صوت الشرق: إرث بولس شحادة

نبذة عن الأديب والصحفي بولس شحادة مؤسس جريدة مرآة الشرق

شحادة بولس

في قلب مدينة رام الله عام 1882، وُلد الأديب والصحفي بولس شحادة في زمن كان على أعتاب تحولات عميقة. لم يكن أحد حينها يتوقع أنه سيصبح لاحقًا أحد أكثر الأصوات جرأة في البلاد خلال عهد الانتداب البريطاني.

نشأ بولس في بيتٍ كانت الأفكار فيه تنساب بحرية، وفي سنٍ مبكرة تعلّم أن يسأل، أن يبحث عن الإجابات، والأهم من ذلك، أن يحلم بعالم أفضل. بدأ تعليمه في مدرسة صهيون بالقدس، وهي المكان الذي فَتح َله أبَواب الفكر الجديد. ثم تابع دراسته في الكلية الإنجليزية، حيث تعرف على فلسفات جديدة وغُرس فيه مفهوم الحرية، الذي أشعل في قلبه روح الثورة.

النار التي في قلب بولس لم تكن لتخمد، وسرعان ما بدأ يستخدم صوته لتحدي العالم من حوله. بحلول عام 1907، وفي وقت كان معظم الناس يخشون التحدث بصراحة، وقف بولس أمام حشد كبير في حيفا مطالبًا بشيء لم يكن متوقعًا حينها: خلع السلطان عبد الحميد. كانت كلماته محفوفة بالمخاطر، وكان يعرف ذلك جيدًا.

لم يكن دفاع شحادة عن الحرية بلا ثمن شخصي، اذ اضطٌّرَ بعد فترة وجيزة الى الهروب إلى القاهرة، حيث وجد في شوارعها المزدحمة وأوساطها الفكرية النشطة ملاذًا في الكتابة. بدأ يكتب في صحف مثل المقتطف ومجلة الزهور، وكانت كل مقالة تحمل من القوة ما يفوق سابقتها.

لكن بولس لم يكن من النوع الذي يبقى مختبئًا لفترة طويلة. مع الإصلاحات الدستورية التي أدخلها العثمانيون في عام 1908، عاد إلى فلسطين التي أحبها. ومع عودته، انغمس في مجال التعليم والصحافة، فعمل مدرسًا في المدرسة الأرثوذكسية ببيت لحم. ومع حلول الحرب العالمية الأولى، وجد نفسه يعمل مع الجيش العثماني في بئر السبع، يتكيف مع التغيرات التي عصفت بالعالم.

 في عام 1919، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، بدأ عهد الانتداب البريطاني يلوح في الأفق، وكان هذا هو الوقت الذي وجد فيه بولس هدفه الحقيقي. انطلاقا من فهمه لأهمية الصحافة المقروءة ، و مدى تأثيرها على الوضع السياسي و الرأي العام آنذاك ، أسَّس َ شحادة جريدة مرآة الشرق، التي لم تكن مجرد صحيفة، بل حركة فكرية. من صفحاتها، شنّ بولس حملة بلا هوادة ضد القوى التي تهدد بتقسيم فلسطين. ندد بالطائفية، ودعا إلى الوحدة. كتب بلا كلل عن أهمية إشراك الفلاحين في القرارات السياسية، وعن ضرورة إصلاح التعليم، وضمان تمثيل كل فلسطيني بشكل عادل، بغض النظر عن أصله أو منطقته.

لكن كلماته كانت قوية، لدرجة أنها جلبت له الأعداء. في عام 1927، وفي ليلة هادئة من ليالي الجمعة، دَوّى صوت رصاصة في الظلام في غرفة نوم شحادة، كادت أن تصيبه وهو نائم في فراشه. كانت تلك الرصاصة بمثابة رسالة ٍ تحذيريةٍ من أولئك الذين أرادوا إسكاته. لكن بولس شحادة لم يكن ليسكت، لا بالرصاص ولا بالتهديدات، ولا حتى بقرار السلطات البريطانية إغلاق جريدته في عام 1939 بعد أن نشرت قصيدة ثورية تدعو للتمرد.

ورغم كل هذا، واصل بولس طريقه. ففي عام 1920، تعاون مع المربي خليل طوطح لتأليف كتاب تاريخ القدس، وهو أول كتاب تاريخي فلسطيني يظهر في فترة الانتداب، وكان هذا الكتاب تلخيصاُ لحبه العميق لأرضه وشعبه.

على مَدارِ حياته، واجه بولس تحديات كانت كفيلة بتحطيم الكثيرين. جريدته هوجمت، وحياته كانت في خطر دائم. لكنه لم يتراجع أبدًا، فقد ظل يكتب، يعلم، ويلهم الآخرين حتى وفاته.

توفي بولس شحادة في عام 1943، تاركًا وراءه إرثًا من الشجاعة الفكرية والالتزام العميق بالأرض. كانت حياته وعمله رمزًا للدافع نحو التقدم والهوية الوطنية خلال واحدة من أكثر العصور اضطرابًا في البلاد.

توفر المكتبة الوطنية أرشيفاً لصحيفة مرآة الشرق من الفترة الانتدابية كجزء من أرشيف جرايد.

كنز المفردات: سِجِل البِلاد الغني في قاعة

يُقَدم مَعرَض "كنز المفردات" رحلة فريدة عبر الزمان والمكان، ويكشف عن مجموعة مختارة من القطع الأثرية الثقافية القيّمة المحفوظة داخل المكتبة الوطنية. ويتيح هذا المعرض المتميز فرصة عميقة للتعمق في التاريخ والتراث من خلال النصوص المكتوبة والمطبوعة والمسجلة والمعروضة رقمياً. وسواء كانت هذه النصوص أدبية أو دينية أو علمية، فإنها تفتح نافذة على تجارب إنسانية متنوعة وثرية.

معرض كنز المفردات،المكتبة الوطنية الاسرائيلية

معرض كنز المفردات،المكتبة الوطنية الاسرائيلية

إنّه لمِنَ البَديهي عِندَ زِيارة أي مكتبةٍ في أَي مكان أن تجد قاعات مصفوفة بالكُتب ومَقاعد للزوار للدراسة أو القراءة. لا تختلف المكتبة الوطنيّة الاسرائيليّة عن غيرها من المكتبات في هذا الجانب، لكنّها تُخَبأُ في احدى زواياها كنزاً يميّزها عن قَريناتها. تحتوي المكتبة الوطنيّة الى جانب العدد الهائِلِ مِنَ الكُتب مجموعة مميزة من التحف القديمة والمخطوطات الغنية بلغات مُختَلِفة وذات الصّلة بثقافة البلاد واُتخذ القرار لِعَرضِ أَهَمِّها في قاعة من قاعات المكتبة كَمعرض تحتَ عنوان “كنز المفردات”.

يُقَدم مَعرَض “كنز المفردات” رحلة فريدة عبر الزمان والمكان، ويكشف عن مجموعة مختارة من القطع الأثرية الثقافية القيّمة المحفوظة داخل المكتبة الوطنية. ويتيح هذا المعرض المتميز فرصة عميقة للتعمق في التاريخ والتراث من خلال النصوص المكتوبة والمطبوعة والمسجلة والمعروضة رقمياً. وسواء كانت هذه النصوص أدبية أو دينية أو علمية، فإنها تفتح نافذة على تجارب إنسانية متنوعة وثرية.

يَهدفُ المعرض إلى إبراز القوة التحويلية للنصوص في تغيير العالم، وَصَقل الأَفكار، وَتَشكيل هَويّات الأَماكن والمجتمعات والأُمم. ويُسَلّط الضوء على كيف يمكن للنصوص أن تخلق حقائق جديدة وتعبر عن أرواح ومواهب المفكرين والكتاب والشعراء.

على الرُّغم من التصميم السّلس والمترابط للمعرض، فإنه يقدم مجموعة متنوعة من المواضيع. وتشمل هذه النصوص التأسيسية من اليهودية والإسلام والمسيحية، مخطوطات قديمة وحديثة لعيد الفصح؛ أصول الأبجديات العبرية والعربية وتطورها؛ نُسَخ متنوعة من القرآن الكريم وصحيح المسلم وأرشيفات لأدباء عرب كالأديب نزيه خير.

مصحف قرآني، بلاد فارس، القرن 10 هـ/ 16 م
مصحف قرآني، بلاد فارس، القرن 10 هـ/ 16 م

يُمكن للزّوار أن يفحصوا عن كثب القطع الفريدة والأصلية التي شكلت تاريخ وثقافة البلاد. ومن بين هذه المخطوطات مخطوطة قديمة توضح رحلة النبي محمد – عليه السلام- إلى السماء، والمعروفة بالإسراء والمعراج، والتي تصف من خلال الرسومات والأشعار كيف ارتحل من المسجد الأقصى على ظهر البراق وعرج إلى السماء. كما تُعرض أيضًا قصة الحب الفارسية الخالدة “مجنون ليلى” لنظامي، والتي تجاوزت الحدود الشرقية وألهمت العديد من الأعمال الفنية اللاحقة.

بالإضافة إلى ذلك، يعرض المعرض ثلاث رسائل مهمة للعالِم الإسلامي أحمد بن تيمية في القرن الرابع عشر. تتضمن هذه الرسائل، التي نسخها أحد تلاميذه المقربين بعد عقود من وفاته، نصوصًا مهمة عن تعاليمه والتي كان من الممكن أن تُفقد لولا هذه المخطوطة المحفوظة.

ولعل أكثر ما قد يجذب زوار المعرض في حال دخولهم هي الطاسات السحرية المعروضة في واجهة المعرض هذه الأوعية القديمة التي كانت تستخدم لاصطياد الشياطين من بابل، استخدمها اليهود لعدة قرون في طقوس طرد الأرواح الشريرة. تحتوي على تعويذات وصلوات وشتائم منقوشة، يعود تاريخ هذه الطاسات إلى الألفية الأولى بعد الميلاد، ويُعتقد أنها تحبس الأرواح الشريرة المسببة للمرض. غالبًا ما كان يتم دفن هذه الأوعية تحت المنازل من أجل الحماية. تظهر الأدلة الأثرية أن اليهود كانوا يعتبرون خبراء في صنع هذه الأوعية، حيث أن أكثر من 60% من الأمثلة المكتشفة تحتوي على نقوش يهودية.

هذه القطع الثمينة وذات الأهمية التاريخية، المكتوبة بالحبر على ورق وورق وألواح طينية، معرضة للتلف بسبب الضوء والرطوبة والظروف المناخية. لحمايتها، يتم عرضها في خزائن مصممة خصيصًا تحت ضوء خافت، مع تدوير بعض العناصر كل بضعة أشهر وفقًا لخطة محددة مسبقًا لتقليل التدهور.

وإلى جانب هذه المعروضات الحسّاسة، توجد عناصر أكثر متانة، مثل الشاشات الرقمية التي تعرض محتوى من المجموعات الصحفية التاريخية منها عناوين صُحُف من فترة فلسطين الانتدابية. كما يضم المعرض ركنًا صوتيًا حيث يمكن للزوار الاسترخاء على مقاعد مريحة والاستماع إلى التسجيلات الصوتية من الأرشيف للمكتبة.

علاوة على ذلك، فإن هذه الكنوز الثقافية مصحوبة بشاشات تعمل باللمس تتيح للمشاهدين رؤية صور مفصلة ومكبرة للمعروضات. على موقع المعرض، يمكن العثور على مجموعة مختارة من العناصر الأكثر روعة، ومعرفة القصص التي تقف وراءها، وفهم أهميتها الثقافية.

لمعلومات إضافية عن كيفية زيارة المعرض، اضغط هنا

زخرون يعقوب: كيفَ تُحيا الأراضي وهي رَميم

نقدم لكم في هذا المقال نبذة عن تاريخ واحدة من أول الكيبوتسات في اسرائيل، زيخرون يعكوب

زيخرون يعكوب، 1927،مجموعة روزا جوردون.

زيخرون يعكوب، 1927،مجموعة روزا جوردون.

في كانون الأول 1882، قَدِمَت مجموعة من اليهود الرومانيين، في رحلة نظمتها اللجنة المركزية للاستيطان في فلسطين وسوريا التابعة لأحباء صهيون الى مدينة حيفا وأخذوا أرضًا في التضاريس الصخرية والقاسية لقرية زَمارين، على أمل السكن والزراعة في المنطقة. لكن الرياح لم تأت بما تَشتهي سُفنهم، اذ أنَّ الأرضَ كانت صَعبة الزراعة، وأدى تفشي الملاريا إلى وفاة العديد من المستوطنين الأوائل، بما في ذلك الأطفال. وفي غضون عام، اضطر الكثيرون منهم للمغادرة، بسبب هذه الظروف القاسية.

وفي عام 1883، وصل الخلاص للمستوطنين على يَد البارون إدموند جيمس دي روتشيلد. قدّم البارون دعمه، وبدأ خططًا لتحويل الأرض للاستخدام الزراعي وإنشاء مجتمع سكني. وتحت رعايته تم تغيير اسم زمّارين إلى زخرون يعقوب، تكريما لوالده البارون جيمس (يعقوب) ماير دي روتشيلد.

وبتوجيه احترافي، شُقَّ شارعٌ رئيسي وأُحيطَ به منازل مستوحاة من الطراز الفرنسي ذات أسطح قرميدية حديثة. يتميز كل مسكن بفناء طويل ومساحة خلفية للزراعة. اليوم، يُعرف هذا الشارع باسم ميدراهوف، وهو طريق مشاة صاخب تصطف على جانبيه المقاهي والمتاجر المتخصصة، ويجذب السياح والسكان المحليين على حد سواء.

تولى إيليا شيد، كاتب البارون المخلص، إدارة المستعمرة الزراعية. تأكد من حصول المزارعين على أجور عادلة ووجّه ادارة الاقتصاد الزراعي وفق رؤية البارون. المبنى الذي يضم المكاتب الإدارية، حيث أقام البارون وزوجته أثناء زياراتهما، أصبح الآن بمثابة متحف “الهجرة الأولى”.

وامتدت مساهمات البارون إلى الحياة الروحية أيضًا. اذ بنى كنيس أوهيل يعقوب تكريما لوالده، وأصبح الكنيس بمثابة حجر الزاوية في المجتمع، حيث تتم الصلوات والفعاليات الدينية اليومية.

أدت بصيرة البارون أيضًا إلى إنشاء أول مصنع نبيذ في إسرائيل، مصنع نبيذ الكرمل-مزراحي. وعلى الرغم من النجاح الأولي، إلا أن تفشي نبات الفيلوكسيرا في عام 1892 دمر كروم العنب. ومع ذلك، فإن إدخال شتلات أمريكية مقاومة لنبات الفيلوكسيرا أدى إلى تجديد مصنع النبيذ الذي يستمر في الازدهار ويرحب بالزوار حتى اليوم.

كان نمو زخرون يعقوب ثابتًا، وعززه في عام 1912 وصول مهاجرين جدد من اليمن، ولا يزال العديد من أحفادهم يقيمون في المدينة. في فترة الانتداب البريطاني، تضاعف الانتاج الزراعي والتبغ والزيتون والزهور لصنع العطور. بعد قيام دولة إسرائيل في عام 1948، ارتفع عدد سكان البلدة، ليصل إلى 4200 بحلول عام 1951 واستمر في النمو إلى ما يقرب من 23000 اليوم.

تُعد بلدة زخرون يعقوب الحديثة مزيج نابض بالحياة من التاريخ والسحر المعاصر. اذ تضم حدائق روتشيلد التذكارية في “رماَتْ هَنَديف”، وهي محمية طبيعية جميلة، قبور البارون وزوجته. كما تمد زيارة مصنع النبيذ الكرمل، الزوار بتراث البلدة الغني.

أرشيف نَزيه خير: صدىً شعريٌ لحياةٍ غنية

في هذا المقال لَمحة عن الشاعر نزيه خير، مستوحى من أرشيفه الغني والمحفوظ في المكتبة الوطنية. من خلال أعماله الشعرية يقدم خير رؤى عميقة حولَ نَظرته الفَريدة للعالم وتجاربه الحياتية الغنية.

أرشيف نزيه خير

وُلد الشاعر نَزيه خير في قَرية داليةِ الكرمل الهادئة، الواقعة بالقرب من مدينة حيفا الصاخبة. نشأ نزيه في عائلة دُرزية مُتماسكة، مُحاطة بالأهل والثقافة والتقاليد الغنية لشعبه. منذ صغره، كان نزيه مفتونًا بقوة الكلمات، وهو الشغف الذي حمله معه طوال حياته.

كانت مَساعي نزيه الفكرية مجرد بداية لمساهماته في عالم الأدب. اذ قادَتهُ رحلته الأكاديمية إلى جامعة حيفا حيث انغمس في الأدب العربي والعلوم السياسية. وبحلول عام 1972، كان قد حصل على درجة البكالوريوس، وبعد أربع سنوات حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية.

بقلب مليء بالحماس وعقل مفعم بالأفكار، تولى نزيه منصب رئيس تحرير مجلتي “48” و”اتحاد الكتاب العرب الفلسطينيين”. كما شارك حبه للغة العربية وآدابها مع الطلاب المتحمسين في كلية المعلمين. وبدأت مجموعاته الشعرية تنمو، وكان كل بيت انعكاسًا لارتباطه العميق بوطنه وشعبه.

وقد اعتبرت الموسوعة الفلسطينية نزيه أحد الشعراء الخمسة الرواد من المجتمع العربي داخل إسرائيل، وتجسد أعماله روح وإبداع الشعر الفلسطيني المعاصر. وكان لكلماته صدى واسع النطاق، مجسدة جوهر تجاربه وتطلعاته.

لكن قصة نزيه لا تنتهي عند شعره. طوال حياته، جمع ثروة من المواد التي أرّخت رحلته كشاعر. إن هذا الأرشيف الثمين، الذي احتفظت به عائلته بمحبة بعد وفاته عام 2008، هو شهادة على العمل الذي قام به طوال حياته.

لسنوات، ظل هذا الأرشيف سرًا عائليًا، ولمحة خاصة عن عالم شاعر مميز. ومع ذلك، في عام 2023، تولت المَكتبة الوطنية في القدس المهمة الضخمة المتمثلة في فهرسة وأرشفة مواد نزيه. وتم اتاحة الأرشيف رقمياً، لضمان استمرار ارثه للأجيال القادمة.

يحتوي الأرشيف قصائد مكتوبة بخط اليد، بعضها لم ير النور أبدًا، ومسودات، وقصاصات صحف، ومجلات. وصور تلتقط نزيه في مناسبات ثقافية مختلفة، في الداخل والخارج، وهو يختلط مع شخصيات بارزة مثل فدوى طوقان، وميشيل حداد، ونجيب محفوظ، وسميح القاسم، وروني سوميك، والشاعر الأمريكي ألين جينسبيرج. ترسم هذه الصور، إلى جانب الصور الشخصية والعائلية، صورة حية لحياة مخصصة للفن والتعبير.

أرشيف نزيه خير
أرشيف نزيه خير

واليوم، يمكن لزوار المكتبة الوطنية في القدس استكشاف مخزون تفصيلي من أعمال نزيه خير الشعرية، مع عرض بعض القطع بفخر في معرض دائم. ومن خلال هذا الحفظ الدقيق، يستمر صوت نزيه في الإلهام، مرددًا صدى الجمال الخالد لشعره والروح الدائمة لوطنه.

شِعر خير

بعد الاطلاع على أعماله، يتَعذَّرُ حصر شعر نزيه في تخصص واحد، وربما هذا ما يميزه. اذ يتوضح لنا سَكبَهُ كل جانب من جوانب حياته على الورق، من تجاربه الشخصية إلى آرائه السياسية.

يتميز شعر  خير بمزجه بين الوطنية الفلسطينية والقومية العربية والموضوعات العالمية والانسانية. وقد خلق هذا المزيج الفريد، الذي أَثَرته معتقداته الدرزية التقدمية، تناغمًا نادرًا ما نجده بين الشعراء الآخرين. تعكس أعماله الفخر الوطني والعمق الثقافي، المتجذّرة بعمق في التراث العربي.

أرشيف نزيه خير

في فترات كتابته الأولى كتب عن صراعاته الشخصية، معبّرًا عن مشاعر الفقدان العميقة والإحساس العميق بالاغتراب بسبب هويته العربية الدرزية التي احتلت مساحة كبيرة من أعماله كما يظهر في قصيدته بين لحظتين، لكنه في الآن ذاته يرى أن كل ظلم أو حزن أو ألم ينتهي بالأمل، وهذا التفاؤل ينعكس كثيرًا في قصائده كما في قصيدته ما وراء الغيب.

يُقدم عمل نزيه رؤية فريدة لحياته المتعددة الأوجه، مما يوضح أنه لكي نفهمه حقًا، يجب على المرء أن يتعمق في أرشيفه الواسع. من خلال كلماته، يمكن للقراء استكشاف عمق عواطفه ومعتقداته والتراث الثقافي الغني الذي حدد رحلته الشعرية غير العادية.

أرشيف نزيه خير
أرشيف نزيه خير