الكاتب: خالد وليد أبو أحمد
تابعت مجلّة القافلة، التي صدرت في القدس عام 1947، أخبار الشخصيّات الفلسطينيّة الاعتباريّة، اتّبعتهم خطوة بخطوة، ونشرت أدقّ تفاصيلهم الشخصيّة، فقد سعت من خلال أعدادها على مُتابعتهم وتعريف القرّاء على النُخبة من أبناء الشعب الفلسطينيّ، من خلال زاوية كانت تدأب على نشرها دوريًّا بعنوان: “القافلة تستجوب”.
ضمن هذه الزاوية، استضافت المجلّة في كلّ مرّة، عددًا من الأطبّاء، المحامين، الأساتذة وغيرهم، فطرحت عليهم أسئلة مُشتركة لجمعيهم، ناشرة إجاباتهم على صفحاتها.
يوفر لنا العدد الصادر في الثلاثين من أيَّار 1947، إمكانيّة للتعرّف على ثلاثة أطبّاء فلسطينيّين وهم الدكتور توفيق كنعان، الدكتور محمود الدجاني والدكتور برهان عبد الهادي. حيث قابلتهم المجلة، فوجّهت خمسة أسئلة لهم، في هذه الأسئلة حاولت المجلّة التعرّف على الأطبّاء المعروفين من زاوية أخرى، فحرصت على التعرّف عليهم مهنيًّا وإنسانيًّا، فسألتهم حول الظروف التي ساقتهم إلى مهنة الطب، وعن رضاهم عنها، وما الذي يحفّز الأطبّاء على فتح عيادات لهم في القرى العربيّة؟ متسائلة إيّاهم عن المهنة التي كانوا سيختارونها لو عاد الزمن بهم؟ إضافة للموضوع الذي يميلون إلى القراءة في قراءته في أوقات فراغهم.




أما العدد الصادر بتاريخ الرابع من تمّوز 1947، فيوفّر لنا إمكانيّة التعرف على ثلاث محاميين وهم المحامي أنور نسيبة، المحامي أنطون عطاالله والمُحامي أمين عقل. في هذا الاستجواب أيضًا حرصت المجلّة على توجيه أسئلة للتعرّف على فريق من المحامين، مستفسرة حول أسباب اختيارهم المُحاماة كمهنة لهم؟ وإذا ما كانوا يشعرون بانّ العقليّة “القانونيّة” تُسيطر عليهم في معاملاتهم مع الناس، وإذا كانوا يرون أنّه من الضروري تثقيف الشعب ثقافة قانونيّة؟ وكيف يكون ذلك؟ وحول رأيهم إذا كان من المُمكن أن يكون المحامي مشرّعًا أم لا، أم أنّ التشريع خاص بعلماء القانون؟ وآخر الأسئلة التي وُجّهت لهم كانت حول مطالعاتهم، وإلى أي مدى يتّسع وقتهم للمُطالعة؟ وماذا يُطالعون في أغلب الأحيان.
لم يكن عدد الثلاثين من أيّار ، هو الوحيد الذي استجوبت فيه “القافلة” الأطبّاء، ففي عددها الذي صُدِرَ في 22 آب 1947، وجّهت مجلّة “القافلة” لطائفة من أطبّاء فلسطين حول الموقف الأكثر إحراجًا الذي صادفهم إثناء قيامهم بمهنتهم؟ في هذا العدد استضافت المجلّة الدكتور حسام وفا الدجاني الدكتور مُصطفى بوشناق، وعلى هذا السؤال أجابوا ونشرته المجلّة على صفحتها الثامنة.
القافلة تستجوب الأطبّاء مرّة أخرى – 22 آب 1947


أمّا في عددها الصادر في 29 آب 1947، فقد استجوبت المجلّة أساتذة عاملين في سلك التعليم، فاستجوبت فيه الاستاذ نهاد أبو غريبة والآنسة مقبولة مخلص، وفي هذا الاستجواب سألت حول الظروف التي ساقتهم إلى مهنة التعليم؟ وكيف ينال المعلّم المركز الاجتماعيّ اللائق به؟ وما هي الطرق الفعّالة التي ترونها صالحة لمحو الأميّة؟ وما الاتّجاه الحديث في التعليم؟ وحول إذا ما أثّرت المهنة في العلاقات مع الناس وكيف يكون ذلك؟
لا بُدَّ وأنّ المجلّة من خلال هذه الاستجوابات ارتأت أن تُساهم في تغيير الانطباع الجماهيري السائد حول الشخصيّات الاعتباريّة من أبناء البلاد، وأنّها سعت لتوعية الجمهور، وبالتالي لابدُّ وأنّ المجلّة حرصت على بناء وعي جماهيريّ، بالإضافة لتعريف الناس بنخب محليّة لتعزيز الشعور الوطنيّ والانتماء لبلد مليء بالشخصيّات المثقّفة، إضافة لتقريب هذه النخب من الناس، واستمالة هذه النخب عبر اعطاءها مساحة على صفحاتها للتعريف عن أنفسهم وعن مجالاتهم.