم الإجباري على الذكور والإناث .  فيما استعدت الطنطورة لبناء مدرسة داخلية عالية لطلبة الطنطورة والقرى المحيطة كما ورد في صحيفة الاتحاد في العام 1941.

الدفاع: 29 تمّوز 1941
الدفاع: 29 تمّوز 1941

 

الدفاع: 31 آذار 1942
الدفاع: 31 آذار 1942

ختامًا، اعتُبرِت الطنطورة ذات مكانة هامة في العديد من الجوانب الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية التي جعلت من اسم الطنطورة كما يقال “نارًا على علم”، وقد أصبحت في أيّامنا هذه عبارة عن منتزه كبير، والذي تم إنشاؤه في العام 1943 بعد تجفيف المستنقعات المائية الضارة وزراعة أشجار الكينا وأشجار حُرشية أخرى، بالإضافة إلى متحف.

الدفاع: 14 شباط 1943
الدفاع: 14 شباط 1943

تصفحوا مواد الطنطورة في أروقة المكتبة الرقمية

يوم القدس والرّقص بالأعلام

احتفالات يوم توحيد القدس والرقص بالأعلام الإسرائيلية، نظرة تاريخية عامة على هذا اليوم.

“أتعرفين؟ طوال عشرين سنة كنت أتصور أن بوابة مندلبوم ستفتح ذات يوم …ولكن أبداً، أبداً لم أتصور أنها ستفتح من الناحية الأخرى. لم يكن ذلك يخطر لي على بال، ولذلك فحين فتحوها هم، بدا لي الأمر مرعباً وسخيفاً وإلى حدٍّ كبيرٍ مُهيناّ تماماً … قد أكون مجنوناً لو قلتُ لكِ إن كل الأبواب يجب ألاّ تفتح إلا من جهةٍ واحدةٍ، وإنها إذا فُتحت من الجهة الأخرى، فيجب اعتبارها مغلقةً لا تزال، ولكن تلك هي الحقيقة”.

لم تكن كلمات الروائي غسان كنفاني إلا انعكاسًا لنتائج حرب حزيران عام 1967، والتي أسفرت بشكل أساسي عن ضم الجزء المتبقي من مدينة القدس وتوحيدها تحت السيادة الإسرائيلية وهدم ما تبقى من بوابة مندلبوم التي كانت تفصل بين الشطر الغربي والشرقي من القدس. بعد 55 عامًا، لا يزال معظم الإسرائيليين يحتفلون بما يُعرف بيوم التوحيد لشطري مدينة القدس.

في الثّامن والعشرين من الشّهر الثّامن في التّقويم العبريّ يحتفل الإسرائيليّون بيوم القدس، ومن أشهر تقاليد هذا العيد مسيرة ترقيص الأعلام الّتي يجوب بها الآلاف بلدة القدس القديمة. فما قصّة هذا الاحتفال وما هي مراسمه؟

يوم القدس هو عيد وطني يحتفل فيه الإسرائيليّون بذكرى توحيد مدينة القدس بشقّيها الغربي مع الشّرقي خلال حرب عام 1967 ويُسمّى أيضًا بيوم توحيد القدس ويوم تحرير القدس. من التّقاليد الشّهيرة في هذا اليوم كلّ عام مسيرة ترقيص الأعلام الّتي تنطلق من غرب المدينة وتدخل البلدة القديمة من أبوابها لتلتقي عشرات الآلاف من الشّبيبة في ساحة الحائط الغربيّ. فكيف تشكّلت هذه التّقاليد؟

في العام التّالي للسّيطرة الإسرائيليّة على شرقيّ مدينة القدس قام نشطاء من حركات ومدارس دينيّة-قوميّة بالمطالبة بإقامة وقفة احتفاليّة عند الحائط الغربيّ احتفالًا بذكرى الانتصار إلّا أنّهم لم يحصلوا على موافقة الحكومة فقاموا بإحياء الاحتفال خارج أسوار البلدة القديمة بقيادة رجال دين بارزين استمرّوا بالعمل على ترسيخ الثّامن والعشرين من الشّهر الثّامن للسّنة العبريّة ذكرى وطنيّة لحيازة القدس كاملة. إلّا أنه في ذلك الوقت، انطلق بعض تلاميذ المدرسة الدّينيّة مركاز هراف ليلًا بقيادة أستاذهم راف تسفي يهودا كوك ليسيروا رقصًا من مركز المدينة في شارع يافا وحتّى الحائط الغربيّ في البلدة القديمة. تحوّلت هذه المسيرة فيما بعد إلى حدث جماهيري كبير يتكرّر كلّ عام، ففي عام 1974 تمّ إشراك عدد كبير من المدارس الدّينيّة ومنذ ذلك الحين ما زالت المسيرة مستمرّة، وتشكّل إحدى الأحداث الأكثر بروزًا على رزنامة التّيار الصّهيونيّة الدّينيّة في إسرائيل.

مسيرة يوم القدس، 1992، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية
مسيرة يوم القدس، 1992، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية

يمثّل هذا اليوم بالنّسبة للمحتفلين فيه مناسبة للفخر وللتأكيد على السّيادة اليهوديّة والإسرائيليّة على كامل القدس، ويتغيّر مسار المسيرة أحيانًا بحسب الظّروف ورغبة القائمين عليها، لكنّها دومًا ما تبدأ من غرب المدينة وتتجّه نحو البلدة القديمة لتدخلها من أبوابها وتصل إلى ساحة الحائط الغربيّ. تستمرّ مراسم مسيرة الرّقص بالأعلام حتّى ساعات المساء، ويشارك بها عشرات الآلاف من شبيبة التّيار الدّيني-القومي.

في العادة، يتمّ دخول البلدة القديمة من عدّة أبواب من ضمنها باب العامود وباب الخليل، في الماضي تمّ منع المسيرة من دخول البلدة القديمة من باب الأسباط لعدّة سنوات إلّا أن المنع تم إبطاله في عام 2017. أما باب العامود فهو جزء من المسار التّقليدي لمسيرة الأعلام، وقد تمّ منع المسيرة من المرور فيه فقط في العام الماضي 2021.

بالرّغم من كون هذه المسيرة تقليد قائم منذ أواخر السّتينيّات، أي تمامًا بعد إتمام السّيطرة العسكريّة لإسرائيل على شرق القدس، إلّا أن “يوم القدس” لم يغدُ عيدًا وطنيًا رسميًا في دولة إسرائيل سوى بعد اتّفاقيّات أوسلو وبدء الحديث حول مبادرة السّلام العربيّة بسنوات قليلة، ففي العام 1998 وافق الكنيست أخيرًا على اعتبار التّاريخ المحدّد مناسبة وطنيّة للدّولة تحت عنوان “يوم يروشلايم” أي يوم القدس.

بهذه المناسبة، بالإضافة إلى مسيرة الرّقص بالأعلام، يُقام احتفالٌ رسميّ للدولة في موقع إحدى أهمّ المعارك على القدس عام 1967 في تلة الذخيرة، بالإضافة إلى الجولات الميدانيّة والاحتفالات المتفرّقة للمواطنين، وكذلك مراسم دينيّة معيّنة. ومن الجدير بالذّكر أن مسيرة الأعلام لم تكن الأولى من نوعها في شرق المدينة، فقد أقامت الدّولة مسيرة عسكريّة هناك هناك في يوم الاستقلال لعام 1968.

من المسيرة العسكريّة في يوم الاستقلال عام 1968 شارع السلطان سليمان في القدس.
من المسيرة العسكريّة في يوم الاستقلال عام 1968 شارع السلطان سليمان في القدس.

 

دالية الكرمل – من تمرّد جبل لبنان حتّى حلف الدّم مع إسرائيل

ضمن سلسلة من الأعمال المتعلّقة بالطّائفة الدّرزيّة، ندعوكم للتعرّف على قصّة دالية الكرمل من خلال صور ومواد وُجدت في المكتبة الوطنيّة.

متجر وصاحبه في دالية الكرمل عام 1960

تأسست قرية دالية الكرمل كقرية درزيّة منذ البداية في عشرينيّات القرن السّابع عشر حين أمر الأمير فخر الدّين المعني الثّاني ببناء ستّة عشر قرية درزية على جبال الكرمل في مدينة حيفا لتعزيز النّفوذ الدّرزيّ في المنطقة وحماية الحدود الجنوبيّة لولايته. فالأمير فخر الدّين المعني، الوالي الطّموح الّذي نجح ببناء جيشه الخاص وتوسعة ولايته لتشتمل على معظم أراضي سورية الكبرى، أراد أن يضمن وجود من يسانده في هذا الموقع الاستراتيجيّ على شمال السّاحل الفلسطيني فاختار جبل الكرمل، ويقال أنّ الموقع الّذي بُنيت عليه القرية كان يعجّ بالـ “دّوالي” البريّة (أوراق العنب باللّهجة الشّاميّة)، فكان جنود المعني يشيرون إلى الموقع بالـ “دالية”، وهكذا أصبحت القرية المقامة عليها “دالية الكرمل”.

لم يبقى إلى اليوم من هذه القرى السّتة عشر سوى دالية الكرمل وجارتها عسفيا، وكان سكّان هذه القرى الأوائل من عائلات الطائفة درزيّة موالية للمعني من سورية ولبنان. وهناك روايات أخرى تُرجّح بداية التّوطّن الدّرزي في جبل الكرمل إلى ما بعد فترة الأمير فخر الدّين، كما ويعتقد البعض أن القرية وُجدت قبل هذه الفترة لوجود مقام قديم في القرية.

نساء من دالية الكرمل بجانب فرن القرية ، 1890-1910، أرشيف بن تسفي
نساء من دالية الكرمل بجانب فرن القرية ، 1890-1910، أرشيف بن تسفي

              للمزيد حول الطائفة الدرزية، تصفحوا البوابة المعرفية لأرشيف مصوّر خاص بالدروز في زوايا المكتبة الرقمية

لقرية دالية الكرمل تاريخ متفرّد خاص بها يميّزها عن المنطقة ويربطها بمناطق أخرى وبالتّاريخ الأوسع لسورية الكبرى، فبالرّغم من الاختلاف حول قصّة بنائها، إلّا أن جميع القصص تشير إلى الهجرة من سورية ولبنان نحو فلسطين، ثمّ لاحقًا، الهجرة الدّاخلية من قرى محيطة إلى دالية الكرمل أثناء حملة إبراهيم باشا على سورية في منتصف القرن التّاسع عشر؛ إذ هاجم قرى الدّروز في الكرمل في طريق عودته إلى مصر فأدّى إلى نزوح أهالي عدد من القرى الدّرزيّة المحيطة إلى دالية الكرمل وهدم قراهم. بالإضافة إلى موجة نزوح ثانية شهدتها القرية عام 1948 من سكّان القرى المجاورة.

نجد في داخل القرية منطقة أثريّة تحتوي على مدافن ومعاصر وأُسس منحوتة من الصّخور تشهد على تأسيس القرية وتغيّر ثقافتها عبر العصور. وفي العقود الأخيرة من العهد العثماني في فلسطين، نجد أن القرية استقبلت بكلّ ترحاب ساكنًا أجنبيًا من أصول اسكتلنديّة “سير لورانس أوليفانت” الرّحالة، الّذي ابتاع في القرية قطعة أرض وعمّر فيها بيتًا على الطّراز الأوروبي ما زال قائمًا إلى اليوم. وقد كتب أوليفانت عدّة مقالات صحافيّة حول حياته في فلسطين وصف فيها معيشته مع الدّروز في دالية الكرمل، ووصفهم بالجدّيين والمستقيمين، وبالطّيبين الّذين يُقدّرون المعاملة الحسنة.

قبل فترة مكوث سير أوليفانت، ذكر الرّحالة البريطانيّ لورد كيشنر أنّ عدد سكّان دالية الكرمل عام 1859 كان 300 نفرًا وفي عسفيا 400 نفرًا. وقد بلغ عدد سكّان دالية الكرمل في عام 1911 بحسب الإحصاء العام للحكومة العثمانيّة 838 نفرًا سكنوا قرابة مائتين بيت من بينهم عائلة حلبي وبيراني وقرا/قره وسلوم وخطيب وقبلان وحسّون وغيرهم.

 

دالية الكرمل في عهد الانتداب البريطاني – الثّورة الفلسطينيّة وبناء المدارس

 

خبر يتناول دالية الكرمل في جريدة الدّفاع 7.4.1938
خبر يتناول دالية الكرمل في جريدة الدّفاع 7.4.1938

نرى عبر الأخبار الّتي تناولت دالية الكرمل في عهد الانتداب البريطانيّ أنّ حال القرية لم يختلف عن أحوال قرى فلسطين عمومًا. فبالرّغم من الاعتقاد العام بأن أبناء الطّائفة الدّرزية لم ينخرطوا في صفوف المعارضة الفلسطينيّة لحكومة الانتداب والهجرة اليهوديّة، نجد خبرًا عن القرية في جريدة الدّفاع في السّابع من نيسان عام 1938، أي في أوج الثّورة الفلسطينيّة الّتي اندلعت عام 1936 واستمرّت حتّى عام 1939، بأنّ حكومة الانتداب البريطانيّ تفرض على أهالي قرية دالية الكرمل غرامة بقدر خمسمائة جنيه بل وأرسلت قوّة خاصّة إلى القرية لجباية الضّريبة. وكان سبب هذا العقاب الجماعيّ هو إطلاق النار من قرية دالية الكرمل نحو عمّال يهود كانوا يقومون بتعبيد طريق جديدة في سفح الجبل.

"دالية الكرمل قرية عربيّة" من صفحة شؤون الفلّاحين في جريدة الاتّحاد 21.5.1944
“دالية الكرمل قرية عربيّة” من صفحة شؤون الفلّاحين في جريدة الاتّحاد 21.5.1944

بينما يجدر بالذّكر هنا أنّ أهالي القرية كانوا قد رحّبوا بالطّرق المعبّدة من قبل حكومة الانتداب قبل ذلك، فأوّل طريق للقرية تمّ شقّه في بداية الثّلاثينيّات من أجل استقبال ضيوف لساكنة أجنبيّة في بيت أوليفانت السّابق ذكره، إذ قامت السيّدة بدعوة حاكم لواء حيفا مع ضيوف آخرين وفي أعقاب الدّعوة تمّ تعبيد شارع يربط قرية دالية الكرمل بحيفا عن طريق عسفيا، وكان هذا الشّارع وفقًا لإصدار مركز “سِوا”، أول طريق معبّد يصل القرية بالخارج، وقد رحّب به أهالي القرية حينها.

رجال يركبون الحميرعند مدخل القرية عام 1939، أرشيف بن تسفي
رجال يركبون الحميرعند مدخل القرية عام 1939، أرشيف بن تسفي

 

رجال في دالية الكرمل يلعبون الشطرنج عام 1936، أرشيف بن تسفي
رجال في دالية الكرمل يلعبون الشطرنج عام 1936، أرشيف بن تسفي

 

كما نجد في عام 1944 محاولة من شابّين من دالية الكرمل لفت نظر حكومة الانتداب إلى حاجة مدرسة القرية الّتي بناها أهالي البلدة بأنفسهم للتّوسعة والرّعاية الحكوميّة إذ لم تتّسع حينها إلّا لنصف أطفال القرية الّذين يرغبون بالتّعلّم. وقد قاموا بذلك من خلال السّفر إلى أحد مكاتب جريدة الاتّحاد وتقديم طلب لنشر شكواهم وطلباتهم لتسمعها حكومة الانتداب.

زائرتان يهوديتان للقرية 1937-1939، أرشيف بن تسفي
زائرتان يهوديتان للقرية 1937-1939، أرشيف بن تسفي

 

العقود الأولى تحت الحكم الإسرائيلي –  التّجنيد الإجباري بين القبول والرّفض

 

أهالي حيّ في دالية الكرمل مجتمعين عام 1956، أرشيف بن تسفي
أهالي حيّ في دالية الكرمل مجتمعين عام 1956، أرشيف بن تسفي

 

منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، تطوّع عددٌ من الدّروز في صفوف الجيش الإسرائيلي في كتيبة خاصّة ضمت دروز، بدو وشركس، إلّا أنّه في أواخر الخمسينيّات، قامت دولة إسرائيل بالاعتراف بالطّائفة الدّرزية كديانة مستقلّة، كما فُرض على شباب قرية دالية الكرمل، كحال جميع الشّباب الدّروز حينها في البلاد، الخدمة الإجباريّة في الجيش الإسرائيليّ بعد سنوات قليلة من المراسلات والتردّدات بين بعض قادة الطّائفة الدّرزيّة على رأسهم الشيخ أمين طريف والحكومة. إلّا أنّ قرار فرض التّجنيد قوبل أيضًا برفض من قبل شريحة كبيرة من الدّروز؛ حيث امتنع الكثير من الشّبان عن استلام أوامر تجنيدهم، فنجد في عام 1956 على سبيل المثال أن 60 فقط من أصل 141 شاب مطلوب للتّجند من قرى الكرمل  حضروا بالفعل إلى مكتب التّجنيد في حيفا. (وثيقة من أرشيف الجيش بحسب فرّو، 2019، ص284) استمرّت محاولات قمع هذا الرّفض حتّى سنوات السّبعينيّات على ما يبدو، إذ نجد حادثة في صحيفة الاتّحاد في 17 حزيران 1978، تصف غضب أهالي قرية دالية الكرمل من اقتحام بيوتهم واعتقال أبنائهم بالقوّة لإجبارهم على التّجنّد في حملة امتدّت إلى دروز شفاعمرو كذلك.

"العدوان البوليسي على دالية الكرمل" صحيفة الاتّحاد 27 حزيران 1978
“العدوان البوليسي على دالية الكرمل” صحيفة الاتّحاد 27 حزيران 1978


حلف الدّم وزيارة زعماء دولة إسرائيل إلى دالية الكرمل

إن كانت العلاقات مضطربة في بدايتها فإنّها في العقود التّالية ازدهرت بلا شكّ بين القرية الجبليّة والدّولة كما ازدهر بالتّوازي اقتصاد القرية وأسواقها السّياحيّة. ويظهر هذا الازدهار جليًا في مجموعة من الصّور الّتي التقطت أثناء زيارات عديدة لقادة الدّولة إلى القرية في مناسبات عديدة. ففي الثّامن من أيّار عام 1968 شارك رئيس أركان الجيش الإسرائيلي موشيه دايان في جنازة الرّقيب لطفي ناصر الدّين من قرية دالية الكرمل وشارك في مراسم الدّفن بنفسه تأكيدًا على تقدير الدّولة لدور الدّروز في حماية أمنها. كما نجد في عام 1974 احتفالاً بافتتاح سوق للقرية بحضور وزير السّياحة حينها موشيه كول الّذي استقبله أهالي القرية برفع الأعلام الإسرائيليّة. وفي عام 1991 شارك رئيس الحكومة يتسحاك شامير في مؤتمر احتفالي للطّائفة الدّرزيّة في القرية.

من جنازة الرّقيب الرّاحل لطفي ناصر الدّين 1968، يظهر قائد الأركان موشيه دايان وفي يمين الصّورة يظهر الشّيخ أمين طريف رئيس الطّائفة الدّرزيّة، أرشيف دان هداني
من جنازة الرّقيب الرّاحل لطفي ناصر الدّين 1968، يظهر قائد الأركان موشيه دايان وفي يمين الصّورة يظهر الشّيخ أمين طريف رئيس الطّائفة الدّرزيّة، أرشيف دان هداني

 

من جنازة الرّقيب الرّاحل لطفي ناصر الدّين 1968، أرشيف دان هداني
من جنازة الرّقيب الرّاحل لطفي ناصر الدّين 1968، أرشيف دان هداني

 

من افتتاح سوق في دالية الكرمل عام 1974 بحضور الوزير موشيه كول، أرشيف دان هداني
من افتتاح سوق في دالية الكرمل عام 1974 بحضور الوزير موشيه كول، أرشيف دان هداني

 

صورة داخل متجر في دالية الكرمل عام 1974، أرشيف دان هداني
صورة داخل متجر في دالية الكرمل عام 1974، أرشيف دان هداني

 

رئيس الحكومة السّابق يتسحاك شامير في دالية الكرمل عام 1991، أرشيف دان هداني
رئيس الحكومة السّابق يتسحاك شامير في دالية الكرمل عام 1991، أرشيف دان هداني

 

تطوّرت العلاقات بين أبناء الطّائفة المعروفيّة  في دالية الكرمل والبلدات الدّرزيّة ودولة إسرائيل بلا شكّ فأصبحت مزارًا للسّياحة الدّاخليّة للمواطنين اليهود الّذين يرغبون بالتّعرف على ثقافة الدّروز الّذين يخدمون الدّولة جنبًا إلى جنب معهم، كما تمّ إنشاء المصانع والمشاغل والمصالح الّتي ساهمت بنهضة اقتصاديّة ملحوظة، وقد وصف البعض هذه العلاقة بين أبناء الطّائفة الدّرزيّة والدّولة ب”حلف الدّم” للتأكيد على أنّها علاقة وثيقة ومتينة وهو ما نراه في المشاهد التّي تصدّرت الصّور الأرشيفيّة لقرية دالية الكرمل في المكتبة، إلّا أننّا نجد أيضًا أنّ مطالبات القرية بالمساواة والتّطوير بقيت تطفو على السّطح من خلال رؤساء المجلس المحلّي تارة والمظاهرات الشّعبيّة تارة أخرى، وهو ما نراه في أخبار القرية في صحيفة الاتّحاد في سنوات الثّمانينيّات والتّسعينيّات.

إليكم بعض هذه الأخبار:

 

عن شكوى عاملات دالية الكرمل في المصانع، الاتحاد 26 حزيران 1981
عن شكوى عاملات دالية الكرمل في المصانع، الاتحاد 26 حزيران 1981

 

مظاهرة لأهالي دالية الكرمل ضدّ التّمييز العنصري، الاتّحاد 1 حزيران 1992
مظاهرة لأهالي دالية الكرمل ضدّ التّمييز العنصري، الاتّحاد 1 حزيران 1992

 

 مذكّرة رئيس المجلس المحلّي إلى رئيس الدّولة، الاتّحاد 15 أيّار 1992

مذكّرة رئيس المجلس المحلّي إلى رئيس الدّولة، الاتّحاد 15 أيّار 1992

 

دالية الكرمل تستعدّ للنّضال الشّعبي إن لم يتم الاعتراف بها كقرية تطوير "أ"، الاتّحاد 6 تشرين الثّاني 1994
دالية الكرمل تستعدّ للنّضال الشّعبي إن لم يتم الاعتراف بها كقرية تطوير “أ”، الاتّحاد 6 تشرين الثّاني 1994

 

المصادر التي اعتمد عليها في هذا المقال:

دالية الكرمل في ثلاثمائة عام، نزيه خير، دار الهدى للنّشر في كفرقرع، 1991.
دالية الكرمل حضارة وتاريخ، حركة سوا، 2009.
دروز في زمن الغفلة، قيس فرو، مؤسّسة الدّراسات الفلسطينيّة، 2019.

الشيخ أمين طريف: رجل حمل همّ توحيد الطائفة الدرزية

قاد الشيخ أمين طريف منذ خمسينيّات القرن الماضي مهمة توحيد الطائفة الدرزية، ونسلّط الضوء في تدوينتنا على هذه الحكاية ومراحلها.

الشيخ أمين طريف، 1961، أرشيف يتسحاك بن تسفي، المكتبة الوطنية

كان الهمّ الدرزي الأول منذ العهد العثماني في فلسطين هو الاستقلال عن باقي الطوائف العربية والدينية وذلك لاختلاف النهج الديني، الثقافي وكذلك الاجتماعي. في ذلك الوقت، بدأ استقلال الطوائف والأقليات الدينية في الأحكام القضائية والتشريعية الدينية، وقوانين الأحوال الشخصية. وقد استقلّ كذلك الدروز في سوريّة ولبنان وأصبح لهم محاكمهم ومجالسهم الدينية الخاصة بهم، باستثناء دروز البلاد الذين عانوا وجاهدوا في سبيل تحقيق توحيدهم واستقلاليتهم. لأجل ذلك، قاد الشيخ أمين طريف (1898 – 1993)، ابن قرية جولِس، هذه المهمة ومهمات أخرى لاحقة كانت تهدف إلى استقلالية المجالس القضائية، الدينية وحتى التربوية. كيف بدأت الحكاية إذن؟

في شتاء العام 1954، توجه الشيخ أمين طريف إلى مكتب رئيس الحكومة، موشيه شاريت حينها، مطالبًا إيّاه بالتدخل في شؤون الطائفة الدرزية في جبل الدروز في سورية وذلك كي يحميهم من هجمات أديب الشيشكلي. كان ذلك اللقاء في مدينة القدس، إلّا أنّه قوبل بالرفض من قبل الحكومة الإسرائيلية؛ إذ اعتبر حينها تدخلًا في الشأن السوري العام قبل الدرزي.

لقد تطّلع الشيخ أمين طريف إلى حماية الطائفة الدرزية في كل البلدان، فاعتنى بدروز لبنان وسورية كاعتنائه بدروز البلاد، كيف لا وهو الأب الروحي للطائفة عامة بعيدًا عن كل التقسيمات السياسية التي على ما يبدو اختار الشيخ – في بعض الأحيان – عدم الالتفات لها. في العام 1956، أصبحت الخدمة في الجيش الإسرائيلي خدمة إجبارية على دروز البلاد، وهذا القرار السياسي والعسكري مكّن الشيخ أمين طريف من استخدامه كورقة للضغط على الحكومة لحفظ حقوق الدروز، طقوسهم، أعيادهم، وحقّهم بتأسيس مؤسسات رسمية برئاسة درزية مستقلة، في ظل الحكومة الإسرائيلية كأقلية داخل البلاد. وقد واجه الشيخ العديد من العقبات كان من أبرزها أنّ الاعتراف باستقلالية الطوائف كان أمرًا متوارثًا من فترة فلسطين العثمانية، وقد أخذه الانتداب البريطاني كيفما كان سائدًا ولاحقاً استخدمته الحكومة الإسرائيلية.

لماذا لم يستقلّ الدروز في فلسطين في ذلك الوقت؟

بدأت القصة مع الوالي العثماني رشيد بك في بيروت وتحديدًا في العام 1909 إذ أوعز إلى القضاة المسلمين في مدينتيْ عكا وحيفا بعدم التدخّل في شؤون الدروز القضائية والأحوال الاجتماعية وإعطائهم كامل الاستقلالية كما هو الحال مع دروز لبنان، إلّا أن هذا الإيعاز قوبِل بالمماطلة لأنه لم يكن “فرمانًا” أي أمرًا قضائيًا من السّلطان أو حتى الباب العالي. لأجل ذلك، ربما قد عانى الدروز في القضايا التي تتعلق بالميراث، الزواج والطلاق وأمور أخرى داخل المحاكم القضائية الإسلامية أو المدنية أو غيرها من الجهات القضائية والتشريعية.

للمزيد حول الطائفة الدرزية، تصفحوا البوابة المعرفية لأرشيف مصوّر خاص بالدروز في زوايا المكتبة الرقمية

في العام 1957، نال الدروز الاعتراف، وذلك بفضل الشيخ أمين طريف، إذ تم الاعتراف بهم كطائفة مستقلة لها كامل الحق بإقامة مؤسساتها الدينية والقضائية، كباقي الطوائف في البلاد. ويخبرنا في هذا السياق الصحفي ومفتش المعارف السابق سلمان حمود فلاح في كتابه “أربعون عامًا من التعاون والعمل المشترك مع طيب الذكر المرحوم الشيخ أمين طريف“، أنّ الاعتراف بالدروز كان على مراحل، إذ تمّ أولًا الاعتراف بالطائفة بصورة قضائية. ثانيًا، وفي العام 1961، تم الاعتراف بها بصورة دينية روحية؛ حيث أصدر رئيس الحكومة ووزير الأديان أيضًا دافيد بن غوريون – في ذلك الوقت – أمرًا يسمح للدروز بتأسيس مجلس ديني برئاسة الشيخ أمين طريف وبعضوية كل من أحمد خير وكمال معدي.

 الشيخ أمين طريف برفقة مجموعة من المشايخ الدروز في ديوان رئيس الدولة يتسحاك بن تسفي، 13 تشرين الثاني، 1961، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية
الشيخ أمين طريف برفقة مجموعة من المشايخ الدروز في ديوان رئيس الدولة يتسحاك بن تسفي، 13 تشرين الثاني، 1961، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية

 

الاحتفال بتعيين المجلس الديني الدرزي في الديوان الرئاسي الإسرائيلي، 13 تشرين الثاني 1961، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية
الاحتفال بتعيين المجلس الديني الدرزي في الديوان الرئاسي الإسرائيلي، 13 تشرين الثاني 1961، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية

لم ينتهي المطاف مع الشيخ أمين طريف إلى هذا الحد، بل سعى أيضًا إلى توحيد شؤون الطائفة الدرزية في بلاد الشام كافة، في سنوات الثمانينيّات، استقبل الشيخ العديد من الوفود الدرزية على خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان للتشاور في الشؤون السياسية والقضائية الخاصة بالطائفة بعيدًا عن أيّ تدخل خارجي. وقد كانت الزيارات على شكل جولات دورية، تأخذ طابع المناسبات والزيارات الرسمية بالنسبة لأبناء المنطقة التي كان يزورها.

 لقاء درزي في هضبة الجولان، 1981، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية.
لقاء درزي في هضبة الجولان، 1981، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية.

 

اجتماع أبناء الطائفة في هضبة الجولان، 1981، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية
اجتماع أبناء الطائفة في هضبة الجولان، 1981، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية


فيديو لاجتماع  أبناء ومشايخ الطائفة الدرزية من البلاد، سورية ولبنان بقيادة الشيخ أمين طريف، 1998، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية

 

ختامًا، قد يختلف البعض مع منهجية الشيخ أمين طريف باستقلال الطائفة الدرزية في البلاد، وقد يوافق جمع آخر مع منهجيته، إلا أنّ هذا لا ينافي مدى نجاح الشيخ بتوحيد الطائفة الدرزية والاستقلال بها في أكثر بقاع الأرض صراعًا على مفهوم الاستقلال. ويبقى السؤال الأول والأخير: كيف تسعى الأقليات بالاستقلال وحماية ذاتها؟ بالاندماج مع السلطات الحاكمة أو بالتمرّد عليها؟

للمزيد من المواد الرقمية حول الشيخ أمين طريف في أروقة المكتبة الوطنية