فيلم عرس الجليل: كيف تناولته الصحافة العربية في البلاد؟

يُعتبر فيلم عرس الجليل (1987) لميشيل خليفي من الأفلام التأسيسيّة في السينما الفلسطينيّة. سنتأمّل هنا بعض المقالات حوله بالصحف العربيّة في البلاد.

الاتحاد: 24 شباط 1988

الاتحاد: 24 شباط 1988

أسّس فيلم عرس الجليل لمخرجه ميشيل خليفي (مواليد الناصرة – 1950) مرحلةً إبداعيّةً جديدةً بالسينما الفلسطينيّة، حيث عرض بكلّ جرأةٍ، وبلغةٍ شاعريّةٍ تبتعد عن الخطابة السياسيّة المباشرة، وبأساليب متنوّعةٍ تمزج ببراعةٍ بين الواقعيّ والوثائقيّ والخياليّ والرمزيّ، تفاصيل الحياة اليوميّة في البلاد بحلوها ومرّها دون تجميل، وجدليّة العلاقة بالحكم العسكريّ الذي تفرضه السياسة، وبالسلطة الأبويّة الذكوريّة المسلّطة من المجتمع. ويتمّ ذلك عن طريق سرد طقوس وتقاليد عرسٍ جليليّ يقيمه المختار لابنه في قريةٍ غير مسمّاةٍ، حيث يتمّ العرس بعد موافقة الحاكم العسكريّ الذي يشترط حضوره. وقد فاز الفيلم بجائزة النقّاد في مهرجان كان عام 1987، وتناولته العديد من الدراسات والكتب والمقالات عربيَّا وعالميًّا، وسنلقي نظرةً على عيّنةٍ من المقالات الصحفيّة حوله محلّيَّا.

 في الذاكرة؛ السينمائي الأول في فلسطين

أوّل تغطية تتعلّق بالفيلم كانت في مجلة الجديد في عددها الصادر في كانون الثاني عام 1987، وفيها يقدّم زياد فاهوم، أحد مساعدي خليفي في إخراج الفيلم، حوارًا معه بعد الانتهاء من التصوير وقبل مرحلة المونتاج، يسبقه بعض التوضيحات المتعلّقة بظروف إنتاج الفيلم، فنعلم أنّ السيناريو فاز بالمرتبة الخامسة لأفضل سيناريو في فرنسا، وتلقّى الدعم المالي (600 ألف دولار) من وزارتَي الثقافة البلجيكية والفرنسيّة والتلفزيون الألماني، وكان أقلّ من المطلوب وهو مليون دولار، ما جرّ الفيلم إلى ديون كثيرة. يتحدّث فاهوم أيضًا عن قضيّةٍ مثيرةٍ للاهتمام تتعلّق بالاختلاف أثناء التصوير بين الفريق التقنيّ الأوروبيّ، والفريق العربيّ المساعد، حيث كان الأوّل أكثر مهنيّةً وخبرةً مقارنةً بالثاني، لكنّ الفريق المحلّيّ كان يفوق الأوروبيّ بحماسته للقضيّة الفلسطينيّة المعبّر عنها بالفيلم، فنشأت عن ذلك توتّرات وصراعات أدار خيوطها وإيقاعها بنجاحٍ ميشيل خليفي، وأشبهت هذه التناقضات أخرى كانت بين الممثّلين المحترفين العاملين في المسرح والسينما في البلاد، وبين غير الممثّلين الذين شاركوا بأدوار رئيسيّة بالفيلم. ورغم السلاسة والسهولة التي يستشعرها المشاهد، إلّا أن فاهوم يؤكّد أنّ تجربة التصوير كانت قاسية وعسيرة، وربّما تكمن هنا موهبة الفنّان، ألّا يشعر المشاهد بصعوبة عمله. وفي الحوار مع خليفي، ندرك أنّه حاول أن يحصّل تمويلًا عربيًّا لفيلمه دون نجاح، لذلك لجأ للتمويل الأوروبيّ. يبرّر المخرج اختياره لممثّلين غير محترفين بكونه يلغي المسافة بين السينما والواقع، لكنّه يؤكّد أنّ نقص تجربتهم أدّى إلى تأخيرٍ ومشاكل ناجمةٍ عن عدم الالتزام. كذلك، يوضّح مشاكل إنتاج سينما جادّة في العالم العربيّ، سواءً من حيث تجاوب الناس أو الصراعات مع المجتمع، أو الحصول على تمويلٍ كبيرٍ يصنع سينما وفق متطلبات السوق الذي يستورد أفلامًا استهلاكيّةً أمريكيّة. بعدها، يتحدّث عن العلاقة بين الكلمة والصورة، وعن الجمال، والممنوعات كتصوير جسد المرأة، وعن أهمّيّة السينما كممارسةٍ فلسفيّةٍ جماهيريّة.

غطّت جريدتَي الصنارة والاتحاد خبر فوز الفيلم بجائزة مهرجان كان وجائزة سان سباستيان عام 1987 بخبرين قصيرين، احتويا على وصفٍ عامٍ لقصّة الفيلم دون الخوض في تفاصيل نقديّة.

جريدة الصنارة، 27 أيّار 1987
جريدة الصنارة: 27 أيّار 1987

في مقالها بالاتحاد، تُرجِع الكاتبة فاطمة حسن نجاح الفيلم في توجّهه إلى المشاهد الأوروبيّ (الذي أقبل بحماسٍ عليه، بينما أثار الجدل لدى المشاهد العربيّ)، إلى هدوئه وشفافيّته “الناعسة” والحالمة، التي تلامس الزمن النفسي بعيدًا عن الصخب، وتقديمه الجماليّ للفولكلور الشعبيّ وطقوس العرس. تشير الكاتبة إلى جرأة المخرج في مواجهته للمحرّمات، سواءً العلاقات مع السلطة العسكريّة، أو علاقة المرأة مع جسدها ومجتمعها، أو علاقة الابن مع ضغوطات السلطة الأبويّة ليلة زفافه. وفي نهاية المقال، تعتبر أنّ الفيلم لا يصلح للعروض الجماهيريّة في البلدان العربيّة، لأنّ رموز الفيلم، وتأكيده على طقوس العرس الجسديّة، من العسير على “العربيّ البسيط أن يقبلها أو يهضمها، أو يفهمها أصلًا”.

أفلام رام الله: “السيدة من رام الله”، جولة في خيال حاييم حيفير

لكن، لم تكن جميع المقالات داعمةً للفيلم، حيث يهاجمه الكاتب شفيق حبيب في جريدة الصنارة بعدّة مقالات أثارت ردودًا عديدة. ففي مقاله عام 1988، نستشعر أنّ الفيلم أثار جدلًا كبيرًا لدى المشاهدين العرب، حيث يصفه الكاتب بألفاظٍ قاسيةٍ معتبرًا إياه “مدسوسًا”. يصف قصّة الفيلم بالضحالة وتدني المستوى وعدم صدقها، ذاكرًا أنّه لا يرغب في نقاشها. لكنّه، بعدها، يلخّص مهاجمته للفيلم في نقطتين رئيسيّتَين: الأولى تتقاطع مع ما قد تُعتبَر مشكلةً فنّيّة، وهي عدم الدقّة التاريخيّة، حيث إنّ الحكم العسكريّ انتهى على القرى العربيّة في البلاد منتصف الستّينيّات، بينما يُصوِّر الفيلم قريةً جليليّةً بالثمانينيّات واقعة تحته. وما يدلّ على حداثة الزمن أنّ القرية معبّدة وذات أعمدة كهربائيّة وسيارات فاخرة، وبأنّ صورة رئيس الدولة “الحالي” حاييم هرتسوغ تظهر خلف الحاكم العسكريّ، وبأنّ الحداء يغنّي أغنيةً عن كهانا وخراب بيروت. وتتعلّق الثانيّة بمشكلةٍ “أخلاقيّة” لا فنّيّة، تسبّبها المشاهد التي تناقش العلاقة بالجسد، كالتي تُظهِر ابنة المختار مرتديةً الجينز ومدخّنةً للحشيش، و”مستهترةً” أمام المرآة بكوفيّة والدها التي ترتديها، وكالتي تُصوِّر طقوس حمّام العريسَين، وليلة الزفاف. فيخلص الكاتب إلى أنّ الفيلم “مدسوس” لتشويه “قيمنا الفلسطينيّة”، ولا يصلح لدخول البيوت وتربية الأولاد، منتقدًا من شارك به من “القرويّات”.

الصنارة، 24 حزيران 1988
الصنارة، 24 حزيران 1988

 

بعد المقال السابق بأسبوع، نعثر على ردّين عليه في الصحيفة ذاتها. أحدهما قصير لم يشاهد صاحبه الفيلم، لكنّه يستغرب الرأي السابق، إذ إنّ خليفي، في رأيه، يعرف أهميّة الفيلم الفلسطينيّ التي توازي أهمّ “عملية عسكرية”. والثاني للكاتب طه أشقر، حيث يبيّن أن الموضوع الرئيسيّ للفيلم هو نقد العلاقات الاجتماعيّة غير السليمة بالمجتمع، كالعلاقات اللامتكافئة والمتسلّطة بين الكبار والصغار والذكور والإناث. يتطرّق الكاتب إلى المشاهد التي اعتبرها شفيق حبيب غير أخلاقيّة، فيعتبر، على سبيل المثال، أنّ مشهد الفتاة مرتديةً كوفيّة والدها يسخر من “رمز الأنانيّة الذكريّة والأبويّة في المجتمع”، ويعلّق على عددٍ من المشاهد المنتقدة أخلاقيًّا بأنّها تجسّد “عجز المجتمع الذكري”، في مقابل القوّة البناءة للنساء، وقدرتهنّ على حلّ المشكلات وجلب السلام. وفي النهاية يتمنّى أشقر، عكس حبيب، أن يُعرَض الفيلم بالبلاد ليتسنّى للجمهور العربيّ مشاهدته، وليتّسع الجدل حول مضامينه وبخاصّةٍ قضيّة المرأة.

الصنارة، 1 تمّوز 1988
الصنارة، 1 تمّوز 1988

على مدار السنوات التي تلت ظهور الفيلم، استمرّت المقالات والتغطيات الصحفيّة بالظهور بالجرائد العربيّة، سواءً كانت مؤيّدة أو منتقدة، أحدها حوارٌ مع مخرجه في الاتحاد إثر مشاركته في مهرجان الفيلم الفلسطينيّ في الناصرة عام 1992، الذي افتتح بعرس الجليل. وتستطيعون أن تعثروا على العديد منها بالبحث في أرشيفنا للصحف العربيّة “جرايد”. ومهما كان رأينا الشخصيّ بالفيلم، إلّا أنّنا نستطيع أن نلاحظ أنّه أثار جدلًا ونقاشًا، وهو ما يتفّق مع أهمّيّة السينما كما وضّحها ميشيل خليفي في حواره الذي تناولناه سابقًا، حيث قال: “للسينما تأثيرها. عندما يخرج فيلم إلى الشاشة ترى الكل يكتب ويتحدث عنه، فيصبح حدثًا خصوصًا في مجتمع كمجتمعنا – الأمر الذي يفرض طرحًا فكريًا وتحليلًا (…) الفيلم حدث تاريخي هام”.

بن غوريون واختبار الصحراء

دافيد بن غوريون واحد من أهم مؤسسي الحركة الصهيونية العالمية وأوّل رئيس لدولة إسرائيل، أوصى بعد وفاته بأن يدفن في كيبوتس "نفي تسيديك" في النقب.

715 537

بن غوريون وزوجته من أمام خليج إيلات، 1934-1962، مجموعة الصور "بيت بن غوريون"، المكتبة الوطنية



اختبار الصحراء أم اختبار الله؟

في تاريخ 3 شباط عام 1948، وعقب قرار تقسيم فلسطين، قدّم دافيد بن غوريون مداخلةً خلال اجتماع اللجنة الأمنية الصّهيونية، حول طبيعة وأهداف الحرب الّتي تخوضها الميلشيات اليهودية والقوات المسلحة على أرض فلسطين الانتدابية، حيث شدد في خطابه على أهمية صحراء النقب بالنسبة لدولة إسرائيل، حيث قال في خضم حديثه: “للنّقب أهمية لا تقتصر عل مستوى الاستيطان الزراعي فقط؛ بل أيضًا على المستوى السياسي والاقتصادي والاستراتيجي من الدرجة الأولى، فها هو خليج إيلات والأرض الّتي وراءه هي وادي عربة


في موقع المكتبة: قرار تقسيم فلسطين: خرائط، أخبار وصور
 

في ذات الاجتماع، أصرّ بن غوريون، على عكس العديد من القيادات والمؤسسات الصهيونيّة الأخرى، على أهمية الاستيطان في النّقب واحتلاله بشكلٍ كامل وفرض السّيطرة الأمنية عليه، بينما فكّر الآخرون وعلى رأسهم أحد أعضاء اللّجنة الأمنية دافيد ريمز، بضرورة المحاربة والدفاع عن الأراضي الّتي أفرزها قرار التّقسيم لليهود، دون محاولة الدخول إلى الصّحراء الّتي لم تكن ضمن الخطة، وكانت ضمن حدود الدولة العربية.  

997011217610405171
بن غوريون في سديه بوكير كمزارع، 1953-1971، مجموعة الصور (بيت بن غوريون)، المكتبة الوطنية.


جاء رفض بن غوريون مغايرًا، فقد اعتبر أنّ اليهود في عام 1948 لم يكونوا في موقع الدفاع، بل لديهم إمكانيات ليكونوا في الهجوم وفي فرض السيطرة الأمنية على مناطق واسعة من أرض فلسطين الانتدابية، فالادّعاء الّذي طرحته اللّجنة الأمنية، كان يخشى من فقدان “الييشوف” القائم، أي المستوطنات الّتي كانت في أيديهم حتى ذلك العام، تل أبيب وما حولها. أما بن غوريون، فقد اعتبر أنّ السيطرة على النّقب، زراعته وتطويره، هي الخطوة الأولى في الحفاظ على أمن البلاد.

فقد اعتبر أنّ الخطر الّذي يواجه الصّهيونيّة لا يقتصر على خطر الاقتلاع من “الييشوف” القائم، بل هو خطرٌ يهدد الصّهيونية كلّها وفكرة الوطن القوميّ كاملًا، وذلك بسبب العداوة مع الدول المجاورة للبلاد، الأردن وسوريا ولبنان شمالًا، ومصر جنوبًا، إذن فالسيطرة على النقب وخليج إيلات وغزّة، ستمنحه فرصة الحفاظ على بقيّة الأرض أمنيًّا، وذلك بحسب رؤيته، يعود للجغرافيا الصعبة للنقب، الّتي ستصعّب مهمّة أي جيش في الدخول إلى البلاد ومحاولة استعادتها.

997010821303705171 2
من زيارات بن غوريون للنقب، 1934-1962، مجموعة الصور (بيت بن غوريون)، المكتبة الوطنية.


بالنسبة لجيل كامل من مؤسسي الصّهيونيّة، فإنّ الحفاظ على تل أبيب أو بيتاح تكفا وغيرها من مستوطنات مركز البلاد، ليست هي الهدف الأساسي للصهيونية، فبحسب تعبير بن غوريون “فكلّ من هاجر إلى إسرائيل لم يهاجر لينعم بما هو موجود، الموجود ليس كافيًا حتى الآن، بالتأكيد لم يكن كافيًا قبل ثلاثين عامًا. كلّ جيلي الّذي جاء إلى إسرائيل، لم يأتِ للاستمتاع بـ “تل أبيب” لأنّ تل أبيب لم تكُن موجودة إلّا بالمُخيلة، لم يأتِ ستامبر وسالومون للاستمتاع في “بيتح تكفا” لأنها لم تكن موجودة إلّا في مخيلتهما أيضًا.”

وقد أكّد بن غوريون مرارًا على أنّ هذا “الوجود الخياليّ” للمستوطنات في فلسطين الانتدابية، كان هو الدافع الأساسي للطلائعيين – هحالوتسيم- للوجود والعمل على بنائها والدفاع عنها، وبذلك اعتبر أنّ الوجود في النقب والسّيطرة الأمنية عليه، أكثر أهميةً وعمقًا تاريخيًا من الدفاع عن تل أبيب.

إنّ العمل على الدفاع عن النقب وتطويره ونقل المياه إليه، لم يكن وليد اللحظة حين تم نقل المياه من طبرية لاحقًا بعد تأسيس إسرائيل، فقد قال بن غوريون في خطابه أمام المؤسسة الصهيونية واللّجنة الأمنية عام 1948، بإن النّقب لن يتم فرض السيطرة الأمنية عليه فقط، بل سيتم نقل المياه إليه من الشمال إلى الجنوب، وهذا صحيح أنه شأن الخبراء، لكن هؤلاء الخبراء عليهم تنفيذ أوامر الحركة الصهيونية فقط، وليس تحديد أهدافها. إنّ النّقب بالنسبة لبن غوريون، هو القطعة الأهم، فالوجود التاريخيّ فيه وأهميته الاستراتيجية بين فلسطين ومصر، ومساحته الكبيرة، جعلت أهداف الحركة الصهيونية أكبر لفرض السيطرة على أماكن أكبر في فلسطين الانتدابية.


997010821303705171 3
بن غوريون في النقب، 1934-1962، مجموعة الصور (بيت بن غوروين)، المكتبة الوطنية.


حيث كلّ شيء من صناعة اليهود

بعد استقالة بن غوريون الأولى المفاجئة من الحياة السياسية عام 1953، قرّر بن غوريون الرحيل عن تل أبيب والانتقال إلى سديه بوكير، وقد شكّل هذا الانتقال مفاجئة للمجتمع الإسرائيلي في حينه، وقد قيل أنه جاء بسبب الإحباط السياسيّ الّذي شعر به بن غوريون آنذاك، وبسبب الضغط الّذي تشكّل عليه بقبول تعويضات مادية عن المحرقة من ألمانيا الغربية، حيث اعتبر الإسرائيليون بأنه لا ثمن يساوي الغفران عما جرى.

997011217610405171 4
منزل بن غوريون في النقب، 1953-1971، مجموعة الصور (بيت بن غوروين)، المكتبة الوطنية.


انتقل بن غوريون إلى سديه بوكير للعيش في كوخٍ خشبي متواضع، حيث علّق في غرفة نومه صورةً لغاندي وإبراهام لنكولن، والنبي موسى. عثر لاحقًا في بيته على مقابلة مسجلة أجريت معه، حول أسباب انتقاله إلى سديه بوكير بهذا الشكل المباغت، فجاءت إجابته: “جئت إلى الصحراء، حيث لا شيء، لا تراب ولا ماء، ولا أشجار. جئتُ لحراثة الحقول الّتي لم تمسسها يدٌ آدمية من قبل، سنخلق كلّ شيءٍ من البداية، كلّ شيءٍ سيوجد فيها، سيكون من صنع أيدينا نحن، وعندما أرى شجرةً، سأكون متأكدًا بأننا نحن الّذين قمنا بزراعتها، لا الآخرون

997011217610405171 5
من مكتبة بن غوريون في بيته في سديه بوكير، 1953-1971، مجموعة الصور (بيت بن غوريون)، المكتبة الوطنية.

 

سديه بوكير

وهو مستوطنة في النقب الشماليّ، تقع بالقرب من الموقع الأثري عبدات، حيث يقيم في المنطقة، منذ مئات السنين، فلسطينيين بدو في قرًى متفرقة. اكتسبت هذه المستوطنة أهميتها بعد أن قرر بن غوريون الاستيطان فيها عام 1953 عندما اعتزل الحياة السياسية لأوّل مرة، حيث كانت له رؤية في إحياء الزراعة والعمل في المنطقة الصحراوية، حيث أراد أن يكون هو بنفسه نموذجًا لهذه الرؤية.

وقد شجّع لاحقًا مبادرة إقامة مدرسة سديه بوكير، والّتي يوجد فيها معهد دراسة الصحراء ومركز دراسة تراث بن غوريون، وهي تابعة لجامعة بن غوريون في بئر السبع. وقد سكن في الكيبوتس عام 1953، ودُفن فيه رفقة زوجته بعد وفاتهما.

دافيد بن غوريون قبل عام 1948

ولد دافيد بن غوريون في بلدة بلونسك البولندية عام 1886، وتلقّى تعليمه في مدرسة عبرية أسسها أبوه، الّذي كان ينتمي إلى مؤسسة “محبي صهيون”. وفي الـ 18 من عمره أسس بن غوريون شبيبة “عزرا“، ثم انتقل إلى وارسو وانضم هناك إلى الحزب الصهيوني الاشتراكي – “بوعالي تسيون”. في عام 1906 انتقل إلى فلسطين وعمل فيها كعامل في الزراعة، وكمعلم وناشط في حزب “عمال صهيون“، وكعضو في هيئة تحرير صحيفة الحزب “هأحدوت“.

خلال السنوات 1911 – 1914 بدأ بدراسة اللغة التركية في سالونيكي وبدراسة الحقوق في إسطنبول لكي يتمكن من تمثيل حركته فيما يتعلق بالشؤون الداخلية في الإمبراطورية العثمانية، بيد أن الحرب العالمية الأولى منعته من مواصلة دراسته. لاحقًا خلال الحرب، سافر بن غوريون إلى الولايات المتحدة من أجل نشر الأفكار الصهيونية والاشتراكية ومن أجل إقامة كتائب عبرية في الجيش البريطاني.

في عام 1918، تجنّد في صفوف الجيش البريطاني وعاد معه إلى أرض فلسطين، وشارك في تأسيس حزب “أحدوت هعافودا“، وقد شغل لاحقًا منصب السكرتير العام لنقابة العمال اليهود في فلسطين الانتدابية خلال السنوات 1921-1935. خلال السنوات 1935-1948، شغل منصب رئيس إدارة الوكالة اليهودية وقام بتحديد سياساتها مثل: الصراع السياسي حول مستقبل أرض إسرائيل، الاستيطان، حركة الهجرة ومسائل اجتماعية وثقافية أخرى. برئاسته، قام بقيادة جيش إسرائيل عام 1948 من أجل إقامة وطن قومي لليهود في أرض فلسطين، وحصل على اعتراف عالمي فور قيام الدولة.

للمزيد من أرشيف دافيد بن غوريون الرقمي في المكتبة الوطنية، متاح هنا.

كيف ساهم الدّروز في منع تهجير بعض القرى في الجليل؟

كيف ساهم وجهاء الطائفة الدرزية في البلاد بمنع تهجير قرًى كاملة في الجليل من خلال اتفاقيات سريّة اُبرِمت بين الأعوام 1939-1948؟

موشيه ديان في جنازة ضابط درزي في دالية الكرمل، 1969، أرشيف دان هداني.

موشيه ديان في جنازة ضابط درزي في دالية الكرمل، 1969، أرشيف دان هداني.

عند قراءة تاريخ منطقة الجليل، يصطدم القارئ بقصص كثيرة الّتي تثير الأسئلة حول بقاء العديد من القرى وعدم تهجيرها بعد حرب عام 1948. إن تدّخل وجهاء الطائفة الدرزية للوساطة أمام قوات الجيش الإسرائيلي ساهمت بشكلٍ كبير في الحفاظ على قرى الجليل من التهجير.

اختلف واقع القرى في الجليل خلال ذلك الوقت عن واقع مدن الساحل يافا وحيفا وما حولهما من مدنٍ مركزية كاللد والرملة والقدس، فقد افتقر الناس إلى أبسط المقوّمات العسكرية للدفاع عن أنفسهم من أجل البقاء في أراضيهم واعتمدوا اعتمادًا تامًا على جيش الإنقاذ العربي، لذلك عند وصول الجيش الإسرائيلي إلى أيٍ من هذه القرى، اُستخدم مصطلح “سقوط القرية” لأنها كانت تُحتل وتُهجّر دون مقاومة حقيقيّة.

طالع/ي: مدن تاريخية مصوّرة في موقع المكتبة الوطنية

خلال هذا المقال نستعرض كيف تمكّن وجهاء الطائفة الدرزية من خلال اتفاقهم مع الحكومة والجيش الإسرائيليين من ضمان بقاء قُراهم دون تهجير، وكيف استغلوا هذه العلاقات لبقاء بعض القرى والمدن العربية في الجليل دون تهجير أو مجازر كبرى كالّتي حدثت في مناطق أخرى في البلاد.

الاتفاق بين الدروز والحركة الصهوينية

بحسب المصادر التاريخية المختلفة، فإنّ التواصل بين الحركة الصهوينية وبعض وجهاء الطائفة الدرزية بدأ قبل قيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية بسنوات، وذلك بحكم الجيرة وامتلاك أراضٍ زراعية متجاورة في منطقة حيفا، حيث نشأت علاقة بين عائلة أبو ركن وبعض المزارعين اليهود في كيبوتس الياجور، ممّا مهّد الطريق لتعاون بين بعض أفراد العائلة والمستوطنين اليهود.

استغلّت ابتداءً من سنوات العشرين من القرن الماضي الخلافات الّتي كانت تنشب في بعض الأحيان بين الطوائف المختلفة مع الدروز، فكانوا يتدخلون لصالح الدروز وحمايتهم من أجل جذبهم لناحيتهم في الحرب المتوقعة. نجحت الحركة في ضم جزء من وجهاء الطائفة الدرزية من خلال مدّهم بالدعم المادي والعسكري والمعنوي ضد المسلمين والمسيحيين.

إحدى الحوادث المشهورة الّتي أدّت إلى تعميق النزاع بين المسلمين والدروز كانت حادثة إصابة عشر دروز في نزاع دار في مدينة شفاعمرو، خلفيّته أن المسؤول عن أراضي شفاعمرو صالح أفندي محمد الشبل من المكر قُتل في شفاعمرو واتهم الدروز بقتله. فدخلت الحركة الصهيونية النزاع لمساعدة الدروز، لكنها لم تحصل على تعاون حقيقي من قبل الطائفة حتى قدوم عام 1939 عندما قُتل الشيخ حسن خنيفس على يد الثّوار عن طريق الخطأ.

ويذكر المؤرخ قيس ماضي فرّو في كتابه “دروز في زمن الغفلة” بإن لقاءً جرى بين ضباط الجيش الإسرائيلي وزعماء من الدروز في مدينة شفاعمرو قبيل احتلالها، وتم الاتفاق على تسليم المدينة معهم، من خلال القيام بمعركة وهمية في حارة الدروز، وبالمقابل قصف حارة المسلمين. هذه الخطة ساهمت بشكلٍ كبير في تسليم المدينة وسقوطها، وتذكر الأدبيات الإسرائيلية ذلك، بأنه لولا مساعدة الدروز لما سقطت شفاعمرو بهذه السهولة.

عملت الحكومة الإسرائيلية منذ تأسيس الدولة على دب الخلاف بين الدروز وبقية الطوائف في البلاد، كما استغلت وصولها لبعض الزعماء والوجهاء الدروز لتقوية العلاقة مع الطائفة، يغرونهم تارةً بالمال وتارةً بالحماية من التنكيل والقتل والتهجير كغيرهم من جيرانهم المسلمين والمسيحيين. لم يتوقف الأمر على الدروز في البلاد، فقد استقطبت الاستخبارات الإسرائيلية بعض الوجهاء الدروز من سورية، واستقروا في البلاد بعد قيام الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: الشيخ أمين طريف: رجل حمل همّ توحيد الطائفة الدرزية

وكان لتأسيس فرقة “وحدة الأقليات” في الجيش الإسرائيلي خط اللاعودة بالنسبة للدروز، فقد كانت الدليل على العلاقات المتينة الّتي جمعت بعض وجهاء الطائفة خلال الحرب، الدروز الّذين كانوا من أوائل من حمل البندقية في وجه الاستعمار البريطاني في فلسطين وبدايات الاستيطان اليهودي في فلسطين الانتدابية أيضًا، لكنهم اختاروا لاحقًا الوقوف في صف المنتصر في الحرب من أجل المحافظة على بقاءهم في بلادهم.

اقرأ/ي أيضًا: دالية الكرمل – من تمرّد جبل لبنان حتّى حلف الدّم مع إسرائيل

التدخل لحماية بعض القرى المسلمة والمسيحية

خلال أيام الحرب في شهر تموز 1948، اجتاحت قوات الجيش الإسرائيلي منطقة الجليل لتنفيذ الخطة بإفراغ القرى من أهلها، لكن في ذات الشهر وعند دخول الجيش إلى مدينة شفاعمرو في أيام المعارك العشرة في الجليل، ساهم الدروز في تسليم المدينة دون أن يقتلع سكّانها منها وجرى الشيء ذاته في وقراها المجاورة. فقد نفّذ الدروز الاتفاق السّري الّذي عُقد سابقًا بين ضباط الجيش الإسرائيلي وبعض القيادات الدرزية بعد معركة الهوشة والكساير، وبناءً على هذا الاتفاق الّذي نصّ على انسحاب الدروز من القتال ضد اليهود، عاد محاربو فوج العرب في معظمهم إلى بيوتهم في سوريا ولبنان، بينما انضم العشرات منهم إلى الجانب الإسرائيلي في الحرب.

وفي قرية يركا، كان هناك دور كبير لعائلة معدي الدرزية في مساعدة أهالي القرى المجاورة على عقد اتفاقيات تسليم واستسلام، وكانت كفر ياسيف واحدة من تلك القرى الّتي تم تسليمها بعد تدخل وجهاء العائلة اليركاوية، إذ بينما هُجِّرت معظم قرى ساحل عكا بعد احتلالها في أيار، فإنّ القرى الدرزية القريبة وبعض القرى المختلطة حولها ظلّت على حالها.

وقد استغل يني يني رئيس مجلس كفر ياسيف علاقات جيرانه الدروز في يركا باليهود لإنقاذ أهالي قريته من الاقتلاع والتهجير، ووقّع اتفاقًا معهم عن طريق حاييم أورباخ من نهاريا المجاورة في 10 تموز.

وفي مجد الكروم، يذكر أنه في يوم الجمعة الموافق 29 تشرين الأول 1948، انسحبت قوات جيش الإنقاذ من القرية، ونصحت الأهالي بمحاولة التوصل إلى اتفاق مع الجيش الإسرائيلي يقتضي بتسليم القرية دون خوض معارك حفاظًا على حياتهم وبيوتهم، وفي الليلة نفسها الّتي انسحبت فيها الفرقة من مجد الكروم، توجه وجهاء من القرية إلى عائلة معدي في قرية يركا المجاورة، طالبين منهم مساعدتهم في إبرام اتفاق مع قيادات الجيش لضمان سلامة القرية وأهلها.

ومن هناك تم الاتصال بحاييم أورباخ ضابط الاستخبارات في الجليل الغربي، ورتبوا للقاء معه في قرية البروة، وخلال هذا الاجتماع تم التوصل إلى اتفاق لتسليم قرية مجد الكروم وبعض القرى المجاورة في الشاغور. وفي اليوم التالي، دخلت الفرقة رقم 123 من الجيش الإسرائيلي إلى القرية واستلَمت السلاح الموجود مع الأهالي ضمن الخطة المتفق عليها مع الوجهاء الدروز.

على الرغم من الاتفاق مع الجيش الإسرائيلي للحفاظ على سلامة الناس في قرى الشاغور، إلا أن إحدى الفرق العسكرية أعدمت شابين من كل قرية (مجد الكروم، البعنة، دير الأسد، نحف) على مرأى من السكان، وطلبت من البقية المغادرة إلى لبنان لئلا يكون مصيرهم مثل الّذي اُعدموا.

وفي قرية الرامة، قام الجيش الإسرائيلي بترحيل المسيحيين فقط من القرية، حيث ذكر في بعض المصادر التاريخية بأن الضابط قال بإن الدروز هم وحدهم لن يهجّروا لأنهم أصدقائهم، وأمر المسيحيين بالتحرك إلى لبنان. عند وصول المهجرين إلى قرية بيت جن الدرزية، توجهوا إلى وجهاء القرية وطلبوا مساعدتهم للبقاء في البلاد. قُبل طلب الوجهاء وعاد جميع المسيحيين إلى الرامة والناصرة، كما أخبروا أقاربهم الّذين هجّروا سابقًا إلى لبنان وعاد معظمهم.

إنّ محاولات طرد السكّان في الشاغور باءت بمعظمها بالفشل، ولم يهجّر من القرى المذكورة إلا القليل، وذلك لعدة أسباب مجتمعة، ربما يكون أبرزها التنوّع الديني للسكّان في المنطقة، وخوف الجيش الإسرائيلي من الاعتداء على من أطلقوا عليهم اسم “الأصدقاء”، فيؤثر ذلك على عملية احتلال الجليل وتطويعه.

 

المصادر:

نكبة وبقاء: حكاية فلسطينيين ظلّوا في حيفا والجليل. عادل مناع، مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

دروز في زمن الغفلة: من المحراث الفلسطيني إلى البندقية الإسرائيلية. قيس ماضي فرّو، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2019

العرب الدروز في إسرائيل: مقاربات وقراءات نظرية وسياسية ناقدة. مدى الكرمل، 2018

أبراج الساعة: تاريخٌ نُقِش في الحجر

في هذا المقال نقوم بالتركيز على أبراج الساعة في مدن فلسطين العثمانية، تاريخ بنائها وأسبابه، وكيف غيّرت بحضورها المدن.

برج الساعة في يافا، مجموعة بينو روتنبيرغ، المكتبة الوطنية

برج الساعة في يافا، 1946-1988، مجموعة بينو روتنبيرغ، المكتبة الوطنية

تاريخ البناء والامبراطورية العثمانية

تقف في البلاد، وسط مدن مختلفة، أبراج الساعة العديدة، التي بنيت جميعها في العهد العثماني في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. تم بناء هذه الأبراج المنتشرة في أنحاء القدس ويافا وعكا وصفد وحيفا لإحياء ذكرى حكمه الذي دام 25 عامًا. للأسف، تم هدم برج ساعة القدس أثناء دخول القوات البريطانية إلى المدينة، ولم يصمد حتى يومنا هذا.

 

برج الساعة في حيفا، 1957، أرشيف روتنبيرغ، المكتبة الوطنية.
برج الساعة في حيفا، 1957، أرشيف روتنبيرغ، المكتبة الوطنية.

 

مدن تاريخية مصوّرة

ظهر مفهوم هذه الأبراج بعد أن أهدى السلطان عبد الحميد الثاني المدن الساعات. كان امتلاك ساعة شخصية خلال تلك الحقبة أمرًا نادرًا، لذلك تم تشييد هذه الأبراج في مراكز المدن – وهي مراكز يتجمع فيها الناس، حيث ازدهرت الحياة  – لتوفير الوقت للجميع، ومساعدتهم على جدولة حياتهم. اذ في ذلك الوقت، كان الأثرياء فقط هم من يمتلكون الساعات المحمولة.

مبادرة السلطان الشخصية لتكريم حكمه حولت هذه الأبراج إلى مراكز استراتيجية لمساعدة الناس. وبمرور الوقت، تحولت هذه الساحات المزينة بالأبراج إلى معالم تاريخية وثقافية. لقد تم وضعها بشكل استراتيجي في قلب المدن، حيث تتركز التنمية الحضرية، مما يجعل الوصول إلى الخدمات سهلاً ويعزز الروابط المجتمعية.

ولم تقتصر هذه المبادرة على المدن الفلسطينية وحدها؛ إذ عند التجوّل في المدن القديمة في جميع أنحاء بلاد الشام – سوريا ولبنان وبعض المدن المصرية – يجد المرء أبراجًا مماثلة، وهي شهادة على السلطة الموحدة لتلك الحقبة.

المدن كشواهد على التاريخ

في نسيج المدن الكبيرة النابضة بالحياة آنذاك، تَتَكَشّف الحكايات حول أبراج الساعة المهيبة. في عكا، يقف برج الساعة بفخر فوق المدخل الشمالي الرئيسي، وهو عبارة عن حارس حجري يزين خان العمدان، الذي شيده الوالي أحمد باشا الجزار في أواخر القرن التاسع عشر. وبجوار الساحة الخضراء الصاخبة بالقرب من الميناء، ظهر حضورها الهائل في عام 1918، لينضم إلى سجلات الأبراج في جميع أنحاء فلسطين في عهد السلطان عبد الحميد الثاني.

برج الساعة في عكا، 1960-1970، مجموعة زيف يهودا، المكتبة الوطنية.
برج الساعة في عكا، 1960-1970، مجموعة يهودا، المكتبة الوطنية.

يمكن الوصول للبرج من خلال القناطر الحجرية المحمية بسقف حجري، والتي تقع على يسار المدخل الشمالي للخان. كانت الفتحات الدائرية على كل وجه تحتوي على ساعات مستديرة كبيرة ظلت شامخة حتى أواخر الخمسينيات قبل أن تقوم سلطات التراث بإزالتها. ثلاث لوحات رخامية منحوتة على الوجه الشمالي للبرج تحمل نقوشًا تحتفل بمرور 25 عامًا من حكم السلطان عبد الحميد.

أما برج الساعة في صفد، فيزين المحيط الجنوبي الشرقي للقلعة. تم بناء القلعة في القرن الثامن عشر في عهد ظاهر العمر، ثم تحولت إلى رمز للحكم العثماني بعد عام 1775. تم دمج برج الساعة بسلاسة في عام 1901، جنبًا إلى جنب مع نظرائه في جميع أنحاء فلسطين.

وفي الوقت نفسه، في نابلس، أشرف أحمد السروان، كبير عمال البناء في ذلك الوقت، على بناء البرج، وحصل على التكريم العثماني لدوره. وعلى غرار نظيراتها الفلسطينية، كان برج نابلس، وهو مبنى شاهق مكون من أربعة طوابق، يستضيف ضابط الوقت في المدينة وأصبح رمزا للأهمية التاريخية.

ظهر برج يافا أيضًا في عام 1901 وسط عمليات تجديد على مستوى البلاد. تقول الأسطورة أن أحد أثرياء جافان أخذ زمام المبادرة، بعد أن سئم من مقاطعة الأشخاص الذين يبحثون عن الوقت في طريقهم إلى محطة القطار. يضم هذا البرج أربع ساعات – اثنتان تحافظان على التوقيت الأوروبي واثنتان تتزامنان مع الجداول الزمنية المحلية، وهي شهادة على تقارب الثقافات في ذلك العصر.