تلّة الذّخيرة – المعركة والميدان اليوم

لتخليد ذكرى المعركة، في "يوم القدس" الثّامن تمّ افتتاح موقعًا رسميًا في تلّة الذّخيرة يمكن زيارته لمشاهدة المخابئ والقنوات. تعرّفوا عن كثب على تلة الذخيرة والحرب التي جرت بين الأردن وإسرائيل هناك.

جنود اسرائيليّون يقلّون أسرى أردنيين معصوبي الأعين في العاشر من حزيران 1967، أرشيف دان هداني

في شمال القدس اليوم، يمرّ القطار الخفيف الّذي تمّ تشغيله رسميًا عام 2011، من محطّة جفعات هتحموشت، ومن يعتلي هذا القطار يوميًا يسمع هذا الاسم يتردّد بالتأكيد. لا يظهر الكثير للرّكاب من داخل القطار، فما يراه الرّاكب حوله من النّافذة يُشعره بأن هذه المنطقة ليست سوا مفترق طرقٍ كبير، يصل خطوط المواصلات ويربط غرب المدينة بشرقها وشمالها بجنوبها، إلّا أنّ الكثيرون لا يعلمون أنّهم يمرّون بجانب “مثلّث الموت” كما أسماه الجنود الّذين شاركوا في المعركة على القدس عام 1967 وهي ساحة لمعركة تلة الذّخيرة الشّرسة. تلك المعركة الحاسمة الّتي تقاتل فيها الجنود الأردنيّون مع اللّواء الخامس والخمسين من قوّات المظلّيين الإسرائيليّة، ومرّ من خلالها نجاح القوات الاسرائيليّة بالسّيطرة على القدس كاملة.

للتعرّف على معالم ساحة المعركة على القدس في حرب عام 1967 لا بدّ من التّطرّق إلى مآلات حرب عام 1948 في المنطقة، وكيف كانت تلّة جفعات هتحموشت تتربّع على منطقة مضطربة جغرافيّا في حين اندلاع الحرب الكبرى عام 1967، ممّا جعلها مسرحًا لهذه المعركة المفصليّة بين القوّات الأردنيّة والإسرائيليّة، والّتي وصفها البعض بالمعركة الأكثر دمويّة في تاريخ الحروب العربيّة-الإسرائيليّة على الإطلاق.

خارطة للقدس من إصدار ستيماتسكي عام 1955، تظهر تلّة الذّخيرة شمال غرب البلدة القديمة
خارطة للقدس من إصدار ستيماتسكي عام 1955، تظهر تلّة الذّخيرة شمال غرب البلدة القديمة

 

وفقًا لقرار التقسيم، كان يفترض أن تكون منطقة القدس تابعة لسيادة دوليّة، إلّا أن حرب عام 1948 أفضت لواقعٍ مختلف بدأ من عنده انقسام المدينة. فأصبح غربها بالكامل تحت السّيطرة الإسرائيليّة، وشرقها بمعظمه تحت السّيطرة الأردنيّة. وبهذا تم فصل جبل المشارف عن بقيّة الجزء الواقع تحت السّيطرة الإسرائيليّة في الغرب ومن هنا كان لا بدّ من استعادة الطّريق نحو الجبل في حرب 1967 من خلال احتلال تلّة الذّخيرة وجفعات همفتار أولًا.

أكاديميّة الشّرطة ومخازن الأونروا في تلّة الذّخيرة عام 1969 من خلف الحدود، أرشيف بن تسفي
أكاديميّة الشّرطة ومخازن الأونروا في تلّة الذّخيرة عام 1969 من خلف الحدود، أرشيف بن تسفي

 

بعد انضمام الأردن إلى الحرب وعمل جيشها تحت إمرة عربيّة موحّدة، كانت خطّة الجيش الإسرائيلي اقتحام التّلة من أجل الوصول إلى جبل المشارف، فبعد تأمين كلا الطّريقين بين القدس ورام الله والقدس وبيت لحم (تل الفول)، بقي تأمين الطريق نحو بلدة القدس القديمة. تلقّى لواء المظلّيين الخامس والخمسين الأمر بفتح الطّريق بين حيّ الشّيخ جرّاح وجبل المشارف وصولًا إلى متحف روكفلر، وبعد تردّدات حول التّوقيت الأنسب لشنّ الهجوم، بدأ جنود الوجدة بالتّقدّم في السّاعة الثّانية من صباح السّادس من حزيران، واندلعت هذه المعركة الّليليّة الّتي استمرّت لثلاث ساعات متواصلة.

اتّسمت معركة تلّة الذّخيرة بالدّمويّة وبالمواجهة المباشرة بين الجنود الأردنيّين والإسرائيليّين. فقد بدأ الجنود المظلّيين باقتحام أكاديميّة الشّرطة الّتي تمّ بنائها على يد الانتداب البريطاني وبقيت تحت السّيطرة الأردنيّة منذ تمكّنت منها عام 1948 وحتّى هذه اللّحظة من المعركة. وبعد أن تمّت السّيطرة عليها بسهولة بدأ الجنود بالتّحرك للهجوم على الحصن الأردني جنوب الأكاديميّة، ومنذ اللّحظة الأولى بدأ تبادل إطلاق النّيران بشراسة بين الجهتين. كان الحصن الأردنيّ محاط بالأسلاك الشّائكة وبحقول الألغام، كما أحيط من ثلاث جهات بقنوات حُفرت عميقًا ليطلق الجنود النّار من داخلها دون تعريض أجسادهم للخطر، بالإضافة إلى أنفاق ومنشئات بسيطة تحت الأرض أُعدّت للتّنقل الآمن بين أنحاء الحصن وربطه كذلك بناحية الأكاديميّة. بعد انضمام عناصر إضافيّة للمساعدة، تمكّن المقاتلون الإسرائيليّون من التّقدّم لمساحة كافية بحيث سمحت لهم مواقعهم بتفجير مخابئ المقاتلين الأردنيّين ممّا حسم نتيجة المعركة، وهكذا تمّت السّيطرة على تلّة الذّخيرة بالكامل بعد القضاء على السّرية الأردنيّة بأكملها تقريبًا، وسقوط أربعة وثلاثين جندي من القوّات الإسرائيلية.

قنوات تلّة الذّخيرة وتظهر خلفها بنايات حيّ رامات أشكول عام 1969، أرشيف بن تسفي
قنوات تلّة الذّخيرة وتظهر خلفها بنايات حيّ رامات أشكول عام 1969، أرشيف بن تسفي

 

لتخليد ذكرى المعركة، في “يوم القدس” الثّامن تمّ افتتاح موقعًا رسميًا في تلّة الذّخيرة يمكن زيارته لمشاهدة المخابئ والقنوات، بالإضافة إلى مبنى حديث بمثابة نصب تذكاري ليكون شاهدًا على معارك القدس بمجملها حيث تُعرض بعض الأسلحة والصّور والشّروحات، وفي ساحة الموقع تقوم الاحتفالات الرّسميّة بذكرى انتصار إسرائيل عام 1967، باعتبار هذا الموقع الأهم لثقل هذه المعركة وأثرها على بقيّة الحرب.

رسم لتصميم الموقع التّذكاري لتلّة الذّخيرة، 1987 أرشيف جيرشون تسيبور
رسم لتصميم الموقع التّذكاري لتلّة الذّخيرة، 1987 أرشيف جيرشون تسيبور

 

تصميم النّصب التّذكاري، أرشيف المهندس يعكوف جيفر
تصميم النّصب التّذكاري، أرشيف المهندس يعكوف جيفر

 

أراد الملك عبدالله في حرب 1948 الحفاظ على القدس بأي ثمن، ويقال أنه كلّم الضّباط الأردنيّين بنفسه قائلًا “القدس القدس، لآخر طلقة ولآخر رجل”، ويبدو أن هذه المقولة كانت تدوي كذلك بعد عشرين عامًا في نفوس الجنود الأردنييّن الّذين لقوا حتفهم في معركة جفعات هتحموشت أو تلّة الذّخيرة عام  1967 ويقدّر عددهم بثمانية وتسعين. وما زالت أرض المعركة إلى اليوم تكشف تفاصيلًا وقصّصًا مخبأة، ففي العام السّابق على سبيل المثال، وجدت بقايا رفات ومتعلّقات لجندي أردني منها خنجر وساعة يد وخوذة. ولا بدّ أن تلّة الذّخيرة الّتي احتفظ اسمها بطابعها الحربيّ، ما زالت تخبّئ المزيد من القصص والتّفاصيل الدّفينة لمعركة شديدة الدّمويّة وكبيرة الأثر.

جنود إسرائيليّون مع صورة للملك حسين في القدس، العاشر من حزيران 1967، أرشيف دان هداني
جنود إسرائيليّون مع صورة للملك حسين في القدس، العاشر من حزيران 1967، أرشيف دان هداني

 

 

دالية الكرمل – من تمرّد جبل لبنان حتّى حلف الدّم مع إسرائيل

ضمن سلسلة من الأعمال المتعلّقة بالطّائفة الدّرزيّة، ندعوكم للتعرّف على قصّة دالية الكرمل من خلال صور ومواد وُجدت في المكتبة الوطنيّة.

متجر وصاحبه في دالية الكرمل عام 1960

تأسست قرية دالية الكرمل كقرية درزيّة منذ البداية في عشرينيّات القرن السّابع عشر حين أمر الأمير فخر الدّين المعني الثّاني ببناء ستّة عشر قرية درزية على جبال الكرمل في مدينة حيفا لتعزيز النّفوذ الدّرزيّ في المنطقة وحماية الحدود الجنوبيّة لولايته. فالأمير فخر الدّين المعني، الوالي الطّموح الّذي نجح ببناء جيشه الخاص وتوسعة ولايته لتشتمل على معظم أراضي سورية الكبرى، أراد أن يضمن وجود من يسانده في هذا الموقع الاستراتيجيّ على شمال السّاحل الفلسطيني فاختار جبل الكرمل، ويقال أنّ الموقع الّذي بُنيت عليه القرية كان يعجّ بالـ “دّوالي” البريّة (أوراق العنب باللّهجة الشّاميّة)، فكان جنود المعني يشيرون إلى الموقع بالـ “دالية”، وهكذا أصبحت القرية المقامة عليها “دالية الكرمل”.

لم يبقى إلى اليوم من هذه القرى السّتة عشر سوى دالية الكرمل وجارتها عسفيا، وكان سكّان هذه القرى الأوائل من عائلات الطائفة درزيّة موالية للمعني من سورية ولبنان. وهناك روايات أخرى تُرجّح بداية التّوطّن الدّرزي في جبل الكرمل إلى ما بعد فترة الأمير فخر الدّين، كما ويعتقد البعض أن القرية وُجدت قبل هذه الفترة لوجود مقام قديم في القرية.

نساء من دالية الكرمل بجانب فرن القرية ، 1890-1910، أرشيف بن تسفي
نساء من دالية الكرمل بجانب فرن القرية ، 1890-1910، أرشيف بن تسفي

              للمزيد حول الطائفة الدرزية، تصفحوا البوابة المعرفية لأرشيف مصوّر خاص بالدروز في زوايا المكتبة الرقمية

لقرية دالية الكرمل تاريخ متفرّد خاص بها يميّزها عن المنطقة ويربطها بمناطق أخرى وبالتّاريخ الأوسع لسورية الكبرى، فبالرّغم من الاختلاف حول قصّة بنائها، إلّا أن جميع القصص تشير إلى الهجرة من سورية ولبنان نحو فلسطين، ثمّ لاحقًا، الهجرة الدّاخلية من قرى محيطة إلى دالية الكرمل أثناء حملة إبراهيم باشا على سورية في منتصف القرن التّاسع عشر؛ إذ هاجم قرى الدّروز في الكرمل في طريق عودته إلى مصر فأدّى إلى نزوح أهالي عدد من القرى الدّرزيّة المحيطة إلى دالية الكرمل وهدم قراهم. بالإضافة إلى موجة نزوح ثانية شهدتها القرية عام 1948 من سكّان القرى المجاورة.

نجد في داخل القرية منطقة أثريّة تحتوي على مدافن ومعاصر وأُسس منحوتة من الصّخور تشهد على تأسيس القرية وتغيّر ثقافتها عبر العصور. وفي العقود الأخيرة من العهد العثماني في فلسطين، نجد أن القرية استقبلت بكلّ ترحاب ساكنًا أجنبيًا من أصول اسكتلنديّة “سير لورانس أوليفانت” الرّحالة، الّذي ابتاع في القرية قطعة أرض وعمّر فيها بيتًا على الطّراز الأوروبي ما زال قائمًا إلى اليوم. وقد كتب أوليفانت عدّة مقالات صحافيّة حول حياته في فلسطين وصف فيها معيشته مع الدّروز في دالية الكرمل، ووصفهم بالجدّيين والمستقيمين، وبالطّيبين الّذين يُقدّرون المعاملة الحسنة.

قبل فترة مكوث سير أوليفانت، ذكر الرّحالة البريطانيّ لورد كيشنر أنّ عدد سكّان دالية الكرمل عام 1859 كان 300 نفرًا وفي عسفيا 400 نفرًا. وقد بلغ عدد سكّان دالية الكرمل في عام 1911 بحسب الإحصاء العام للحكومة العثمانيّة 838 نفرًا سكنوا قرابة مائتين بيت من بينهم عائلة حلبي وبيراني وقرا/قره وسلوم وخطيب وقبلان وحسّون وغيرهم.

 

دالية الكرمل في عهد الانتداب البريطاني – الثّورة الفلسطينيّة وبناء المدارس

 

خبر يتناول دالية الكرمل في جريدة الدّفاع 7.4.1938
خبر يتناول دالية الكرمل في جريدة الدّفاع 7.4.1938

نرى عبر الأخبار الّتي تناولت دالية الكرمل في عهد الانتداب البريطانيّ أنّ حال القرية لم يختلف عن أحوال قرى فلسطين عمومًا. فبالرّغم من الاعتقاد العام بأن أبناء الطّائفة الدّرزية لم ينخرطوا في صفوف المعارضة الفلسطينيّة لحكومة الانتداب والهجرة اليهوديّة، نجد خبرًا عن القرية في جريدة الدّفاع في السّابع من نيسان عام 1938، أي في أوج الثّورة الفلسطينيّة الّتي اندلعت عام 1936 واستمرّت حتّى عام 1939، بأنّ حكومة الانتداب البريطانيّ تفرض على أهالي قرية دالية الكرمل غرامة بقدر خمسمائة جنيه بل وأرسلت قوّة خاصّة إلى القرية لجباية الضّريبة. وكان سبب هذا العقاب الجماعيّ هو إطلاق النار من قرية دالية الكرمل نحو عمّال يهود كانوا يقومون بتعبيد طريق جديدة في سفح الجبل.

"دالية الكرمل قرية عربيّة" من صفحة شؤون الفلّاحين في جريدة الاتّحاد 21.5.1944
“دالية الكرمل قرية عربيّة” من صفحة شؤون الفلّاحين في جريدة الاتّحاد 21.5.1944

بينما يجدر بالذّكر هنا أنّ أهالي القرية كانوا قد رحّبوا بالطّرق المعبّدة من قبل حكومة الانتداب قبل ذلك، فأوّل طريق للقرية تمّ شقّه في بداية الثّلاثينيّات من أجل استقبال ضيوف لساكنة أجنبيّة في بيت أوليفانت السّابق ذكره، إذ قامت السيّدة بدعوة حاكم لواء حيفا مع ضيوف آخرين وفي أعقاب الدّعوة تمّ تعبيد شارع يربط قرية دالية الكرمل بحيفا عن طريق عسفيا، وكان هذا الشّارع وفقًا لإصدار مركز “سِوا”، أول طريق معبّد يصل القرية بالخارج، وقد رحّب به أهالي القرية حينها.

رجال يركبون الحميرعند مدخل القرية عام 1939، أرشيف بن تسفي
رجال يركبون الحميرعند مدخل القرية عام 1939، أرشيف بن تسفي

 

رجال في دالية الكرمل يلعبون الشطرنج عام 1936، أرشيف بن تسفي
رجال في دالية الكرمل يلعبون الشطرنج عام 1936، أرشيف بن تسفي

 

كما نجد في عام 1944 محاولة من شابّين من دالية الكرمل لفت نظر حكومة الانتداب إلى حاجة مدرسة القرية الّتي بناها أهالي البلدة بأنفسهم للتّوسعة والرّعاية الحكوميّة إذ لم تتّسع حينها إلّا لنصف أطفال القرية الّذين يرغبون بالتّعلّم. وقد قاموا بذلك من خلال السّفر إلى أحد مكاتب جريدة الاتّحاد وتقديم طلب لنشر شكواهم وطلباتهم لتسمعها حكومة الانتداب.

زائرتان يهوديتان للقرية 1937-1939، أرشيف بن تسفي
زائرتان يهوديتان للقرية 1937-1939، أرشيف بن تسفي

 

العقود الأولى تحت الحكم الإسرائيلي –  التّجنيد الإجباري بين القبول والرّفض

 

أهالي حيّ في دالية الكرمل مجتمعين عام 1956، أرشيف بن تسفي
أهالي حيّ في دالية الكرمل مجتمعين عام 1956، أرشيف بن تسفي

 

منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، تطوّع عددٌ من الدّروز في صفوف الجيش الإسرائيلي في كتيبة خاصّة ضمت دروز، بدو وشركس، إلّا أنّه في أواخر الخمسينيّات، قامت دولة إسرائيل بالاعتراف بالطّائفة الدّرزية كديانة مستقلّة، كما فُرض على شباب قرية دالية الكرمل، كحال جميع الشّباب الدّروز حينها في البلاد، الخدمة الإجباريّة في الجيش الإسرائيليّ بعد سنوات قليلة من المراسلات والتردّدات بين بعض قادة الطّائفة الدّرزيّة على رأسهم الشيخ أمين طريف والحكومة. إلّا أنّ قرار فرض التّجنيد قوبل أيضًا برفض من قبل شريحة كبيرة من الدّروز؛ حيث امتنع الكثير من الشّبان عن استلام أوامر تجنيدهم، فنجد في عام 1956 على سبيل المثال أن 60 فقط من أصل 141 شاب مطلوب للتّجند من قرى الكرمل  حضروا بالفعل إلى مكتب التّجنيد في حيفا. (وثيقة من أرشيف الجيش بحسب فرّو، 2019، ص284) استمرّت محاولات قمع هذا الرّفض حتّى سنوات السّبعينيّات على ما يبدو، إذ نجد حادثة في صحيفة الاتّحاد في 17 حزيران 1978، تصف غضب أهالي قرية دالية الكرمل من اقتحام بيوتهم واعتقال أبنائهم بالقوّة لإجبارهم على التّجنّد في حملة امتدّت إلى دروز شفاعمرو كذلك.

"العدوان البوليسي على دالية الكرمل" صحيفة الاتّحاد 27 حزيران 1978
“العدوان البوليسي على دالية الكرمل” صحيفة الاتّحاد 27 حزيران 1978


حلف الدّم وزيارة زعماء دولة إسرائيل إلى دالية الكرمل

إن كانت العلاقات مضطربة في بدايتها فإنّها في العقود التّالية ازدهرت بلا شكّ بين القرية الجبليّة والدّولة كما ازدهر بالتّوازي اقتصاد القرية وأسواقها السّياحيّة. ويظهر هذا الازدهار جليًا في مجموعة من الصّور الّتي التقطت أثناء زيارات عديدة لقادة الدّولة إلى القرية في مناسبات عديدة. ففي الثّامن من أيّار عام 1968 شارك رئيس أركان الجيش الإسرائيلي موشيه دايان في جنازة الرّقيب لطفي ناصر الدّين من قرية دالية الكرمل وشارك في مراسم الدّفن بنفسه تأكيدًا على تقدير الدّولة لدور الدّروز في حماية أمنها. كما نجد في عام 1974 احتفالاً بافتتاح سوق للقرية بحضور وزير السّياحة حينها موشيه كول الّذي استقبله أهالي القرية برفع الأعلام الإسرائيليّة. وفي عام 1991 شارك رئيس الحكومة يتسحاك شامير في مؤتمر احتفالي للطّائفة الدّرزيّة في القرية.

من جنازة الرّقيب الرّاحل لطفي ناصر الدّين 1968، يظهر قائد الأركان موشيه دايان وفي يمين الصّورة يظهر الشّيخ أمين طريف رئيس الطّائفة الدّرزيّة، أرشيف دان هداني
من جنازة الرّقيب الرّاحل لطفي ناصر الدّين 1968، يظهر قائد الأركان موشيه دايان وفي يمين الصّورة يظهر الشّيخ أمين طريف رئيس الطّائفة الدّرزيّة، أرشيف دان هداني

 

من جنازة الرّقيب الرّاحل لطفي ناصر الدّين 1968، أرشيف دان هداني
من جنازة الرّقيب الرّاحل لطفي ناصر الدّين 1968، أرشيف دان هداني

 

من افتتاح سوق في دالية الكرمل عام 1974 بحضور الوزير موشيه كول، أرشيف دان هداني
من افتتاح سوق في دالية الكرمل عام 1974 بحضور الوزير موشيه كول، أرشيف دان هداني

 

صورة داخل متجر في دالية الكرمل عام 1974، أرشيف دان هداني
صورة داخل متجر في دالية الكرمل عام 1974، أرشيف دان هداني

 

رئيس الحكومة السّابق يتسحاك شامير في دالية الكرمل عام 1991، أرشيف دان هداني
رئيس الحكومة السّابق يتسحاك شامير في دالية الكرمل عام 1991، أرشيف دان هداني

 

تطوّرت العلاقات بين أبناء الطّائفة المعروفيّة  في دالية الكرمل والبلدات الدّرزيّة ودولة إسرائيل بلا شكّ فأصبحت مزارًا للسّياحة الدّاخليّة للمواطنين اليهود الّذين يرغبون بالتّعرف على ثقافة الدّروز الّذين يخدمون الدّولة جنبًا إلى جنب معهم، كما تمّ إنشاء المصانع والمشاغل والمصالح الّتي ساهمت بنهضة اقتصاديّة ملحوظة، وقد وصف البعض هذه العلاقة بين أبناء الطّائفة الدّرزيّة والدّولة ب”حلف الدّم” للتأكيد على أنّها علاقة وثيقة ومتينة وهو ما نراه في المشاهد التّي تصدّرت الصّور الأرشيفيّة لقرية دالية الكرمل في المكتبة، إلّا أننّا نجد أيضًا أنّ مطالبات القرية بالمساواة والتّطوير بقيت تطفو على السّطح من خلال رؤساء المجلس المحلّي تارة والمظاهرات الشّعبيّة تارة أخرى، وهو ما نراه في أخبار القرية في صحيفة الاتّحاد في سنوات الثّمانينيّات والتّسعينيّات.

إليكم بعض هذه الأخبار:

 

عن شكوى عاملات دالية الكرمل في المصانع، الاتحاد 26 حزيران 1981
عن شكوى عاملات دالية الكرمل في المصانع، الاتحاد 26 حزيران 1981

 

مظاهرة لأهالي دالية الكرمل ضدّ التّمييز العنصري، الاتّحاد 1 حزيران 1992
مظاهرة لأهالي دالية الكرمل ضدّ التّمييز العنصري، الاتّحاد 1 حزيران 1992

 

 مذكّرة رئيس المجلس المحلّي إلى رئيس الدّولة، الاتّحاد 15 أيّار 1992

مذكّرة رئيس المجلس المحلّي إلى رئيس الدّولة، الاتّحاد 15 أيّار 1992

 

دالية الكرمل تستعدّ للنّضال الشّعبي إن لم يتم الاعتراف بها كقرية تطوير "أ"، الاتّحاد 6 تشرين الثّاني 1994
دالية الكرمل تستعدّ للنّضال الشّعبي إن لم يتم الاعتراف بها كقرية تطوير “أ”، الاتّحاد 6 تشرين الثّاني 1994

 

المصادر التي اعتمد عليها في هذا المقال:

دالية الكرمل في ثلاثمائة عام، نزيه خير، دار الهدى للنّشر في كفرقرع، 1991.
دالية الكرمل حضارة وتاريخ، حركة سوا، 2009.
دروز في زمن الغفلة، قيس فرو، مؤسّسة الدّراسات الفلسطينيّة، 2019.

الشيخ أمين طريف: رجل حمل همّ توحيد الطائفة الدرزية

قاد الشيخ أمين طريف منذ خمسينيّات القرن الماضي مهمة توحيد الطائفة الدرزية، ونسلّط الضوء في تدوينتنا على هذه الحكاية ومراحلها.

الشيخ أمين طريف، 1961، أرشيف يتسحاك بن تسفي، المكتبة الوطنية

كان الهمّ الدرزي الأول منذ العهد العثماني في فلسطين هو الاستقلال عن باقي الطوائف العربية والدينية وذلك لاختلاف النهج الديني، الثقافي وكذلك الاجتماعي. في ذلك الوقت، بدأ استقلال الطوائف والأقليات الدينية في الأحكام القضائية والتشريعية الدينية، وقوانين الأحوال الشخصية. وقد استقلّ كذلك الدروز في سوريّة ولبنان وأصبح لهم محاكمهم ومجالسهم الدينية الخاصة بهم، باستثناء دروز البلاد الذين عانوا وجاهدوا في سبيل تحقيق توحيدهم واستقلاليتهم. لأجل ذلك، قاد الشيخ أمين طريف (1898 – 1993)، ابن قرية جولِس، هذه المهمة ومهمات أخرى لاحقة كانت تهدف إلى استقلالية المجالس القضائية، الدينية وحتى التربوية. كيف بدأت الحكاية إذن؟

في شتاء العام 1954، توجه الشيخ أمين طريف إلى مكتب رئيس الحكومة، موشيه شاريت حينها، مطالبًا إيّاه بالتدخل في شؤون الطائفة الدرزية في جبل الدروز في سورية وذلك كي يحميهم من هجمات أديب الشيشكلي. كان ذلك اللقاء في مدينة القدس، إلّا أنّه قوبل بالرفض من قبل الحكومة الإسرائيلية؛ إذ اعتبر حينها تدخلًا في الشأن السوري العام قبل الدرزي.

لقد تطّلع الشيخ أمين طريف إلى حماية الطائفة الدرزية في كل البلدان، فاعتنى بدروز لبنان وسورية كاعتنائه بدروز البلاد، كيف لا وهو الأب الروحي للطائفة عامة بعيدًا عن كل التقسيمات السياسية التي على ما يبدو اختار الشيخ – في بعض الأحيان – عدم الالتفات لها. في العام 1956، أصبحت الخدمة في الجيش الإسرائيلي خدمة إجبارية على دروز البلاد، وهذا القرار السياسي والعسكري مكّن الشيخ أمين طريف من استخدامه كورقة للضغط على الحكومة لحفظ حقوق الدروز، طقوسهم، أعيادهم، وحقّهم بتأسيس مؤسسات رسمية برئاسة درزية مستقلة، في ظل الحكومة الإسرائيلية كأقلية داخل البلاد. وقد واجه الشيخ العديد من العقبات كان من أبرزها أنّ الاعتراف باستقلالية الطوائف كان أمرًا متوارثًا من فترة فلسطين العثمانية، وقد أخذه الانتداب البريطاني كيفما كان سائدًا ولاحقاً استخدمته الحكومة الإسرائيلية.

لماذا لم يستقلّ الدروز في فلسطين في ذلك الوقت؟

بدأت القصة مع الوالي العثماني رشيد بك في بيروت وتحديدًا في العام 1909 إذ أوعز إلى القضاة المسلمين في مدينتيْ عكا وحيفا بعدم التدخّل في شؤون الدروز القضائية والأحوال الاجتماعية وإعطائهم كامل الاستقلالية كما هو الحال مع دروز لبنان، إلّا أن هذا الإيعاز قوبِل بالمماطلة لأنه لم يكن “فرمانًا” أي أمرًا قضائيًا من السّلطان أو حتى الباب العالي. لأجل ذلك، ربما قد عانى الدروز في القضايا التي تتعلق بالميراث، الزواج والطلاق وأمور أخرى داخل المحاكم القضائية الإسلامية أو المدنية أو غيرها من الجهات القضائية والتشريعية.

للمزيد حول الطائفة الدرزية، تصفحوا البوابة المعرفية لأرشيف مصوّر خاص بالدروز في زوايا المكتبة الرقمية

في العام 1957، نال الدروز الاعتراف، وذلك بفضل الشيخ أمين طريف، إذ تم الاعتراف بهم كطائفة مستقلة لها كامل الحق بإقامة مؤسساتها الدينية والقضائية، كباقي الطوائف في البلاد. ويخبرنا في هذا السياق الصحفي ومفتش المعارف السابق سلمان حمود فلاح في كتابه “أربعون عامًا من التعاون والعمل المشترك مع طيب الذكر المرحوم الشيخ أمين طريف“، أنّ الاعتراف بالدروز كان على مراحل، إذ تمّ أولًا الاعتراف بالطائفة بصورة قضائية. ثانيًا، وفي العام 1961، تم الاعتراف بها بصورة دينية روحية؛ حيث أصدر رئيس الحكومة ووزير الأديان أيضًا دافيد بن غوريون – في ذلك الوقت – أمرًا يسمح للدروز بتأسيس مجلس ديني برئاسة الشيخ أمين طريف وبعضوية كل من أحمد خير وكمال معدي.

 الشيخ أمين طريف برفقة مجموعة من المشايخ الدروز في ديوان رئيس الدولة يتسحاك بن تسفي، 13 تشرين الثاني، 1961، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية
الشيخ أمين طريف برفقة مجموعة من المشايخ الدروز في ديوان رئيس الدولة يتسحاك بن تسفي، 13 تشرين الثاني، 1961، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية

 

الاحتفال بتعيين المجلس الديني الدرزي في الديوان الرئاسي الإسرائيلي، 13 تشرين الثاني 1961، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية
الاحتفال بتعيين المجلس الديني الدرزي في الديوان الرئاسي الإسرائيلي، 13 تشرين الثاني 1961، أرشيف بن تسفي، المكتبة الوطنية

لم ينتهي المطاف مع الشيخ أمين طريف إلى هذا الحد، بل سعى أيضًا إلى توحيد شؤون الطائفة الدرزية في بلاد الشام كافة، في سنوات الثمانينيّات، استقبل الشيخ العديد من الوفود الدرزية على خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان للتشاور في الشؤون السياسية والقضائية الخاصة بالطائفة بعيدًا عن أيّ تدخل خارجي. وقد كانت الزيارات على شكل جولات دورية، تأخذ طابع المناسبات والزيارات الرسمية بالنسبة لأبناء المنطقة التي كان يزورها.

 لقاء درزي في هضبة الجولان، 1981، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية.
لقاء درزي في هضبة الجولان، 1981، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية.

 

اجتماع أبناء الطائفة في هضبة الجولان، 1981، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية
اجتماع أبناء الطائفة في هضبة الجولان، 1981، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية


فيديو لاجتماع  أبناء ومشايخ الطائفة الدرزية من البلاد، سورية ولبنان بقيادة الشيخ أمين طريف، 1998، أرشيف دان هداني، المكتبة الوطنية

 

ختامًا، قد يختلف البعض مع منهجية الشيخ أمين طريف باستقلال الطائفة الدرزية في البلاد، وقد يوافق جمع آخر مع منهجيته، إلا أنّ هذا لا ينافي مدى نجاح الشيخ بتوحيد الطائفة الدرزية والاستقلال بها في أكثر بقاع الأرض صراعًا على مفهوم الاستقلال. ويبقى السؤال الأول والأخير: كيف تسعى الأقليات بالاستقلال وحماية ذاتها؟ بالاندماج مع السلطات الحاكمة أو بالتمرّد عليها؟

للمزيد من المواد الرقمية حول الشيخ أمين طريف في أروقة المكتبة الوطنية

كانت هناك حاجة لطائرة مروحية أيضًا: هكذا بُنيت المكتبة الوطنية في الحرم الجامعي جفعات رام

مخططون مُدهشون، عِمارة استثنائية وبناء معقّد- كلّ ذلك كان جزءًا من سيرورة تشييد مبنى المكتبة الوطنية في الحرم الجامعي جفعات رام في الجامعة العبرية في القدس

1

ينتصب وسط المجمّع الجامعي مبنى يبدو من الناحية الشمالية طوبة رخامية كبيرة الحجم، برّاقة وخطوطها مستقيمة، وترتكز على أعمدة. ولكن من النواحي الأخرى، عند سفح الجبل، يظهر المبنى بكامل رونقه، بأدواره الستة. هنا يقع قلب الجامعة”…  

هكذا وُصفَ مبنى المكتبة الوطنية الواقع في وسط الحرم الجامعي جعفات رام في الجامعة العبرية في القدس، في كتيّب “دار الكتب الوطنية والجامعية” ليهودا هائيزراحي، والذي صدر سنة 1966. يصف الكتيّب تاريخ المؤسسة المسمّاة اليوم “المكتبة الوطنية الإسرائيلية”، ويخصص عددًا كبيرًا من الصفحات لمبنى المكتبة حتى لحظة كتابة هذه السطور (منتصف سنة 2020). صدر هذا الكتيب بعد انقضاء ست سنوات فقط على انتقال المكتبة إلى هذا المبنى، وهو أحد المباني الرائعة والفريدة من نوعها.

التاريخ-العام والمعماري- لمباني المكتبة الوطنية كان موضوعًا رئيسيًا في العديد من المقالات. لن نستعرض جميعها هنا، بل سنتطرق إليها بإيجاز.  تتمحور هذه المقالة أساسًا حول المبنى الحالي للمكتبة، ومخططيه المُدهشين.

 

1
مبنى ليدي ديفيس، المكتبة الوطنية في الحرم الجامعي جفعات رام. تصوير: أساف بينتشوك

المبنى التاريخي لِما كان يسمّى سابقًا “دار الكتب الوطنية والجامعية” كان يقع في أول حرم للجامعة العبرية، على جبل المشارف في القدس. بعد حرب الاستقلال، فُصل الجبل عن القدس الغربية، وتم توزيع مباني الجامعة في مختلف أرجاء المدينة. اضطرت المكتبة الوطنية أيضًا لاستخدام مبان مختلفة، ومن بينها مبنى تراسنطا.

1
دار الكتب الوطنية في حرم الجامعة العبرية على جبل المشارف. تصوير:  حنان بهير، من مجموعة بيتمونا، المكتبة الوطنية.

ولكن في إطار إقامة المجمّع الجامعي الجديد في جعفات رام غربي المدينة، تقررت إقامة مبنى لدار الكتب الوطنية والجامعية في وسط المجمّع. تجدر الإشارة إلى أنّه حتى سنة 2008، كانت المكتبة الوطنية منشأة تابعة للجامعة العبرية، واستخدمت أساسًا كمكتبة بحثية. ننوه أيضًا بأنّه خلافًا للوضع الحالي، فإنّ مقر كليتيْ العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية كان في جفعات رام، وقد شغّلت هاتان الكليتان الباحثين الذين شكّلوا جمهور الهدف الرئيسي للمكتبة.

مع تخطيط الحرم الجامعي الجديد، تقرر في سنة 1955 إطلاق مسابقة لتخطيط مبنى دار الكتب الوطنية والجامعية. قدّم بعض المهندسين المعماريين مقترحاتهم، وكان عليهم التعامل مع الظروف غير البسيطة للمنطقة (سفح تلة) وتلبية الاحتياجات الخاصة للمكتبة (تخزين كتب ومخطوطات قديمة والحفاظ عليها، بالإضافة إلى استقبال الجمهور وأنشطة عديدة أخرى). ضمت مجموعة المشاركين أكبر المهندسين المعماريين، أمثال زيئيف ريختر (وابنه يعقوف الذي كان قد انضم منذ فترة وجيزة إلى مكتب الهندسة المعمارية، ليصبح لاحقًا أحد أشهر المهندسين المعماريين في إسرائيل بجهوده الذاتية)؛ دافيد بيست (الذي كان يعمل في وزارة الإسكان في حينه)، باروخ وغيلو ميشولام وآخرين.

1
مقترح لمخطط دار الكتب الوطنية، من أرشيف  دافيد بيست
1
مقترح لمخطط دار الكتب الوطنية، من أرشيف ريختر للهندسة المعمارية

ولكن عند الإعلان عن الفائزين في شباط 1965، أصيب كبار المهندسين المعماريين بخيبة أمل: فقد فاز في مسابقة التخطيط مقترح قدّمه مهندسان معماريان شابان، من قسم التخطيط في الكيبوتس الموّحد، وهما زيفا أرموني وحنان هبارون. كان الاثنان مجهوليْن في تلك الفترة، وكانا قد أنهيا دراستهما قبل فترة وجيزة. مع ذلك، تم قبول مقترحهما. المخططات الأولية ومسودات المقترح الذي قدّماه موجودة في أرشيف كل منهما، وقد مُسحت ضوئيًا في إطار المجموعة الرقمية الوطنية  للمكتبة الوطنية في مجال الهندسة المعمارية.

1
مخطط أولي من أرشيف زيفا أرموني لدار الكتب القومي
1
من أرشيف زيفا أرموني

بدأت مهمّة التخطيط في وقت لاحق من نفس السنة، وبدأ البناء في سنة 1957. بسبب التخطيط المعقد، أوكلت المهمّة لطاقم دمجَ بين ثلاثة مكاتب للتخطيط: الفائزان زيفا أرموني وحنان هبارون، المهندسان المعماريان أمنون ألكسندروني وأبراهام ييسكي والمهندسون المعماريون ميخائيل نيدلر، شولميت نيدلر وشمعون فوبنزر. أوكلت مهمّة التصميم الداخلي للمهندسة المعمارية والمصمّمة الداخلية دورا غاد (تم أيضًا تصوير أرشيفها بالمسح الضوئي في إطار المجموعة الرقمية الوطنية للمكتبة الوطنية في مجال الهندسة المعمارية). وبسبب الطبيعة المركبة لمخطط البناء، انضم للمخططين فريق مساعد ضمّ المهندس المعماري للجامعة دوف كارمي، ومدير المكتبة في تلك الفترة د. كورت فورتمان.  التنفيذ نفسه لم يكن سهلًا على الإطلاق. فلتركيب أنظمة التكييف على سطح المبنى مثلًا، كانت هناك حاجة لطائرة مروحية طلبتها الجامعة من القوات الجوية الإسرائيلية.

1
مروحية تساعد في تركيب نظام التكييف في مبنى ليدي ديفيس في المكتبة الوطنية، من أرشيف المكتبة الوطنية

أخيرًا، في نهاية سنة 1960، افتتح المبنى الجديد لدار الكتب الوطنية والجامعية، في وسط المجمّع الجامعي الجديد- رمز منظومة التعليم والثقافة العبرية في دولة إسرائيل المتجددة.

1
صورة داخلية في مبنى ليدي ديفيس في المكتبة الوطنية. تصوير: مريم شمير، من أرشيف دورا غاد

يبرز في المبنى نفسه، الذي يحمل اسم فاعلة الخير الشهيرة ليدي ديفيس، استخدام الأعمدة وأسس التخطيط التي تتبع طراز العِمارة الدولي. في دَور صالات القراءة، خطط المهندسون المعماريون فتحة كبيرة جدًا تُدخل الضوء (لا توجد في الصالات أية نوافذ، والضوء الطبيعي يدخل من السقف). في نهاية المطاف، وضعت على هذه الفتحة في الثمانينات النوافذ المزججة الشهيرة للفنان مردخاي أردون، التي أصبحت أيقونة تصميمية في المكتبة.

1
نوافذ أردون في المكتبة الوطنية. تصوير: أودي أدري

في صيف سنة 2020، على بعد مئات الأمتار من مبنى ليدي ديفيس، هناك مبنى جديد قيد التشييد. المبنى الذي يشيّد بين الكنيست والوزارات ومتحف إسرائيل، سيصبح خلال بضع سنوات المقر الجديد للمكتبة الوطنية. ننتظر افتتاحه بفارغ الصبر.

الأرشيفات الشخصية لزيفا أرموني، حنان هبارون ومهندسين معماريين آخرين شاركوا في المسابقة وفي أعمال التخطيط (دافيد بيست، مكتب ريختر للهندسة المعمارية، باروخ وغيلو ميشولام، دورا غاد) مُسحت ضوئيًا في إطار تعاون بين وزارة شؤون القدس والتراث الإسرائيلي، المكتبة الوطنية الإسرائيلية، أكاديمية بيتسالئيل للفنون والتصميم، وقسم اليودايكا في مكتبة جامعة هارفاد. هل تريدون الاطلاع على مواد إضافية؟ ابحثوا في المجموعة الوطنية الرقمية لأرشيفات الهندسة المعمارية في المكتبة الوطنية.

نتقدّم بجزيل الشكر لكلّ من إيهود بيست، أرشيف ياد طبنكين، ريختر للهندسة المعمارية م.ض. وأرشيف الهندسة المعمارية الإسرائيلي، على تعاونهم في المسح الضوئي لهذه الأرشيفات