القصة الأولى حول مشروع روتنبيرغ في الباقورة/ نهرايم
في مساء يوم التاسع من تشرين الثاني 2019، ومع إغلاق الجيشين؛ الأردني والإسرائيلي، لبوابات العبور، ظهرت شارة النهاية لمسألة أراضي الباقورة (نهرايم بالعبرية). هذه المسألة التي امتد تاريخها لحوالي قرن من الزمان قد شغلت العديد من الأوساط الشعبية والرسمية في كلٍ من الأردن وإسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، والتي انتهت بتسليم الأخيرة أراضي الباقورة إلى الأردن. لكن، ماذا نعلم عن هذه الأراضي (عدا ما نسمعه في وسائل الإعلام) وبالتحديد، القصة الأولى لنشوء هذه المسألة التي هي معروفة بعنوانها لدى الجميع لكنها بذات الوقت مجهولة بتفاصيلها لدى غالبية الأوساط؟
في هذه المقالة، سنخالف الكثيرين ونعود إلى البداية، إلى بداية نشوء قصة الباقورة، وبالتحديد لعام 1921، التي فيه بدأت الحكاية. بدأت في ظل تحول الحكم البريطاني لفلسطين من احتلال عسكري إلى فرض الانتداب، والذي أصبح له سلطة “شرعية” تمكنه من استغلال الموارد الطبيعية من أجل “خدمة” السكان. وهكذا كانت البداية مع منطقة الباقورة، بدأت مع مشروع روتنبرغ لإنشاء محطة لتوليد الكهرباء.
مشروع روتنبرغ: فكرة فرضت نفسها على الباقورة
بتاريخ 21 أيلول من العام 1921 تم توقيع الاتفاقية الأولى بين المندوب السامي الأول على فلسطين وبين السيد بنحاس روتنبرغ القاطن في مدينة القدس تنص على قيام الطرف الثاني استغلال المياه في ملتقى نهر الأردن ونهر اليرموك لأجل توليد الطاقة الكهربائية وإمدادها لمناطق الامتياز.
الصفحة الأولى من وثيقة اتفاقية امتياز حقوق توليد الكهرباء من نهر الأردن واليرموك، عام 1921 كانت هذه الاتفاقية تشكل حجر الأساس في اختيار موقع الباقورة التي شكلت ملتقى لنهر الأردن واليرموك، بالتالي هي المكان المناسب لإقامة محطات توليد الكهرباء فيها. أما حكومة الانتداب فلقد أعطت بنحاس روتنبرغ ضمانًا لمشروعة لفترة تمتد إلى سبعين عامًا يبدأ تاريخها منذ يوم توقيع الاتفاقية، أي من عام 1921 حتى عام 1991.
خريطة منطقة جسر المجامع وتظهر فيها منطقة امتياز روتنبيرغ في الباقورة، خرائط مسح فلسطين لعام 1941. لم يترك المندوب السامي كلمات امتياز أو استغلال أو ضمان دون تحديد أكثر لبنود الاتفاقية، إذ قام بتحديد بنود الامتياز ضمن الاتفاقية الموقعة والتي أفضت إلى ما يلي: “خضوع مياه نهر وروافد الأردن وحوضه بما في ذلك نهر اليرموك وروافده لسيطرة المندب السامي البريطاني كما هو مصرح باتفاقية الأنجلو- فرنسية المؤرخة بتاريخ 23 كانون الأول 1920 أو المناطق التي تم تحديدها لأجل استخدامها في خدمة أراضي فلسطين أو شرق الأردن لغرض توليد الطاقة المستمدة من هذه المياه وتزويدها وتوزيعها داخل مناطق الامتياز، والقصد هنا الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها من محطة توليد الطاقة الكهربائية بالقرب من جسر المجامع (Jisr-el-Mujamyeh) وتوظيف واستغلال بحيرة طبريا كخزان لتخزين المياه لتزويد محطة توليد الطاقة الكهربائية بالمياه اللازمة كما ترى الشركة المشغلة خلال فترة توليد الطاقة وتوزيعها داخل مناطق الامتياز. ومن أجل ذلك يجب القيام بكل الأعمال اللازمة لتحقيق هذه الغاية (توليد الطاقة وتوزيعها) ولكن، لن يتم ضمان هذه الغايات دون الحصول على التصاريح والتراخيص اللازمة من المندوب السامي” تتضمن أعمال هذا الامتياز:
بدء العمل في منطقة الباقورة (نهرايم)، بين الأعوام 1921-1929، أرشيف بيتوموناه، المكتبة الوطنية الإسرائيلية
بدء العمل في منطقة الباقورة (نهرايم)، بين الأعوام 1921-1929، أرشيف بيتوموناه، المكتبة الوطنية الإسرائيلية
مشهد لجسر الباقورة وخلفه الأعمال المستمرة لإقامة محطة توليد الكهرباء، أرشيف يعقوب فارمن، أرشيف المكتبة الوطنية الإسرائيلية
الأعمال المستمرة لإقامة محطة توليد الكهرباء، أرشيف يعقوب فارمن، أرشيف المكتبة الوطنية الإسرائيلية
تركيب قنوات المياه للمحركات التوربينية، التاريخ غير معروف، أرشيف الصور للمكتبة الوطنية الإسرائيلية