الشيخ محمد بن عيسى الخليفة برفقة وفد يرأسه مستشار الحكومة البريطانية دوق ديلريمبل بيلغراف، صورة مقتبسة من التقرير الإداري لحكومة البحرين عن السنوات 1942-1943، المكتبة البريطانية
في افتتاحية عددها الثالث الصادر بتاريخ 10 أيلول 1932، تقف صحيفة العرب ورئيس تحريرها الأستاذ عجاج نويهض عند الأحداث التي تعصف في العالمين؛ العربي والإسلامي، فتُسلّط الضوء على ما يجري لعلها تعمل على إيقاظ الشعوب المستعمَرة لما يجري من حولها من أحداث ترسم حاضر المنطقة ومستقبلها. فنرى تحية الصحيفة للزعيم السوري إبراهيم هنانو وأمانيها له بالشفاء العاجل، بعدما تعرّض لمحاولة اغتيال آثمة كادت أن تلقيه حتفه، قد غطّت ترويسة الصحيفة وأخبارها. أما الأمر الآخر الذي تتميز فيه الصحيفة، فهو تعريف القارئ والمطالع العربي بأقطار العالم العربي من خلال التعرّف على البقاع الجغرافية العربية وأهم صفاتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لمحاولة فهم طبيعة الشعوب فيها، فهذه الزاوية الحيوية التي تميّزت فيها الصحيفة تعكس رغبتها الحقيقية في تغطية الشؤون الإقليمية المحيطة بالقُطر الفلسطيني. ولأهمية هذه الفقرة التي نشرتها الصحيفة قبل ما يقارب التسعين عامًا. وضعنا هدفنا في نشر سلسلة أطلقنا عليها اسم سلسلة رسائل بلاد العرب، وذلك باقتباس اسم الزاوية الصحفية التي نشرتها صحيفة العرب والتي قام فيها مراسل صحيفة العرب بزيارة المكان والكتابة حوله. في هذه المرة اخترنا النشر حول البحرين، فما الذي قيل حولها يا ترى؟

البحرين جزيرة أم جزيرتان؟
“البحرين جزيرتان، الأولى وهي الكبرى عدد سكانها مع قراها لا يتجاوز مئة وثلاثين ألف نسمة، والأخرى سكانها من 90-100 ألف وموقعها من الخريطة معروف. أما سكان الاثنتين، فيكادون ينقسمون إلى قسمين اثنين في المدينتين (مدينة المنامة ومدينة المحرق)، إحداهما ترجع إلى أصل عربي في العادات واللغة مع وجود كلمات أعجمية وهندية وإنكليزية غير قليلة والثانية ترجع إلى أصل فارسي. وأما القرى في كلتا الجزيرتين، فسكانها من الشيعة، وهم البحرينيون الأصليون، حتى إنهم يعدّون كل من عداهم حتى شيوخ آل خليفة –حكام البحرين- دخلاء، لا يرضون عن أحد منهم مطلقًا، ولغتهم هي العربية، وعيشتهم قريبة من عيشة أهل البادية”.

الزراعة عند البحرينيين؛ زراعة تقليدية وزراعة دخيلة
“البحرينيون الأصليون هم المزارعون في كلتا الجزيرتين، والزراعة عندهم مقتصرة على النخيل، والقت الذي هو (القصفصة) غذاء الدواب ولا غذاء غيره، إلا ما يؤتى به من الخارج من حبوب على اختلافها. وفي السنوات الأخيرة، تشوق بعض الغرباء الأعيان أصحاب الأراضي لزراعة الخضار ولا تزال أنواع عديدة من الخضار مجهولة عند البحرينيين”.
مدن البحرين- المنامة والمحرق
أما سكان المدينتين، “المنامة والمحرق، فلا يعملون إلا في الغوص، ويترفعون عما سواه من زراعة وتجارة، والغوص في العامين الأخيرين أصبح تجارة بائرة (لا نفع منها) وقد أفلس كثيرون ممن كانوا من أصحاب الثروات الطائلة. والذين يملكون معاشهم بسبب نقد أقل من السبع أو الثُمن من مجموع السكان، وإذا كانت الزراعة بأيدي البحرينيين الشيعة فإن التجارة في أيدي الأعاجم من فرس وهنود، والصناعة كذلك ما دام أخونا العربي يعدّ نفسه فوق أن يصنع وأعلى من أن يتاجر”.
مشاكل البحرين؛ الأمية والترفع عن الصناعة والتجارة
بناءً على كلام المراسل آنذاك “الأمية عامة شاملة والقراءة والكتابة منحصرتان في اثنين أو ثلاثة بالمئة من مجموع السكان، وربما كانتا في الألف، على أنهما في حكم المعدوم ولا أراني مبالغًا إذا قلت أنه لا يوجد في سكان البحرين إلا قليل من الرجال الذين يعتادون المطالعة، وأحد شيوخ آل خليفة هو الأديب الأوحد في البحرين وعمره قريب من الثمانين واسمه الشيخ إبراهيم بن محمد وولداه، وهؤلاء الثلاثة هم الذين يقرأون الصحف وقد سمعتُ أن صحفًا كثيرة ترد لآخرين من الشيوخ لكنهم لا يقرأونها إلا قليلًا، اللهم إلا أخا الحاكم الشيخ محمد ابن عيسى ولم أسمع بواحد من غير هؤلاء يدمن المطالعة”.

للبحرين تاريخ طويل وباع طويل في الصيد وخاصة صيد اللؤلو، وهذا جعلها مطمع للكثير من المناطق المجاورة والبعيدة؛ من الفرس وحتى الإنكليز، وهذا ما جعلها مسرح للعديد من اتفاقيات الحماية والاستعمار. في جرايد– أرشيف الصحف العربية من فلسطين العثمانية والانتدابية، هنالك العديد من الأخبار والعناوين التي تشرح الكثير حول البحرين وكيف كانت النظرة حولها؛ سواء نظرة الصحافة العربية أو تحليل الصحافة العربية لنظرة الاستعمار حول هذه البقعة من العالم العربي. لتصفح أخبار البحرين التاريخية بالصحافة الفلسطينية، اضغطوا هنا